برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ جمال طه إسماعيل ندا
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومحمد أحمد أحمد ضيف، وإبراهيم سيد أحمد الطحان.
نواب رئيس مجلس الدولة
مسئولية– المسئولية الشيئية (مسئولية حارس الأشياء)- فرض المشرع على كل حارس لآلة ميكانيكية أو لشيء تقتضي حراسته عنايةً خاصة أن يتحمل تبعة ما ينجم عن هذا الشيء من أضرار، سواء كان مالكًا أم غير مالك- يقصد بالحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه: الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السيطرة الفعلية في الاستعمال والإدارة والرقابة لحساب نفسه- تقوم هذه المسئولية على خطأ مفترض، يكفي لتحققه أن يثبت المضرور وقوع الضرر بفعل الشيء- لا يملك المسئول لدفع المسئولية إلا أن يثبت أن الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه- هذا السبب قد يكون قوةً قاهرة، أو خطأَ المضرور، أو خطأَ الغير- (تطبيق): تتحقق مسئولية وزارة الداخلية عن الإصابة التي لحقت بمجند بسبب التلف الذي حدث بإحدى الماكينات التي يعمل عليها، والواقعة تحت سيطرتها الفعلية- لا ينفي قيام هذه المسئولية حفظ المحضر المحرر بشأن الواقعة.
– المادة رقم (178) من القانون المدني.
بتاريخ 24/7/2008 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته في الطعن الأول، قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة التاسعة) في الدعوى رقم 23839 لسنة 56ق. بجلسة 27/5/2008، القاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الدفاع، وبقبولها شكلا، وفي الموضوع بإلزام وزارة الداخلية أن تؤدي للمدعي تعويضا مقداره ثلاثون ألف جنيه، وإلزامها المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وبالتاريخ نفسه (24/7/2008) أودع وكيل الطاعن في الطعن الثاني قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن في الحكم المشار إليه، وطلب الطاعن فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المطعون ضده بصفته أن يؤدي تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية مقداره مئة ألف جنيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في كل طعن، ارتأت فيه بالنسبة للطعن الأول رقم 34646 لسنة 54 ق. عليا بقبوله شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وبالنسبة للطعن الثاني رقم 34790 لسنة 54ق عليا بعدم قبوله شكلا لرفعه بعد الميعاد، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونُظِرَ الطعنان أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بالمحاضر، حيث قدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات، وبجلسة 28/9/2013 قررت المحكمة ضم الطعنين على وفق الموضح بمحضر هذه الجلسة ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 19/1/2015 قررت المحكمة إحالة الطعنين إلى الدائرة الأولى (موضوع)، حيث نظرت المحكمة الطعنين على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 4/4/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 23/5/2015، وصرحت بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وقد انقضى الأجل دون تقديم شيء، ومد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعنين قد أقيما خلال الميعاد المقرر قانونا، واستوفيا سائر أوضاعهما الشكلية، فمن ثم يكونان مقبولين شكلا.
وحيث إن عناصر النزاع تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن في الطعن الثاني كان قد أقام دعواه ابتداء بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة شمال القاهرة الابتدائية بتاريخ 14/11/2001، وقيدت بجدولها برقم 1909 لسنة 2001 تعويضات، وطلب فيها الحكم بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي له تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية مقداره مئة ألف جنيه، وذلك على سند من أنه جند لتأدية الخدمة العسكرية بقسم النجارة بإحدى الورش، وخلال عمله على ماكينة النجارة انكسرت الزاوية الخشبية المثبتة في الماكينة، مما أدى إلى سقوط يده اليمنى على الكاستير الموجود داخل الماكينة، وترتب على ذلك إصابته ببتر الأصبع الأوسط والبنصر، وبتر جزئي بالسبابة، وسحجات بظهر اليد اليمنى، وقد تحرر عن ذلك المحضر رقم 61 لسنة 2001 عوارض الهرم، ولما كان ما حدث كان بفعل الشيء الذي تتولى حراسته الجهة الإدارية، فإن هذه الجهة تسأل عما أصابه من أضرار مادية وأدبية موضحة تفصيلا بعريضة الدعوى عملا بحكم المادة (178) من القانون المدني، وخلص الطاعن إلى طلباته المبينة سالفا.
………………………………………………….
وبجلسة 23/4/2002 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بعدم الاختصاص الولائي لها بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.
ونفاذا لهذا الحكم وردت الدعوى إلى قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، حيث قيدت بجدولها برقم 23839 لسنة 56 ق، وتدوولت أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/5/2008 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير الدفاع، وبقبولها شكلا، وفي الموضوع بإلزام وزارة الداخلية أن تؤدي للمدعي تعويضا مقداره ثلاثون ألف جنيه، وإلزامها المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها بعد استعراض المادة (178) من القانون المدني على أن ما أصاب المدعي أثناء عمله على ماكينة النجارة يوم 20/2/2001 بورشة النجارة التابعة للإدارة العامة للعمليات الخاصة- قطاع الهرم، كان بفعل هذه الماكينة، حيث انكسرت الزاوية الخشبية المثبتة في الماكينة، مما أدى إلى انشطار قطعة الخشب التى كان يقوم المدعي بالعمل فيها نصفين، وسقوط يده اليمنى على الكاستير وقطع بعض أصابع يده على وفق المبين بالتقرير الطبي، ولما كانت وزارة الداخلية كشخص معنوي هي المسيطرة سيطرة فعلية بعناصر هذه السيطرة المادية والمعنوية على تلك الآلة الميكانيكية، وكان تدخل هذه الآلة إيجابيا في إحداث الضرر بالمدعي، والذي لم يثبت أنه كان بسبب أجنبي، ومن ثم تكون أركان المسئولية الشيئية قد توفرت قبل وزارة الداخلية، مما استوجب تعويض المدعي عما أصابه من أضرار مادية وأدبية بمبلغ ثلاثين ألف جنيه.
………………………………………………….
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية هذا الحكم، فقد أقامت الطعن الأول ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بالنسبة لما قضى به من التعويض استنادا إلى حكم المادة (178) من القانون المدني، حيث لم يناقش مدى وجود خطأ عمدي أو جسيم في جانب وزارة الداخلية من عدمه، بالرغم من أنه السبيل الوحيد للقضاء بالتعويض في ظل تبعة المخاطر الخاصة بالتجنيد والخدمة العسكرية، كما أن الخطأ المنسوب إلى الجهة الإدارية باعتباره خطأ يتعلق بالمسئولية الشيئية التي تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء قد انتفى، حيث حفظ المحضر الخاص بواقعة إصابة المطعون ضده رقم 61 لسنة 2001 عوارض الهرم، بالإضافة إلى المغالاة في تقدير التعويض.
وإذ لم يرتض كذلك الطاعن في الطعن الثاني هذا الحكم، فقد أقام طعنه على أساس أن الحكم المطعون فيه قد جاء مجحفا بحقه في تقدير التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته، حيث قضى بمبلغ لا يتناسب وجسامة ما أصابه؛ لكونه قد فقد بعض أصابعه، وأصبح غير قادر على العمل، ويعتمد على غيره في كسبه ومعيشته، ولا يستطيع القيام بأبسط أموره الشخصية، مما أحزنه وأثر فيه بالغ الأثر لما آلت إليه حالته، وذلك على نحو ما أورده بتقرير طعنه الذي خلص فيه إلى طلباته المذكورة آنفا.
………………………………………………….
وحيث إن المادة (178) من القانون المدني تنص على أن: “كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه…”.
ومفاد ما تقدم أن المشرع رغبة منه في دفع الظلم الذي يمكن أن يحيق بطائفة من المضرورين، فقد فرض على كل حارس لآلة ميكانيكية أو لشيء تقتضي حراسته عناية خاصة، أن يتحمل تبعة ما ينجم عن هذا الشيء من أضرار، سواء كان مالكا أم غير مالك، فحمل الحارس هذه المسئولية وأسسها على خطأ مفترض، يكفي لتحققه أن يثبت المضرور وقوع الضرر بفعل الشيء، ولا يملك المسئول لدفع المسئولية إلا أن يثبت أن الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب قد يكون في قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، ويقصد بالحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه: ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السيطرة الفعلية في الاستعمال والإدارة والرقابة لحساب نفسه.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن الطاعن في الطعن الثاني (…) كان قد جُند لأداء الخدمة العسكرية بقوات الأمن المركزي بوزارة الداخلية، وألحق للعمل بورشة النجارة التابعة للإدارة العامة للعمليات الخاصة بقطاع الهرم، وبتاريخ 20/2/2001 وأثناء قيامه بالعمل على ماكينة النجارة انكسرت الزاوية الخشبية المثبتة في الماكينة، مما أدى إلى حدوث الإصابات المبينة بالتقرير الطبي، وهي بتر بالأصبع البنصر والوسطى وبتر جزئي للسبابة وجروح بالإبهام، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 61 لسنة 2001 عوارض الهرم.
ولما كان ذلك وكانت واقعة إصابة المذكور قد حدثت من ماكينة النجارة المبينة سالفا التي هي في حراسة وزارة الداخلية وقت وقوع الحادث، باعتبار أن هذه الوزارة هي صاحبة السيطرة الفعلية عليها، ومن ثم تكون هي المسئولة عن الضرر الذي لحق بالمذكور مسئولية مبنية على الخطأ المفترض طبقا للمادة (178) من القانون المدني، دون أن ينال من ذلك أن المحضر الخاص بالواقعة رقم 61 لسنة 2001 عوارض الهرم قد حفظ، حيث إن ذلك لا يدرأ عن وزارة الداخلية في هذا المقام المسئولية المفترضة والتي لا تدحض إلا بإثبات أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد لها فيه، وقد عجزت هذه الوزارة عن إثبات السبب الأجنبي الذي لا تندفع مسئوليتها إلا به، وعليه فقد قامت مسئولية وزارة الداخلية الشيئية على أركانها القانونية بما يوجب إلزامها بتعويض المذكور عما أصابه من أضرار مادية وأدبية، تمثلت في عجزه عن العمل والتأثير في قدرته على مزاولته وضياع فرص كسب عيشه، وكذلك ما ألم به من حزن وأسى، وتقدر المحكمة هذا التعويض بمبلغ سبعين ألف جنيه.
وتطبيقا لما تقدم، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى توفر المسئولية الشيئية بأركانها القانونية في جانب وزارة الداخلية، وانتهى إلى أحقية الطاعن في الطعن الثاني (المدعي في الدعوى الصادر بشأنها الحكم الطعين) في التعويض الذي قدره بمبلغ ثلاثين ألف جنيه، وهو تقدير غير سائغ، ويمثل انتقاصا من حق المذكور في التعويض الجابر لما حاق به من أضرار مادية وأدبية على نحو ما سلف، وهو ما يتعين معه تعديل الحكم ليكون بإلزام وزارة الداخلية أن تؤدي له تعويضا مقداره سبعون ألف جنيه، ورفض الطعن الأول الذي أقامته الجهة الإدارية، حيث جاء على غير سند من صحيح حكم القانون لما سلف ذكره.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بالنسبة للطعن رقم 34790 لسنة 54ق. عليا بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام وزارة الداخلية أن تؤدي للطاعن تعويضا مقداره (سبعون ألف جنيه)، وفي الطعن رقم 34646 لسنة 54ق. عليا برفضه، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطعنين.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |