تختلف القواعد التي تحكم آثار العقد الإداري عن تلك المتعلقة بآثار العقد المدني خاصة فيما يتعلق بمدي حقوق وسلطات الإدارة إزاء المتعاقدين معها. فلا تنطبق على هذا العقد قاعدة “العقد شريعة المتعاقدين” بالصورة المطلقة المعروفة بها في القانون الخاص. وذلك لأن الإدارة كطرف في العقد الإداري إنما تستهدف تشغيل المرافق العامة ورعاية المصلحة العامة التي يجب أن تفضل عند التعارض على المصلحة الخاصة.
غير أن قاعدة العقد شريعة المتعاقدين تطبق على العقود الإدارية في حدود عدم المساس بحقوق الإدارة التعاقدية.
وقد أكدت الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع بمجلس الدولة المصري أن “حقوق والتزامات المتعاقد مع الإدارة إنما يحددها العقد المبرم بينهما، ولا رجوع إلى لائحة المناقصات والمزايدات إلا فيما سكت عنه هذا العقد بالتنظيم. فإذا تناول هذا العقد تنظيم مسألة ما على نحو مخالف لما جاء بهذه اللائحة كان نص العقد هو الواجب التطبيق احتراماً لقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين. ولا يغير من ذلك أن المادة 52 من هذا العقد قد اعتبرت لائحة المناقصات والمزايدات جزءاً ألا يتجزأ من أحكامه ….”.
وتتمتع الإدارة بقدر من الحقوق والامتيازات يسمح لها بجعل تنفيذ العقد يتم وفقاً لمقتضيات المرافق العامة ودوام سيرها بانتظام واضطراد.
وفي ذلك أكدت المحكمة الإدارية العليا في حكم من أوائل أحكامها أن العقود الإدارية تتميز عن العقود المدنية بطابع خاص، مناطه احتياجات المرفق الذي يستهدف العقد تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة على مصلحة الأفراد الخاصة. فبينما تكون مصالح الطرفين في العقود المدنية متوازية متساوية، إذا بها في العقود الإدارية غير متكافئة إذ يجب أن يعلو الصالح العام على المصلحة الفردية الخاصة. وهذه الفكرة هي التي تحكم الروابط الناشئة عن العقد الإداري. ويترتب على ذلك أن للإدارة سلطة الإشراف والتوجيه على تنفيذ العقود، وأن لها دائماً حق تغيير شروط العقد وإضافة شروط جديدة، بما قد يتراءى لها أنه أكثر اتفاقاً مع الصالح العام، دون أن يتحدى الطرف الآخر بقاعدة “العقد شريعة المتعاقدين”. كل ذلك بشرط ألا يصل التعديل إلي حد فسخ العقد كلية، وإلا جاز للطرف الآخر فسخه وبشرط أن يكون له الحق في التعويضات إذا اختلت الموازنة في الشروط المالية …..”.
وبالإضافة إلى ذلك فإن آثار العقد الإداري يمكن أن تمتد إلى أبعد من أطرافه فترتب حقوقاً للغير أن يطالب بها ويقتضيها. وذلك كما هو الحال في عقود الامتياز التي عادة ما تتضمن شروطاً لصالح المنتفعين الذين يحق لهم الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بتنفيذها.
بل وقد يرتب العقد الإداري – أكثر من ذلك – ما يشبه الالتزامات إزاء الغير بما يخول المتعاقد مع الإدارة أحياناً من استعمال لبعض امتيازات السلطة في مواجهة الأفراد. وذلك كحق نزع الملكية للمنفعة العامة وحق منع الأفراد من الانتفاع بالمال العام الذي يضع يده عليه”.
غير أن العقد الإداري– كغير الإداري – لا يرتب أي التزام حقيقي في ذمة الغير.
وإذا كانت القاعدة العامة التي تخضع لها العقود المدنية هي وجوب تنفيذها بما يتفق وحسن النية، فإن هذه القاعدة إنما تمثل أصلا عاماً من أصول القانون يجب أن تخضع لها كافة العقود، بما في ذلك العقود الإدارية، وفي ذلك تؤكد المحكمة الإدارية العليا “أن العقود تخضع لأصل عام من أصول القانون. يقضي بأن يكون تنفيذها بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. وهذا الأصل يطبق في العقود الإدارية، شأنها في ذلك شأن العقود المدنية. فإذا ثبت أن البضاعة الموردة تتفق مع المواصفات في التركيب، وأن الشوائب اللاحقة بها لا تؤثر على صلاحيتها للاستعمال، فلم يكن ثمة ما يحول – تطبيقا لمبدأ تنفيذ العقود بحسن نية – دون قبول هذه الكميات الموردة”.
غير أن وجوب تنفيذ العقد بما يتفق وحسن النية لا يتنافى مع تميز العقود الإدارية بطابع خاص مناطه احتياجات المرافق العامة وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة. وهذه هي الفكرة التي تحكم روابط العقد الإداري وينبى عليها أن للإدارة سلطة إنهاء العقد أو تعديله إذا قدرت أن المصلحة العامة تقتضي ذلك. وليس للطرف الآخر إلا الحق في التعويض إن كان له وجه.
ويلتزم المتعاقد مع الإدارة التزاماً شخصياً بتنفيذ العقد الإداري الذي ارتبط به تطبيقاً لشروطه.
غير أن الإدارة تلتزم هي الأخرى بألا تعوق تنفيذ العقد أو تضع العراقيل في سبيله. فالعقد يرتب في مواجهة الإدارة التزامات عقدية أخصها أن تمكن المتعاقد معها من البدء في تنفيذ العمل ومن المضي في تنفيذه حتى يتم انجازه.” فإذا لم تقم بهذا الالتزام فإن هذا يكون خطأ عقدياً في جانبها يخول للطرف الأخر الحق في ان يطلب التعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم قيام جهة الإدارة بالتزامها، أو من جراء تأخرها في القيام به”.
فإذا استحال على المدين أن ينفذ التزاماته عيناً كان مسئولا عن التعويض لعدم الوفاء بها، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ ترجع إلي سبب أجنبي لا يد له فيه، كحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ من الغير أو خطأ الدائن نفسه”. ويتعين على الدائن إثبات الالتزام، وعلى المدين إثبات التخلص منه طبقاً لأحكام قانون الإثبات. ولا قيام للمسئولية العقدية إذا كان محل الالتزام دفع مبلغ من النقود، إذ يكون التنفيذ العيني ممكناً دائماً.
والتزامات المتعاقد مع الإدارة التزامات شخصية لا يجوز له أن يحل غيره فيها أو أن يتعاقد بشأنها مع الغير من الباطن إلا بموافقة الإدارة” فإذا حصل التنازل عن العقد بدون موافقة الإدارة فإن التنازل يعتبر باطلاً ولا يحتج به في مواجهة الإدارة، فلا تنشأ بين المتعاقد من الباطن وبين الإدارة آية علاقة، ويبقى المتعاقد الأصلي مسئولاً في مواجهة الإدارة في كلتا الحالتين”.
القوة القاهرة:
القوة القاهرة – أو الحادث المفاجئ – هي أمر غير متوقع، مستحيل الدفع، يؤدي إلى استحالة تنفيذ الالتزام، ويترتب عليه الإعفاء من هذا التنفيذ.
“ولا يجوز للمتعاقدين أن يعدلا باتفاقهما من أثر القوة القاهرة فيتفقان مثلا علي أن يتحمل المدين بالأثر”. وذلك حتي لا يقع ظلم على المدين الضعيف الذي قد تضطره الظروف لقبول مثل هذا الاتفاق المجحف، رغبة منه في التعاقد مع الإدارة.
وتتركز الشروط الواجب توافرها لتحقق القوة القاهرة المعفية من المسئولية في ثلاثة شروط هي عدم إمكان التوقع، واستحالة الدفع. واستحالة تنفيذ الالتزام.
1- عدم إمكان التوقع:
يجب أن يكون الحادث المفاجئ الممثل للقوة القاهرة غير ممكن التوقع “فإذا أمكن توقع الحادث حتي ولو استحال دفعه … لم يكن قوة قاهرة ولا يترتب عليه إعفاء المدين من التزامه. والذي يبين من الاطلاع على عقد الأشغال العامة المبرم بين المدعي والإدارة المدعي عليها أن العمل يجري في منطقة أثرية، وأنه كان من الأمور المتوقعة عند إبرام العقد توقف العمل فيه لوجود آثار في الموقع. ويترتب على ذلك أن تدخل مصلحة الآثار وإيقاف العمل كان أمراً متوقعاً. ولذلك فلا يعتبر هذا العمل سبباً أجنبياً أو قوة قاهرة يترتب عليها أن يتحلل المدعي عليهم من التزاماتهم بتمكين المدعي من المضي في تنفيذ العمل المتفق عليه ….”.
وثم فارق بين القوة القاهرة والظرف الطارئ، رغم أن كليهما غير متوقع، فالأولي تؤدي إلى استحالة تنفيذ الالتزام والثاني يستتبع صعوبة تنفيذه. فارتفاع الأسعار لا تدخل في إطار القوة القاهرة. وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن “ارتفاع أسعار الزئبق لا يعتبر قوة قاهرة مانعة من تنفيذ عقد التوريد، ولكنه يعتبر ظرفاً طارئاً لم يكن في الحسبان عند التعاقد. وقد ترتب عليه زيادة أعباء الشركة بتحميلها خسائر فادحة إلى حد الإخلال بتوازن العقد إخلالاً جسمياً”.
2- استحالة الدفع:
يجب أن يكون الحادث المفاجئ مستحيل الدفع، أي لا يستطيع المدين دفعه. وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن ” عدم وفاء المدين بالتزامه يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه، فتحققت القوة القاهرة التي جعلت التنفيذ مستحيلاً. وذلك بسبب إضرار الحكومتين الفرنسية والإيطالية على منع تصدير الأسلحة المتفق عليها إلي الحكومة المصرية. وهذا السبب الأجنبي ليس في إمكان أي شخص في مصل مركز المدين أن…. يدفعه، بل إن المطعون عليه بعد أن عجز غن الحصول على ترخيص الحكومتين حاول تنفيذ التزامه بوسائل أخري …. ولكن الحكومة المصرية لم تقبلها. وكل ذلك يدل على أنه لم يترك وسيلة ممكنة لتنفيذ التزامه إلا لجأ إليها، ولكن حال دون التنفيذ السبب الأجنبي الذي لا يد له فيه، أي القوة القاهرة اليت تعفيه من المسئولية”.
3- استحالة تنفيذ الالتزام:
يجب أن يؤدي الحادث المفاجئ إلى جعل الالتزام مستحيلاً. ويستوي في ذلك أن تكون الاستحالة مادية كما إذا هلك محل الالتزام، أم تكون معنوية كما إذا خطر القانون التعامل في نوعية محل الالتزام، فلا يكفي أن يصبح تنفيذ التزام المتعاقد مع الإدارة مرهقاً له لكي يعفي من مسئولية التنفيذ.
أما حجة إخلال الإدارة بالتزاماتها فلا تبرر امتناعه أو توقفه عن الوفاء بالتزاماته، وإنما تجعل له – إن صحت – الحق في التعويض.
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه “لا يسوغ للمتعاقد مع الإدارة أن يمتنع عن الوفاء بالتزاماته حيال الرفق، بحجة أن ثمة إجراءات إدارية قد أدت إلي الإخلال بالوفاء بأحد التزاماتها قبله، بل يتعين عليه …. أن يستمر في التنفيذ ما دام ذلك في استطاعته، ثم يطالب جهة الإدارة بالتعويض عن إخلالها بالتزاماتها إن كان لذلك مقتضى …. فلا يسوغ له الامتناع عن تنفيذ العقد بإرادته المنفردة، وإلا حقت مساءلته عن تبعة فعله السلبى”. فالدفع بعدم التنفيذ – كأصل عام – أمر غير جائز في العقود الإدارية لما تتميز به من خصائص ولاتصالها بالمرفق العام الذي يجب أن يسير بانتظام وإطراد. وذلك على الرغم من الخطأ أو التقصير الذي قد يقع من جهة الإدارة في تنفيذ أي التزام من التزاماتها التعاقدية. إلا أنه يجوز لطرفي العقد الإداري عند التعاقد أن تخرجا عن هذا الأصل، مما يسمح للمتعاقد مع الإدارة بالتمسك بالدفع بعدم التنفيذ وفي هذه الحالة.” لا يحق للإدارة أن توقع عليه غرامات تأخير ما دامت قد تراخت في تنفيذ التزاماتها مما أعجزه عن تنفيذ التزامه قبلها”.
أولاً: حقوق الإدارة
لما كانت الإدارة لا تستطيع أن تتخلي عن مسئولياتها إزاء المرافق العامة حتى وإن أشركت معها أشخاص القانون الخاص في تنفيذها أو إدارتها، فإن القانون بمنحها عدة حقوق لا مقابل لها في القانون الخاص تتمكن بواسطتها من القيام بمهامها المتصلة بالمرافق العامة. وهذه الحقوق هي:
ومع وجود هذه الحقوق الرافعة من شأن الإدارة في العقد يتساءل البعض عما إذا كان العقد الإداري هو في حقيقته عقد، رغم أن فكرة العقد نفسها تفترض إنشاء حقوق والتزامات متبادلة بين شخصين على الأقل، يتعاملان علي قدم المساواة، بإرادتين متوازيتين، علي أساس أن العقد شريعة المتعاقدين.
1- حق الرقابة والتوجيه:
للإدارة حق مراقبة تنفيذ العقد للتحقق من مطابقة التنفيذ للشروط المتفق عليها سواء من الناحية الفنية أو من الناحية المالية. وإذا كان الأصل أن للمتعاقد حق إختيار وسائل تنفيذ إلتزاماته، فإن للإدارة في بعض العقود – وأهمها الأشغال العامة – حق توجيه أعمال التنفيذ على النحو الذي تفضله. إلا أن الإدارة ليس لها أن تبالغ – تحت ستار حق الرقابة والتوجيه – إلي حد تغيير موضوع العقد أو الإعتداء على قوق المتعاقد الآخر.
ويعتبر حق الإدارة في الرقابة والتوجيه على هذا النحو مقرراً لها بالنسبة لمختلف العقود الإدارية، ولو لم يرد ذكره في شروط العقد صراحة. إلا أن مدي الحق يختلف من عقد إلي آخر حسب نوعيته.
2- حق توقيع الجزاءات:
للإدارة حق توقيع جزاءات متعددة علي المتعاقد معها الذي يخل بالتزاماته، سواء تمثل هذا الإخلال في الامتناع عن التنفيذ. أم في التأخير فيه، أم في القيام به بصورة غير مرضية. وهذا الحق مقرر للإدارة أيضاً ولو لم يرد النص عليه صراحة في العقد.
وليس للإدارة توقيع العقوبات الجنائية على المتعاقد معها. كما أنه يجب عليها إنذار المتعاقد قبل توقيع الجزاءات عليه إلا في حالات الاستعجال أو نص العقد على خلاف ذلك. ويراقب القضاء الإداري الإدارة في استعمالها لحق توقيع الجزاءات من حيث المشروعية والملاءمة معاً. أي أنه لا يراقب فقط مخالفة الجزاء لأحكام القانون، وإنما كذلك تناسب الجزاء الموقع مع المخالفة المرتكبة.
وإذا توقع المتعاقدان في العقد الإداري خطأ معيناً، ووضعوا له جزاء بعينه “فيجب أن تتقيد جهة الإدارة بما جاء في العقد، ولا يجوز لها كقاعدة عامة أن تخالفه أو تطبق في شأنه نصوص لائحة المناقصات لأن الأحكام التي تتضمنها اللائحة كانت ماثلة أمامها عند إبرام العقد”، بل ولا يجوز للمحكمة أن تقضي على غير مقتضاه.
والعبرة في استخلاص إرادة الإدارة في تحديد الجزاء الذي استهدفت به تأمين سير المرفق من الجزاءات التي يجوز لها توقيعها قانوناً، ليست بالمعني الحرفي للألفاظ التي استخدمها، وإنما يجب أن يعتد فيه بالآثار التي رتبتها الإدارة على تصرفها للكشف عما قصدت في الحقيقة أن توقعه من جزاء.”فإذا كانت الإدارة قد عبرت عن تصرفها في بعض الأوراق بعبارة إلغاء العقد وإعادة تأجير المقصف علي حساب المدعي عليه، إلا أنها قرنت هذه العبارة بعبارة الرجوع عليه بفرق السعر، وهو الأثر المترتب علي التنفيذ علي حسابه، ولم تشر إلي مصادرة التأمين، وهو الأثر المترتب علي إلغاء العقد. وواقع الحال أن الإدارة إنما قصدت بعبارة إلغاء العقد حجب المدعي عليه من المقصف حتي يتسنى لها إحلال آخر محله … وبذلك يعتبر الجزاء الموقع على المدعي عليه هو جزاء التنفيذ على حسابه دون جزاء إلغاء العقد”.
وليس الهدف الٍأساسي من توقيع الجزاءات علي المتعاقد هو مجازاته أو تعويض الإدارة عما أصابها من ضرر، وإنما هو ضمان سير المرافق العامة بانتظام واطراد. وتتنوع الجزاءات التي تملك الإدارة توقيعها على المتعاقد معها، وتشمل:
أ- الجزاءات المالية:
وهي مبالغ مالية محددة سلفاً تلزم الإدارة بها المتعاقد الذي يخل بالتزاماته وتختلف الجزاءات المالية في العقود الإدارية عن الشرط الجزائي أو التعويض الاتفاقي في القانون الخاص في أن الإدارة توقعها على المتعاقد معها دون تدخل من جانب القضاء وبغير حاجة إلي إثبات ما لحقها من ضرر بسبب الإخلال بشروط العقد. والجزاءات المالية على نوعين:
وتسمى وأيضاً غرامات التأخير لأنها غالباً ما توقع بمناسبة التأخير – في تنفيذ الالتزامات- وهي مبالغ مالية منصوص عليها في العقد، للإدارة أن تحصلها من المتعاقد في حالة إخلاله بالتزاماته، دون حاجة إلى حكم قضائي، أو إلي أثبات ما أصابها من ضرر. فالضرر يفترض افتراضاً لا يقبل إثبات العكس، بحيث لا يعفي المتعاقد منها، إلا بأثبات أن الضرر يرجع إلي قوة قاهرة أو إلي فعل الإدارة نفسها، وقد نصت المادة 23 من قانون المناقصات والمزايدات علي أنه إذا تأخر المتعاقد في تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له، جاز للسلطة المختصة لدواعي المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مهلة إضافية لإتمام التنفيذ، على أن توقع عليه غرامة عن مدة التأخير طبقاً للأسس وبالنسب وفي الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية، بحيث لا يجاوزمجموع الغرامة 3% من قيمة العقد بالنسبة لشراء المنقولات وتلقي الخدمات والدراسات الاستشارية والأعمال الفنية، و10% بالنسبة لمقاولات الأعمال والنقل.
وتوقع الغرامة بمجرد حصول التأخير دون حاجة إلي تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أي إجراء آخر. ويعفى المتعاقد من الغرامة، بعد أخذ رأي إدارة الفتوي المختصة بمجلس الدولة، إذا ثبت أن التأخير لأسباب خارجة عن إرادته. وللسلطة المختصة – عدا هذه الحالة – بعد أخذ رأي الإدارة المشار إليها، إعفاء المتعاقد من الغرامة إذا لم ينتج عن التأخير ضرر.
ولا يخل توقيع الغرامة بحق الجهة الإدارية في الرجوع علي المتعاقد بكامل التعويض المستحق عما أصابها من أضرار بسبب التأخير …”.
ومناط تطبيق قاعدة غرامة التأخير أن يشتمل العقد علي نص يجيز توقيعها أو يفيد التقيد بلائحة المناقصات والمزايدات باعتبارها جزءاً مكملاً للعقد. وهي ما تداركه المشرع بالقانون رقم 9 لسنة 1983 الذي نص في المادة 40 منه على أنه ” يجب النص في شروط العطاء علي أن تعتبر أحكام اللائحة التنفيذية لهذا القانون جزءاً مكملاً لهذه الشروط يخضع لها العقد”.
وتحتسب غرامة التأخير بالنسب والأوضاع المقررة قانوناً من قيمة الأعمال المتأخرة فقط إذا قدرت الإدارة أن الجزء المتأخر لا يمنع الانتفاع بما تم من العمل على الوجه الأكل في المواعيد المحددة. وتحسب الغرامة علي أساس قيمة العملية جميعها إذا رأت الإدارة أن الجزء المتأخر يمنع الانتفاع بما تم من العمل بطريق مباشر أو غير مباشر على الوجه الأكمل في تلك المواعيد.
ولا ينال من حق الإدارة في توقيع غرامة التأخير أنها قامت بإخطار المتعاقد معها بأنها ستضطر إلى إلغاء ومصادرة التأمين المؤقت. لأن الغرض الذي استهدفته الإدارة من ذلك هو حث المدعي علي أداء التأمين النهائي وتنفيذ العقد.
ويحق للإدارة احتجاز أي مبلغ مستحق للمورد طرفها لاستيفاء قيمة الغرامات وفروق الأسعار بعد ثبوت تقصيره في التوريد، وهذا لا يشكل خطأ عقدياً من جانب الإدارة، ولا يمثل قوة قاهرة تحول بين المورد وبين التنفيذ.
ولا يحق للمتعاقد مع الإدارة أن يمتنع عن تنفيذ التزامه أو يتأخر فيه بحجة أن الإدارة لم تنفذ التزامها أو تأخرت فيه. وذلك لأن الدفع بعدم التنفيذ – كأصل عام – أمر غير جائز في العقود الإدارية، لما تنفرد به من خصائص تميزها عن غيرها من العقود.
غير أنه يجوز الاتفاق علي خلاف ذلك طبقا لقضاء المحكمة الإدارية العليا التي أكدت له إذا كان “الأصل أن الدفع بعدم التنفيذ لا يجوز أن يتمسك به المتعاقد مع الإدارة في العقود الإدارية، إلا أنه يجوز للطرفين عند التعاقد أن يخرجا على هذا الأصل. وفي هذه الحالة يجوز للمتعاقد مع الإدارة أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ، وبالتالي لا يحق للإدارة أن توقع عليه غرامات تأخير، ما دامت قد تراخت في تنفيذ التزاماتها مما أعجزه عن تنفيذ التزامه قبلها”.
وفي حالة التنفيذ علي حساب المتعاقد ليس لجهة الإدارة أن تجمع بين غرامات تأخير توقع على المتعهد الأصلي عن الكميات التي نفذت علي حسابه، وبين تلك التي توقع علي المتعهد الجديد الذي قام بالتنفيذ في حالة تأخره، فمنذ تاريخ التنفيذ علي حساب المتعهد لا يجوز مطالبته بغرامة تأخير.
ولا يجوز للإدارة توقيع غرامة التأخير إذا كانت قد وافقت علي استلام الأعمال المسندة للمقاول ابتدائياً في الميعاد المقرر دون تحفظ ولا ينال من ذلك مجرد الادعاء بأن التسليم الابتدائي لم يتم بدقة وأن الإدارة لم تصادر التأمين ولم تنفذ العقد علي حساب المقاول.
وإذا أقرت الإدارة بأنها لم تحرص علي تنفيذ العقد في المواعيد المتفق عليها، لأن تنفيذها في هذه المواعيد غير لازم ولا يسبب لها ارتباكات أو يكلفها نفقات بدون مقتضي، كما لو حل ميعاد توريد أدوات صحية بينما لم يكن البناء الذي ستركب فيه قد تم تشييده بعد، فإن إقرارها بذلك يعد ” بمثابة إعفاء ضمني للمتعاقد من تنفيذ الغرامة عليه، بما لا يكون معه محل لتوقيع غرامة التأخير”.
وتختلف غرامات التأخير في العقود الإدارية عن الشرط الجزائي في العقود المدنية:
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |