باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من فبراير سنة 2021م، الموافق الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1442 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة
وحضور الأستاذة المستشار / شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر.
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 92 لسنة 40 قضائية ” دستورية “. بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة بحكمها الصادر بجلسة 28/5/2018، ملف الدعوى رقم 4090 لسنة 14 قضائية.. ……………………….
الإجراءات
بتاريخ الثانى من أكتوبر سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 4090 لسنة 14 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة، بجلسة 28/5/2018، بوقف الدعوى تعليقًا، وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل فى دستورية الفقرتين الثالثة والخامسة من المادة الرابعة، والفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالــــــة وسائر الأوراق – فى أن المدعين، كانوا قد أقامـــــوا بتاريـــــــخ 26/12/2013، الدعــــــــــــوى رقم 4090 لسنة 14 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالبحيرة، طالبين الحكم بإلزام وزارة الداخلية، بأن تؤدى إليهم تعويضًا عن قيمة سلاح مورثهم، وما لحق بهم من أضرار مادية وأدبية، نتيجة فقد هذا السلاح من مخزن السلاح التابع لمديرية أمن البحيرة. وأبان المدعون فى دعواهم أن مورثهم كان مرخصًا له بإحراز سلاح نارى، وإثر وفاته بتاريخ 3/11/2001، قاموا بتسليم السلاح لمركز شرطة كوم حمادة، وإذ تبين لهم فقد هذا السلاح من مستودعه، فقد أقاموا دعواهم الموضوعية بتاريخ 26/12/2013، طالبين الحكم لهم بالتعويض على سند من أحكام المسئولية التقصيرية ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، التى انتظمها نصا المادتين (163، 174) من القانون المدنى. وبجلسة 28/5/2018، قضت المحكمة بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرتين الثالثة والخامسة من المادة الرابعة، والفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر. وأورد حكم الإحالة فى مدوناته أنه “وإذ لم يقم المدعون – بصفتهم الورثة الشرعيين لمالك السلاح المتوفى – باتخاذ إجراءات التصرف فى السلاح خلال خمس سنوات من تاريخ تسليمه لقسم الشرطة المختص، مما أدى إلى اعتبار وزارة الداخلية ذلك بمثابة تنازل منهم عن ملكية السلاح للدولة ممثلة فى وزارة الداخلية، وسقوط حقهم فى اقتصاء التعويض عن هذا السلاح، وذلك وفق نصى المادتين (4) و(10) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر”.
وحيث إن المادة (4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالقانونين رقمى 75 لسنة 1958 و26 لسنة 1978 تنص على أن ” لوزير الداخلية أو من ينيبه رفض الترخيص أو تقصير مدته أو قصره على أنواع معينة من الأسلحة أو تقييده بأى شرط يراه.
وله سحب الترخيص مؤقتًا أو إلغاؤه، ويكون قرار الوزير برفض منح الترخيص أو سحبه أو الغاؤه مسببًا.
وعلى المرخص له فى حالتى السحب والإلغاء أن يسلم السلاح إلى مقر البوليس الذى يقع فى دائرته محل إقامته، وله أن يتصرف فيه بالبيع أو بغيره من التصرفات إلى شخص مرخص له فى حيازته أو تجارته أو صناعته خلال أسبوعين من تاريخ إعلانه بالإلغاء أو السحب ما لم ينص فى القرار على تسليمه فورًا مقر البوليس الذى يحدده.
وللمرخص له أن يتصرف فى السلاح الذى أودعه بقسم البوليس خلال سنة من تاريخ تسليمه إلى البوليس، فإذا لم يتيسر له التصرف خلال هذه المدة اعتبر ذلك تنازلاً منه للدولة عن ملكية السلاح وسقط حقه فى التعويض، وتحسب مدة السنة بالنسبة إلى القصّر وعديمى الأهلية اعتبارًا من تاريخ إذن الجهات المختصة بالتصرف فى السلاح.
وتخصص الأسلحة التى آلت إلى الدولة، لوزارة الداخلية “.
وتنص المادة رقم (10) من القانون ذاته على أن ” يعتبر الترخيص ملغيًّا فى الأحوال الآتية:
1. فقد السلاح.
2. التصرف فى السلاح طبقًا للقانون.
5. الوفاة.
وتسرى على ذوى الشأن الأحكام الواردة فى الفقرات الثلاث الأخيرة من المادة (4) من هذا القانـــــون، على أن تكون مدة التصـــرف فى السلاح خمس سنوات “.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النصوص المحالة – وصحتها الفقرتان الرابعة والخامسة من المادة (4)، والفقرة الثانية من المادة (10) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالقانونين رقمى 75 لسنة 1958 و26 لسنة 1978 – مخالفتها نصوص المواد (33، 35، 40، 94) من الدستور، فيما قررته من اعتبار مضى المدتين المبينتين بالنصوص المحالة، تنازلاً من المرخص له أو من ذوى الشأن للدولة عن ملكية السلاح وسقوط حقهم فى التعويض، وتخصيص الأسلحة التى آلت إلى الدولة لوزارة الداخلية.
وحيث إن المصلحـــــة فى الدعـــــــوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضــوع. ويستوى فى شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحــرى توافر شرط المصلحة فى الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولهـا. ومؤدى ذلك: أن الإحالـــــــة من محكمــــة الموضـــــــوع إلى المحكمة الدستورية العليـــــــا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمه أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعى المحال على النزاع الموضوعى، فيكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازمًا للفصل فى ذلك النزاع، فلا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل فى دستورية النص الذى ثارت بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضـــــــوع انعكاس على النزاع الموضوعى، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن المصلحة فى الدعوى الدستورية قوامها أن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو فى شق منها فى الدعوى الموضوعية.
متى كان ما تقدم، وكانت طلبات المدعين فى الدعوى الموضوعية تدور حول طلب التعويض عن فقد سلاح مورثهم طبقًا لأحكام المسئولية التقصيرية ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه. وكانت المسألة الأولية المطروحة على محكمة الموضوع هى استمرار ملكية المدعين لسلاح مورثهم حتى يمكن تعويضهم عن فقده، ومن ثم يتحقق شرط المصلحة فى الدعوى المعروضة بالفصل فى دستورية صدر الفقرة الرابعة من المادة (4)، والفقرة الثانية من المادة (10) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المستبدلتين بالقانونين رقمى 75 لسنة 1958 و26 لسنة 1978 فيما تضمنتاه من اعتبار عدم تيسر التصرف خلال المدتين المبينتين بهما، فى سلاح نارى أودع لدى الشرطة لسحب أو إلغاء ترخيص حائزه، تنازلاً منه أو من ذوى الشأن، للدولة عن ملكية السلاح، وسقوط الحق فى التعويض عنه، دون الفقرة الخامسة من المادة ذاتها، لعدم نعى حكم الإحالة على تخصيص الأسلحــــــة التى آلت إلى الدولة – بمقتضى نص الفقرة الرابعة – لوزارة الداخلية، بأية مناعٍ.
وحيث إن البين من نص صدر الفقرة الرابعة من المادة (4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر، التى أحالت لحكمها الفقرة الثانية من المادة رقم (10) من القانون ذاته، أن التنازل الاعتبارى للدولة عن السلاح، إذا لم يتيسر التصــــــــــرف فيه ممن كان مرخصًا له إحرازه خلال مدة سنة، أو من ذوى الشأن خلال مدة خمس سنوات، من تاريخ إيداعه مقر الشرطة، لا يندرج فى عداد العقوبات التكميلية المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (30) من قانون الأسلحة والذخائر السالف بيانه، بالنظر إلى أن امتثال من كان مرخصًا له بسلاح نارى، أو ذويه، بتسليمه لمقر الشرطة، فى حال سحب الترخيص مؤقتًا أو إلغائه، خلال المدة المقـــــــــــررة بنص الفقرة الثالثة من المادة (4) من ذلك القانون، هو تصرف يطابق أحكام القانون، ولا تشمله أى من النواهى المؤثمة بالقانون المشار إليه. كما أن التنازل الاعتبارى للدولة عن السلاح، لا يدخل فى مدلول التدابير الاحترازية، مادام أنه قد سُلم طواعية وأودع مقر الشرطة، فى المواعيد المقررة قانونًا، ومن ثم فإن إيداعه على هذا النحو، لا يشكل أخطارًا تحتم إيقاع أى تدبير احترازى لمواجهتها. ومن ناحية أخرى، فإن التنازل الاعتبارى عن ملكية السلاح إلى الدولة، حال حيازتها له، مدة سنة، أو خمس سنوات، بحسب الأحوال، دون أن يتيسر التصرف فيه، لا يدخل فى مفهوم حيازة المنقول بسبب صحيح وبحسن نية، المعدودة سببًا من أسباب كسب الملكية، ولا يعتبر من تطبيقاتها، إذ إن حيازة الدولة للسلاح، بمقتضى أحكام الفقرة الثالثة من المادة (4) من قانون الأسلحة والذخائر، ليست إلا حيازة عرضية، لا تنشئ بذاتها للحائز حق ملكية السلاح مهما استطالت مدتها. ومن ثم فإن التنازل الاعتبارى عن ملكية السلاح إلى الدولة – فى الأحـــــــوال السالف بيانهـــــــا – وتخصيصه لوزارة الداخلية، لا يعدو أن يكون نزعًا لملكيته، إذا لم يتيسر لمالكه التصرف فيه، خلال المدتين الزمانيتين السالف بيانهما، أيًّا كان سبب ذلك، ومهما كانت الظروف التى لابسته، وسقوط حقه فى التعويض عن الأضرار المادية والأدبية الناشئة عن نزع ملكيته.
وحيث إن الدستور، إعلاءً من جهته لدور الملكية الخاصة، كفل حمايتها لكل فرد – وطنيًّا كان أم أجنبيًّا – ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها، ليختص صاحبها دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ولا ينابذ سلطته فى شأنها من ليس بيده سند ناقل لها، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التى تعينهـــــا على أداء دورهــــا، وتقيهــــــا تعـــرض الأغيار لها ســــواء كان ذلك بنقضهــــــــــا أو بانتقاصها من أطرافها؛ ولم يعد جائزًا بالتالى أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصبًا، وافتئاتًا على كيانها أدخل إلى مصادرتها.
وحيث إن الدستور يعتبر مآبًا لكل سلطة وضابطًا لحركتها. والأصل فى النصوص التى يتضمنها أنها تؤخذ باعتبارها مترابطة فيما بينها، وبما يرد عنها التنافر والتعارض، ويكفل اتساقها فى إطار وحدة عضوية تضمها، ولا تفرق بين أجزائها، بل تجعل تناغم توجهاتها لازمًا. وكان الدستور إذ نص فى المادة (35) على أن ” الملكية الخاصــــــــــة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول “، فقد دل بذلك على أن ما يؤول للعباد ميراثًا فى حدود أنصبتهم الشرعية، يعتبر من عناصر ملكيتهم التى لا يجوز لأحد أن ينال منها.
وحيث إن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه ولئن جاز القول بأن الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية يفاضل المشرع من خلالها بين بدائل متعددة، مرجحًا من بينها ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة التى قصد إلى حمايتها، إلا أن الحدود التى يبلغها هذا التنظيم لا يجوز بحال أن تجاوز – بمداها – متطلباتها المنطقية، وإلا تعين القول بانطوائها على ما يُعد “أخذًا” للملكية من أصحابها، لما مؤداه حظر تقييد الملكية فيما يجاوز نطاق وظيفتها الاجتماعية، وأن التعويض عن حرمان صاحبها من مزاياها، يتعين أن يكون مكفولاً وجابرًا للأضرار الناشئة عن تعطيل الانتفاع بها.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المصادرة على ما يتبين من نص المادة (40) من دستور 2014 – إما أن تكون مصادرة عامة تتناول العناصر الإيجابية لكامل الذمة المالية لشخص معين، أو حصة على الشيوع فيها، وهذه لا يجوز توقيعها على الإطلاق. وإما أن يكون محلها شيئًا أو أشياء معينة بذواتها، وهذه هى المصادرة الخاصة التى لا يجوز توقيعها إلا بحكم قضائى، ولو كان جزاءً مدنيًّا، ولا يجوز بالتالى المساس بها إلا من خلال حق التقاضى حتى لا تنحسر عنها ضماناته الجوهرية التى يتصدرها حق الدفاع، ليتم الفصل فى هذه الحقوق – سواء بإثباتها أو نفيها – على ضوء نظرة محايدة تحوطها، ووفق مقاييس وضوابط حددها المشرع سلفًا. كذلك فإن عموم نص المادة (40) من الدستور، مؤداه أن تعليق جواز المصادرة الخاصة على صدور حكم قضائى بها، غير مقيد بالأحوال التى تكون هذه المصادرة فيها عقابًا تقرر بنص جنائى، بل يكون الحكم القضائى بها لازمًا فى كل صورها، وذلك أيًا كانت طبيعة هذه المصادرة أو أغراضها.
وحيث إن خضوع الدولة للقانون – وفقًا لنص الفقرة الثانية من المادة (94) من الدستور – مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة، ويندرج تحتها طائفة من الحقوق تعد بالنظر إلى مكوناتها، وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى كفلها الدستور، ومنحها الرعاية الأوفى والأشمل توكيدًا لقيمتها، ومنها ألا يكون الاستيلاء على أموال بذواتها مؤبدًا، إذ إن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى كل تصرفاتها وأعمالها بقواعد قانونية تعلو عليها، فلا يستقيم نشاطها بمجاوزتها.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إنكار الحق فى الترضية القضائية سواء بمنعها ابتداءً، أو بإقامة العراقيل فى وجه اقتضائها، أو بتقديمها متباطئة متراخية دون مسوغ، أو بإحاطتها بقواعد إجرائية تكون معيبة فى ذاتها بصفة جوهرية، لا يعدو أن يكون إهدارًا للحماية التى يفرضها الدستور والقانون للحقوق التي وقع العدوان عليها، وإنكارًا للعدالة فى جوهر خصائصها وأدق توجهاتها، وبوجه خاص كلما كان طريق الطعن القضائى لرد الأمور إلي نصابها ممتنعًا أو غير منتج. وكان من المقرر أنه ليس لازمًا لإنكار العدالة، وإهدار متطلباتها أن يقع العدوان على موجباتها من جهة القضاء ذاتها، ذلك أن السلطة التشريعية أو التنفيذية قد تفرض من العوائق ما يحول دون بلوغ الترضية القضائية، سواء عن طريق حرمان الشخص من إقامة دعواه، أو من نظرها فى إطار من الموضوعية، ووفق الوسائل القانونية السليمة.
وحيث إن من المستقـــــــــــر عليه فى قضـــــــــاء هذه المحكمة أنه إذ حدد الدستور لكل من السلطتين التشريعية والقضائية ولايتهـــــــا، ورسم تخومها، فلا يجوز لإحداهما أن تباشر مهامًا اختص بها الدستور غيرها، وإلا وقع عملها باطلاً.
متى كان ما تقدم، وكان النصان اللذان تحدد بهما نطاق الدعوى المعروضة، قد نالا من الحماية المقررة لحق الملكية الخاصة، بتجريدها من جوهرها، إذ أعاقا استمرارها لذويها لمجرد عدم تيسر تصرفهم فى السلاح ملكهم، خلال مدة زمنية محددة، حال أنها واقعة تخرج بطبيعتها عن عناصر ذلك الحق. وعلق النصان ملكية السلاح لذويه على مكنة التصرف فيه خلال مدة تحددها صفة المتصرف، على نحو عدل من طبيعة حق الملكية، وناقض خصائصه، فانحل ذلك عدوانًا على الحق ذاته، وافتئاتًا على مال خاص، أدخل إلى مصادرته، بغير حكم قضائى من إحدى محاكم جهتى القضاء، بما يخل باستقلالها، لما فيه من عدوان على اختصاص دستورى محجوز لها. وكان النصان المذكوران بما قرراه من سقوط حق المخاطبين بهما فى اقتضاء التعويض عن نزع ملكيتهم للسلاح، قد أهدرا موجبات مبدأ خضوع الدولة للقانون، وأنكرا الحق فى الحصول على الترضية القضائية الكاملة، ومن ثم يغدو هذان النصـــــــــان – المحددان نطاقًا على ما سلف بيانه – مخالفين لأحكام المواد (33، 35، 40، 94، 97، 184) من الدستور القائم.
وحيث إن عجز نص الفقرة الرابعة من المادة (4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالقانونين رقمى 75 لسنة 1958 و26 لسنة 1978، والفقـــــــــــــــــــــــرة الخامسة من المادة ذاتها، يرتبطان ارتباطًا لا يقبل التجزئة بصدر نص الفقرة الرابعة من المادة (4) من ذلك القانون المقضى بعدم دستوريتها، فإن الحكم بسقوطهما، ترتيبًا على زوال النص القانونى الذى كانا يتساندان إليه، يكون حتمًا.
وحيث إن هذه المحكمة تقديرًا منها للأثر المترتب على القضاء بعدم دستورية نصى صدر الفقرة الرابعة من المادة (4)، والفقرة الثانية من المادة (10) من القانون رقم394 لسنة1954 في شأن الأسلحة والذخائر على النحو السالف بيانه، وأهمية تحقيق الاستقرار للمراكز القانونية التي نشأت عن تطبيق أحكامهما، منذ تاريخ العمل بهما، حتى تاريخ صدور هذا الحكم، فإنها تُعمل السلطة المخولة لها بنص المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم التالي لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية تاريخًا لسريان أثره، وذلك دون إخلال باستفادة المدعين منه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً : بعدم دستورية صدر الفقرة الرابعة من المادة (4)، والفقرة الثانية من المادة (10) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلتين بالقانونين رقمى 75 لسنة 1958 و26 لسنة 1978 فيما تضمنتاه من اعتبار عدم التصرف خلال المدتين المبينتين بهما، فى سلاح نارى أودع لدى الشرطة لسحب أو إلغاء ترخيص حائزه، تنازلاً منه أو من ذوي الشأن، للدولة عن ملكية السلاح، وسقوط الحق فى التعويض عنه.
ثانيًا : بسقوط عجز الفقرة الرابعة والفقرة الخامسة من المادة (4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه.
ثالثًا : بتحديد اليوم التالى لنشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال أثره.
للاطلاع علي الصورة الرسمية للحكم إضغط هنا
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |