بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 58/1/406
السيد الأستاذ الدكتور/ وزير التموين والتجارة الداخلية
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (18407) المؤرخ 24/12/2019، بشأن طلب إعادة عرض الموضوع الخاص بتحديد مسئولية كل من أصحاب المطاحن أم المخابز حيال الدقيق الذى تبين عدم صلاحيته، أو عدم مطابقته للمواصفات عند أخذ عينات منه حال وجوده فى حوزة المخابز.
وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق- أنه بتاريخ 1/12/2013 قامت حملة من مديرية تموين أسيوط بالتفتيش على المخبز الآلي المحسن بمنفلوط، وبسحب عينات من دقيق (82%) الموجود بالمخبز والردة الناعمة والخبز البلدي المنتج من المخبز لتحليلها، تبين مخالفة تلك العينات للاشتراطات والمواصفات المقررة بموجب قرار وزیر التموين والتجارة الداخلية رقم (712) لسنة 1987 في شأن القمح ومنتجاته، وعلى ذلك فقد انتقلت حملة بتاريخ 1/1/2014 إلى المخبز المشار إليه، لسماع أقوال مديره المسئول/ عماد شعبان داود علي، ثم انتقلت الحملة بذات التاريخ إلى مطحن بني عديات البحرية؛ لسؤال مديره المسئول/ محمد عبد المنعم محمد، وبناءً علي ذلك تم تحرير محضر جنح ضد كل منهما، قيد برقم (110) لسنة ۲۰14 جنح منفلوط، وصدر حكم غيابي فى هذه القضية بجلسة 23/3/2014 بحبس كل منهما سنة وكفالة مائة جنيه وغرامة عشرة آلاف جنيه والنشر والمصادرة والمصاريف، وبولوج كل من المدير المسئول عن المطحن والمخبز المشار إليهما سبل الطعن فى هذا الحكم، قضى ببراءة الأول وانقضاء الدعوى بمضى المدة بالنسبة إلى الثانى، وإذ انتفى بناء على ما تقدم العقاب الجنائي عنهما، لذا أثير التساؤل حول تحديد المسئولية عن الفروق المالية الناتجة عن المخالفات في المواصفات، وإذ سبق عرض هذا الموضوع على الجمعية العمومية، فانتهت بجلستها المعقودة بتاريخ 22/11/2017 إلى حفظه لعدم تزويد إدارة الفتوى المختصة ببعض البيانات والمستندات اللازمة للفصل فيه، لذا طلبتم إعادة عرض الموضوع على الجمعية العمومية لإبداء الرأي.
ونُفيد: أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 24 من فبراير عام 2021م الموافق 12 من رجب عام 1442هـ؛ فتبين لها أن المادة (2) من الدستور تنص على أن: “الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع”، وأن المادة (95) منه تنص على أن: “العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون”. وأن المادة (221) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم (150) لسنة 1950 تنص على أن: “تختص المحكمة الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”، وأن المادة (302) منه تنص على أن: “يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته ومع ذلك لا يجوز له أن يبني حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة. وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد به يهدر ولا يعول عليه”.
كما تبين للجمعية العمومية أن المادة (2) من قانون قمع التدليس والغش الصادر بالقانون رقم (48) لسنة 1941 تنص على أن: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر: 1- كل من غش أو شرع في أن يغش شيئًا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو من الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو من المنتجات الصناعية معدا للبيع وكذلك كل من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئًا من هذه الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو منتجات مغشوشة كانت أو فاسدة أو انتهى تاريخ صلاحيتها مع علمه بذلك…”، وأن المادة (3) منه تنص على أن: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو إحدى هاتين العقوبتين كل من حاز بقصد التداول لغرض غير مشروع شيئًا من الأغذية أو الحاصلات أو المنتجات أو المواد المشار إليها في المادة السابقة…”. وأن المادة (6) من قانون مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها الصادر بالقانون رقم (10) لسنة 1966 تنص على أن: “تعتبر الأغذية مغشوشة في الأحوال الآتية: (1) إذا كانت غير مطابقة للمواصفات المقررة. (2) إذا خلطت أو مزجت بمادة أخرى تغير من طبيعتها أو جودة صنفها. (3) إذا استعيض جزئيا أو كليا عن أحد المواد الداخلة في تركيبها بمادة أخرى تقل عنها جودة. (4) إذا نزع جزئيا أو كليا أحد عناصرها. (5) إذا قصد إخفاء فسادها أو تلفها بأي طريقة كانت. (6) إذا احتوت على أية مواد ملوثة أو حافظة أو إضافات غير ضارة بالصحة لم ترد في المواصفات المقررة. (7) إذا احتوت جزئيا أو كليا على عناصر غذائية فاسدة نباتية أو حيوانية سواء كانت مصنعة أو خاما أو إذا كانت ناتجة من منتجات حيوان مريض أو نافق. (8) إذا كانت البيانات الموجودة على عبواتها تخالف حقيقة تركيبها مما يؤدى إلى خداع المستهلك أو الإضرار الصحي به. ويعتبر الغش ضارا بالصحة إذا كانت المواد المغشوشة أو كانت المواد التي تستعمل في الغش ضارة بصحة الإنسان”. وأن المادة (8) من قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم )712( لسنة 1987 بشأن القمح ومنتجاته تنص على أن: “يتم إنتاج دقيق القمح الصافى بنسب استخراج 93.3% أو 87.5% أو 82% أو 80% أو 72% بالمطاحن التى ترخص لها وزارة التموين والتجارة الداخلية بذلك وفقا للترخيص الصادر لكل مطحن. ويصدر وزير التموين والتجارة الداخلية قرارا بتحديد نسب الاستخراج التى يعمل بها”، وأن المادة (37) منه تنص على أن: “يحظر تغيير مواصفات الدقيق المنتج من المطاحن المرخص لها بإنتاج الدقيق طبقا لأحكام هذا القرار سواء بنخله أو باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك”، وأن المادة (108) من ذات القرار تنص على أن: “يراعى في أخذ العينات من المطاحن والمخابز ومصانع المكرونة ما يلي: (أ) بالنسبة للمطاحن: تؤخذ عينات القمح المعد للطحن من المزراب المغذي للقواديس بالنسبة لمطاحن الحجارة- أو من القمح النازل على السلندرات- (الدشة الأولى) بالنسبة لمطاحن السلندرات. أما عينات الدقيق والردة فتؤخذ من أجولة مغلقة معدة للبيع. (ب) بالنسبة للمخابز: تؤخذ عينة الخبز مع عينات مرافقة من الدقيق والردة المصنع منها، على أن تكون عينة الدقيق والردة من أجولة مغلقة… وعند ورود النتيجة مخالفة للمواصفات يجوز للمسئول بالمنشأة التي أخذت منها العينة أن يطلب تحليل النموذج الثاني فإذا أظهر تحليله مطابقته للمواصفات المقررة فلا يعتد بنتيجة تحليل النموذج الأول ويعتبر المخبز أو مصنع المكرونة مخالفًا عند زيادة نسبة الرماد أو الرمل في عينة الخبز أو المكرونة عن نسبتها في الدقيق المستخدم أو في حالة عجزه عن إثبات مصدر الدقيق المخالف. وفي جميع الأحوال يتم تحليل العينة وإبلاغ صاحب الشأن بنتيجة التحليل خلال شهرين من تاريخ أخذها”.
واستعرضت الجمعية العمومية عقد إنتاج وتسليم خبز مدعم (ماو) المبرم بين وزارة التموين والتجارة الداخلية– طرفًا أول- والجهات التى تقوم بصرف الدقيق الدعم (قطاع أعمال عام- قطاع خاص)- طرفًا ثانيًا-، وأصحاب المخابز البلدية-طرفًا ثالثًا-، فتبين لها أن البند الرابع منه ينص على أن: “يحق للطرف الثالث إذا ما تبين له ظاهريًّا عدم مطابقة الدقيق التموينى “المسلم” من الطرف الثانى له سواء للمواصفات أو الأوزان المقررة الرجوع للطرف الأول أو ممثليه بمديريات التموين المختصة للوقوف على حالة الدقيق التموينى من حيث المواصفات والأوزان المقررة، وحال ثبوت صحة شكواه يقوم الطرف الأول باتخاذ الإجراءات القانونية قبل الطرف الثانى، يحق للطرف الثالث فى تلك الحالة الامتناع عن استلام الحصة المقررة واستبدالها بحصة أخرى مطابقة للمواصفات والأوزان المقررة”.
واستعرضت الجمعية العمومية ما استقر عليه قضاء محكمة النقض من أن المشرع ولئن كان قد حرم تداول الأغذية المغشوشة والضارة بالصحة، إلا أنه لم يجعل من الكافى لإدانة المتهم في جريمة تصنيع وعرض أغذية مغشوشة للبيع، ثبوت أن الأغذية المغشوشة قد صنعت فى المكان الذى يعمل فيه، بل لابد أن يثبت أنه هو الذي ارتكب فعل الغش أو أن تكون الأغذية قد صنعت تحت إشرافه ورقابته مع علمه بغشها وفسادها، وقد ناط المشرع بمحكمة الموضوع الفصل فى إثبات توافر العلم بغش الأغذية المطروحة للبيع متى استنتجته من وقائع الدعوى استنتاجا سليمًا، ولمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى مباشرة كانت أو غير مباشرة وأن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلا لحكمها، لأن تقدير الدليل موكول لها ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك، إعمالًا لحكم المادة (302) من قانون الإجراءات الجنائية التى عهدت إلى القاضي الجنائي أن يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته مما يطرح أمامه في الجلسة دون إلزام عليه بطريق معين في الإثبات إلا إذا استوجبه القانون أو حظر عليه طريقًا معينًا في الإثبات. (في ذات المعنى الطعنان رقما (630) لسنة 48 قضائية جلسة 20/11/1978، و(543) لسنة51 قضائية جلسة 8/11/1981)
كما استعرضت الجمعية العمومية ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أنه من المقرر أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها الأخير وكان فصله فيها لازما وضروريا، خاصة فيما يتعلق بوقوع الفعل ووصفه القانوني ونسبته إلى فاعله، وغنى عن البيان أن تلك الحجية تثبت للحكم الجنائي إذا كان مبنيا على انتفاء التهمة أي فيما قطع به من أن الواقعة لم تحدث أصلا أو أنها لم تقع من المتهم بالذات، أما إذا استقى الحكم الجنائي قضاء البراءة من أسباب وأسانيد أخرى ارتكن فيها إلى ظروف الواقع المحيطة بالاتهام وخلص فيها إلى أن المتهم لم يكن له دخل فيها دون أن ينفي حدوث الواقعة المنسوبة إليه أو يفصل في صحة ارتكابه لها من عدمه، فإن حكم البراءة في هذه الحالة لا يحول بين القاضي المدني وبين بحث دليل ارتكاب المتهم للمخالفة التي تكون تلك الواقعة محلها أو موضوع التصرف المطروح عليه في أمر يتعلق به، وذلك كما هو الشأن في النزاع الماثل حيث يبين أن حكم البراءة الصادر لم يقم على نفي حدوث الفعل المجرم أصلا أو عدم ارتكاب الأفعال المنسوبة إلى المتهم، وإنما يقوم على انقضاء الدعوى بمضي المدة وبالتالي لا تمتد حجية ذلك الحكم إلى القول بنفي حدوث الفعل المجرم فذلك لم يفصل فيه الحكم الجنائي ولم يكن فصله فيه لازمًا وضروريًّا للوصول إلى البراءة حيث أسسها على أسباب أخرى بعيدة عن مدى صحة نسبة الأفعال المجرمة من عدمه. (الطعن رقم (11848) لسنة 50 قضائية جلسة 25/3/2008)
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 1/12/2013، قامت مديرية تموين أسيوط بالتفتيش على المخبز الآلي المحسن بمنفلوط، وتم أخذ عينات من دقيق (82% ) الموجود بالمخبز والردة الناعمة والخبز البلدي المنتج من المخبز، وقد تبين من نتيجة تحليل تلك العينات عدم مطابقاتها للمواصفات والاشتراطات المقررة بموجب قرار وزیر التموين والتجارة الداخلية رقم (712) لسنة 1987 المشار إليه، وعلى أثر ذلك تم تحرير محضر جنح بتاريخ 1/1/2014 ضد كل من المدير المسئول عن المخبز الآلي المحسن بمنفلوط، والمدير المسئول عن مطحن بني عديات البحرية، قُيّد برقم (110) لسنة ۲۰14 جنح منفلوط، وصدر حكم غيابيًّا بجلسة 23/3/2014 بحبس كل منهما سنة وكفالة مائة جنيه وغرامة عشرة آلاف جنيه، والنشر والمصادرة والمصاريف، وأنه بالطعن فى هذا الحكم حصل المعروضة حالته الأول السيد/ محمد عبد المنعم محمد، بصفته المدير المسئول عن المطحن المشار إليه على حكم بالبراءة، وحصل المعروضة حالته الثانى السيد/ عماد شعبان داود علي، بصفته المدير المسئول عن المخبز المشار إليه، على حكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة، وأنه ولئن كان حصول المعروضة حالته الأول على حكم بالبراءة، يستوجب نزولا على حجية هذا الحكم عدم المعاودة فى البحث عن مدى صحة الأفعال المجرمة المنسوبة إليه من عدمه، إلا أن حصول المعروضة حالته الثانى على حكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة، ليس من شأنه أن يغل يد الجهات المختصة بشئون التموين، بما لها من سلطات واختصاصات خولها لها القانون، عن أن تنتهى إلى تقرير مسئوليته وتحميله بالفروق المالية الناتجة عن المخالفات المستطلع الرأى بشأنها، إذا ما تبين لها بعد استجلاء كافة الحقائق المتعلقة بهذه المخالفات، صحة الأفعال المنسوبة إليه، بحسبان هذا الحكم لم يقم على نفي حدوث الفعل المجرم أصلا أو عدم ارتكاب المعروضة حالته الثانى له، وإنما قام على انقضاء الدعوى بمضي المدة، ومن ثم لا تمتد حجيته إلى القول بنفي حدوث الفعل المجرم من عدمه.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى أن انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة بالنسبة للمعروضة حالته الثانى، لا يغل يد الجهات المختصة بشئون التموين عن أن تنتهي
إلى تقرير مسئوليته عن المخالفات المستطلع الرأى بشأنها، وذلك على النحو المُبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |