برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح أحمد السيد هلال، ود. محمد عبد الرحمن القفطي، وعاطف محمود أحمد خليل، ود. محمود سلامة خليل السيد
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) قرار إداري– ركن السبب- رقابة القضاء الإداري على مشروعيته- يقتصر دور القضاء في رقابة مشروعية القرار الإداري على بحث مصداقية السبب الذي أفصحت عنه جهة الإدارة للقرار- لا يسوغ للقضاء أن يتعدى هذا السبب إلى ما وراء ذلك بافتراض أسباب أخرى يُحمل عليها القرار- صحة القرار الإداري تتحدد بالأسباب التي قام عليها, ومدى سلامتها على أساس الأصول الثابتة في الأوراق وقت صدور القرار، ومدى مطابقتها للنتيجة التي انتهى إليها([1]).
(ب) أكاديمية الشرطة– قبول الطلبة بكلية الشرطة- أحكام اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 وتعديلاته- تتباين أحكام النصوص الواردة باللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة قبل تعديلها عام 2012 فيما تضمنته من إجراءات وقواعد وسبل تقييم المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة, وتلك التي انتظمتها النصوص الواردة باللائحة المعدَّلة بموجب قرار وزير الداخلية رقم 2695 لسنة 2012- أثر ذلك: لا يجوز إعمال أحكام اللائحة الجديدة قبل نشرها وحلول الميعاد المحدد لبدء نفاذها في 19/11/2012.
– أحكام اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة، الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976, والمعدَّلة بموجب القرارات أرقام 1534 لسنة 1977 و453 لسنة 1985 و14162 لسنة 2001 و15821 لسنة 2002 و2695 لسنة 2012.
(ج) لائحة– نفاذها من حيث الزمان- الأصل المقرر في نفاذ القرارات الإدارية (التنظيمية واللائحية أو الفردية) هو أن يقترن نفاذها بتاريخ صدورها, بحيث تَنفُذ بالنسبة للمستقبل, ولا تطبق بأثر رجعي- ما لم يكن القرار الإداري قد صدر تنفيذًا لقانونٍ ذي أثرٍ رجعي, أو تنفيذًا لأحكام صادرة بإلغاء قرار إداري، تحكم القاعدة الوقائع والمراكز القانونية التي تتم تحت سلطانها, أي في الفترة ما بين العمل بها وإلغائها- تطبيق: اتخاذ جهة الإدارة من الإجراءات والضوابط التي تضمنتها التعديلات الواردة على اللائحة المتعلقة بقواعد وإجراءات القبول بأكاديمية الشرطة سندًا لقرارها الطعين, في حين أن هذه التعديلات قد صدرت بقرار بدأ نفاذه بعد بدء وتمام جميع الإجراءات والاختبارات المتصلة بالقبول بالأكاديمية, يجعل القرار المطعون عليه مخالفًا للقانون.
(د) لائحة– شروط نفاذها- استلزام علم المخاطبين بأحكامها قبل فرضها- لا يتحقق العلم بالقاعدة اللائحية أو القانونية إلا من خلال نشرها, على وفق الإجراءات القانونية, وحلول الميعاد المحدد لبدء نفاذها- إخطار المخاطبين بالقاعدة عن طريق النشر على وفق أحكام القانون يُعد شرطًا لإنبائهم بمحتواها ونفاذها في حقهم- يترتب على المفاجأة بوجود قاعدة لائحية أو قانونية ضياعُ حقٍّ، أو إلحاقُ ضررٍ, ما كان لذوي الشأن تفاديه في ظل غياب الإعلان عن القاعدة قبل نشأةِ أو تمامِ تَكَوُّنِ مركزِهم القانوني الذي تسيطر عليه تلك القاعدة- لا يُعتد لنفاذ اللائحة بالعلم الفردي بها, ما لم يكن هناك قرارٌ لائحي قد صدر في ذلك الوقت على وفق الإجراءات المقررة قانونًا- العلم الفردي بلائحة جديدة ليس من شأنه إلغاء أحكام اللائحة النافذة وقتَئذٍ, والتي لم يصدر أيُّ قرارٍ بشأنها- تطبيق: عدم نفاذ تعديلات اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الواردة بقرار وزير الداخلية رقم 2695 لسنة 2012, فيما تضمنته من تعديل إجراءات وقواعد تقييم المتقدمين لكلية الشرطة, إلا من اليوم التالي لنشرها بالوقائع المصرية في 18/11/2012- لا عبرة بعلم الطلاب وأولياء أمورهم بهذه التعديلات منذ تسلمهم دليل الطالب وكراسة القبول، مادام لم يصدر أي قرار لائحي بهذه التعديلات في حينه وعلى وفق القانون.
– المادتان (10/5) و(34) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة, المعدَّل بموجب القوانين أرقام 129 لسنة 1981, و30 لسنة 1994, و155 لسنة 2004([2]).
(هـ) قرار إداري– سحب القرار الإداري وتحصنه- أثر إلغاء القرار الإداري في القرارات التالية- القرار الإداري متى استجمع مقوماته وسماته يُعد نافذًا من تاريخ صدوره, ولا يجوز سحبه إلا خلال المواعيد المقررة للطعن القضائي، ومن ثم يتحصن القرار بفوات تلك المواعيد, مهما كان وجه الخطأ أو مخالفة القانون في شأنه, مادام أن المخالفة لم تنحدر به إلى درك الانعدام- عَمَدَ التشريعُ والقضاءُ إلى تغليب عنصر الاستقرار حال فوات ميعاد الطعن بإلغاء القرار الباطل أو سحبه- أساس ذلك: أن التصرف الإداري إن بَطُلَ أو أُلْغِيَ تترتب عليه من التفريعات والآثار ما قد يصعب حصره ومتابعته- مقتضى ذلك أن يقتصر إعمال أثر البطلان على التصرف المعيب- القضاء بإلغاء القرار الإداري لا يستتبع سوى إلغاء القرار المطعون فيه والأثر المترتب عليه, ولا يؤدي إلى زوال القرارات الإدارية التالية التي لا تُعد أثرًا مباشرًا للقرار الملغى([3]).
(و) قرار إداري- دعوى الإلغاء- الحكم في دعوى الإلغاء- الحجية المطلقة والأثر النسبي للأحكام- الإلغاء المجرد والإلغاء النسبي- مدى الإلغاء أمر يتحدد بطلبات الخصوم وما تنتهي إليه المحكمة فى قضائها- لئن كانت أحكام الإلغاء تتسم بالحجية المطلقة, صدورًا عن الطبيعة العينية لدعوى الإلغاء, إلا أنه ليس لهذا أن يهدم قاعدة أصلية أخرى، وهي قاعدة الأثر النسبي للأحكام, وامتناع انتفاع الغير كمبدأ عام بآثار هذه الأحكام- تقتصر الاستفادة من نتائج الإلغاء المباشرة على من أقام دعوى الإلغاء في الميعاد, دون مَن تقاعس عن إقامتها تهاونًا أو تهيبًا- تحديد ميعاد الطعن بالإلغاء وثيق الصلة بمبدأ استقرار المراكز القانونية- أثر ذلك: أنه يتعين عند تنفيذ حكم الإلغاء التقيد بالحدود التي يحقق فيها التنفيذ مصلحة المحكوم له وحده، دون ما يجاوز ذلك([4]).
(ز) أكاديمية الشرطة– قبول الطلبة بكلية الشرطة- شرط حسن السمعة والسيرة الحميدة- لم يحدِّد المشرِّعُ أسباب فقدان هذا الشرط على سبيل الحصر, وأطلق المجال في ذلك لجهة الإدارة تحت رقابة القضاء الإداري- مفهوم السيرة الحميدة والسمعة الحسنة: هي مجموعة من الصفات والخصال التي يتحلى بها الشخص, فتكسبه الثقة بين الناس وتجنبه قالة السوء وما يمس الخلق- تُلتَمس هذه الصفات في أخلاق الشخص نفسه, إذ هي لصيقة بشخصه ومتعلقة بسيرته وسلوكه ومن مكونات شخصيته, فلا يؤاخذ على صلته بذويه إلا فيما ينعكس منها على سلوكه- من الإنصاف الاكتفاء في مجال التحري عن الأقارب ببوتقة الأسرة الصغيرة فقط, الممثَّلة في المرشح وإخوته ووالديه, دون أن تشمل الأسرة بمعناها الأكبر([5])– لا يكفي للقول بسوء سمعة الشخص سابقة الاتهام في أحد القضايا, ما لم يثبت من الأوراق صدور حكم قطعي بالإدانة, فالأصل في الإنسان البراءة, ومن ثم يتعين طرح هذا الاتهام جملة وتفصيلا, وعدم التعويل عليه أو ترتيب أي آثار عليه من شأنها النيل من سمعة الشخص([6]).
– المادة (10) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة, المعدَّل بموجب القوانين أرقام 30 لسنة 1994, و153 لسنة 2002, و155 لسنة 2004.
في يوم الخميس الموافق 10/10/2013 أودع الأستاذ/… المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن بصفته، قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل, طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة) بجلسة 15/9/2013, في الشق العاجل من الدعوى رقم 9254 لسنة 67 القضائية المشار إليه, القاضي بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي مصروفاته, وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعن بصفته -في ختام تقرير الطعن, ولِما ورد به من أسباب- تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا, لتأمر وبصفة عاجلة بقبول الطعن شكلا, وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه, مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن, ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وإلزام جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها, حيث قدم الحاضر عن نائب الدولة مذكرة دفاع, طلب فيها الحكم برفض الطعن، وتأييد الحكم المطعون فيه, وإلزام الطاعن المصروفات، ثم قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا, التى نظرته بجلسات المرافعة أمامها, على النحو الثابت بمحاضر جلساتها, حيث قررت المحكمة بجلسة 24/12/2014 إصدار الحكم بجلسة اليوم, مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع، وانقضى الأجل المضروب دون تقديم شيء، وقد قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم؛ لاستكمال المداولة، وبهذه الجلسة صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطاعن يهدف إلى الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب عن درجتي التقاضي.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية, فمن ثم يكون مقبولا قانونًا.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 24/11/2012 أقام المدعي بصفته (الطاعن بصفته) الدعوى رقم 9254 لسنة 67 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة)، طلب في عريضتها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير الداخلية باعتماد نتيجة قبول الطلبة الجدد بكلية الشرطة للعام 2012/2013 فيما تضمنه من عدم قبول نجله ضمن الطلبة المقبولين، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعي بصفته شرحًا لدعواه إن نجله تقدم للالتحاق بكلية الشرطة في العام 2012/ 2013, حيث حصل على الثانوية العامة بنسبة 74%, واجتاز جميع الاختبارات المقررة, إلا أنه فوجئ بصدور قرار وزير الداخلية بإعلان نتيجة القبول بكلية الشرطة, دون أن يتضمن هذا القرار اسم نجله, بحجة أنه حصل على مجموع أقل من 207%, وهو الحد الأدنى الذي حصل عليه أقل طالب تم قبوله بالكلية هذا العام، فتظلم من القرار المطعون فيه، ولكن دون جدوى، ونعى على هذا القرار المطعون فيه مخالفته القانون, وخلص لطلباته المبينة سالفًا.
………………………………………………….
وبجلسة 15/9/2013 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة) حكمها المطعون فيه, والذي قضت فيه: بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي مصروفاته, وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وشيَّدت المحكمة قضاءها بعد استعراض أحكام المواد (10) و(11) و(12) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، مُعدَّلا بالقانونين رقمي 53 لسنة 1978 و30 لسنة 1994، والمادتين (1) و(2) من قرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 بشأن اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة، مُعدَّلة بالقرارات الوزارية أرقام 453 لسنة 1992 و3856 لسنة 1992 و2695 لسنة 2012، على أن البادي من ظاهر الأوراق, أن نجل المدعي بصفته (الطاعن بصفته) حصل على شهادة الثانوية العامة في العام الدراسي 2011/2012، بمجموع (74,10%), وتقدم بطلب للالتحاق بكلية الشرطة في هذا العام, واجتاز جميع الاختبارات المقررة, وجاء المجموع الاعتباري له بنسبة مئوية قدرها (184,35%), وهي تمثل نسبة درجاته في امتحان شهادة الثانوية العامة, ونسبة درجاته في السمات واللياقة البدنية، إلا أنه تم استبعاده من المقبولين بكلية الشرطة عن هذا العام؛ لعدم حصوله على الحد الأدنى للنسبة التى تقرَّر قبولها, وهي (207%), وإذ لم يقدم المدعي ما يفيد أن استبعاد نجله قد جاء على خلاف الواقع والقانون، وأن اللجنة المذكورة قد تغيت ما يخالفُ المصلحة العامة, أو أساءت استعمال سلطتها التي خولها إياها القانون، وقد خلت أوراق الدعوى من أي دليل على تنكب الجهة الإدارية المصلحة العامة, أو أنها انحرفت في استعمال سلطتها, أو أساءت استعمالها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر متفقًا وصحيح حكم القانون, مبرأ من عيوب عدم المشروعية, غير مرجح الإلغاء، وعليه يكون القرار المطعون فيه الصادر بإعلان نتيجة القبول بكلية الشرطة للعام 2012/2013، فيما تضمنه من عدم إدراج اسم نجل المدعي ضمن المقبولين بالكلية لهذا العام، قد قام على سببه الصحيح الذي يبرره قانونًا، مما ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، ويغدو طلبه غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون، وعليه قضت المحكمة برفضه دون حاجة إلى استظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه، دون أن ينال من ذلك الدفع بعدم جواز تطبيق اللائحة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 2695 لسنة 2012 لصدورها في 18/11/2012, بعد انتهاء امتحانات واختبارات الطلبة، وقبل إعلان النتيجة في 20/11/2012, بحسبان أن البندين (5) و(7) من المادة العاشرة من قانون أكاديمية الشرطة -المشار إليه وتعديلاته- قد تضمنا النص على اختصاص المجلس الأعلى لأكاديمية الشرطة بوضع الشروط الخاصة باللياقة الصحية والبدنية والسن، ومعايير المفاضلة بالنسبة للطلبة المرشحين للقبول بكلية الشرطة، وترتيبًا عليه فقد صدر قرار مجلس الأكاديمية بجلسته رقم 262 في 14/8/2012، الذي اعتُمد من وزير الداخلية في 22/8/2012 بهذه التعديلات ومعايير المفاضلة، كما عرضت على المجلس الأعلى لهيئة الشرطة في 19/9/2012، والمعتمَدة في 20/9/2012، وتم وضع جميع هذه التعديلات في دليل الطالبِ المسَلَّمِ لكل من تقدم للالتحاق بكلية الشرطة لعام 2012/2013، ووقع كل طالب وولي أمره بعلمهما بهذه الشروط, واطلاعهم على كراسة القبول والاختبارات، ودليل إجراءات الالتحاق بكلية الشرطة، وهو ما يتعين معه الاعتداد بما ورد بهذه القرارات, باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من التعديلات على اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة, واجبة التطبيق على النزاع الماثل, كما لا يغير من هذا النظر نشر هذه التعديلات بالوقائع المصرية في 18/11/2012، إذ استوفت تلك التعديلات إجراءاتها القانونية بصدورها عن مجلس الأكاديمية في 14/8/2012، واعتمادها من وزير الداخلية في 22/8/2012، والعرض على المجلس الأعلى لهيئة الشرطة في 19/9/2012, والمعتمدة في 20/9/2012, باعتبار أن مجلس الأكاديمية هو الجهة المختصة قانونًا بإجراء هذه التعديلات, فضلاَ عن أنه -كما سلف- قد تحقق علم الطالب وولي أمره بها, بالتوقيع على العلم بها، وتسلم دليل الطالب متضمنًا لها, قبل التقدم بطلب الالتحاق بالكلية.
كما لا ينال منه أيضًا اختلاف النسبة المئوية الحاصل عليها الطالب، والتي لا تتناسب والدرجة التى حققها بالمقارنة بزميل آخر حقق درجة أقل، ونسبة مئوية أعلى، ذلك أن المستفاد من المذكرة المقدمة من اللجنة التابعة لوزارة الدفاع (إدارة الشئون المعنوية- مركز الشئون النفسية), والتي تتولى أعمال هذا التقييم (السمات) من بدايته إلى نهايته, أن اللجنة قامت بوضع بطاقة تحتوي على مجموعة من الاختبارات التى تمت صياغتها في صورة أسئلة؛ لتحديد مدى التوافق المستقبلي للطالب مع مهام ضباط الشرطة، وترصد له درجاته آليا, دون تدخل العنصر البشري, طبقا للبرنامج العلمي (h.r.s) -منظومة الموارد البشرية- المعد لهذا الغرض، والمطبق منذ عام 1994 بمركز الشئون النفسية للقوات المسلحة, بما يتناسب مع طبيعة الشخصية المصرية، والذي يشرف على تنفيذه اللجنة العلمية المشار إليها, ويتم إجراء هذه الاختبارات على الحاسب الآلي, من خلال برنامج معد لهذا الغرض, حيث يقوم الطالب قبل أداء الاختبار بوضع بياناته, ثم الإجابة على الأسئلة المعدة للنموذج المعروض عليه بالحاسب الآلي، ويتم تلقائيًّا عقب الانتهاء من الإجابة تصحيحها آليا, دون تدخل العنصر البشري, وتظهر نتيجة اختبارات السمات في صورة بروفايل خاص بكل طالب, ويستند حساب نسبة النجاح في اختبار السمات إلى أن كل مجموعة من الطلبة المتقدمين للامتحان لها نظام, حيث يتم الأخذ بالسقف الأعلى لكل مجموعة على حدة, حسب أعلى درجة حصل عليها أعلى طالب من المجموعة ذاتها -تحقيقًا لمبدأ العدالة، والمساواة بين الطلبة-، وتعد هذه الدرجة هي السقف الأعلى الذي تحسب عليه النسبة المئوية، وترتيبًا عليه فإن مبرر الاختلاف بين النسبة المئوية, والدرجة الحاصل عليها كل طالب, في كل مجموعة على حدة, يستندُ إلى قواعد موضوعية عامة مجردة, دون تدخل أي عنصر بشري, وهو ما تطمئنُ إليه المحكمةُ، وتأخذُ به طبقًا للنتيجة الثابتة بملف الطالب. وخلصت المحكمة إلى حكمها المبين سالفًا.
………………………………………………….
ونظرًا لأن هذا القضاء لم يلقَ قبولا لدى الطاعن بصفته, فقد طعن عليه بالطعن الماثل, ناعيًا عليه مخالفته القانون, والخطأ في تطبيقه، والفساد في الاستدلال؛ لأسبابٍ حاصلها أن الجهة الإدارية لم تضع معيارًا حقيقيًّا يوضح كيفية حساب الدرجات الاعتبارية التي تمنح للمتقدم, بل تم وضع درجات مرتفعة للاختبارات الرياضية والسمات لطلبة مستواهم أقل من نجله, وذلك يرفع مجموع درجاتهم الاعتبارية, بما يُظْهِرُ على خلاف الحقيقة أنهم أحق بالقبول, وعلى الصعيد الآخر تم رصد أقل الدرجات لنجله حتى تتمكن وزارة الداخلية من استبعاده, وذلك بالمخالفة للمعيار الموضوعي وقواعد القبول, والمحكمة جاءت بأسباب متناقضة, ولا تستند للواقع في حكمها الطعين، كما أن هذا الحكم أغفل في أسبابه الرد على دفاعه بأن هناك عددًا من الطلبة المتقدمين تم قبولهم بكلية الشرطة, وهم على سبيل المثال طالب غير لائق طبيًّا, ورغم ذلك لم تبين الإدارة أسباب قبوله, واكتفت بأن اللجنة العليا لا يجوز الطعن على قراراتها، وأَرْدَفَ الطاعنُ أنَّ اللجنةَ المشكَّلة طبقًا للمادة (11) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة قد أساءت استعمالَ سلطتها المقرَّرة لها قانونًا، فضلا عن أنه نعى على الحكم المطعون فيه دفاعه عن الجهة الإدارية المطعون ضدها, فيما قامت به من الاعتداد بتعديل لائحة القبول بكلية الشرطة, رغم أن الطلبة كانوا قد اجتازوا جميع الاختبارات المقررة، ولم ينشر قرار تعديلها إلا في 18/11/2012, وطُبِّقَ عليهم رغم ذلك.
………………………………………………….
وحيث إن مناط الطعن الماثل وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من استبعاد نجل الطاعن من القبول بكلية الشرطة في العام الدراسي 2012/2013، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إنه من المقرر أنه يلزم للقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على وفق حكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة، توفر ركني الجدية والاستعجال, بأن يكون هذا القرار بحسب الظاهر من الأوراق مرجح الإلغاء، وأن يكون من شأن تنفيذه تحقق نتائج يتعذر تداركها.
وحيث إنه عن ركن الجدية فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه من المقرر أنه عند بحث مشروعية القرار الإداري، فإن دور القضاء يقتصر على بحث مصداقية السبب الذي أفصحت عنه جهة الإدارة للقرار، ولا يسوغ له أن يتعداه إلى ما وراء ذلك, بافتراض أسبابٍ أخرى يُحمَلُ عليها القرار، بحسبان أن صحة القرار الإداري تتحدد بالأسباب التى قام عليها, ومدى سلامتها على أساس الأصول الثابتة في الأوراق وقت صدور القرار، ومدى مطابقتها للنتيجة التي انتهى إليها. (في هذا المعني: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 22916 لسنة 52ق. عليا بجلسة 26/6/2013).
وحيث إن البادي من ظاهر الأوراق -بما يكفي للفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه, ودون مساس بطلب الإلغاء- أن جهة الإدارة -على نحو ما تضمنته مذكرة دفاع كلية الشرطة, ردًّا على الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري- قد أبدت لاستبعاد نجل الطاعن من قائمة الطلبة المقبولين بكلية الشرطة في العام الدراسي 2012/2013 سببين: (الأول) تدني مجموع النسبة لعناصر المفاضلة الحاصل عليها الطالب بحصوله على مجموع (181,35%), على وفق أحكام اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة وتعديلاتها, و(السبب الثاني) عدم توفر شرط حسن السمعة، والسيرة المحمودة لبعض أقاربه.
– وحيث إنه عن السبب الأول: فإنه يبين من الاطلاع على اللائحة الجديدة المشار إليها, أنها قد تضمنت إجراءات وقواعد وسبل تقييم المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة, تتباين وتلك التى انتظمتها اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 وتعديلاته, ومن ذلك ما تضمنته اللائحة الأخيرة (القديمة) في البند الخامس من مادتها الأولى -مُعدَّلة بالقرار رقم 15821 لسنة 2002- من أن تكون المفاضلة بين الطلبة راغبي الالتحاق بالكلية الذين تتوفر فيهم الشروط المقررة على أساس مجموع الدرجات الاعتبارية التى يحصل عليها الطالب في جميع العناصر الأساسية للمفاضلة بين الطلبة, والتي تشمل النسبة المئوية الحاصل عليها في شهادة إتمام الدراسة الثانوية, وسن الطالب, واختبارات اللياقة البدنية, وتقدير لجنة الاختيار, وذلك حال أن اللائحة الجديدة لم تخوِّل لجنةَ الاختيار أيَّ تقدير، ومن ناحية ثانية: فقد بان جليا اختلاف الدرجات الاعتبارية لطائفة من الاختبارات بين اللائحتين, (اللياقة البدنية- السمات), إذ لم ترصد اللائحة الجديدة أي درجات لقفزة الثقة, مكتفية بكون من أداها (لائق) أو (غير لائق), حال أن اللائحة السابقة عليها أفردت لذلك درجات تتباين ومدى أدائها.
وحيث إنه من المستقر عليه فقهًا وقضاءً أنه ما لم يكن القرار الإداري تنظيميًّا كان أم فرديًّا قد صدر تنفيذًا لقانون ذي أثر رجعي, أو تنفيذًا لأحكام صادرة بإلغاء قرار إداري، فإن نفاذه يضحى محكومًا بالأصل المقرر في نفاذ القرارات الإدارية، وحاصله أن يقترن نفاذها بتاريخ صدورها, بحيث تَنفذ بالنسبة للمستقبل, ولا تَنفذ بأثر رجعي، وذلك احترامًا للحقوق المكتسبة, واستقرارًا للأوضاع والمراكز القانونية، إذ القاعدة القانونية بحسبانها تنطوي على تكليف بأمر أو بسلوك معين، فمن المنطقي أن يكون هناك تحديد واضح للعمل بها, بحيث يكون الأفرادُ المخاطبون بأحكام هذه القواعد على بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِمْ, من احترام ما أتت به القاعدة القانونية من أمرٍ أو نهيٍ، باعتبار أنها تحكم الوقائع والمراكز القانونية التى تتم تحت سلطانها (أي في الفترة ما بين العمل بها وإلغائها)، أي إبان المجال الزمني لتطبيقها، بما يستلزم بداهة الإعلام بها قبل فرضها، إذ إن إخطار المخاطبين بها يعد شرطًا لإنبائهم بمحتواها, ونفاذها في حقهم، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال نشرها -لائحةً كانت أم قانونًا- وحلول الميعادِ المحدَّدِ لبدء نفاذها، فالنشر حَمل القاعدة إلى علم المخاطبين بها، ليُحدِّدوا مسلكَهم على ضوئها، أو يتحملوا عاقبةَ تنصلِهم من طاعتها والتزام حدودها، إذ المفاجأة بوجود قاعدة -لائحية أو قانونية- لا يكون من ورائها إلا ضياعُ حقٍّ، أو إلحاقُ ضررٍ ما، كان لذوي الشأن تفاديه -في ظل غياب الإعلان عن القاعدة- قبل نشأة أو تمام تَكَوُّنِ مركزهم القانوني الذي تسيطر عليه تلك القاعدة القانونية، فتطبيق لائحة قبل صدورها, بل قبل نفاذها بنشرها وبدء نفاذها, يحمل قدرًا من الجرأة على الشرعية، والاستهانة بالنظام القانوني برمته، إذ تتصادم عندئذ مثل هذه القاعدة اللائحية المفتقرة لأوضاعها الشكلية ومفهوم الدولة القانونية, التى لا يتصور وجودها, ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها, إلا بخضوعها للقانون, وسموه عليها, باعتباره قيدًا على كل تصرفاتها وأعمالها، لذا جاءت الأصول الدستورية مؤكدة ذلك الأصل الطبيعي, من حيث عدم انعطاف أثر القاعدة القانونية على الماضي, إلا استثناء وعلى وفق ضوابط وشروط محددة.
وحيث إنه وهديًا بما تقدم، وكان البين من رد جهة الإدارة أنها اتخذت من الإجراءات والضوابط التى تضمنتها اللائحة المتعلقة بقواعد وإجراءات القبول بأكاديمية الشرطة, والتي بدأ العمل بها بتاريخ 19/11/2012, سندًا لقرارها الطعين, (حيث نشرت هذه القواعد بعدد الوقائع المصرية رقم 260 تابع أ في 18 نوفمبر سنة 2012، وأن العمل بها قد تم في اليوم التالي لتاريخ نشرها), حال أن البين -من ظاهر الأوراق- صدور القرار المطعون عليه بتاريخ 20/11/2012 -وبعد بدء وتمام جميع الإجراءات والاختبارات المتصلة بالقبول بالأكاديمية- قبل بدء نفاذ اللائحة المشار إليها، وهو ما يوقع القرار المطعون عليه في حومة مخالفة القانون.
وحيث إن المحكمة وهي تقضي بالقضاء المتقدم -وعلى ما سيرد بمنطوق حكمها- لتنوه أنها تدرك الصعوبات التى تواجه الإدارة حال تنفيذ حكمها، إلا أنها تؤكد أنه لا مناص لجهة الإدارة بعد أن تكشف لها الحق أن ترجع إليه، فإن الحق قديم لا يبطله شيء, والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، ذلك أن القرار الإداري متى استجمع جميع مقوماته وسماته يعد نافذًا من تاريخ صدوره, ولا يجوز سحبه إلا خلال المواعيد المقررة للطعن القضائي، ومن ثم يتحصن بفوات تلك المواعيد, مهما كان وجه الخطأ, أو مخالفة القانون في شأنه, مادام لم تنحدر المخالفة به إلى درك الانعدام، وذلك كله استجابة لدواعي المصلحة العامة, التى لا تستقيم موجباتها إلا باستقرار الأوضاع القانونية المترتبة على القرارات الإدارية المعيبة، وهو الأمر الذي عمد بسببه التشريع والقضاء -وفي مجال التفرقة بين القرار الباطل والقرار المنعدم- إلى تغليب عنصر الاستقرار, حال فوات ميعاد الطعن بإلغاء القرار الباطل أو سحبه، ذلك أن التصرف المعيب في مجال الولايات العامة لا يتعلق أثره بوضع فردي, يسهل رده إلى ما كان عليه, ويتيسر حصر آثاره المتعاقبة (كبيعٍ أو إجارةٍ أو نحوه), بل يتعلق هذا التصرف المعيب في مجال الولايات العامة دائمًا بأعمال متتابعة, وآثار متعاقبة, ويتداخل بعضها في بعض, بموجب النظامِ المؤسَّسِي الذي تقوم عليه الأجهزة التى تمارس تلك الولايات العامة, وما يتفرع إليه من تفريعات بعضها يترتب على بعض, بأصول متداخلة، وبفروع متشابكة، والتصرف الإداري إن بطل أو أُلغيَ تترتب عليه من التفريعات والآثار ما قد يصعب حصره ومتابعته، ومن ثم رجَّح المشرع عنصر الاستقرار بتحديد الأجل الذي يمكن فيه الطعن على القرار من ذي مصلحة, وجعل السحب فرعًا من الطعن ميعادًا وأسبابًا، بما مقتضاه أن يقتصر إعمال أثر البطلان على التصرف المعيب.
ومن ناحية أخرى، فإنه ولئن كانت أحكام الإلغاء -صدورًا عن الطبيعة العينية لدعوى الإلغاء- تتسم بالحجية المطلقة, إلا أنه ليس من مقتضيات هذه الحجية أن تهدم قاعدة أخرى أصيلة, وهي قاعدة الأثر النسبي للأحكام عامة, وامتناع انتفاع الغير كمبدأ عام بآثار هذه الأحكام، إذ تقتصر الاستفادة من نتائج الإلغاء المباشرة على من أقام دعوى الإلغاء في الميعاد, دون مَنْ تقاعسَ عن إقامتها تهاونًا أو تهيبًا، ذلك أن تحديد ميعاد الطعن بالإلغاء وثيق الصلة بمبدأ استقرار المراكز القانونية، ولقد حرص القضاء الإداري على التوفيق والملاءَمة بين التزام هذه النسبية بقصر آثار الحكم على طرفي الخصومة, والحرص على احترام تلك الحجية المطلقة, بإعطاء تلك الحجية بالنسبة للآثار القانونية المترتبة على الإلغاء لزامًا, وفي الأوضاع التى لها ارتباط وثيق وصلة أكيدة بالمراكز الملغاة، ومن ثم يتعين عند تنفيذ حكم الإلغاء التقيد بالحدود التى يحقق فيها التنفيذ مصلحة المحكوم له وحده دون ما يجاوز ذلك. (في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 684لسنة 24ق.ع بجلسة 16/6/1984، وبهذا أفتت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بفتواها الصادرة بجلسة 18/4/2012- ملف رقم 58/1/243).
ومن ناحية أخرى، فإن إلغاء القرار الإداري ووقف تنفيذ شق منه لا يستتبع سوى إلغاء القرار المطعون فيه، والأثر المترتب عليه، ولا يمتد إلى قرارات أخرى، فصدور حكم الإلغاء لا يؤدي إلى زوال القرارات الإدارية التالية, التي لا تعد أثرا مباشرًا للقرار الملغى، وذلك نزولا على مقتضيات المزاوجة بين الشرعية والاستقرار، وهو ما مؤداه أن تنفيذ ما تقضي به المحكمة في هذا الشأن لا ينبغي أن يؤثر في مراكز قانونية استقرت لطلبة التحقوا بكلية الشرطة, وتقرر انتقالهم إلى الصف الثاني وما يتلوه, بحسبان انتقالهم إعلان وكشف عن قرار صادر بذلك, لا يعد أثرا مباشرًا للقرار المطعون عليه، كما لا يمتد هذا القضاء إلى من تقاعس عن إقامة دعوى الإلغاء في مواعيدها المقررة قانونًا، تهاونًا أو تهيبًا.
ولا ينال مما تقدم ما أشار إليه الحكم المطعون فيه من أن التعديلات التى صدر بها القرار رقم 2695 لسنة 2012 -المشار إليه- قد صدر بها قرار عن مجلس إدارة أكاديمية الشرطة بجلسته رقم 262 في 14/8/2012, والذي اعتمد من وزير الداخلية في 22/8/2012، وأن مجلس إدارة الأكاديمية هو المختص بذلك طبقًا لنص المادة (10/5) من القانون رقم 91 لسنة 1975 المشار إليه، وأن هذه التعديلات عُرضت أيضًا على المجلس الأعلى لهيئة الشرطة في 19/9/2012, واعتمدت منه في 20/9/2012، وأنه تم وضع جميع هذه التعديلات في دليل الطالبِ المسلَّمِ لكلِّ مَنْ تقدم للالتحاق بكلية الشرطة عام 2012/2013, ووقع كل من الطالب وولي أمره بعلمهما بهذه الشروط, واطلاعهم على كراسة القبول والاختبارات المقررة, ودليل إجراءات الالتحاق بكلية الشرطة، إذ لا عبرة بعلم الطاعن ونجله وجميع الطلاب بهذه التعديلات منذ تسلم كل منهم دليل الطالب وكراسة القبول؛ لأنه في ذلك الوقت لم يكن هناك قرار لائحي قد صدر بهذه التعديلات, على وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة (34) من القانون رقم 91 لسنة 1975 -المشار إليه، أي لم يكن القرار قد ولد بعد, ولم تلحقه أية قوة تنفيذية، فضلا عن أن هذا العلم ليس من شأنه إلغاء أحكام اللائحة الداخلية التى كانت نافذة وقتذاك, ولم يصدر أي قرار بشأنها في حينهِ، ومن ثم لا يكون فيما أثارته الجهة الإدارية لحمل السبب الذي ادعته ما يُبرِّرُ قرارَهَا المطعون فيه.
– وحيث إنه عن السبب الثاني لاستبعاد نجل الطاعن على نحو ما تذرعت به الجهة الإدارية من ورود معلومات جنائية مسجلة من إدارة البحث الجنائي ومصلحة الأمن العام تفيد سابقة اتهام بعض أقارب الطالب في قضايا جنائية تفقده حسن السمعة, وهما: 1- عمته/… (قضية واحدة نشل), 2- جد الطالب لوالده/… (قضيتان جرائم أخرى), فإن المادة العاشرة من القانون رقم 91 لسنة 1971 بشأن إنشاء أكاديمية الشرطة -والمعدَّلة بالقانون رقم 155 لسنة 2004- تنص على أنه: “يُشترَطُ فيمن يُقبَلُ بكلية الشرطة، وقسم الضباط المتخصصين:
(1) أن يكون مصري الجنسية,…
(2) أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
(3) ألا يكون قد سبق عليه الحكم بعقوبة جناية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات, أو ما يماثلها في القوانين الخاصة, أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة.
(4) ألا يكون قد سبق فصله من خدمة الحكومة بحكم أو بقرار تأديبي نهائي…”.
وحيث إن المشرِّع لم يحدد أسباب فقدان حسن السمعة والسيرة الحميدة على سبيل الحصر, وأطلق المجال في ذلك لجهة الإدارة تحت رقابة القضاء الإداري، والذي استقرت أحكامه على أن السيرة الحميدة والسمعة الحسنة هي مجموعة من الصفات والخصال التى يتحلى بها الشخص, فتكسبه الثقة بين الناس, وتجنبه قالة السوء وما يمس الخلق، ومن ثم فهي تلتمس في أخلاق الشخص نفسه, إذ هي لصيقة بشخصه, ومتعلقة بسيرته وسلوكه, ومن مكونات شخصيته, ولا يؤاخذ على صلته بذويه, إلا فيما ينعكس منها على سلوكه، ومن ثم يكون من الإنصاف الاكتفاء في مجال التحري عن الأقارب ببوتقة الأسرة الصغيرة فقط, ممثلة في المرشح وإخوته ووالديه, دون أن تشمل الأسرة بمعناها الأكبر, خاصة إذا لم يكن أحدهم (أي من الأسرة بمعناها الأكبر أو بعضهم) ممن يخالطه أو يساكنه, بما ينعكس على سلوكه سلبًا أو إيجابًا, حيث لا يخلو أحد من أفراد الأسرة من مشكلة أو نائبة لأيِّ سببٍ كان. (يراجع في هذا المعنى: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 31160 لسنة 53ق. عليا بجلسة 22/6/2008، وحكمها في الطعن رقم 1532 لسنة 53 ق.عليا بجلسة 23/1/2010).
وترتيبًا عليه، ولئن كانت تحريات جهة الإدارة بشأن فحص أوراق نجل الطاعن التي تقدم بها للالتحاق بكلية الشرطة في العام 2012/2013 قد انتهت إلى أن السبب في النعي على نجل الطاعن بفقد شرط حسن السمعة, سابقة اتهام عمته/… في قضية نشل, وجد الطالب لوالده/… في قضيتين بمسمى (جرائم أخرى), فإنه لما كان المذكوران من غير مفهوم الأسرة بالمعنى الضيق حتى الأقارب من الدرجة الثانية, ممثلة في الطالب (نجل الطاعن نفسه) ووالديه والإخوة والأخوات, ومن ثم فإنه من غير الإنصاف أن يُؤاخذ -ابتداءً- بجريرتهم, لاسيما أن الأوراق قد خلت من أي دليل على أن مسلكهم -بفرض صحة ما نسب إليهم- مما ينعكسُ على سلوكه سلبًا أو إيجابًا, الأمر الذي تطرحه المحكمة جانبًا, ولا تقيم له وزنًا، هذا فضلا عن أن تقرير وحدة المباحث الجنائية بقسم شرطة الوراق المودع الأوراق والذي استندت إليه جهة الإدارة في فقد نجل الطاعن شرط حسن السمعة والسلوك- أثبت في متنه أن المذكور حسن السير والسلوك, ويتمتع بسمعة طيبة في محيط سكنه، بل وأثبت في الرأي النهائي أنه لا مانع من التحاق المذكور من الناحية الجنائية, ما لم تعوقه اتهامات أهله المذكورة سالفًا، ويُضافُ إلى ذلك أن القضية رقم 5795 جنح غرب بورسعيد لسنة 1981, والمنسوبة لعمة نجل الطاعن قد انقضت بمضي المدة؛ طبقًا لما أفادت به النيابة العامة ردًّا على مخاطبة وحدة المباحث, على النحو الثابت بتقرير المباحث المذكور سالفًا، وهو الحال نفسه بالنسبة للقضيتين رقمي 3861 جنح الدقي لسنة 1964 (والمسماة جرائم أخرى), و3161 جنح بولاق القاهرة لسنة 1962 (جرائم أخرى كذلك), المنسوبتين لجد المذكور لوالده, فقد تم دشتهما على وفق إفادة النيابة العامة بناءً على مخاطبة وحدة المباحث في هذا الشأن, على النحو الثابت بالتقرير المذكور سالفًا, وأخيرًا فإن جميع هذه القضايا لا تعدو عن كونها مجرد اتهامات, لم يثبت من الأوراق إدانة المذكورين بأحكام قطعية بناءً عليها، وأنه لما كان الأصل في الإنسان البراءة، فيتعين طرح هذه الاتهامات جملة وتفصيلا, وعدم التعويل عليها, أو ترتيب أي آثار عليها من شأنها النيل من سمعة نجل الطاعن، ومن ثم لا يكون فيما أثارته الجهة الإدارية ما يصلح لحمل السبب الذي ادعته بشأن حسن سمعة نجل الطاعن, ولا يبرر قرارها المطعون فيه، وهو ما يجعل القرار المطعون فيه مرجح الإلغاء؛ لتوفر ركن الجدية، فضلاَ عن توفر ركن الاستعجال الذي يتمثل في حرمان نجل الطاعن من الالتحاق بكلية الشرطة, وتحقيق آماله, والتأثير في مستقبله العلمي، ومن ثم فقد استقام طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على ركني الجدية والاستعجال, ويتعين القضاء بوقف تنفيذ ذلك القرار فيما تضمنه من عدم قبول نجل الطاعن ضمن الطلبة المستجدين بكلية الشرطة في العام الدراسي 2012/2013, مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع تنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان طبقًا للمادة (286) من قانون المرافعات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بخلاف ذلك، فإنه يكون قد صدر مخالفًا لصحيح حكم القانون حقيقًا بالإلغاء.
وحيث إن من أصابه الخسران في الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول نجل الطاعن ضمن الطلبة المستجدين بكلية الشرطة في العام الدراسي 2012/2013، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
([1]) يراجع في المبدأ نفسه: المبدآن رقما (47) و(92) في هذه المجموعة.
وراجع وقارن بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 1295 لسنة 38 القضائية عليا بجلسة 4/7/1998 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 43 مكتب فني، الجزء الأول، ص 1433)، حيث تخلص الواقعة في أن مجلس إحدى الجامعات قد أصدر قرارا بسحب قرار تعيين أحد معاوني أعضاء هيئة التدريس الشاغل لوظيفة (مدرس مساعد) في وظيفة (مدرس) تأسيسا على أنه كان محالا إلى المحاكمة التأديبية وقت تعيينه فيها، وقد قرر مجلس التأديب مجازاته بتأجيل ترقيته لمدة سنة عند استحقاقها، ومن ثم لم يكن جائزا ترقيته إلى وظيفة (مدرس) طبقا لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الذي يطبق على معاوني أعضاء هيئة التدريس، والذي حظر ترقية المحال إلى المحاكمة التأديبية، وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا في حكمها أن التعيين في وظيفة (مدرس) تعيين مبتدأ وليس تعيينا متضمنا ترقية لمن يشغل وظيفة (مدرس مساعد)، وأن هذا التعيين يُتقيد فيه بما ورد بقانون تنظيم الجامعات في شأن تعيين أعضاء هيئة التدريس، لا بما ورد بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وأن الامتناع عن تعيين المدرس المساعد في وظيفة (مدرس) لكونه محالا إلى المحاكمة التأديبية غير مشروع، ومع هذا فإنه لما كان قانون تنظيم الجامعات قد اشترط أن يكون المدرس المساعد المرشح للتعيين في وظيفة (مدرس) ملتزما في عمله ومسلكه منذ تعيينه بواجباته ومحسنا أداءها، وهو شرط لازم توفره للتثبت من مدى صلاحيته لشغل وظيفة (مدرس)؛ لذا وإذ ثبت بموجب قرار مجلس التأديب أن الطاعن قد أهمل إهمالا جسيما بتركه (فوطة) ببطن إحدى المريضات أثناء إجراء عملية جراحية لها، لذا فإن القرار الصادر بتعيينه في وظيفة (مدرس) يكون قد خالف أحد الشروط المتعلقة بالكفاية اللازمة لشغل الوظيفة، مما يجعله مشوبا بعيب جسيم فلا تلحقه حصانة، ومن ثم فإن قرار سحب قرار تعيينه في وظيفة (مدرس) يكون متفقا والقانون.
وراجع في هذا الاتجاه أيضا حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1723 لسنة 2ق بجلسة 25/1/1958 (منشور بمجموعة السنة الثالثة، مكتب فني، الجزء الأول، رقم 72 ص 649)، حيث ذكرت المحكمة أنه لئن كان ما أسندته الإدارة إلى الموظف من خطأ منتفيا، إلا أن ما هو قائم في حقه من تهاون يكفي لحمل القرار على سببه الصحيح، بقطع النظر عن الوصف القانوني الذي أورده القرار للواقعة التي استند إليها.
وراجع كذلك حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1023 لسنة 5ق بجلسة 26/3/1953 (س 7/2، رقم 447 ص766) حيث ذكرت المحكمة أن القاعدة أنه إذا أمكن حمل القرار الإداري على وقائع كشفت عنها أوراق الدعوى غير تلك التي على أساسها صدر، كفى ذلك لصحته.
[2])) تنص المادة (10/5) على أن: “يُشترَطُ فيمن يُقبَلُ بكلية الشرطة، وقسم الضباط المتخصصين:… (5) أن يكون مُستوفيًا شروط اللياقة الصحية والبدنية والسن التي يحدِّدها المجلسُ الأعلى للأكاديمية…”.
وتنص المادة (34) على أن: “يصدر وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجس الأعلى للشرطة ومجلس إدارة الأكاديمية اللائحة الداخلية للأكاديمية ولائحتها المالية والقرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون”.
([3]) يراجع في هذا ما قررته دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 5 من يونيه سنة 2010 في الطعن رقم 19041 لسنة 53 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة في ثلاثين عاما، مكتب فني، رقم 84)، من أن الحكم الصادر بإلغاء قرار التخطي في التعيين أو الترقية يقف الأثر المترتب عليه عند حد تنفيذ هذا الحكم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطعون عليه فقط، دون أن يمتد التنفيذ ليشمل تلقائيا القرارات اللاحقة عليه، وأنه بمقتضى ذلك الحكم ينفتح ميعاد الطعن على تلك القرارات من جديد بالإجراءات وفي المواعيد المحددة قانونا.
[4])) راجع كذلك المبدأ رقم (15/د) في هذه المجموعة، وكذا حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 684 لسنة 24ق.ع بجلسة 16/6/1984 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 29 مكتب فني، جـ2- المبدأ رقم200، ص1256) بشأن التفرقة بين الإلغاء الكامل والإلغاء الجزئي, وأثر ذلك الاختلاف, وكذلك: حكمها في الطعن رقم 2566 لسنة 34ق.ع بجلسة 23/12/1990 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 36 مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم42/ج، ص383) بشأن الإلغاء النسبي والإلغاء المجرد, وراجع أيضًا: فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع رقم 743 بجلسة 18/4/2012، ملف رقم 58/1/243 بتاريخ 27/9/2012, في شأن كيفية تنفيذ حكمين بإلغاء القرار الإداري نفسه، أحدهما بإلغائه إلغاء مجردًا والآخر بإلغائه نسبيًا (منشورة بمجموعة المبادئ التي قررتها الجمعية في السنة 66، مكتب فني، ص264).
[5])) قارن بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 272 لسنة 48ق.ع بجلسة 2/4/2008 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53 مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم 128، ص950), إذ لم تكتفِ المحكمةُ ببوتقة الأسرة الصغيرة, واعتدت بما شَان مسلكَ خال الطالب, ورأت تبعًا لذلك انتقاص شرط حسن السمعة في حقه.
ويراجع في المبدأ نفسه: حكم المحكمة في الطعن رقم 31160 لسنة 52ق.ع بجلسة 22/6/2008 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53 مكتب فني، جـ2، المبدأ رقم 187، ص1428), وأيضًا: حكمها في الطعن رقم 25908 لسنة 53ق.ع بجلسة 5/7/2009 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 54 مكتب فني، المبدأ رقم 86، ص695).
[6])) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8340 لسنة 48ق.ع بجلسة 10/5/2009 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 54 مكتب فني، المبدأ رقم62، ص492), حيث انتهت المحكمة إلى أنه لا تكفي أماراتُ الشكِّ وحدها للحكم على توفر شرط حسن السمعة من عدمه, وكذا: حكم المحكمة في الطعن رقم 14376 لسنة 52ق.ع بجلسة 24/5/2009 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 54 مكتب فني، المبدأ رقم71، ص568).
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |