برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل فهيم محمد عزب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد عبد الرحمن القفطي، وعبد الفتاح أمين عوض الله الجزار، وسمير يوسف الدسوقي البهي، وعاطف محمود أحمد خليل.
نواب رئيس مجلس الدولة
المبادئ المستخلصة:
الصفة في الدعوى- تعلقها بالنظام العام- يلزم لصحة الخصومة القضائية أن تكون مُوجَّهةً من صاحب الشأن نفسه، أو من صاحب الصفة في تمثيله والنيابة عنه قانونًا أو اتفاقًا- التحقق من صفة الخصوم أمرٌ جوهري يتصل بالنظام العام للتقاضي، وبصفةٍ خاصة بالنسبة للدعاوى الإدارية، وعلى المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها([1]).
عوارض سير الخصومة- انقطاع سير الدعوى- مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه بذاته انقطاع سير الخصومة- لا يحصل هذا الانقطاع بمجرد بلوغ القاصر سن الرشد, حيث يحصل الانقطاع حينئذٍ بسبب ما يترتب على البلوغ من زوالِ صفة مَنْ كان يباشر الخصومة عن القاصر، فإذا بلغ القاصر سن الرشد بعد رفع الدعوى, ولم تُنَبَّهْ المحكمةُ إلى هذا التغيير, وتُرِكَ مَنْ يباشر الخصومة عنه حتى تمَّ حجزها للحكم، وصدر الحكم فيها, فإن حضور الولي أو الوصي في هذه الحالة عنه يكون مُنتِجًا لآثاره؛ إذ لم تَزُلْ صفةُ النائبِ هنا في تمثيل الأصيل, بل تغيرت فقط إلى نيابة اتفاقية بعد أن كانت قانونية([2]).
– المادة (130) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، معدَّلا بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992.
عوارض سير الخصومة- الحكم بوقف الدعوى جزائيًّا- شروطه- يتعين على المحكمة قبل أن تكلِّف المدعي بتتبعِ سير دعواه وتنفيذِ ما تأمره به، أن تواجهه بهذا التكليف، ثم يَثْبُتُ تقاعسُه عن التنفيذ، أو تتيقن من إهماله في متابعته سير دعواه بعدم حضوره الجلسات المقررة لنظر الدعوى، مما يحول دون مواجهته بهذا التكليف- يجب على المحكمة أن تتثبت من إعلان المدعي بالجلسات المقررة لنظر دعواه، أو علمه بها، ثم يتقاعس عن الحضور لمتابعتها، فإذا أصدرت المحكمة حكمًا بالوقف الجزائي بدون ذلك، فإنها تكون قد أنزلت جزاءً على المدعي دون مقتضٍ- يجب أن يقوم حكمُ الوقف الجزائي على سنده الصحيح الذي يبرِّرُه.
– المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، والمعدَّل بموجب القانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999.
عوارض سير الخصومة- الحكم بوقف الدعوى جزائيًّا- تحديد موقف المدعي ومصلحته في الدعوى من المسائل الموضوعية التي تقدِّرُها المحكمة في ضوء المستندات والأوراق التي حواها ملفُّ الدعوى، ومن ثمَّ لا يجوز الحكمُ بوقف الدعوى جزائيًّا لعدم قيام المدعي بهذا التحديد.
عوارض سير الخصومة- اعتبار الدعوى كأن لم تكن- سلطة المحكمة في الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد وقفها جزائيًّا- على وفق حكم المادة (99) من قانون المرافعات بعد تعديلها بموجب القانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999 يجب الحكمُ باعتبار الدعوى كأن لم تكن، إذا سبق الحكمُ بوقفها، ولم يطلب المدعي السير فيها، أو لم ينفذ ما طلبته المحكمة- هذا الحكمُ يتعلق بالنظام العام([3]).
– المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، معدَّلا بموجب القانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999.
عوارض سير الخصومة- اعتبار الدعوى كأن لم تكن- الطعن في الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن- لا يجوز الطعنُ على الحكم الصادر بالوقف الجزائي بسبب تقاعس المدعي عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة([4])– يجب على محكمة الطعن وهي بصدد إعمال رقابتها على الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن، أن تُمَحِّصَ الحكمَ الصادر بالوقف الجزائي وأسبابه التي قام عليها؛ لكونه يُمَثِّلُ حجرَ الزاوية الذي بُني عليه هذا الحكمُ، فإذا لم تتوفر الأسباب والموجبات التي تبرِّرُ الوقفَ الجزائي، انهار تبعًا لذلك الأساسُ الذي قام عليه الحكمُ باعتبار الدعوى كأن لم تكن، مِمَّا يُوقِعُه في حومةِ مخالفة القانون.
– المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، معدَّلا بموجب القانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999.
أكاديمية الشرطة- طلاب كلية الشرطة- شروط قبولهم بها- مقومات الهيئة واتزان الشخصية- السلطة التقديرية للجنة القبول- حدودها- يتعين على لجنة قبول الطلاب حال استبعاد الطلبة الذين اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوفر فيهم مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية، أن يكون قرارها بالاستبعاد قائمًا على أسبابه المبررة، ومستخلصًا استخلاصًا سائغًا من أصول واقعية تبرِّرُه وتنتِجُه قانونًا- إذا كان تقدير اللجنة لمدى استيفاء الطالب لمقومات الهيئة واتزان الشخصية هو مما تترخص فيه بما لها من سلطة تقديرية، إلا أن قرارها في هذا الشأن يجب أن يكون قائمًا على أسباب تبرره صدقًا وحقًّا، وإلا كان مفتقرًا لسببه- لا يكفي في ذلك الاستناد إلى عباراتٍ عامة ومرسلة تكشف عن سلطة مطلقة عن أيِّ قيدٍ أو عاصم يحدُّها- عبء الإثبات في ذلك يقع على عاتق الجهة الإدارية، ولا يجوز في هذا المقام افتراض قيام القرار على سبب صحيح([5]).
– المواد (7) و(10) و(11) و(12) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة, معدَّلا بموجب القانونين رقمي 53 لسنة 1978 و30 لسنة 1994.
– المادتان (1) و(2) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة، الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976، معدَّلة بموجب القرارين رقمي 453 لسنة 1985 و3856 لسنة 1992، وقبل تعديلها بموجب القرار رقم 14162 لسنة 2001.
ركن السبب- إعفاء الإدارة من شرط تسبيب قرارها يتعلق بشكل القرار، ولا يَعْنِي إعفاءَها من أن يكون قرارها قائمًا على سببه؛ لأن ركن السبب هو أحد أركان القرار الإداري، ويمثل الحالة الواقعية أو القانونية التي استندت إليها الإدارة في إصدار القرار.
(ط) قرار إداري:
قرينة الصحة- إذا كان القانون قد فصَّل الشروط والضوابط والمعايير اللازمة لإصدار قرار إداري، فإن من شأن توفر هذه الشروط والمعايير في حق صاحب الشأن أن تتزحزح قرينة الصحة المفترضة في قيام قرار الإدارة على أسبابه، وأن ينتقل عبء الإثبات فيما قام عليه القرار من أسبابٍ جديدة ومغايرة ليقع على عاتق الإدارة.
قرينة النكول- مجال الأخذ بها- القاعدة العامة في الإثبات هي تحمل المدعي عبء إثبات ما يدعيه، وهذه القاعدة قوامُها التكافؤ والتوازن بين طرفي الخصومة- يختلف الأمرُ في القضاء الإداري؛ لأن الجهة الإدارية تحوز وتمتلك أدلة الإثبات- يَنْقُلُ هذا عبءَ الإثبات في الدعاوى المقامة ضد الجهات الإدارية إلى المدعَى عليه (وهو الجهة الإدارية)، فبات عليها إثبات عدم صحة الواقعات الواردة بعريضة الدعوى أو الطعن، بينما يكتفي المدعي بالقول بوجودها وتأكيدها- إذا تقاعست الجهة الإدارية عن تقديم الأوراق والمستندات الدالَّة على نفي ادعاء المدعي، فإن هذا يكون قرينةً على صحة ما يدعيه، إذا ما أكدتها شواهد وقرائن أخرى من الواقع وصحيح حكم القانون- القاضي الإداري يحافظ على حياده، ولا يحل محل أحد طرفي المنازعة، ولا ينحاز لأيٍّ منهما في هذا الخصوص([6]).
– المادة (1) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968.
في يوم الأربعاء الموافق 21/12/2011 أودع الأستاذ/… المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة- تعليم) بجلسة 23/10/2011 في الدعوى رقم 1501 لسنة 55 القضائية، القاضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن -لِما ورد به من أسباب- تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن والحكم أولا: بقبول الطعن شكلا. ثانيًا: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإعادة الأوراق إلى محكمة القضاء الإداري لإلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل الأتعاب.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعنين المصروفات.
وتُدُوْوِل نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، إلى أن قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا، التي نظرته بجلسات المرافعة أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث قدم الحاضر عن الطاعنين ثلاث حوافظ مستندات، طويت على المستندات المعلاة بغلافها، والتي منها صورة بطاقة الرقم القومي للطاعن الثاني تفيد أنه يشغل وظيفة ضابط شرطة برتبة نقيب، وشهادة صادرة عن وزارة الداخلية تفيد المضمون نفسه، وقد أرجأت المحكمة إصدار الحكم لجلسة اليوم، وبهذه الجلسة صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إنه عن شكل الطعن، فإنه متى كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الخصومة القضائية هي حالة قانونية تنشأ عن مباشرة الدعوى بالادعاء لدى القضاء، وقد حدَّدَ القانونُ إجراءات التقدم بهذا الادعاء الذي تنبني عليه الخصومة، ويلزم لصحتها أن تكون موجهةً من صاحب الشأن نفسه، أو من جانب صاحب الصفة في تمثيله والنيابة عنه قانونًا أو اتفاقًا، وأن التحقق من صفة الخصوم أمرٌ جوهري في انعقاد الخصومة، ويتصل بالنظام العام للتقاضي، وبصفةٍ خاصة بالنسبة للدعاوى الإدارية، ويجب على المحكمة التصدي له للبت والنقض والتحقق من تلقاء نفسها.
وكان الثابت من الأوراق أن عناصر النزاع الماثل تدور حول مدى مشروعية القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول الطاعن الثاني (نجل الأول) بكلية الشرطة في العام الدراسي 2000/2001، وأنه من مواليد 28/9/1983 -طبقًا للثابت بالرقم القومي الخاص به المودع الحافظة المقدمة للمحكمة بجلسة 29/7/2015- ومن ثمَّ يكون قد بلغ سن الرشد القانونية (إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة) قبل إقامة الطعن الماثل في 21/12/2011 بسنوات، وأصبح أهلا لمباشرة حقوقه المدنية، ومنها حقه في التقاضي عن نفسه، فتنتفي عنه ولاية والده (الطاعن الأول بصفته)، ولا يكون للأخير صفة في النزاع، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له لرفعه من غير ذي صفة، مع الاكتفاء بذكر ذلك في الأسباب دون المنطوق، مع مُراعاة أن هذا القضاء لا يتعارض واستمرار محكمة أول درجة في نظر الدعوى الصادر فيها الحكم محل الطعن في مواجهة المذكور (الطاعن الأول)، الذي أقامها بصفته وليًّا طبيعيًّا على نجله الذي لم يكن يملك أهلية التقاضي في وقتها، وإصدارها الحكم المطعون فيه على هذا الأساس، رغم بلوغ الطاعن سن الرشد قبل صدور الحكم المطعون فيه في 23/10/2011؛ إذ إنه من المقرر على وفق نص المادة (130) من قانون المرافعات([7])، والتي تنص على أن: “ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم، أو بفقده أهلية الخصومة، أو بزوال صفة مَنْ كان يباشر الخصومة عنه من النائبين، إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها. …”، أن مفاد ذلك -وعلى ما جرى عليه القضاءُ وذهب إليه الفقه- أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه بذاته انقطاع سير الخصومة، أما بلوغ سن الرشد، فإنه لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة، وإنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ مِن زوال صفة مَنْ كان يباشر الخصومة عن القاصر، وأنه مادامت الدعوى قد أقيمت من الولي الطبيعي بصفته، فيكون رفعها صحيحًا، فإذا بلغ الابن سن الرشد القانونية أثناء سير الدعوى، ولم يُنَبِّهْ المحكمةَ بالتغيير الذي طرأ على حال الدعوى، وتَرَكَ لوليه الطبيعي مباشرة الدعوى، فإن حضور الولي الطبيعي في هذه الحالة يكون رضائيًّا من الابن لوليه، ويكون حضوره -وعلى ما جرى به القضاء والفقه المصريان- حضورًا مُنتِجًا لآثاره القانونية؛ ذلك لأنه ببلوغ القاصر سن الرشد أصبحت نيابةُ والدِه عنه نيابةً اتفاقية، بعد أن كانت نيابةً قانونية، ويكون حضوره في هذه الحالة برضائه، وتظل صفته قائمةً في تمثيله، ويُنْتِجُ هذا التمثيل كلَّ آثاره القانونية، ولا ينقطع سير الخصومة في هذه الحالة؛ لأنه ينقطع بزوال صفة النائب في تمثيل الأصيل، وهذه الصفة لم تَزُلْ هنا، بل تغيرت فقط، فبعد أن كانت نيابةً قانونية، أصبحت اتفاقية، “على نحو ما قضت به هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 10/6/2015 في الطعن رقم 35600 لسنة 52 ق.ع”، ومن ثمَّ فيكون الحكمُ المطعون فيه صدر سليمًا فيما يخص الصفة، أما المنازعة بالطعن على هذا الحكم، فتعتبر مرحلةً تالية مستقلة عن مرحلة الدرجة الأولى، لذا يتعين تصدي المحكمة وتحققها من توفر الشروط والأوضاع المقررة قانونًا لقبولها شكلا، ومنها شرط الصفة، وهو ما لم يتوفر بشأن الطاعن الأول الذي زالت ولايته الطبيعية عن نجله الطاعن الثاني قبل إقامة هذا الطعن.
وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا قانونًا.
……………………………………………………..
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة إنما تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 29/11/2000 أقام والد الطاعن (بصفته وليًّا طبيعيًّا على نجله وقتئذٍ) الدعوى رقم 1501 لسنة 55 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة منازعات الأفراد- الثانية) طلب في عريضتها الحكم بقبول دعواه شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة بعدم قبول نجله (الطاعن) بكلية الشرطة في العام الدراسي 2000/2001، مع تنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وإلزامها المصروفات.
وقال المدعي بصفته -شرحًا لدعواه- إن نجله المذكور حصل على الثانوية العام في العام الدراسي 1999/2000 بمجموع بلغت نسبته 80%، وتقدم للالتحاق بكلية الشرطة في هذا العام 2000/2001، واجتاز جميع الاختبارات المقررة، إلا أنه فوجئ بعدم قبوله بكلية الشرطة، ونعى على هذا القرار مخالفته القانون، وخلص لطلباته المبينة سالفًا.
……………………………………………………..
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بالجلسات أمام المحكمة -على النحو المبين بالمحاضر- وبجلسة 13/5/2001 قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة منازعات الأفراد الثانية) بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول نجل المدعي بكلية الشرطة دفعة 2000/2001، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية دون إعلان، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات…
وشيَّدت المحكمة قضاءها -بعد استعراض المادتين (10) و(11) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، والمادة الثانية (فقرة أولى) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 والمعدَّلة بالقرار رقم 453 لسنة 1985- على أن البادي من ظاهر الأوراق أن نجل المدعي بصفته (الطاعن) حصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية في العام الدراسي 2000 بمجموع نسبته 80%، وأنه اجتاز جميع الاختبارات المقررة للقبول بكلية الشرطة، وهي المتعلقة بالقدرات واللياقة الطبية والرياضية والنفسية، علاوةً على اجتيازه كشف الهيئة، وأن سنه حوالي سبعة عشر عامًا، وأنه ينتمي إلى أسرة طيبة في الهيئة الاجتماعية، ولم تتمسك الجهة الإدارية في عدم قبوله إلا بسلطتها التقديرية، وما ارتأته لجنة القبول من عدم توفر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية في نجل المدعي، وأن أوراق الدعوى جاءت خلوًا من أي دليل يُطَمْئِنُ المحكمة إلى صحة هذا السبب، الذي ارتكنت إليه الجهة الإدارية في استبعاد المدعي، مع اجتيازه الاختبار النفسي والقدرات، وكلاهما يكشف عن توفر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية، وأن الجهة الإدارية المدعى عليها نكلت عن تقديم محاضر أعمال لجنة الهيئة، وملف نجل المدعي وملفات آخر ثلاثة مِمَّنْ قبلوا في الدفعة الاستثنائية في العام الدراسي 2000/2001، مع مقارنة حالاتهم وحالة نجل المدعي، رغم إعادة الدعوى للمرافعة لهذا السبب وتأجيلها وحجزها للحكم مع التصريح بمذكرات، ولكن دون جدوى، وهو ما يقيم قرينةً لمصلحة نجل المدعي، مؤداها صحة ما تمسك به من اجتيازه كشف الهيئة وقبول الجهة الإدارية دفعة استثنائية بعد إعلان نتيجة القبول في العام الدراسي 2000/2001، وأن منهم مَنْ هم أقل منه في المجموع وأكبر في السن، ولو كان الأمر غير ذلك لسارعت الجهة الإدارية إلى تقديم المستندات التي تُمَكِّنُ المحكمةَ من مباشرة دورها الرقابي على أعمال الإدارة، وأنها لم تقدم مبرِّرًا معقولا لاستبعادهم ابتداءً وقبولهم انتهاءً، وظلت الجهة الإدارية معتصمةً بسلطتها التقديرية، وإزاء هذا الوضع فلا مناص من الاعتصام بقواعد المساواة التي كفلها الدستورُ وأحكامُ القانون، وقواعد المفاضلة المنصوص عليها في اللائحة الداخلية، وبالتالي اللجوء إلى نسبة المجموع، وفي حالة التساوي يُفضَّل الأصغر سنًّا، ومن ثمَّ يكون نجل المدعي الأولى والأحق قانونًا بالالتحاق بكلية الشرطة دفعة 2000/2001، ومن ثمَّ يغدو القرار المطعون فيه -بحسب الظاهر من الأوراق- غيرَ قائمٍ على سببٍ صحيح يبرِّرُه، مما يصمه بمخالفة القانون، والانحراف في استعمال السلطة، مما يرجح معه إلغاء هذا القرار عند نظر الموضوع، الأمر الذي يتوفر به ركنُ الجدية، مع توفر ركن الاستعجال؛ لمساس القرار المطعون فيه بمستقبل نجل المدعي العلمي بحرمانه من استكمال دراسته بالكلية التي يرغبها، بما ينطوي على المساس بحقه الدستوري في التعليم، وخلصت المحكمة إلى القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
……………………………………………………..
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسَبَّبًا بالرأي القانوني في الدعوى، ارتأت فيه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ثم استأنفت محكمة القضاء الإداري نظر الدعوى -على النحو المبين بالمحاضر-، وبجلسة 8/5/2011 حكمت الدائرة السادسة (تعليم) بوقف الدعوى جزاءً لمدة شهر؛ بسبب تقاعس المدعي عن تنفيذ تكليف المحكمة له بتحديد موقفه ومصلحته في الدعوى الآن، رغم تأجيل نظر الدعوى لهذا السبب أكثر من مرة.
وبجلسة 23/10/2011 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، قاضيةً باعتبار الدعوى كأن لم تكن، وألزمت المدعي المصروفات.
وشيَّدت المحكمة قضاءها بعد استعراض نص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968، وعلى أنه قد سبق للمحكمة أن قضت بجلسة 8/5/2011 المذكورة سالفًا بوقف الدعوى جزاءً لمدة شهر، وانقضت مدة الوقف دون أن ينهض المدعي لتنفيذ ما كلفته به المحكمة، ولم يطلب السير في دعواه، فمن ثم قضت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن.
……………………………………………………..
ونظرًا إلى أن هذا القضاء لم يلقَ قبولا لدى الطاعنين، فقد طعنا عليه بالطعن الماثل، ونعيا عليه مخالفته القانون، والخطأ في تطبيقه، والفساد في الاستدلال؛ لأسبابٍ حاصلها: 1- أن محكمة أول درجة استأنفت نظر الدعوى من الوقف الجزائي دون أن يتم إعلانهما بالجلسات المنوَّه عنها بالحكم، ومن ثمَّ لم يُوجَّه إليهما تكليفٌ بأمرٍ، ولا تنطبق المادة (99) من قانون المرافعات على وقائع الدعوى؛ لأن النص يخاطب العاملين بالمحكمة والخصوم الذين يتخلفون عن إيداع المستندات أو القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات، أما تحديد الموقف والمصلحة فهو ليس كذلك، لاسيما أن بحث المصلحة منوطٌ بالمحكمة التي تبحث الموقف والمصلحة، خاصةً أن المصلحة توفرت حال رفع الدعوى، وتم بحث ذلك في الشق العاجل وتقرير مفوضي الدولة وثابت بالأوراق. 2- أن محكمة أول درجة باشرت الإجراءات في مواجهة مَنْ زالت صفته في الدعوى، لأن الطاعن الثاني قد بلغ سن الرشد القانونية بتاريخ 28/9/2004، ومن ثمَّ فإجراءاتها باطلة عملا بحكم المادة (132) من قانون المرافعات، والتي تُرَتِّبُ انقطاع الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات في حق الخصوم، وبطلان جميع الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع.
……………………………………………………..
وحيث إن المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، مُعدَّلا بالقانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999، تنص على أن: “تحكم المحكمة على مَنْ يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجراءٍ من إجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته له المحكمة بغرامةٍ لا تقل عن أربعين جنيهًا… ويكون ذلك بقرارٍ يُثْبَتُ في محضر الجلسة له ما للأحكام من قوةٍ تنفيذية. ولا يُقبَل الطعن فيه بأي طريق… ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم على المدعي بالغرامة أن تحكم بوقف الدعوى لمدةٍ لا تجاوز شهرًا بعد سماع أقوال المدعى عليه. وإذا مضت مدةُ الوقف ولم يطلب المدعي السير في دعواه خلال الخمسة عشر يومًا التالية لانتهائها، أو لم يُنَفِّذْ ما أمرت به المحكمةُ، حكمت المحكمةُ باعتبار الدعوى كأن لم تكن”([8]).
وحيث إن مفاد هذا النص -وعلى ما جرى عليه قضاءُ هذه المحكمة- أن المشرِّع حدَّد في المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، مُعدَّلة بالقانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999، الحدَّ الأقصى لمدةِ الوقف الجزائي التي تقضي بها المحكمة لتخلف المدعي عن تقديم المستندات، أو القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات خلال الأجل الذي تحدِّده المحكمةُ، بشهرٍ واحد، وأنه يجب على المحكمة إذا تقاعس المدعي عن تعجيل الدعوى من الوقف خلال الخمسة عشر يومًا التالية لانقضاء مدة الوقف، أو في حالة عدم تنفيذه لِما أمرت به المحكمة، وكان سببًا في وقف الدعوى، أن تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ولا تتمتع المحكمة طبقًا لحكم المادة المذكورة سالفًا بعد تعديلها بالقانونين المشار إليهما بسلطةٍ تقديرية في القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن، حسبما كانت تنص عليه تلك المادة قبل تعديلها، وذلك حتى لا يلجأ بعض المتقاضين إلى إطالة أمد النزاع بما يؤدي إلى زيادة عدد القضايا أمام المحاكم، وفي ضوء صراحة النص وما يستهدفه المشرع من تعديل المادة المشار إليها، يكون الحكمُ باعتبار الدعوى كأن لم تكن من النظام العام، بحيث يتعين على المحكمة الحكمُ به في حالة ما إذا كان قد سبق لها أن قضت بوقف الدعوى جزاءً لتقاعس المدعي عن تقديم المستندات أو عن اتخاذ الإجراء الذي أمرت به المحكمة خلال الميعاد الذي حددته، وانقضت مدةُ الوقف، ولم يطلب المدعي السير في الدعوى خلال الخمسة عشر يومًا التالية لانقضاء مدة الوقف، أو لم ينهض لتنفيذ ما أمرت به المحكمة وكان سببًا لوقف الدعوى. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1807 لسنة 53 القضائية عليا بجلسة 26/12/2012).
وحيث إنه من المستقر عليه على وفق نص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار إليها -وطبقًا لِما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في شأنها- أن الحكم الصادر بالوقف الجزائي بسبب تقاعس المدعي عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة لا يجوز الطعن عليه، فمن ثم أضحى لِزَامًا على محكمة الطعن وهي بصدد إعمال رقابتها على الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن أن تُمَحِّصَ هذا الحكمَ (الوقف الجزائي) وأسبابه التي قام عليها؛ لكونه يُمَثِّلُ حجرَ الزاوية التي ابتنى عليها الحكمُ الأخير، فإذا لم تتوفر من الأسباب والموجبات التي تبرِّرُ الوقفَ الجزائي حقًّا وصدقًا، انهار تبعًا لذلك -حتمًا وبحكم اللزوم- الأساسُ الذي قام عليه الحكمُ باعتبار الدعوى كأن لم تكن، مِمَّا يُوقِعُه في حومةِ مخالفة القانون.
ونزولا على هدي ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه قد صدر حكمٌ عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة منازعات الأفراد الثانية) في الشق العاجل من الدعوى محل الحكم الطعين بجلسة 13/5/2001، الذي قضى منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول نجل المدعي بكلية الشرطة دفعة 2000/2001، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية دون إعلان، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات…، وأن الدعوى أحيلت إلى هيئة مفوضي الدولة، والتي قامت بتحضيرها بالجلسات -على النحو المبين بمحاضرها- والتي قدم خلالها والد الطاعن بصفته بجلسة 17/6/2002 حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة بالغلاف، والتي من بينها صورة ضوئية لكارنيه يفيد قيد نجله -الطاعن- بالسنة الأولى بكلية الشرطة في العام 2001/2002، ومستندات أخرى تفيد المضمون نفسه، كما قدم بجلسة 28/10/2002 حافظة أخرى، طويت على إيصال يفيد سداد المصروفات المقررة على نجله في الفرقة الثانية بالكلية المذكورة سالفًا مُؤرَّخٍ في 29/9/2002، وقدم نائب الدولة مذكرة دفاع طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لزوال شرط المصلحة؛ تأسيسًا على أنه تم قبول نجل المدعي بصفته بالكلية للعام الدراسي 2001/2002، وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في موضوع الدعوى في شهر مارس عام 2003، ارتأت فيه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، إلا أن هذا التقرير لم يُعْرَضْ أمام المحكمة إلا بجلستها المنعقدة في 28/2/2010، وتدوول أمامها بالجلسات التي كان آخرها 24/4/2011، والتي قررت فيها حجز الدعوى للحكم بجلسة 8/5/2011، والتي حكمت فيها بوقف الدعوى جزاءً؛ تأسيسًا على تقاعس المدعي عن تنفيذ ما كلفته به المحكمة من تحديد موقفه ومصلحته في الدعوى.
فإنه ولئن كان المدعي مُلْزَمًا بتتبع سير دعواه وتنفيذ ما تكلفه به المحكمة، ليعينها على تحقيق العدالة وسرعة حسم النزاع، بيد أنه يتعين على المحكمة أن تواجه المدعي بهذا التكليف ثم يثبت تقاعسه عن التنفيذ، أو تتيقن من إهماله في متابعته سير دعواه بعدم حضوره الجلسات المقررة لنظر الدعوى مما يحول دون مواجهته بهذا التكليف، (ففي كلتا الحالتين يسوغ نعته بالتقاعس عن تنفيذ أمر المحكمة)، وهو ما يوجب على المحكمة -بداية- التزامًا بأن تتثبت من إعلانه بالجلسات المقررة لنظر دعواه، أو علمه بها، ثم يتقاعس عن الحضور لمتابعتها، وبدون ذلك تكون المحكمة قد أنزلت جزاءً على المدعي دون مقتض؛ إذ لم تقم عليه الحجة التي تسوغ مؤاخذته على هذا المسلك، وفي الحالة الماثلة فإنه ولئن كان والد الطاعن بصفته لم يحضر أيًّا من الجلسات التالية لاستئناف المحكمة لنظر الشق الموضوعي من الدعوى الصادر فيها الحكم محل الطعن بعد إعداد تقرير هيئة مفوضي الدولة واستئناف نظرها، إلا أن الأوراق قد جاءت خلوًا مما يُطَمْئِنُ هذه المحكمة إلى تحقق إعلانه بالجلسات التي تقررت لنظرها أو علمه بها، إذ لم يُوَجَّهْ إليه في هذا الشأن إلا إخطارٌ واحدٌ مُؤرَّخٌ في 16/2/2010 لجلسة 28/2/2010، ولم يثبت تحققُ علمِ المدعي به -وهو غير كافٍ بذاته بتحقق العلم بالجلسة المقررة لنظر الدعوى وما تلاها، خاصةً أنه وُجِّهَ على عنوان مكتب محاميه المختار استنادًا لوجود علاقة وكالة بينهما قد انفصمت عُراها في واقع الحال، بمضي العديد من السنوات من تاريخ صدور حكم محكمة أول درجة في الشق العاجل وإلى تاريخ استئنافها نظر الدعوى بعد إعداد التقرير بالرأي القانوني، على نحو ما سلف بيانه-، ومن ثمَّ مما يجافي العدالة وينطوي على إخلال بحق الدفاع أن تتم مجازاة المدعي بوقف دعواه لتقاعسه عن تنفيذ تكليفٍ لم يثبت تَحَقُّقُ علمه به، على نحو ما قضت به محكمة أول درجة بجلسة 8/5/2011.
فضلا عن أن موقفَ الطاعن قد أظهرته المستنداتُ المقدمة من والده بصفته أمام هيئة مفوضي الدولة والتي حواها ملفُّ الدعوى، ومذكرةُ دفاع الدولة، التي أفادت جميعها أنه قُيِّدَ بالفرقة الأولى بكلية الشرطة للعام الدراسي 2001/2002، ثم انتقل للفرقة الثانية في العام التالي بسداده مصروفات الدراسة في 29/9/2002 -على نحو ما سلف ذكره-، ومن ثمَّ فالسؤال عن موقفه الحالي غيرُ جوهري؛ باعتبار أنه على وفق المجرى العادي للأمور قد أنهى دراسته بالكلية، كما أن مصلحته في الدعوى تعتبر من المسائل الموضوعية التي تقدرها المحكمة، خاصةً أن الشق العاجل من الدعوى لا يتعارض في شيءٍ من شقها الموضوعي، مادام رفعها أمام المحكمة نفسها، واختصت وحدها للتصدي لهما، والفصل في الشق الموضوعي يَجُبُّ ما قبله ويستغرقه، وابتناءً على ذلك يكون حكمُ الوقف الجزائي قد افتقد لسنده الصحيح الذي يبرِّرُه، وينهار من ثمَّ الحكمُ المطعون فيه القاضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن؛ الذي اتخذ من الحكمِ الأول ركيزةً ومقامًا، مما يتعين معه القضاءُ بإلغاء هذا الحكم.
وحيث إن الدعوى مُهيأة للفصل فيها، وحرصًا على اختصار مدد التقاضي؛ لذا تتصدى هذه المحكمة لبحث الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه المقضي بإلغائه.
وحيث إنه عن الموضوع، فإن المادة (7) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة تنص على أن: “يختص مجلس إدارة الأكاديمية بما يأتي:…
(2) وضع نظام قبول الطلاب والدارسين بالأكاديمية وتحديد أعدادهم بما يتفق مع سياسة الوزارة وحاجاتها العملية. …”.
وتنص المادة (10) من القانون نفسه، المعدَّلة بالقانونين رقمي 53 لسنة 1978 و30 لسنة 1994، على أن: “يُشترَطُ فِيمَنْ يُقبَلُ بكلية الشرطة وقسم الضباط المتخصصين:… (1)… (2)… (3)… (4)… (5) أن يكون مُستوفيًا شروط اللياقة الصحية والبدنية والسن التي يحددها المجلس الأعلى للأكاديمية. (6)…
(7) بالنسبة لطلبة كلية الشرطة يُخْتَارُون من بين المتقدمين من المصريين الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة، مع مراعاة النسبة المئوية لمجموع درجات النجاح، وذلك وفقًا للشروط والأوضاع التي يقرِّرُهَا المجلسُ الأعلى للأكاديمية”.
وتنص المادة (11) من القانون نفسه، المستبدلة بموجب القانون رقم 30 لسنة 1994، على أن: “تُشكَّلُ لجنةُ قبولِ الطلاب بكلية الشرطة برئاسة رئيس الأكاديمية، وعضوية كل من:
1- نائب رئيس الأكاديمية.
2- نائب رئيس قطاع مباحث أمن الدولة.
3- مدير كلية الشرطة.
4- مدير الإدارة العامة لشئون الضباط.
5- وكيل مصلحة الأمن العام.
ولا تكون قراراتها نافذةً إلا بعد اعتمادها من وزير الداخلية”.
وتنص المادة (12) من القانون المشار إليه على أنه: “… وتنظِّمُ اللائحةُ الداخلية أوضاعَ وإجراءات قبول الطلاب ونظام التثبت من الصلاحية”.
ونفاذًا للنص الأخير فقد صدرت اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة بموجب قرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976، والمعدَّل بالقرارين رقمي 453 لسنة 1985، و3856 لسنة 1992، ونصت في المادة (1) منها، قبل تعديلها بالقرار رقم 14162 لسنة 2001 الصادر في 4/8/2001، على أن: “يكونُ نظامُ قبولِ الطلبة الجدد وفقًا لِما يأتي:
1- قبول الطلبات: 2-… 3-… 4-…
5- المفاضلة: تكون المفاضلة بين الطلبة راغبي الالتحاق -الذين تتوافر فيهم الشروط السابقة- على أساس نسبة مجموع الدرجات الحاصل عليها الطالب في شهادة الثانوية العامة، وفي حالة التساوي يُفضَّل الأصغر سنًّا.
ولا تدخل درجات النجاح في اللياقة البدنية أو في اختبار القدرات ضمن عناصر المفاضلة بين المتقدمين”.
ونصت المادة (2) من اللائحة نفسها على أن: “تتولى اللجنةُ المنصوص عليها في المادة (11) من القانون رقم 91 لسنة 1975 المشار إليه، استبعادَ الطلبةِ الذين اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوفر فيهم مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية أو صلاحية البيئة أو التحريات الجدية المناسبة، على أن تقوم باختيار العدد المطلوب من الباقين حسب ترتيب الدرجات التي حصلوا عليها في شهادة الثانوية العامة. …”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أنه لضمان أداء هيئة الشرطة لواجبها في خدمة الشعب، وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين، والسهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب، وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات، فقد حرص المشرع في القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة واللائحة الداخلية للأكاديمية المشار إليهما على وضع الشروط والضوابط والإجراءات التي تكفل انتقاء أفضل العناصر للقبول بكلية الشرطة من بين المتقدمين للالتحاق بها، حيث اشترط في المادة (10) من القانون فِيمَنْ يُقبل بالكلية أن يكون مصري الجنسية، وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة، وألا يكون قد حُكِم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلِّة بالشرف والأمانة، وألا يكون قد سبق فصله من خدمة الحكومة بحكمٍ أو بقرارٍ تأديبي نهائي، وأن يكون من الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة على وفق النسبة المئوية لمجموع درجات النجاح التي يقررها المجلس الأعلى للأكاديمية، وألا يكون متزوجًا بأجنبية، وأن يكون مستوفيًا لشروط اللياقة الصحية والبدنية والسن التي يحددها المجلس الأعلى للأكاديمية، وعهد في المادة (12) إلى اللائحةِ الداخلية بتنظيم أوضاع وإجراءات قبول الطلاب، وشكَّل في المادة (11) لجنةَ قبولِ الطلاب برئاسة رئيس الأكاديمية وعضوية عدد من قيادات هيئة الشرطة، وقد بينت اللائحة الداخلية نظام القبول بالكلية، سواء من حيث الحد الأدنى لدرجة النجاح في شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة، أو عدد المقبولين، واللذين يحدِّدهما سنويًّا مجلسُ الأكاديمية، كما حددت الحد الأدنى لطول قامة الطالب ومتوسط عرض صدره والحد الأقصى لسن القبول، كما نظمت شروط اللياقة الصحية، وكذا الاختبارات النفسية التي تجريها لجان من الإخصائيين، وتستعين لجنة قبول الطلاب بنتائج هذه الاختبارات في تقدير اتزان شخصية الطالب، ونظمت اللائحة اختبارات اللياقة البدنية، كما نظمت اختبارات القدرات، ويتم فيها الكشف عن قوى وذكاء الطالب وفطنته وسرعة بديهته ودرجة ثقافته ومعلوماته العامة، وخوَّلت اللائحة في المادة (2) منها لجنةَ قبول الطلاب المنصوص عليها في المادة (11) من القانون سلطةَ استبعاد الطلبة الذين اجتازوا الاختبارات المقررة، إذا لم تتوفر فيهم مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية أو صلاحية البيئة أو التحريات الجدية المناسبة، على أن تقوم باختيار العدد المطلوب من الباقين، حسب ترتيب الدرجات التي حصلوا عليها في شهادة الثانوية العامة، وفي حالة التساوي يُفضَّل الأصغر سنًّا، وإذا كان تقديرُ اللجنة لمدى استيفاء الطالب لمقومات الهيئة واتزان الشخصية هو مما تترخص فيه، بما لها من سلطة تقديرية، إلا أن قرارها في هذا الشأن يجب أن يكون قائمًا على أسباب تبرره صدقًا وحقًّا، ومستخلصًا استخلاصًا سائغًا من أصول تنتجه واقعًا وقانونًا؛ ذلك أنه وخلافًا لِما جرت به بعض الأحكام -حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3220 لسنة 40ق. عليا بجلسة 13/8/1995 والأحكام المتواترة التي سارت على نهجه- من أن القانون لم يحدِّد أيَّ إطارٍ أو ضابط خاص يتعين على اللجنة المشار إليها الالتزام به عند قيامها باستبعاد مَنْ ترى عدم توفر مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية في شأنهم، فيما عدا الضابط العام الذي يحدُّ جميعَ تصرفات الإدارة، وهو واجبُ عدم الانحراف بالسلطة، -خلافًا لهذه الأحكام- فإن سلطةَ اللجنة تجد حدَّها الطبيعي فيما نص عليه القانون من شروط للقبول، وبينت اللائحة الداخلية أوضاعه وإجراءاته، على نحوٍ يتناول حالة الطالب من حيث التأهيل العلمي، وسنه، وطول قامته ومتوسط عرض صدره، ولياقته الصحية (عضوية ونفسية)، ولياقته البدنية وأداؤه الرياضي، وأخيرًا مستوى ذكائه وفطنته وسرعة بديهته وثقافته ومعلوماته العامة، وكل هذه الأمور وضع المشرِّعُ معايير وضوابط للتثبت منها، واستبعاد مَنْ لا تتوفر فيه النسبة المقررة لاجتيازها، وكثيرٌ من هذه العناصر مما يدخل بحسب طبائع الأشياء ضمن مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية، ومن ثمَّ يتعين على لجنة القبول -وهي بصدد إعمال سلطتها في استبعاد مَنْ لا تتوفر فيه هذه المقومات- أن يكون قرارُها قائمًا على أسبابه المستخلصة استخلاصًا سائغًا ومقبولا من وقائع محدَّدة تنتِجُهَا وتبرِّرُهَا واقعًا و قانونًا، وإلا كان قرارُهَا مُفتقِرًا لسببه، ولا يكفي في ذلك الاستناد إلى عباراتٍ عامة ومرسلة، تكشف عن سلطةٍ مطلقة عن أيِّ قيدٍ أو عاصم يحدُّها، مما يجعل قرارَهَا بمنأى عن أية رقابةٍ قضائية، بالمخالفة لنص المادة (68) من الدستور التي تحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وتفرغ شروط القبول ومعاييره وضوابطه وإجراءاته التي حددها القانون وفصلته اللائحة الداخلية من محتواها، وتجردها من أي معنى، مادام أن اللجنة تستطيع بما لها من سلطة مطلقة استبعاد مَنْ توفرت فيه شروط القبول واجتاز جميع الفحوص والاختبارات المقررة، ودون أن تفصح عَمَّا استندت إليه في قرارها من أسبابٍ جديدة ومغايرة، على نحوٍ يُمَكِّنُ من إعمال الرقابة القضائية في شأنها، ليتبين مدى صحتها من ناحية الواقع والقانون، ولا محاجة في هذا الشأن في أن المشرع لم يلزم اللجنة بتسبيب قرارها؛ لأن مثل هذا النص يتعلق بشكل القرار، وعدم وجوده لا يعني إعفاء الإدارة من أن يكون قرارها قائمًا على سببه؛ باعتبار أن ركن السبب هو أحد أركان القرار الإداري، ويمثل الحالة الواقعية أو القانونية التي استندت إليها في إصدار القرار، ولا يجوز في هذا المقام افتراض قيام القرار على سببٍ صحيح؛ لأنه في ضوء ما فصَّله القانون واللائحة الداخلية من شروط وضوابط ومعايير للقبول يكون من شأن توفر هذه الشروط والمعايير في حق الطالب الماثل أمام اللجنة أن تزحزح قرينةَ الصحة المفترضة في قيام قرار اللجنة على أسبابه، وتنقل عبء الإثبات فيما قام عليه قرار الاستبعاد من أسبابٍ جديدة ومغايرة على عاتق اللجنة، وليس على عاتق الطالب. (حكم المحكمة الإدارية العليا -دائرة توحيد المبادئ- في الطعن رقم 1012 لسنة 45ق.ع بجلسة 4/7/2002).
كما سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن المشرع استن الشروط ووضع الضوابط التي يتم بِهَدْيٍ منها يتمُّ اصطفاء بعض العناصر من بين المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة، وبحيث لا يتمُّ قبولُ إلا مَنْ كان مُؤهَّلا للدراسة بها، وتحمُّلِ تبعاتِ مهام وظيفته التي يُلْحَقُ بها بعد تخرجه وأَقْدَرَ عليها، ليكون معاونا سريعًا وفعَّالا في تحقيق السياسة الأمنية التي تضطلع بها هيئة الشرطة، فوضع المشرِّعُ شروطًا يجب أن تتوفر ابتداءً في شأنهم، مُسْتَمَدٌ أغلبُها من اللياقة البدنية والصحية والنفسية، وتقوم على الوقوف على توفرها لجانٌ متخصصة، ثم ناط بلجنة الاختيار المفاضلةَ بين مَنْ اجتازوا هذه الاختبارات، وقدَّر لها مِئتي درجة من الدرجات الاعتبارية المقررة للاختبارات، واعتبر عدم الحصول على خمسين في المِئة من مجموع هذه الدرجات المقررة للجنة الاختيار سببًا للاستبعاد من القبول بالكلية، وجعل تقديرها على أساسٍ من دربٍ مُوَحَّدٍ بسطه الشارع، على نحوٍ لا يجوزُ الانعطافُ عنه؛ إذ يبين العناصر التي تكون محلا لتقديرها، وهو تقديرٌ تتمتع اللجنة بشأنه بجانبٍ من السلطة التقديرية في جانبه الموضوعي، لا تتعرض له المحكمة -في هذا الإطار- ما دامت قد التزمت في إعمال سلطتها التقديرية الضوابط التي حددها المشرع حدًّا من إطلاقها، واعتبرها تخومًا لها لا يجوز تخطيها، وبقيدٍ حاصله ألا تتعسف الإدارة في استعمال سلطتها، أو تنحرف عن مرامها إلى غايةٍ أخرى لم يقصدها المشرع عندما خوَّلها هذا الاختصاص التقديري، مما يُبَدِّدُ -عمدًا أو إهمالا- هذه الغاية، ويَنْحَلُّ عصفًا بها، مُنافيًا الحق في الالتحاق بكلية الشرطة -رغم توفر موجباته- فلا يظهر هذا الحق بوصفه شيئًا مصونًا، بل ركامًا وعبثًا عريضًا، بما من شأنه أن يلحِق بنفوس المتطلعين إلى ذلك ضررًا يميد بأقدامهم، فلا يخلص للسياسة الأمنية مقوماتها التي تكفل انتظامها وحسن أدائها، بل يكون تَرَدِّيًا مؤثرًا في بنيانها مؤذنًا بانقضاض دعائمها. (الحكم الصادر عن هذه المحكمة بجلسة 1/7/2014 في الطعن رقم 7145 لسنة 59 ق.ع).
وحيث إنه ولئن كان من المقرر على وفق المادة (1) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، والتي تنص على أنه: “على الدائن إثبات الالتزام، وعلى المدين إثبات التخلص منه”. وبذلك حدَّدت القاعدةَ العامة في الإثبات، وهي تَحَمُّلُ المدعي عبء إثبات ما يدعيه، أي إثبات الواقعات التي يترتب عليها الآثار القانونية المتنازع عليها، وهذه القاعدة قوامُها التكافؤ والتوازن بين طرفي الخصومة، فكلٌّ منهما في المركز القانوني نفسه، وبمكنته إثبات ما يراه بكل وسائل الإثبات، وللآخر أن يدرأ عن نفسه كل ما يُنْسَبُ إليه أيضًا بالوسائل نفسها.
ولئن كانت هذه هي القاعدة العامة في الإثبات، بيد أن الأمر يختلف في القضاء الإداري؛ لأن الجهة الإدارية وهي الطرف في كل دعوى إدارية تحوز وتملك أدلة الإثبات، وفي الأغلب الأعم تكون في مركز المدعى عليه في الدعاوى الإدارية، في حين يقف الطرف الآخر وهو المدعي أعزل من هذه الأدلة، الأمر الذي يُفْتَقَدُ معه التوازنُ والتكافؤُ المفترضُ بين أطراف الدعوى الإدارية، وهو ما يجعل عبء الإثبات في الدعاوى الإدارية ينتقل إلى المدعى عليه وهي الجهة الإدارية، وبات عليها إثبات عدم صحة الواقعات الواردة بعريضة الدعوى أو الطعن، بينما يكتفي المدعي بالقول بوجودها وتأكيدها، ويترتب على ذلك أنه إذا ما تقاعست الجهة الإدارية عن تقديم الأوراق والمستندات الدالة على نفي ادعاء المدعي، فإن هذا يكون قرينةً على صحة ما يدعيه رافع الدعوى، إذا ما أكدتها شواهدُ وقرائنُ أخرى من الواقع وصحيح حكم القانون، وهنا يبرز الدور الإيجابي للقاضي الإداري وإمكاناته في تقصي الحقيقة، مُحافِظًا على حياده، فلا يحل محل أحد طرفي المنازعة، ولا ينحاز لأيٍّ منهما في هذا الخصوص. (في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا -دائرة توحيد المبادئ- في الطعن رقم 27412 لسنة 52ق.ع بجلسة 3/4/2010).
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد حصل على الثانوية العامة -شعبة علمي علوم- عام 2000 بمجموع بلغت نسبته 80%، وتقدم بأوراقه للالتحاق بكلية الشرطة في العام الدراسي 2000/2001، وتمسك في دعواه أنه اجتاز جميع الاختبارات المقررة للقبول بكلية الشرطة، وهي المتعلقة بالقدرات واللياقة الطبية والرياضية والنفسية، علاوةً على تمسكه باجتيازه كشف الهيئة، وأن سنه كانت في حينها حوالي سبعة عشر عامًا، وأنه ينتمي إلى أسرة طيبة في الهيئة الاجتماعية، ولم تتمسك الجهة الإدارية في عدم قبوله إلا بسلطتها التقديرية، وبما ارتأته لجنة القبول من عدم توفر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية فيه، ولما كانت الأوراق قد جاءت خلوًا من أيِّ دليلٍ يُطَمْئِنُ المحكمةَ إلى صحة هذا السبب، الذي ارتكنت إليه جهة الإدارة في استبعاده، مع اجتيازه الاختبار النفسي والقدرات، وكلاهما يكشف عن مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية في شأنه، لاسيما أن الجهة الإدارية قد نكلت عن تقديم محاضر أعمال لجنة الهيئة، وملف الطاعن وملفات أخرى لثلاثةٍ مِمَّنْ قُبِلوا في الدفعة الاستثنائية في العام 2000/2001، مع مقارنة حالاتهم بحالته، رغم تداول نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وإعادتها للمرافعة لهذا السبب وتأجيلها، وحجزها للحكم مع التصريح بمذكرات ومستندات، ولكن دون جدوى، وهو ما يقيم قرينةً لمصلحته، مؤداها صحة ما تمسك به من اجتيازه كشف الهيئة، وقبول الجهة الإدارية دفعة استثنائية بعد إعلان نتيجة القبول في العام 2000/2001 المشار إليه، وأن منهم مَنْ هم أقل منه في المجموع وأكبر منه في السن، وهو ما لا مناص معه من الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبوله بكلية الشرطة في العام الدراسي 2000/2001، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن من أصابه الخسران في الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول الطاعن بكلية الشرطة في العام الدراسي 2000/2001، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
([1]) على خلاف هذا النظر جزئيا: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2756 لسنة 37 القضائية (عليا) بجلسة 19/3/1996 (مجموعة السنة 41/1، مكتب فني، المبدأ رقم 95، ص840)، حيث انتهت المحكمة إلى أن رفع الدعوى على غير ذي صفة يجب أن يدفع به الخصم صاحب المصلحة فيه.
([2]) يراجع في هذا المبدأ كذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 35600 لسنة 52 ق.ع بجلسة 10/6/2015 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 60 مكتب فني، المبدأ رقم 93/أ، ص968).
([3]) في حكمها في الطعن رقم 37341 لسنة 55 القضائية (عليا) بجلسة 24/2/2015، وحكمها في الطعن رقم 11799 لسنة 55 القضائية (عليا) بجلسة 24/3/2015 (منشوران بهذه المجموعة- المبدآن 122 و123) أكدت المحكمة الإدارية العليا أنه يتعين على المحكمة متى قضت بوقف الدعوى جزائيا، ولم يتم تنفيذ ما أمرت به، أن تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن، ولو كان الحكم بوقف الدعوى جزائيا غير سديد؛ إذ إنه حكم له ما للأحكام من حجية، فإذا لم يطعن عليه ذو الشأن في الميعاد القانوني حاز قوة الأمر المقضي، وتمتنع إعادة النظر فيما تضمنه، أو إثارة الجدل بشأنه، وورد بالحكم الأول صراحةً أنه يمتنع على المحكمة الإدارية العليا عند نظرها الطعن في الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن رقابة السبب الذي قام عليه حكم الوقف الجزائي.
وقارن بالحكم الصادر بجلسة 19 من ديسمبر سنة 2015 في الطعن رقم 17828 لسنة 59 القضائية عليا (منشور بهذه المجموعة- المبدأ رقم 18)، حيث أكدت المحكمة أن الحكمين الصادرين بوقف الدعوى وباعتبارها كأن لم تكن يرتبطان ارتباطا جوهريا، ارتباطَ السبب بالنتيجة، ومن ثم فإن الطعن في الثاني منهما يثير الطعن في الحكم الأول، ولو لم يكن قد طُعن فيه، بما يستتبع أن تتصدى محكمة الطعن له، وأن تراقب أسبابه من الناحيتين القانونية والواقعية؛ للتأكد من صدوره استنادا إلى وقائع صحيحة، وعلى نحو يتفق والتطبيق القانوني السليم
وقارن كذلك بحكم محكمة النقض (مدني) الصادر بجلسة 22/12/2011 في الطعن رقم 2213 لسنة 53 القضائية، حيث أكدت أن قضاء المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن إعمالا لحكم المادة (99/3) من قانون المرافعات، معدلا بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992، هو جزاء يوقع على المدعي لإهماله في اتخاذ ما تأمر به المحكمة، قُصد به تأكيد سلطتها في حمل الخصوم على تنفيذ أوامرها، إلا أن مناط توقيع هذا الجزاء أن تكون المحكمة قد التزمت لدى إصدارها الأمر أحكامَ القانون، فإن هي خرجت عليها انتفى موجب توقيع الجزاء، وخرج الأمر عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية، وأصبح محضَ تحكمٍ واستبدادٍ، وهو ما يتنافى مع مقتضيات العدالة، وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والموازنة بينها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ذلك سائغا، ولا يخالف الثابت بالأوراق، وانتهت المحكمة إلى نقض الحكم الصادر باعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد سبْق الحكم بوقفها جزائيا؛ لمخالفة حكم الوقف الثابت بالأوراق.
([4]) تنص المادة (212) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه: “لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة، وفي الحالة الأخيرة يجب على المحكمة المحالة إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن”.
وراجع وقارن بما هو مذكور في الهامش السابق.
([5]) يراجع في هذا المبدأ كذلك: حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1012 لسنة 45 ق.ع بجلسة 4/7/2002 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة في ثلاثين عامًا، مكتب فني، ج1، المبدأ رقم 52، ص624).
([6]) يراجع في هذا: حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 27412 لسنة 52 ق.ع بجلسة 3/4/2010 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة في ثلاثين عامًا، مكتب فني، ج2، المبدأ رقم 83/أ، ص989).
([7]) هذه المادة مُستبدلة بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992، (وإن كانت فقرتها الأولى بالصياغة نفسها قبل التعديل).
([8]) تمت مضاعفة قيمة الغرامة الواردة بالفقرة الأولى من هذه المادة بموجب القانون رقم 76 لسنة 2007، بحيث أضحت لا تقل عن أربعين جنيهًا، ولا تجاوز أربع مئة جنيه.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |
1 Comment
[…] […]