برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فايز شكري حنين نوار
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سعيد سيد أحمد القصير، وجعفر محمد قاسم عبد الحميد، وكامل سليمان محمد سليمان، ومحمد محمود عبد الواحد عقيلة
نواب رئيس مجلس الدولة
مبانٍ– مخالفات البناء- تجاوز قيود الارتفاع المقرر قانونًا- يجب أن يصدر قرار إزالة هذه المخالفة عن المحافظ المختص بنفسه، ولا يجوز له التفويض في ذلك- مناط ذلك يرتبط وجودًا وعدمًا بالترخيص، بمعنى أن تكون المخالفة مقترنةً بترخيصٍ صحيح، ويقوم المرخَّص له بتجاوز الترخيص والارتفاع بأعمال البناء بالمخالفة لقيود الارتفاع المقررة قانونًا، أما إذا كانت أعمال البناء قد تمت كلُّها دونِ ترخيصٍ، فيستوي أن يكون هناك تجاوز لقيود الارتفاع من عدمه، ويكون للمحافظ أو من يفوضه إزالة هذه الأعمال([1]).
– المواد (4) و(15) و(16) و(16 مكررًا) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، معدَّلا بالقانون رقم 101 لسنة 1996، والملغى لاحقًا -فيما عدا المادة (13 مكررًا) منه- بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء.
في يوم الثلاثاء الموافق 13/1/2009 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبةً عن الطاعنين (بصفاتهم) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل، قُيد بجدولها العام برقم 6590 لسنة 55ق عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنوفية (الدائرة الأولى) بجلسة 18/11/2008 في الدعوى رقم 2775 لسنة 4ق، القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي. وتم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعنين المصروفات.
وتحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/2/2013، حيث تدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 24/6/2013 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) لنظره بجلسة 12/10/2013، حيث تم نظره بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات، على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 9/11/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه في جلسة النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 2775 لسنة 4ق بتاريخ 15/7/2003 أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية، وطلبوا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك على سندٍ من القول إنه صدر في شأنهم القرار رقم 156 في 25/6/2003 عن الوحدة المحلية بشبين الكوم بإزالة الدور الثالث العلوي بالعقار رقم 66 شارع الحاجب المتفرع من شارع إسكاروس القبلي؛ لإقامته دون الحصول على ترخيصٍ من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، ومتجاوزًا قيود الارتفاع، ونعى المدعون على هذا القرار مخالفته للقانون؛ لانعدام الأساس القانوني الصادر استنادًا له، وهو قرار نائب الحاكم العسكري رقم 1 لسنة 1966، ومرور فترة زمنية طويلة على إقامة العقار، والقصور في التسبب بعدم ذكر الحالة الواقعية للعقار، وعدم إجراء معاينةٍ له. وانتهى المدعون إلى طلباتهم المذكورة آنفًا.
………………………………………………..
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام تلك المحكمة، أصدرت حكمها المطعون فيه بجلسة 18/11/2008، القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن المخالفة المنسوبة للمدعين هي بناء الدور الثالث العلوي بالعقار محل التداعي بدون ترخيصٍ، ومتجاوزًا قيود الارتفاع المسموح به، وهي من المخالفات التي يتعين أن يصدر قرار الإزالة لها عن المحافظ وحده دون غيره؛ بحسبان أن المشرع لم يُجز التفويض في تلك المخالفات، ومن ثم يكون القرار مخالفًا للقانون؛ لصدوره عن غير مختصٍ بإصداره، ويتعين إلغاؤه.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنين بصفاتهم، فقد بادروا بإقامة الطعن الماثل، ناعين على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك أن البناء محل المخالفة تمَّ إقامته بدون ترخيص، وهي من المخالفات التي يجوز للمحافظ التفويض في إزالتها، ومن ثم يكون القرار قائمًا على أسبابه القانونية، ولا ينال من ذلك القول إن القرار صدر عن سلطة غير مختصة؛ إذ إن العقار محل التداعي مُقامٌ أصلا دون الحصول على ترخيصٍ من الجهة الإدارية المختصة. وانتهى الطاعنون بصفاتهم إلى طلباتهم المذكورة آنفًا.
………………………………………………..
وحيث إن المادة رقم (4) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء -المعدلة بالقانون رقم 101 لسنة 1996- تنص على أنه: “لا يجوز إنشاء مبانٍ أو إقامة أعمالٍ أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو إجراء أي تشطيبات خارجية إلا بعد الحصول على ترخيصٍ في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وفقًا لما تبينه اللائحة التنفيذية… ولا يجوز الترخيص بالمباني أو الأعمال المشار إليها… إلا إذا كانت مطابقةً لأحكام هذا القانون…”.
وتنص المادة رقم (15) من القانون نفسه -مستبدلة بموجب القانونين رقمي 30 لسنة 1983 و25 لسنة 1992- على أن: “تُوقَف الأعمال المخالفة بالطريق الإداري، ويصدر بالوقف قرارٌ مُسببٌ من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم يتضمن بيانًا بهذه الأعمال،…”.
وتنص المادة رقم (16) من القانون المذكور -مستبدلة بموجب القانون رقم 101 لسنة 1996- على أن: “يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه قرارًا مُسببًا بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها، وذلك خلال خمسة عشر يومًا على الأكثر من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال…”.
وتنص المادة رقم (16 مكررًا) من القانون المذكور سالفًا -مُضافة بموجب القانون رقم 101 لسنة 1996- على أن: “تُزال بالطريق الإداري الأعمال المخالفة لقيود الارتفاع المقررة طبقًا لهذا القانون… ويصدر بذلك قرار مُسبب من المحافظ المختص دون التقيد بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها في المادتين (15) و(16) من هذا القانون”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع حظر على ذوي الشأن إقامة مبانٍ أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو إجراء تشطيبات خارجية مما تحدده اللائحة التنفيذية، إلا بعد الحصول على ترخيصٍ في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، فإن لم يتم ذلك، كان لهذه الجهة إصدار قرارٍ مُسببٍ بوقف الأعمال، ثم يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه قرارًا مُسببًا بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تمَّ وقفُها، فإن كانت هذه الأعمال المخالفة تتعلق بقيود الارتفاع المقرر طبقًا للقانون رقم 106 لسنة 1976، أو بقانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981، أو بخطوط التنظيم، أو بتوفير أماكن تخصيص لإيواء السيارات، وكذلك التعديات على الأراضي التي اعتُبِرت أثرية، كان المحافظ وحده هو المختص بإصدار قرارٍ مُسببٍ بإزالتها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مناط إعمال مخالفة تجاوز قيود الارتفاع المقرر قانونًا يرتبط وجودًا وعدمًا بالترخيص الصادر في هذا الخصوص، بمعنى أن تكون المخالفة مقترنةً بترخيصٍ صحيح صادر عن الجهة المختصة، ويقوم المرخص له بتجاوز الأعمال المرخص بها والارتفاع بأعمال البناء بالمخالفة لقيود الارتفاع المقررة قانونًا، ففي هذه الحالة يكون واجبًا إعمال مناط الفقرة الأخيرة من المادة (16 مكررًا) من القانون رقم 106 لسنة 1976، بوجوب صدور قرار الإزالة عن المحافظ المختص بنفسه دون جواز التفويض في ذلك، أما في حالة ما إذا كانت الأعمال المخالفة قد تمت كلها بدون ترخيص، فيستوي في هذه الحالة أن يكون هناك أي تجاوز لقيود الارتفاع من عدمه؛ بحسبان أن كل الأعمال تمت بدون ترخيص، ومن ثم تخضع لهذا الأصل، ويكون للمحافظ أو من يفوضه إزالة هذه الأعمال طبقًا للفقرة الأولى من المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم قاموا ببناء الدور الثالث العلوي، وصبِّ سقفه، بمنزلهم الكائن 66 شارع الحاجب المتفرع من شارع إسكاروس القبلي بشبين الكوم، دون الحصول على ترخيصٍ من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، وبالتجاوزِ لقيود الارتفاع، وعلى إثر ذلك صدر قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبين الكوم (القرار المطعون فيه) رقم 156 لسنة 2003 بإزالة هذه الأعمال، بموجب التفويض الصادر له عن المحافظ في هذا الشأن، ولما كان الثابت من الأوراق أيضًا أن العقار محل التداعي قد أُقيم أصلا بدون ترخيصٍ من الجهة المختصة، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر عن المختص بإصداره قانونًا، مُطابقًا لصحيح حكم القانون، حيث يستوي في حالة إقامة الأعمال كلها بدون ترخيص، أن يصدر قرار إزالة الأعمال المخالفة عن المحافظ، أو عمن يفوضه قانونًا، بغض النظر في هذه الحالة عن نوعية المخالفة، وهو ما يكون معه القرار المطعون فيه قد جاء سليمًا من حيث الواقع أو القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب مذهبًا مخالفًا لهذا المذهب، فإنه يكون قد جانبه الصواب، ويتعين الحكمُ بإلغائِه، والقضاءُ مجددًا برفض الدعوى.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (270) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
([1]) في هذا الاتجاه كذلك: حكما الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2334 لسنة 46ق ع بجلسة 9/11/2002، وفي الطعن رقم 3653 لسنة 45ق ع بجلسة 14/2/2004 (غيرا منشورين)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه إذا كانت الأعمال المخالفة متعلقة بتجاوز قيود الارتفاع المقررة قانونا، فإن الاختصاص بإزالتها ينعقد للمحافظ وحده، ولا يجوز له التفويض في ذلك، يستوي في هذا أن يكون المبنى نفسه مقاما بترخيص أو بدون ترخيص.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |