برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فايز شكري حنين نوار
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سعيد سيد أحمد القصير، وجعفر محمد قاسم عبد الحميد، وكامل سليمان محمد سليمان، ومحمد محمود عبد الواحد عقيلة
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) دعوى– الصفة في الدعوى- يقصد بها: المـُكنة القانونية للشخص للمثول أمام القضاء في الدعوى، كمدعٍ أو كمدعَى عليه- الصفة في الدعوى بالنسبة للفرد هي كونه أصيلا أو وكيلا أو ممثلا أو وصيا أو قيمًا، وهي بالنسبة للجهة الإدارية، سواء كانت مدعيةً أم مدعى عليها: صاحب الاختصاص في التعبير عن الجهة الإدارية، أو الشخص المعنوي العام المدعي، أو المتصل بالدعوى موضوعًا، والذي تكون له القدرة الواقعية والقانونية على القيام بها، أو مواجهتها قانونًا بتقديم المستندات والدفاع والدفوع، وماليا بالتنفيذ- التحقق من صفة الخصوم أمرٌ جوهري في انعقاد الخصومة، ويتصل بالنظام العام للتقاضي، تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها، ولو لم يدفع به أيٌّ من الخصوم، وفي أية حالةٍ تكون عليها الدعوى.
– المادة (3) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة.
– المادة (3) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، المستبدَلة بموجب القانون رقم 81 لسنة 1996.
(ب) قرار إداري– دعوى الإلغاء- شرطا الصفة والمصلحة فيها- العلاقة بينهما- يُشترط لقبول دعوى الإلغاء أن تكون هناك مصلحة شخصية مباشرة، مادية أو أدبية، لرافع الدعوى؛ بأن يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه، بحيث يؤثر فيها تأثيرًا مباشرًا- الصفة مسألةٌ شكلية تتضح قبل الدخول في الدعوى، وهي شرطٌ لمباشرة هذه الدعوى أمام القضاء وإبداء دفاعٍ فيها- قد يكون الشخص صاحب مصلحةٍ تُجيز له طلب إلغاء القرار، ومع ذلك لا يجوز له مزاولة هذه الدعوى بنفسه أو بصفته؛ لعدم توفر الأهلية القانونية، أو لعدم وجوده ضمن خصومِ المنازعة الأصلية، أو لزوال صفته، أو لغير ذلك من الأسباب.
(ج) دعوى– الصفة في الدعوى- صفة الهيئة العامة- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة هو صاحب الصفة في النيابة عنها في مواجهة الغير، وتمثيلها أمام القضاء- الأجهزة المنشَأَة لتنمية وإدارة المدن الجديدة التابعة للهيئة العامة للمجتمعات العمرانية الجديدة لا تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة عنها، ومن ثم لا تتوفر لها وحدها الأهلية القانونية لتمثيل الهيئة أمام القضاء.
– قانون الهيئات العامة الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1963.
– المواد (27) و(42) و(44) من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة.
(د) قرار إداري– ركن السبب- القرار الإداري يجب أن يقوم على أسبابٍ تبرره صدقًا وحقًا في الواقع والقانون- إذا ما ذكرت جهة الإدارة لقرارها أسبابًا، فإنها تكون خاضعةً لرقابة القضاء الإداري؛ للتحقق من مدى مطابقتها للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار- تجد هذه الرقابة حدَّها الطبيعي في التحقق مما إذا جاءت النتيجة مُستخلَصة استخلاصًا سائغًا من أصولٍ تُنتجها ماديا وقانونيا، فإذا كانت مُنتزعةً من غير أصول موجودة، أو مُستخلَصة من أصولٍ لا تنتجها، كان القرار فاقدًا لركن السبب، ووقع مخالفًا للقانون.
(هـ) قرار إداري– مناط رقابة مشروعيته- الأصل في بحث مدى صحة القرار الإداري، والأسباب التي قام عليها، أن يرتكز على أساس الأصول الثابتة في الأوراق وقت صدور القرار، ومدى مطابقتها للنتيجة التي انتهى إليها- هذا الأصل قد يطرأ عليه واقع قانوني جديد يُغيِّر منه، فإذا تكشف زوال الواقع القانوني الذي كان يقوم ظهيرًا للقرار المطعون فيه، فعلى المحكمة الإدارية العليا ألا تُغفِل ما يمكن أن يتوفر به السند القانوني الصحيح والأساس الحق، بديلا عما تكشَّف فساده من قديمِ أساسٍ وسابقِ سندٍ، فيكون قضاؤها في ضوء الواقع القائم وقت تصديها للفصل في الطعن، دون أن تُقيد قضاءها بحدود الواقع القانوني الذي كان قائمًا وصدر في ضوئه وعلى هُداه الحكم المطعون فيه([1]).
– في يوم الأربعاء الموافق 19/3/2008 أودع وكيل رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بصفته تقريرَ طعنٍ، قُيِّدَ في الجدول العام لهذه المحكمة برقم 11935 لسنة 54 القضائية (عليا)، طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية) في الدعوى رقم 5097 لسنة 61ق بجلسة 10/2/2008، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب المبينة في تقرير الطعن- الحكم بقبوله شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا: (أصليا) بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، و(احتياطيا) برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
– وفي يوم الأربعاء الموافق 9/4/2008 أودع وكيل جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة تقريرَ طعنٍ، قُيِّدَ في الجدول العام لهذه المحكمة برقم 14281 لسنة 54 القضائية (عليا)، طعنًا في الحكم نفسه المشار إليه، طالبًا في ختامه الطلبات نفسها المبينة في الطعن الأول المذكورة سالفًا.
وأعلن الطعنان إلى المطعون ضده على وفق الثابت في الأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعنين، ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلا، ورفضهما موضوعًا، وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونُظِرَ الطعنان أمام الدائرة الخامسة (فحص الطعون) -المنبثقة عن هذه المحكمة- على وفق الثابت في محاضر جلساتها، وفي جلسة 27/5/2013 قررت إحالتهما إلى هذه المحكمة لنظرهما في جلسة 23/9/2013، والتي نظرتهما فيها، وفي جلسة 23/11/2013 قررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم، وفيها قررت المحكمة إعادة الطعنين إلى المرافعة بالجلسة نفسها، مع ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكمٌ واحد، صدر آخر الجلسة، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
وحيث إنه عن الطعن رقم 11935 لسنة 54 القضائية (عليا)، فقد استوفى جميع أوضاعه الشكلية، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بقبوله شكلا.
وحيث إن عناصر هذا النزاع تخلص -حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن أوراق الطعن- في أنه بتاريخ 25/11/2006 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 5097 لسنة 61 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري في القاهرة، ضد الطاعن بصفته وآخرين، طالبًا فيها الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار الهيئة المدعى عليها فيما تضمنه من رفض منحه ترخيص بناء على قطعة الأرض رقم (5) من القطعة رقم (24) في التجمع الخامس، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الهيئة المصروفات، وذلك على سندٍ من القول إنه بموجب عقد التخصيص المؤرخ في 7/4/2004 خُصِّصَت له قطعة الأرض المشار إليها، بمساحة 621,83 مترًا مربعًا، بمبلغ مقداره (164.784,95 جنيهًا) قام بدفعه كاملا، وقد آلت إليه هذه القطعة من الجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف بطريق التخصيص من جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة الذي قام بتسليم تلك القطعة للمدعي، وبتاريخ 16/10/2006 تقدم إلى هذا الجهاز بطلب لاستخراج ترخيص بناء عليها، مُرفَقًا به جميع البيانات والمستندات والرسومات المتطلبة قانونًا، إلا أنه فوجئ بتاريخ 13/11/2006 برفض اللجنة العقارية الفرعية في الجهاز المذكور لطلبه؛ مُرتكِنةً في ذلك إلى أن الجمعية المذكورة غيرُ مُقنِّنةٍ وضعَها على الأرض، وبناءً عليه لا يتم التعامل مع أعضائها، فتظلم من هذا القرار بالتظلم رقم 13452 في 23/11/2006، وإذ لم يجد ردا على ذلك، فقد أقام هذه الدعوى، ناعيًا على القرار المطعون فيه مخالفته لأحكام القانون، بحسب أنه المخصَّص له قطعة الأرض محل القرار الطعين، وقدم جميع المستندات والرسومات اللازمة لاستخراج الترخيص المطلوب.
………………………………………………..
وتدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري المذكورة، وفي جلسة 10/2/2008 أصدرت حكمها المطعون فيه، وشيَّدت قضاءها على أن الثابت في الأوراق أن القطعة رقم (24) الواقعة ضمن منطقة المستثمرين في التجمع الخامس بمدينة القاهرة الجديدة، الداخلة فيها قطعة الأرض محل القرار الطعين، قد تم تخصيصها إلى الجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف، التي قامت بتخصيص قطعة الأرض للمدعي بموجب عقد التخصيص المؤرخ في 7/4/2004، ودفع ثمنها كاملا وتسلمها منها في التاريخ نفسه، وإذ تقدم إلى جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة بطلب لاستصدار ترخيص بناء على القطعة المذكورة، فرفض الجهاز مُرتكِنًا في ذلك إلى أن الجمعية لم تقم بأداء المستحقات المالية على كامل قطعة الأرض رقم (24)، ولما كان الثابت أن الجمعية المذكورة قامت بدفع كامل هذه المستحقات المالية إلى الجهاز، فمن ثم يكون السبب الذي ارتكن إليه هذا الجهاز لرفض الترخيص المطلوب قد زال، مما يكون معه قرار الجهة الإدارية برفض منح المدعي ترخيص البناء المطلوب مخالفًا لصحيح حكم القانون، ويتعين القضاء بإلغائه.
………………………………………………..
وحيث إن هذا الطعن قد أُسِّسَ على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، إذ قضى بقبول الدعوى رغم رفعها من غير ذي صفة؛ بحسبان أنه لا علاقة بين المطعون ضده والهيئة الطاعنة؛ لأن الأرض مُخصَّصة للجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف، والمبالغ المدفوعة عنها باسم الجمعية، فضلا عن أن الأرض قد تم تخصيصها للجمعية المذكورة مع التزامها بأداء نسبة 10% مصاريف إدارية، مقابل التنازل عن الأرض من الشركة التي كانت مخصَّصة لها سابقًا، وبشرط دفع الجمعية جميع المبالغ المستحقة والفوائد، وإذ لم تلتزم الجمعية بذلك، كما لم تقم بنقل ملكية الأرض، فيكون قرار رفض الترخيص في البناء على القطعة محل هذا القرار قائمًا على السبب المبرر له قانونًا، وإذ لم يقضِ الحكم المطعون فيه بهذا، فإنه يكون واجب الإلغاء، واختتم الطاعن تقرير الطعن بطلباته المبينة سالفًا.
………………………………………………..
وحيث إنه عن الوجه الأول من أوجه هذا الطعن، وهو الادعاء بأن الحكم المطعون فيه قضى بقبول الدعوى رغم رفعها من غير ذي صفة؛ بمقولة إن المطعون ضده ليس طرفًا في العقد المبرَم بين الهيئة الطاعنة والجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف، ومن ثم فإن الدعوى تكون مُقامة من غير ذي صفة، فإن هذا النعي غير سديد، ومردودٌ عليه، بأن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة القضائية هي حالة قانونية، تنشأ عن مباشرة الدعوى بالادعاء لدى القضاء، وقد حدَّد القضاء إجراءات التقدم بهذا الادعاء، الذي ينبني عليه انعقاد الخصومة، ويلزم لصحة الدعوى أن تكون مُوجهةً من صاحب الشأن نفسه، أو من جانب صاحب الصفة في تمثيله، والنيابة عنه، قانونًا أو اتفاقًا، كما أنه من المقرر أن من شروط قبول الدعوى أن تكون هناك مصلحة شخصية مباشرة، مادية كانت أو أدبية، لرافع الدعوى في طلب إلغاء القرار المطعون فيه، بأن يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه، ويكون من شأنه أن يؤثر فيها تأثيرًا مباشرًا، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة شكلا، كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن التحقق من صفة الخصوم أمرٌ جوهري في انعقاد الخصومة، ويتصل بالنظام العام للتقاضي، وبصفة خاصة بالنسبة للدعاوى الإدارية، ويجب على المحكمة التصدي له بالبت والتقصي والتحقيق من تلقاء نفسها.
ولما كان الثابت في الأوراق أن الهيئة الطاعنة خصَّصت وباعت قطعة الأرض الداخلة فيها القطعة المطلوب استصدار ترخيص في البناء عليها إلى الجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف، وتم تخصيص وتسلم المطعون ضده القطعة محل القرار الطعين باعتباره أحد أعضاء هذه الجمعية، ومن ثم فإنه يكون في حالة قانونية خاصة، تجعله صاحبَ صفةٍ ومصلحة في الطعن على القرار المطعون فيه، الصادر عن اللجنة العقارية التابعة للهيئة الطاعنة، فيما تضمنه من رفض السير في إجراءات ترخيص البناء المطلوب على قطعة الأرض المخصَّصة له من الجمعية المذكورة، ومتى كانت الحال كذلك، فإن هذا النعي يكون فاقدًا لأساسه القانوني السليم، حريا بالالتفات عنه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن القرار الإداري يجب أن يقوم على أسبابٍ تبرره صدقا وحقا في الواقع والقانون، فإذا ما ذكرت جهة الإدارة لقرارها أسبابًا، فإنها تكون خاضعةً لرقابة القضاء الإداري؛ للتحقق من مدى مطابقتها للقانون من عدمه، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وتجد هذه الرقابة حدَّها الطبيعي للتحقق مما إذا جاءت النتيجة مُستخلَصة استخلاصًا سائغًا من أصولٍ تُنتجها ماديا وقانونيا، فإذا سارت مُنتزعةً من غير أصول موجودة، أو كانت مُستخلَصة من أصولٍ لا تنتجها، فإن القرار يكون فاقدًا لركنٍ من أركانه، وهو ركن السبب، ووقع مخالفًا للقانون.
وحيث إن المستقر عليه أن الأصل في بحث مدى صحة القرار الإداري الطعين، والأسباب التي قام عليها، يرتكز على أساس الأصول الثابتة في الأوراق وقت صدور القرار، ومدى مطابقتها للنتيجة التي انتهى إليها، إلا أن هذا الأصل قد يطرأ عليه واقع قانوني يُغيِّر منه، فإذا تكشف زوال الواقع القانوني الذي كان يقوم ظهيرًا للقرار المطعون فيه، فإن على المحكمة -وهي بصدد إعمال رقابتها لبحث مدى مشروعية القرار الطعين- ألا تُغفِل ما قد يكون قد نشأ من واقعٍ قانوني جديد، يمكن معه أن يتوفر به السند القانوني الصحيح والأساس الحق، بديلا عما تكشف فساده من قديمِ أساسٍ وسابقِ سندٍ، فيكون قضاؤها في ضوء الواقع القائم وقت تصديها للفصل في الطعن، دون أن تُقيد قضاءها بحدود الواقع القانوني الذي كان قائمًا وصدر في ضوئه وعلى هُداه الحكم المطعون فيه، وأساس ذلك أن هذه المحكمة هي محكمة واقع وقانون، على القمة من مدارج التقاضي الإداري.
وحيث إنه هديًا بما تقدم، وإذ كان الثابت في الأوراق أنه بتاريخ 7/4/2004 خصَّصت الجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف للمطعون ضده قطعة الأرض رقم (5) بمساحة 621,83 مترًا مربعًا، الكائنة ضمن القطعة رقم (24)، الكائنة في منطقة المستثمرين بمدينة القاهرة الجديدة، السابق تخصيصها للجمعية المذكورة بقرار الجهة المختصة في الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية الجديدة، التي وافقت على التقسيم المقدم من الجمعية لكامل القطعة المخصَّصة لها، وذلك على الوجه المبين في تمهيد العقد المؤرخ في 7/4/2004، المبرَم بين الجمعية والمطعون ضده، الذي تسلم القطعة المخصَّصة له في التاريخ نفسه، وبتاريخ 16/10/2006 تقدم إلى جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة بطلب، مُرفَقًا به جميع البيانات والمستندات والرسومات المتطلبة قانونًا، لاستخراج ترخيص بناء على تلك القطعة، فأصدرت اللجنة العقارية الفرعية التابعة للهيئة الطاعنة القرار رقم 172 في 6/11/2006 برفض طلب الترخيص؛ مُرتكِنةً في ذلك إلى أن الجمعية المذكورة سالفًا غيرُ مُقنِّنةٍ وضعَها على كامل قطعة الأرض المخصَّصة لها، الواقعة ضمنها القطعة المطلوب الترخيص في البناء عليها، ومن ثم لا يتم التعامل مع أعضائها، وإذ ثبت في الأوراق كذلك أن الجمعية قامت بدفع رسومِ التنازل عن قطعة الأرض المخصَّصة لها بتاريخ 7/11/2007، وأبرمت معها الهيئة الطاعنة مُلحَقَ عقدٍ مُؤرخًا في 16/1/2008، لعقد البيع الابتدائي المؤرخ في 27/11/1997 المبرَم بينهما على القطعة نفسها، وتضمن نقل تخصيص القطعة رقم (24) من الشركة التي كانت مخصَّصة لها إلى الجمعية الاجتماعية لمستشاري محاكم الاستئناف، ومتى كانت الحال كذلك، وفي ضوء ما نشأ من واقعٍ قانوني جديد، كشف عنه مُلحَقُ العقد المشار إليه المبرَم بين الهيئة الطاعنة والجمعية المذكورة وبين الشركة المتنازِلة، فإن السبب الذي ارتكنت إليه اللجنة العقارية التابعة للهيئة الطاعنة في قرارها برفض السير في الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لاستخراج ترخيص البناء على قطعة الأرض محل هذا القرار، يكون قد زال واقعًا وقانونًا، ومن ثم يضحى فاقدًا لسببه المبرر له، مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى النتيجة نفسها التي انتهت إليها هذه المحكمة على وفق ما تقدم، فمن ثم فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويضحى الطعن الماثل فيه غير قائم على أساسٍ سليم من القانون، مما يتعين معه القضاء برفضه.
………………………………………………..
وحيث إنه عن الطعن رقم 14281 لسنة 54 القضائية (عليا)، فإن المادة (3) من القرار بقانون رقم (47) لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة، تنص على أن: “تُطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، وتُطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نصٌّ، وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي”، وتنص المادة (3) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 -المستبدَلة بالقانون رقم 81 لسنة 1996- على أنه: “لا تُقبل أي دعوى، كما لا يُقبل أي طلبٍ أو دفع استنادًا لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر، لا يكون لصاحبه فيها مصلحةٌ شخصية ومباشرة وقائمة يُقرُّها القانون. ومع ذلك تكفي المصلحةُ المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضررٍ مُحدَق أو الاستيثاق لحقٍّ يُخشى زوال دليله عند النزاع فيه. وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها، في أي حالة تكون عليها الدعوى، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين…”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن قبول الدعوى من النظام العام، فعلى المحكمة الفصل فيه من تلقاء نفسها، ولو لم يدفع به أيٌّ من الخصوم، وهو الأمر الذي حدا المشرع على تعديل نص المادة (3) من قانون المرافعات المذكور آنفًا، بالقانون رقم 81 لسنة 1996، الذي أصبح مقتضاه أن شرط قبول الدعوى أو الطعن أو أي طلب يستوجب أن يكون من أقامه هو صاحب الحق أو المركز القانوني محل النزاع، فإذا لم يتوفر هذا الشرط، تقضي المحكمة من تلقاء نفسها، وفي أية حالةٍ كانت عليها الدعوى، بعدم قبول الدعوى أو الطعن، بحسب الأحوال.
وحيث إن المستقر عليه قضاءً أن الصفة في الدعوى هي المكنة القانونية للشخص على المثول أمام القضاء في الدعوى، كمدعٍ أو كمدعى عليه، فهي بالنسبة للفرد: كونه أصيلا أو وكيلا أو ممثلا أو وصيا أو قيمًا، وهي بالنسبة للجهة الإدارية، سواء كانت مدعيةً أم مدعى عليها: صاحب الاختصاص في التعبير عن الجهة الإدارية، أو الشخص المعنوي العام المدعي، أو المتصل بالدعوى موضوعًا، والذي تكون له القدرة الواقعية والقانونية على القيام بها، أو مواجهتها قانونًا بتقديم المستندات والدفاع والدفوع، وماليا بالتنفيذ. والصفة مسألةٌ شكلية تتضح قبل الدخول في الدعوى، كما أنها شرطٌ لمباشرة هذه الدعوى أمام القضاء وإبداء دفاع فيها؛ ذلك أنه قد يكون الشخص صاحب مصلحةٍ تُجيز له طلب إلغاء القرار، ومع ذلك لا يجوز له مزاولة هذه الدعوى بنفسه أو بصفته؛ لقيام سببٍ من أسباب عدم الأهلية القانونية، أو عدم وجوده ضمن خصوم منازعة الأصل، أو زوال صفته التي كانت له في منازعة الأصل، أو لغير ذلك من الأسباب.
وحيث إنه على وفق قانون الهيئات العامة الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1963، فإن الهيئة العامة تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة، ورئيس مجلس إدارتها هو صاحب الصفة في النيابة عنها في مواجهة الغير، وتمثيلها أمام القضاء.
وحيث إنه هديًا بما تقدم، وإذ كانت الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية، على وفق أحكام المواد (27) و(42) و(44) من القانون رقم 59 لسنة 1979 بإنشاء هذه الهيئة، تتمتعُ بالشخصية المعنوية المستقلة، ويَنوبُ عنها رئيسُ مجلس إدارتها في مواجهة الغير، ويمثلها أمام القضاء، ويجوز لها أن تنشئ جهازًا أو أكثر لتنمية المجتمعات العمرانية الجديدة؛ وذلك لمباشرة بعض الاختصاصات المخولة لها، وذلك لإدارة المرافق والمشروعات الداخلة في النطاق الجغرافي لكل جهاز، ومقتضى ذلك أن هذه الأجهزة تابعةٌ للهيئة المذكورة، ولا تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة عنها، ومن ثم لا تتوفر لها وحدها الأهلية القانونية لتمثيل الهيئة أمام القضاء، ومتى كانت الحال كذلك، وإذ أُقِيمَ هذا الطعن من رئيس جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة التابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، فإنه يكون قد أُقِيمَ من غير ذي صفةٍ، حريا بعدم القبول شكلا.
وحيث إن خاسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادتين (184) و(270) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة:
(أولا) بقبول الطعن رقم 11935 لسنة 54 القضائية (عليا) شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.
(ثانيًا) بعدم قبول الطعن رقم 14281 لسنة 54 القضائية (عليا) شكلا لرفعه من غير ذي صفة، وألزمت الطاعن المصروفات.
[1])) في هذه المسألة اتجاهات للمحكمة الإدارية العليا:
الاتجاه الأول: قررت فيه المحكمة قاعدة مطلقة بأن مشروعية القرار الإداري توزن بمجموع الظروف والأوضاع القائمة وقت إصداره، دون تلك التي تطرأ بعد ذلك (الحكم الصادر بجلسة 20 من إبريل سنة 2014
في الطعن رقم 6069 لسنة 48 القضائية عليا، منشور بهذه المجموعة، المبدأ رقم 55/ج، وكذا حكم الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2071 لسنة 45 القضائية عليا بجلسة 7/5/2001، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة بالمحكمة الإدارية العليا 2000/2001، مكتب فني، جـ2، المبدأ رقم 12، ص653). وفي الاتجاه نفسه: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 39155 لسنة 56 القضائية عليا بجلسة 21/5/2011 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في شأن الأحزاب السياسية والطعون الانتخابية 2010، مكتب فني، المبدأ رقم 4/أ، ص69)، وفيه بينت المحكمة أن المركز القانوني الذي يحدثه القرار الإداري كتصرف قانوني إرادي يترتب بمجرد إفصاح الجهة الإدارية عن إرادتها، فيكتمل بذلك نشوء هذا المركز، ومن ثم تكون القاعدة الواجبُ تطبيقُها لتبيان مدى اتفاق القرار بما رتبه من مركز مع حكمها من عدمه، هي القاعدةُ التي صدر القرار إبان العمل بها، في ظل نفاذها زمانيا، دون ما يكون قد أدخل عليها من تعديل بعد استنفاد الجهة الإدارية ولايتها بإصداره، فيجب وزن تصرفها عند استدعاء ولاية قاضي المشروعية بميزان تلك القاعدة قبل تعديلها، وإلا لأدى تطبيق القاعدة الجديدة بشأن ذلك القرار إلى الانثناء بها تطبيقا بأثر رجعي، خروجا عن المبادئ القانونية المستقرة دستورا وقانونا.
وفي اتجاه ثانٍ يقيد من هذا النظر: انتهت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في الطعن رقم 6007 لسنة 44 القضائية عليا بجلسة 31/3/2001 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة الأولى بالمحكمة في 2000/2001، مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم 101، ص704) إلى أن القضاء المتواتر للمحكمة الإدارية العليا القاضي بأن العبرة فيما إذا كان القرار صحيحا أو غير صحيح هي بكونه كذلك وقت صدوره، لا بما يجِدُّ بعد ذلك من أحداث من شأنها أن تغير وجه الحكم عليه فيما لو كانت قائمة وقت صدوره، يتعين أن يكون محمولا على كون هذه الأحداث لا تتصل بحكم صادر بالإلغاء؛ احتراما للحجية المطلقة التي أسبغها عليه المشرع في مواجهة الجميع، ونظرا إلى الطبيعة الخاصة لدعوى الإلغاء باعتبارها دعوى مشروعية، وإلى الحكم الصادر بشأنها، وتطبيقا لذلك: إذا صدر قرار عن مجلس تأديب إحدى الجامعات بعزل أستاذ من وظيفته، ثم صدر حكم عن المحكمة الإدارية العليا بإلغاء هذا القرار، فإن الحالة الموجبة لإسقاط عضوية مجلس إدارة نادي أعضاء هيئة التدريس عنه تنتفي، ومن ثم يكون قرار الجهة الإدارية بحل مجلس إدارة نادي أعضاء هيئة التدريس بدعوى عدم قيام النادي بإسقاط عضوية مجلس إدارة النادي عنه كطلبها منه بسبب صدور قرار مجلس التأديب بعزله لا يقوم على سبب صحيح يبرره قانونا؛ إعمالا للأثر الكاشف للحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بإلغاء القرار الصادر بعزله، والذي يترتب عليه أن يكون القرار قد أعدم من تاريخ صدوره، ولا يرتب في الواقع أو القانون أثرا؛ لأن أثر الحكم لا يقتصر على مجرد إلغاء قرار العزل الصادر عن مجلس التأديب، بل يمتد أثره إلى كل قرار يستند إلى هذا القرار الملغى أيا كانت جهة إصداره.
وفي اتجاه ثالث مقيد كذلك، ومماثل لما انتهجه الحكم المنشور أعلاه بينت المحكمة الإدارية العليا أنها محكمة واقع ومحكمة قانون، عليها وهي بصدد إعمال رقابة المشروعية ألا تغفل ما نشأ من واقع قانوني جديد يمكن أن يتوفر به السند الصحيح بديلا عما تكشف فساده من سابق سند، فيكون قضاؤها في ضوء الواقع القائم وقت تصديها للفصل في الطعن، دون التقيد بالواقع القانوني الذي كان قائما وصدر على هداه الحكم المطعون فيه. وكان تقرير هذا المبدأ لدى نظر المحكمة طعنا في قرار وزير الداخلية بمنع أحد المواطنين من السفر، حيث تكشف واقع قانوني بعد صدور الحكم المطعون فيه تمثل في صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 243 لسنة 21 ق (دستورية) بجلسة 4/11/2000 بعدم دستورية المادتين (8) و (11) من القرار الجمهورى بالقانون رقم 97 لسنة 1959 فيما تضمنه من تخويل وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية سلطة تحديد شروط منح جواز السفر، وبسقوط المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996. (حكمها الصادر في الطعن رقم 5826 لسنة 45 ق ع بجلسة 11/7/2002، مجموعة س 47 مكتب فني، المبدأ رقم 83، ص758).
كما انتهت في حكمها الصادر في الطعن رقم 1180 لسنة 50 القضائية عليا بجلسة 6/1/2007 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة الأولى 2006/2007، مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم 3، ص100) إلى أنه إذا كانت العبرة في الحكم على مشروعية القرار هي بالقواعد النافذة وقت صدوره، فإن مناط ذلك أن يكون القرار المطعون فيه قد استحدث مركزا قانونيا يمكن لصاحب الشأن أن يستمد منه حقا ذاتيا فيما لو أقرته المحكمة عليه، أما إذا كان القرار لم يستحدث أصلا أي مركز قانوني فإن نشوء هذا المركز بعد ذلك يكون رهنا بالظروف والأوضاع القانونية السائدة وقتئذ، ومادام لم يصدر حكم قاطع في النزاع بين الطرفين فإن أي تعديل للقواعد القانونية المنظمة يصدر أثناء نظر الطعن وقبل الفصل فيه يطبق بأثر مباشر وحال على النزاع، ولا يسوغ للمحكمة إغفاله مادام متصلا بالنزاع ومؤثرا في نتيجة الفصل فيه.
وتطبيقا لهذا انتهت المحكمة إلى أن المشرع وإن كان قد أضاف الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب (وقت أن كان التشريع يقرر ذلك) إلى الحالات التي تنشأ فيها الأحزاب السياسية وتتمتع بالشخصية الاعتبارية، إلا أنه قد غاير بين هذه الحالات فيما يتعلق بتاريخ اكتساب الشخصية الاعتبارية وممارسة الحزب لنشاطه السياسي؛ فبينما يبدأ هذا التاريخ من اليوم التالي لنشر قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالموافقة على تأسيس الحزب في الجريدة الرسمية، أو اليوم العاشر من تاريخ هذه الموافقة إذا لم يتم النشر، فإن تاريخ صدور الحكم هو المعول عليه في حالة اللجوء إلى المحكمة طعنا في قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب؛ وذلك لكون الحكم في هذه الحالة منشئا للمركز القانوني للحزب في التأسيس وليس كاشفا عنه، ومن ثَمّ فإنه يشترط أن يكون طلب تأسيس الحزب مستوفيا جميع الشروط المتطلبة على وفق القواعد القانونية المعمول بها وقت الفصل في النزاع، فإذا ما عدلت هذه القواعد وترتب على ذلك أن أضحى الطلب لا يستوفي شرائطه، كان فاقدا أساس قبوله.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |