مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعنان رقما 5852 و 7674 لسنة 57 القضائية (عليا)
سبتمبر 10, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة – الطعن رقم 17840 لسنة 53 القضائية (عليا)
سبتمبر 10, 2021

الدائرة الثالثة – الطعن رقم 7690 لسنة 48 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 26 من مارس سنة 2013

الطعن رقم 7690 لسنة 48 القضائية (عليا)

(الدائرة الثالثة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ منير صدقي يوسف خليل وأحمد عبد الراضي محمد حسن حماد وعبد الفتاح السيد أحمد عبد العال الكاشف وسامح جمال وهبه.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) طرق عامة– القيود المفروضة على الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة- فرض المشرع قيودًا على الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة بأنواعها المختلفة، لمسافاتٍ تختلف باختلاف أنواع هذه الطرق، وحظر الانتفاع بهذه الأراضي في أي غرضٍ إلا في الزراعة، مع عدم إقامة منشآت عليها- لا يُطبق هذا الحكم داخل حدود مجالس المدن إلا في الأجزاء المارة بالأراضي الزراعية- مخالفة هذا الحظر تُرتِّب عقوبات جنائية، فضلا عن إزالة المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف.

– المواد أرقام (1) و(10) و(12) و(13) و(15) من القرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة، المعدَّل بموجب القانون رقم 146 لسنة 1984، وقبل تعديله بموجب القانون رقم 229 لسنة 1996.

(ب) دعوى– الحكم في الدعوى- حجية الأحكام- الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي فيه تكون حجةً فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبولُ دليلٍ ينقض هذه الحجية- حجية الحكم لا تكون إلا بالنسبة للخصوم أنفسهم وبصفاتهم نفسها- تمتد الحجية إلى الخلف العام، ولا تمتد إلى الخلف الخاص إلا إذا كان الحكم سابقًا على اكتساب هذا الخلف حقه.

– المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968.

(ج) دعوى– الحكم في الدعوى- حجية الأحكام- حجية الأحكام الجنائية في المنازعات المدنية والإدارية- الحكم الجنائي الصادر بالبراءة أو الإدانة له قوة الشيء المحكوم فيه أمام محاكم مجلس الدولة في الدعاوى الإدارية المتداولة أمامها، فيما يتعلق بوقوع الفعل محل الجريمة، والوصف القانوني لهذا الفعل، ونسبته إلى فاعله- يمتنع على القاضي الإداري أن يعيد بحث هذه الأمور مرة أخرى.

– المادة (102) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية.

(د) طرق عامة– التعدي عليها- إذا قضت المحكمة الجنائية بالبراءة لانتفاء التعدي، بحسبانه الواقعة التي يتكون منها الكيان المادي للمخالفة محل الاتهام، فقد نفى أيةَ مخالفةٍ بالعين ذاتها، وأصبح القرار الصادر بإزالة التعدي في هذه الحالة مفتقدًا ركن السبب- تمتد حجية هذا الحكم إلى الخلف الخاص لمن اتُّهم بالتعدي، مادام أن الحكم كان سابقًا على اكتساب هذا الخلف حقه.

– المادة رقم (13) من القرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة، المعدَّلة بموجب القانون رقم 146 لسنة 1984.

– المادة رقم (304) من قانون الإجراءات الجنائية.

الإجراءات

في يوم الخميس 2/5/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبةً عن الطاعن بصفته، قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنوفية في الدعوى رقم 6001 لسنة 1 القضائية بجلسة 5/3/2002، القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات.

وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.

ونظر الطعن أمام الدائرة السادسة عليا “فحص” على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حتى أحيل إلى الدائرة السادسة عليا “موضوع”، فنظر على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم أحيل إلى هذه الدائرة للاختصاص، وتدوول نظره أمام هذه المحكمة، وبجلسة 29/6/2010 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وتمهيديا وقبل الفصل في موضوع الطعن بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنوفية ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لأداء المأمورية المبيَّنة بأسباب هذا الحكم: (استجلاء ما إذا كانت المخالفة المنسوبة للمطعون ضده والصادر بشأنها القرار المطعون فيه، هي ذاتها المخالفة التي كانت منسوبة للمدعو/… البائع له قطعة الأرض محل المخالفة، التي قُضِيَ فيها ببراءته منها في الجنحة رقم 10103 لسنة 1996، مع بيان أوجه الاختلاف بين المخالفتين إن كان هناك اختلاف في هذا…)، وعلى الجهة الإدارية الطاعنة إيداع مبلغ خمس مئة جنيه خزانة المحكمة لحساب مصاريف وأتعاب مكتب الخبراء تُصرَف للخبير دون إجراءات فور إيداع التقرير…، وحدَّدت لنظر الطعن جلسة 21/9/2010 في حالة عدم إيداع الأمانة، وجلسة 26/10/2010 في حالة إيداعها، وأبقت الفصل في المصروفات. ولم تسدد الجهة الإدارية الطاعنة أمانة الخبير، فنظرت المحكمة الطعن بجلسة 21/9/2010 وما تلاها من جلسات.

وبجلسة 24/1/2011 حكمت المحكمة بوقف الطعن جزائيا لمدة شهر لعدم سداد أمانة الخبير، وعجلت الجهة الإدارية الطعن من الوقف، حيث حُدِّدت لنظره جلسة 15/5/2012 وفيها حضر المطعون ضده بشخصه وقدم حافظة مستندات، وبجلسة 27/11/2012 قرر الحاضر عن الدولة أنه يتنازل عن الحكم الصادر بندب الخبير، وطلب حجز الطعن للحكم بحالته، وبالجلسة نفسها قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة 22/1/2013، ومذكرات بالإيداع في أسبوعين لمن يشاء، وقد انقضى هذا الأجل دون أن يقدم الخصوم شيئًا، ثم مُدَّ أجل النطق بالحكم حتى جلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

وحيث إن الطاعن بصفته يطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.

وحيث إن المحكمة سبق أن قضت بقبول الطعن شكلا، فلا محل لمعاودة بحث الشكل مرة أخرى.

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل -بحسب ما يُؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات- في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 6001 لسنة 1ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية بتاريخ 3/10/1990، طالبًا قبولها شكلا، وإلغاء القرار رقم 767 لسنة 1999 بإزالة التعدي على الطريق العام رقم 21 أبو سيف طليا بحوض الحلية زمام ناحية الكوادي- مركز أشمون محافظة المنوفية، ناعيا على هذا القرار مخالفته للقانون؛ إذ إن البناء الذي أقامه بجانب هذا الطريق يقع داخل الكتلة السكنية، وقد حصل على حكم جنائي ببراءته من تهمة التعدي على الطريق العام.

وبجلسة 5/3/2002 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس أن المدعي قُدِّمَ للمحاكمة الجنائية في الجنحة رقم 14416 لسنة 1995 جنح شبين الكوم بتهمة إقامة مبان بجوار الطريق العام دون تصريح من الجهة المختصة ودون ترك المسافة القانونية، وبجلسة 3/1/1996 حكمت المحكمة الجنائية بتغريمه عشرة جنيهات ورد الشيء إلى أصله، فاستأنف المدعي الحكم بالاستئناف رقم 10103 لسنة 1996 وقضت المحكمة ببراءته، وأصبح هذا الحكم نهائيا وله حجيته، مما يضحى معه القرار المطعون فيه مخالفًا للقانون، متعينَ الإلغاء.

…………………………………………………………….

وحيث إن الجهة الإدارية لم ترتضِ حكم محكمة القضاء الإداري، فطعنت عليه بالطعن الماثل، وبنت طعنها على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن الحكم الجنائي الصادر لمصلحة المطعون ضده لا يقيد الجهة الإدارية في إزالة التعدي الواقع على الطريق العام.

…………………………………………………………….

وحيث إن المادة (1) من القرار بقانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة([1]) تنص على أن: “تنقسم الطرق العامة إلى الأنواع الآتية: (أ) طرق سريعة. (ب) طرق رئيسية. (ج) طرق إقليمية. وتنشأ الطرق الرئيسية والسريعة وتُعدَّل وتُحدَّد أنواعُها بقرارٍ من وزير النقل، وتُشرِف عليها المؤسسة المصرية العامة للطرق والكباري. أما الطرق الإقليمية فتُشرِف عليها وحدات الإدارة المحلية”.

وتنص المادة (10) على أن: “تعتبرُ ملكيةُ الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة لمسافة خمسين مترًا بالنسبة إلى الطرق السريعة، وخمسة وعشرين مترًا بالنسبة إلى الطرق الرئيسية، وعشرة أمتار بالنسبة إلى الطرق الإقليمية. وذلك خارج الأورنيك النهائي المحدَّد بحدائد المساحة طبقًا لخرائط نزع الملكية المعتمَدة لكل طريقٍ، محملةً لخدمة أغراض هذا القانون بالأعباء الآتية:

(أ) لا يجوز استغلال هذه الأراضي في أي غرضٍ غير الزراعة، ويُشترط عدم إقامة أية منشآت عليها. ولا يسري هذا الحكم داخل حدود مجالس المدن إلا في الأجزاء المارة بأراضٍ زراعية…”.

وتنص المادة (12) من القانون المذكور على أنه: “مع عدم الإخلال بأحكام المادة (10) لا يجوز بغير موافقة الجهة المشرِفة على الطريق إقامة أية منشآت على الأراضي الواقعة على جانبي الطريق العام ولمسافة توازي مثلا واحدًا للمسافة المشار إليها في المادة (10)…”.

وتنص المادة (13) منه، مُستبدَلة بالقانون رقم 146 لسنة 1984، على أن: “يُعاقَب بالحبس مدة لا تزيد على شهرٍ وبغرامةٍ لا تجاوز مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يتعدى على الطرق العامة بأحد الأعمال الآتية: 1-… 2-… 3- اغتصاب جزءٍ منها. 4- إقامة منشآتٍ عليها بدون إذنٍ من الجهة المشرِفة على الطريق…”.

ثم تنص المادة (15) من القانون المذكور على أنه: “فضلا عن العقوبات المنصوص عليها في المادتين السابقتين يُحكَم بإلزام المخالِف بدفع مصروفات رد الشيء إلى أصله، ويكون تحصيلُها بناء على تقدير الجهة المشرِفة على الطريق على أساس المصاريف الفعلية مضافًا إليها مصاريف إدارية مقدارها 15% من قيمتها. وفي جميع الأحوال يكون للجهة المشرِفة على الطريق إزالة المخالفة إداريا على نفقة المخالف”.

وحيث إن المستفاد مما تقدم -على وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة- أن المشرع فرض قيودًا على الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة بأنواعها الثلاثة: السريعة والرئيسية والإقليمية، لمسافات تختلف باختلاف أنواع هذه الطرق، وحظر الانتفاع بهذه الأراضي في أي غرضٍ إلا في الزراعة، مع عدم إقامة أية منشآتٍ عليها، ولا يسري هذا الحكم داخل حدود مجالس المدن إلا في الأجزاء المارة بالأراضي الزراعية، وفرض المشرع على مخالفة هذا الحظر عقوبات جنائية، فضلا عن إزالة المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 13119 لسنة 50ق. عليا بجلسة 20/4/2010)

وحيث إن المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، معدَّلا بموجب القانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999، تنص على أن: “الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجةً فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبولُ دليلٍ ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاعٍ قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببًا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”.

وتنص المادة (102) من القانون المذكور على أنه: “لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصلُه فيها ضروريا”.

وحيث إن مفاد المادة (101) من قانون الإثبات -على وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أن الحكم متى كان قطعيا فاصلا في النـزاع كله أو بعضه، فإنه تكون له حجية يكتسبها من لحظة صدوره، وهي حجية تستنفد بها المحكمة ولايتها، ويمتنع على الخصوم معاودة النـزاع في ذات المسألة التي فصل الحكم فيها بقضاء حاسم، وليس من ريب في أن القول بغير ذلك يُفْضِي إلى تأبيد المنازعات وعدم وقوفها عند حد، وهو ما يتنافى وضرورة استقرار الأوضاع وتفادي تناقض الأحكام، فالأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجةً فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبولُ دليلٍ ينقض هذه الحجية، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها. وحجية الحكم لا تكون إلا بالنسبة إلى الخصوم أنفسهم وبنفس صفاتهم ولا يمتد أثرها إلى الغير، وهو أحد شروط اتحاد الخصوم في حجية الأمر المقضي.

والحكم يكون حجةً أيضًا بالنسبة للخلف العام والخلف الخاص، ومناط امتداد حجية الحكم إلى الخلف الخاص أن يكون الحكم متعلقًا بالعين التي انتقلت إلى الخلف الخاص، وأن يصدر قبل انتقال العين إلى الخلف واكتسابه الحق عليها، كلُّ ذلك إعمالا لقاعدة عامة هي أن حجية الحكم لا تمتد إلى الخلف الخاص إلا إذا كان الحكم سابقًا على اكتساب الخلف حقه. (أحكام المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2130 لسنة 36ق.ع بجلسة 11/10/1997، وفي الطعن رقم 4796 لسنة 41ق.ع بجلسة 29/4/2001، وفي الطعن رقم 1653 لسنة 34ق.ع بجلسة 26/11/1996)

وحيث إن مفاد المادة (102) من قانون الإثبات -المذكورة سالفًا- على وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها الأخير وكان فصله فيها لازمًا وضروريا، خاصة فيما يتعلق بوقوع الفعل ووصفه القانوني ونسبته إلى فاعله، وغنيٌ عن البيان أن تلك الحجية تثبت للحكم الجنائي إذا كان مَبْنِيا على انتفاء التهمة، أي فيما قطع به من أن الواقعة لم تحدث أصلا، أو أنها لم تقع من المتهم بالذات. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11608 لسنة 48ق. عليا بجلسة 1/1/2008)

كما استقر قضاؤها أيضًا على أنه من المبادئ العامة التي استقر عليها القضاء الإداري بالنسبة لحجية الأحكام الجنائية في مجال المنازعات الإدارية، أنه كما أن الحكم الجنائي حجةٌ فيما يَفصِل فيه في المنازعات المدنية من حيث حدوث الوقائع محل الاتهام ونسبتها إلى فاعلها، فإن الحجية نفسها تكون للأحكام الجنائية في مجال المنازعات الإدارية، فالقضاء الإداري يتقيد أصلا بالوقائع التي يتكون منها الكيان المادي للواقعة محل الاتهام، ومدى صحة وقوع الفعل ونسبته إلى المتهم، والحكم الجنائي الصادر عن المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة له قوة الشيء المحكوم فيه أمام محاكم مجلس الدولة في الدعاوى الإدارية المتداولة أمامها ولم يكن قد فصل فيها بحكم نهائي، وذلك فيما يتعلق بوقوع الفعل محل الجريمة المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والإدارية، وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة، ومن ثم يمتنع على القاضي الإداري أن يعيد بحثها مرة أخرى، وعليه أن يعوِّل عليها في بحث المركز القانوني المتنازع عليه، حتى لا يُصْدِرَ حكمًا مخالفا لحكم جنائي سابق. (حكما المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 933 لسنة 44ق.ع بجلسة 27/8/2001، وفي الطعن رقم 7963 لسنة 48ق.ع بجلسة 21/1/2006)

وحيث إن الثابت بالأوراق أن المحكمة أتاحت للطاعن بصفته وسيلة الاستعانة بأهل الخبرة لإثبات ما ينسبه للحكم المطعون فيه من مطاعن، حيث حكمت بجلسة 29/6/2010 بقبول الطعن شكلا، وتمهيديا وقبل الفصل في موضوع الطعن بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنوفية ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لأداء المأمورية المبيَّنة بأسباب هذا الحكم، وهي استجلاء ما إذا كانت المخالفة المنسوبة للمطعون ضده الصادر بشأنها القرار المطعون فيه هي المخالفة ذاتها التي كانت منسوبة للمدعو/… البائع له قطعة الأرض محل المخالفة، التي قُضِيَ فيها ببراءته منها في الجنحة رقم 10103 لسنة 1996، مع بيان أوجه الاختلاف بين المخالفتين، إن كان هناك اختلافٌ في هذا…)، وبجلسة 24/1/2011 حكمت المحكمة بوقف الطعن جزائيا لمدة شهر لعدم سداد أمانة الخبير، وعَجَّلت الجهة الإدارية الطعن من الوقف، حيث حُدَّدت لنظره جلسة 15/5/2012، وفيها حضر المطعون ضده بشخصه وقدم حافظة مستندات، وبجلسة 27/11/2012 قرر الحاضر عن الطاعن بصفته أنه يتنازل عن الحكم الصادر بندب الخبير، وطلب حجز الطعن للحكم بحالته، بما يقيم قرينة لمصلحة المطعون ضده أن الحكم الجنائي المشار إليه هو عن الواقعة ذاتها محل قرار الإزالة الطعين، لاسيما أن الطاعن بصفته لم يذكر في تقرير طعنه الجنحة المشار إليها (التي قُضِيَ فيها بالبراءة استئنافيا عن المخالفة ذاتها محل القرار الطعين)،  بل بنى طعنه على أن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة لا يقيد الجهة الإدارية في إزالة التعدي الواقع على الطريق العام، استنادًا إلى أن معنى التعدي في المجال الإداري يختلف عنه في المجال الجنائي، فالحكم الجنائي لا يقيد القاضي الإداري عند الفصل في مدى مشروعية قرار الإزالة من وجهة نظره.

وفي ضوء ما تقدم، وحيث إن الثابت بالأوراق أن الأعمال المخالفة محل قرار الإزالة هي صب قواعد خرسانية وسملات لإقامة مبانٍ على مساحة 19مترًا × 15مترًا، والجزء المخالف من المبنى على مساحة 15مترًا × 16مترًا، ويبعد عن خط حدايد الطريق رقم 12 المرصوف بمسافة أربعة أمتار، بناحية الكوادي مركز أشمون محافظة المنوفية، وكان الثابت من الأوراق أيضًا أن بائع الأرض محل المخالفة للمطعون ضده ويدعى/… قُدِّم للمحاكمة الجنائية في عام 1995 في قضية النيابة العمومية رقم 14416 لسنة 1995 جنح أشمون، لإقامته مباني بجوار الطريق العام دون تصريح من الجهة المختصة، وإقامته مباني بجوار الطريق العام دون ترك مسافة قانونية، وبجلسة 3/1/1996 قضت محكمة الجنح في الجنحة رقم 14416 لسنة 1995 جنح أشمون المشار إليها بتغريمه عشرة جنيهات ومصروفات رد الشيء لأصله، فاستأنف المذكور الحكم الجنائي الصادر ضده، وبجلسة 4/4/1996 قضت محكمة الجنح المستأنفة في قضية النيابة العمومية رقم 10103 لسنة 1996 جنح مستأنفة شبين الكوم بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهم مما نسب إليه، وقد استندت المحكمة المذكورة في الحكم بالبراءة -على النحو الثابت من الحكم المرفَق بأوراق الطعن- إلى حكم المادة (13) من القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة، والمادة (304) من قانون الإجراءات الجنائية.

وحيث إن المادة (13) من القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة تنص على أن: “يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهرٍ وبغرامةٍ لا تجاوز مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يتعدى على الطرق العامة بأحد الأعمال الآتية: 1-… 2-… 3- اغتصاب جزءٍ منها.  4- إقامة منشآت عليها بدون إذن من الجهة المشرفة على الطريق…”.

وتنص المادة (304) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: “إذا كانت الواقعة غيرَ ثابتةٍ أو كان القانون لا يُعاقب عليها، تحكم المحكمة ببراءة المتهم ويُفرج عنه إن كان محبوسًا من أجل هذه الواقعة وحدها”؛ ومن ثم فإن استناد محكمة الجنح المستأنفة إلى المادتين المبينتين سالفًا يُثبِت أنها انتهت إلى البراءة استنادًا إلى أن الواقعة غير ثابتة، ومن ثم يكون هذا الحكم وقد قضى بالبراءة لعدم ثبوت واقعة التعدي على الطريق حجةً فيما قضى به، ويكون القرار المطعون فيه بإزالة هذا البناء بزعم تعديه على الطريق قد خالفَ حجيةَ الحكم الجنائي المشار إليه، وأضحى فاقدًا لسببه الصحيح في الواقع والقانون، خليقًا بالإلغاء.

ولا ينال من سلامة ذلك ما ورد بالطعن من أن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة لا يقيد الجهة الإدارية في إزالة التعدي الواقع على الطريق العام، استنادًا إلى أن معنى التعدي في المجال الإداري يختلف عنه في المجال الجنائي، فالحكم الجنائي لا يقيد القاضي الإداري عند الفصل في مدى مشروعية قرار الإزالة، فذلك القول مردودٌ بأن القضاء الإداري يتقيد أصلا بالوقائع التي يتكون منها الكيان المادي للواقعة محل الاتهام ومدى صحة وقوع الفعل ونسبته إلى المتهم، وأن مخالفة التعدي على الطريق تتعلق بالعين وما اعتورها من مخالفة، فإذا ما قضت المحكمة الجنائية بالبراءة لانتفاء التعدي؛ بحسبانه الواقعة التي يتكون منها الكيان المادي للمخالفة محل الاتهام، فقد نفى أية مخالفة بالعين ذاتها، وانتقلت بذلك العين إلى المطعون ضده -بحسبانه خلفًا خاصًا- مبرأةً من عيب التعدي، بحسبان أن الحكم الجنائي صدر قبل انتقال العين إلى الخلف واكتسابه الحق عليها، حيث صدر الحكم الجنائي بجلسة 4/4/1996 عن محكمة الجنح المستأنفة في قضية النيابة العمومية رقم 10103 لسنة 1996 جنح مستأنفة شبين الكوم -على النحو المبين سلفًا- وانتقلت العين إلى المطعون ضده بموجب عقد البيع المؤرَّخ في 1/1/1997، ومن ثَمَّ أصبح قرار إزالة التعدي في هذه الحالة فاقدًا لركن السبب، خليقًا بالإلغاء.

وحيث إن الحكم المطعون فيه انتهج ذات النهج، وذهب ذات المذهب، فإن ما انتهى إليه يتفق وصحيح القانون، ويضحى الطعن الماثل غير قائم على سندٍ يبرِّره، وتقضي المحكمة برفضه.

وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الطعن موضوعًا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.

[1])) قبل تعديله بموجب القانون رقم 229 لسنة 1996، الذي استُبدل بموجبه بنص هذه المادة –كما ورد بالحكم- النص التالي: “تنقسم الطرق العامة إلى الأنواع الآتية: (أ) طرق حرة. (ب) طرق سريعة. (جـ) طرق رئيسية. )د) طرق محلية. وتنشأ الطرق الحرة والسريعة والرئيسية وتُعدَّل وتُحدَّد أنواعُها بقرارٍ من وزير النقل، وتُشرِف عليها الهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري. أما الطرق المحلية فتُشرِف عليها وحدات الإدارة المحلية”.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV