برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ منير صدقي يوسف خليل ومسعد عبد الحميد محمد أحمد أبو النجا وعبد الفتاح السيد أحمد عبد العال الكاشف وسامح جمال وهبه.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) تحكيم– حجية الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم- ما يصدر عن هيئة التحكيم من أحكامٍ يحوز ما للأحكام القضائية من حجية، ويصير نهائيا وباتًا بعدم الطعن عليه خلال المواعيد القانونية المقرَّرة.
(ب) عقد إداري– تعديل العقد– يحق للجهة الإدارية تعديل العقد أثناء تنفيذه، وتعديل مدى التزامات المتعاقد معها، فتزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الطرف الآخر، أو تنقصها، وتتناول الأعمال أو الكميات المتعاقدة عليها بالزيادة أو بالنقص على خلاف ما ينص عليه العقد- تَرِد على سلطة التعديل قيود معينة تقتضيها ضرورة التوفيق بين المصلحة العامة والمصالح الفردية للمتعاقدين معها- يتعين أن تكون هذه الأعباء في الحدود الطبيعية والمعقولة- لا تنصب سلطة الإدارة في التعديل على الشروط التي تحدد المقابل النقدي للعقد- إذا كان هناك مقتضٍ لتجاوز النسب المقرَّرة، في حالات الضرورة الطارئة، وجب أن يوافق المتعاقد على ذلك([1]).
(ج) عقد إداري– تنفيذه- تعديل حجم العقد- تبعية الأعمال الإضافية للعقد الأصلي- قضاء هيئة التحكيم بزيادة أسعار العقد الأصلي يقتضي أن تصبح هذه القيمة بعد الزيادة المشار إليها هي الأساس الذي يتم بناء عليه حساب قيمة الزيادة في الأعمال الإضافية المسندة للشركة المتعاقدة بموجب امتدادات العقد الأصلي؛ وذلك إعمالا لقاعدة تبعية الأعمال الإضافية للعقد الأصلي، وتطبيقًا لمبدأ تنفيذ العقد بما يشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع حسن النية.
– المادتان (147) و(148) من القانون المدني.
– المادة (76 مكررًا) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات (الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983)، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983، والمعدَّلة بموجب قرار وزير المالية رقم 234 لسنة 1984.
في يوم الأربعاء الموافق 7/5/2008 أودع وكيل الشركة الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة عقود وتعويضات) الصادر بجلسة 11/3/2008 في الدعوى رقم 6163 لسنة 55ق. الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت الشركة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضده أن يؤدي للشركة الطاعنة مبلغًا إجماليا مقداره 3712066,40 (فقط ثلاثة ملايين وسبع مئة واثنا عشر ألفًا وستة وستون جنيهًا وأربعون قرشًا)، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 2/6/2010 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 16/6/2010 مع مذكرات خلال أسبوع، حيث قدمت الشركة الطاعنة خلال الأجل المشار إليه مذكرة دفاع صممت فيها على طلباتها، وبجلسة 16/6/2010 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 2/11/2011، حيث تدوول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/3/2012 قدم الطاعن مذكرة دفاع صمم فيها على طلباته، كما قدم الحاضر عن الجهة الإدارية المطعون ضدها مذكرة بالدفاع طلب في ختامها الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه، وبجلسة 16/10/2012 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم 27/11/2012، وفيها صدر الحكم وأودعت مسوّدته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر هذا الطعن تخلص -حسبما يبين من الأوراق- أن الشركة الطاعنة أقامت في 10/5/2001 الدعوى رقم 6163 لسنة 55ق (المطعون في حكمها) بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة عقود وتعويضات)، طالبة في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته أن يدفع لها مبلغًا مقداره 3712066,40 جنيهًا (ثلاثة ملايين وسبع مئة واثنا عشر ألفًا وستة وستون جنيهًا وأربعون قرشًا)، مع إلزامه المصروفات.
وذكرت شرحًا لدعواها أنه بتاريخ 9/3/1988 وبموجب العقد رقم 8 لسنتي 1987 و1988 أسندت محافظة القاهرة لها عملية تنفيذ عدد 2100 وحدة سكنية منخفضة التكاليف، تم زيادتها إلى عدد 2222 وحدة سكنية بمقتضى أمر الإسناد المؤرَّخ في 12/6/1988، وذلك بقيمة إجمالية مقدارها 16800000 جنيه (ستة عشر مليونًا وثمان مئة ألف جنيه)، وأثناء تنفيذ الأعمال صدرت عدة قوانين وقرارات وزارية برفع أجور العاملين وأسعار الطاقة وضريبة المبيعات، مما ترتب عليه انهيار التوازن المالي في العقد، مما حدا الشركة على إقامة الدعوى التحكيمية رقم 1561 لسنة 1991 طالبةً الحكم بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها أن تدفع لها مبلغًا مقداره 2817735 جنيهًا، حيث أصدرت هيئة التحكيم حكمها في الدعوى المشار إليها في 9/2/1992 بزيادة أجر الشركة بواقع 10% من قيمة العقد البالغة 16800000 جنيه بما يساوي “مليونًا وست مئة وثمانين ألف جنيه”، مع إلزام المحتكم ضده المصروفات.
وأضافت الشركة الطاعنة في صحيفة دعواها (في الدعوى المطعون على حكمها) أنه استنادًا إلى العقد رقم 8 لسنتي 1987 و1988 أسندت إليها الجهة الإدارية المطعون ضدها تنفيذ عدد 760 وحدة سكنية، وقد بلغت قيمة المستخلص الختامي لتلك الوحدات السكنية 10320664 جنيهًا، كما أنه بتاريخ 5/4/1995 أسندت الجهة الإدارية إليها أيضًا تنفيذ عدد 1200 وحدة سكنية بمدينة النهضة، بمبلغ إجمالي 12800000 جنيه، كما أسندت إليها تنفيذ عدد 1400 وحدة سكنية بمبلغ 14000000 جنيه، وأن العمليات الثلاث المذكورة تم إسنادها إلى الشركة الطاعنة بالمواصفات ذاتها والأسعار ذاتها للعقد الأصلي رقم 8 لسنتي 1987 و1988، وبذلك يكون المستحَق للشركة قِبل الجهة الإدارية عن العمليات الثلاث، على وفق حكم هيئة التحكيم المبين سالفًا، هو: (قيمة المستخلص الختامي لعملية 760 وحدة سكنية البالغ قيمته 1032.664 جنيه × 10% = 1032066,40 جنيهًا)، و(قيمة العقد لعملية 1200 وحدة سكنية البالغ قيمته 12800000 × 10% = 1280000 جنيه)، و(قيمة العقد لعملية 1400 وحدة سكنية والبالغ قيمته 14000000 × 10% = 1400000 جنيه)، ليكون إجمالي المستحَق للشركة المدعية مبلغ 3712066,40 جنيهًا (ثلاثة ملايين وسبع مئة واثني عشر ألفًا وست وستين جنيهًا وأربعين قرشًا).
واختتمت الشركة صحيفة دعواها بطلباتها المذكورة سالفًا.
وجرى تحضير الدعوى أمام هيئة مفوضي الدولة، على النحو الثابت بمحاضر جلسات التحضير، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
…………………………………………………………….
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/3/2008 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وألزمت الشركة المدعية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الأعمال المتنازع عليها قد تم إسنادها إلى الشركة في تاريخ لاحق على صدور حكم هيئة التحكيم، ومن ثم فإن الظروف التي استند إليها حكم هيئة التحكيم، وتتمسك بها الشركة المدعية لإعمال نظرية الظروف الطارئة، كانت قائمة تحت نظرها عند إقدامها على التعاقد مع الجهة الإدارية، مما لا يجوز معه إعمال نظرية الظروف الطارئة في النزاع الماثل؛ لتخلف أحد شروطها، دون أن ينال من ذلك ما ذكرته الشركة من أن الأعمال محل النـزاع ما هي إلا امتداد للعقد الأصلي المؤرخ في 9/3/1988، وأنه يسري عليها ما يسري على العقد الأصلي، لأنه وإن كان من المقرر أن لجهة الإدارة حق تعديل العقد أثناء تنفيذه، وتعديل مدى التزامات المتعاقد معها، على نحوٍ وبصورة لم تكن معروفة وقت إبرام العقد، فتزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الطرف المتعاقد معها أو تنقصها، وتتناول الأعمال أو الكميات المتعاقد عليها بالزيادة أو النقصان، إلا أن سلطتها في هذا الشأن تقف عند حدود 25% من قيمة العقد الأصلي، أما ما زاد على هذه النسبة، كما هو الشأن في النزاع الماثل، فيعد خارجًا عن نطاق شروط وأحكام العقد الأصلي، وتعد هذه الزيادة بمثابة تعاقدٍ جديد على وفق حكم المادة (76 مكررًا) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983، الذي تم التعاقد في ظل العمل بأحكامه.
…………………………………………………………….
وإذ لم يصادف الحكم المطعون فيه قبولا لدى الشركة الطاعنة فأقامت طعنها عليه على سند من مخالفته للقانون وصدوره مشوبًا بالفساد في الاستدلال؛ وذلك للأسباب الآتية:
– أن الشركة الطاعنة لم تقم بإبرام أي عقد جديد مع الجهة الإدارية المطعون ضدها، بل قامت الأخيرة بتحرير ملحق وامتداد للعقد الأصلي بإرادتها المنفردة، فتطبق عليه بالتبعية الشروط والمواصفات نفسها الواردة بالعقد الأصلي.
– كان يتعين على الجهة الإدارية المطعون ضدها أن تلتزم بما ورد في حكم التحكيم رقم 1561 لسنة 1991 الصادر بتاريخ 9/2/1992 بإلزام الجهة الإدارية أن تدفع للمقاول (الشركة الطاعنة) ما قيمته 10% من قيمة العقد زيادة عن أجره، أي بتعديل قيمة العقد وذلك على جميع العمليات التي تمت لاحقة على العقد الأصلي كملاحق وامتداد له، وذلك لأن الشركة الطاعنة لم يكن بوسعها أن ترفض أوامر الإسناد الصادرة إليها من جهة الإدارة المطعون ضدها بالزيادة عن العقد الأصلي.
وبناء عليه خلصت الشركة الطاعنة إلى طلباتها المذكورة سالفا.
…………………………………………………………….
وحيث إن الشركة الطاعنة تهدف من طعنها الماثل إلى طلب الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 6163 لسنة 55ق. عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة عقود وتعويضات)، والقضاء مجددًا بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها أن تؤدي للشركة الطاعنة مبلغًا إجماليا مقداره 3712066,40 جنيهًا (فقط ثلاثة ملايين وسبع مئة واثنا عشر ألفًا وستة وستون جنيهًا وأربعون قرشًا)، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وحيث إن المادة (147) من القانون المدني تنص على أن: “1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون…”.
وتنص المادة (148) من القانون نفسه على أنه: “1- يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه، وبطريقةٍ تتفق مع ما يوجبه حسنُ النية.
2- ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضًا ما هو من مستلزماته، وفقًا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام”.
وتنص المادة (76 مكررًا) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات (الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983)، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983، والمعدَّلة بموجب قرار وزير المالية رقم 234 لسنة 1984، والتي كانت ساريةً على العملية محل الطعن الماثل، على أنه: “يحق للجهات الإدارية التي تسري عليها أحكام هذه اللائحة تعديلُ كميات أو حجم عقودها بالزيادة أو النقص في حدود 15% في عقود التوريد و30% في عقود توريد الأغذية و25% في عقود الأعمال بذات الشروط والأسعار دون أن يكون للمتعاقد مع هذه الجهات الحق في المطالبة بأي تعويض عن ذلك.
ويجوز بقرارٍ من السلطة المختصة وبموافقة المتعاقد تجاوز الحدود الواردة بالفقرة السابقة في حالات الضرورة الطارئة بشرط ألا يؤثر ذلك على أولوية المتعاقد في ترتيب عطائه ووجود الاعتماد المالي اللازم”.
ومفاد ما تقدم وحسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن الجهة الإدارية المتعاقدة تملك بإرادتها المنفردة، وعلى خلاف المألوف في معاملات الأفراد فيما بينهم، حقَّ تعديل العقد أثناء تنفيذه وتعديل مدى التزامات المتعاقد معها، فتزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الطرف الآخر أو تنقصها، وتتناول الأعمال أو الكميات المتعاقدة عليها بالزيادة أو بالنقص، على خلاف ما ينص عليه العقد، وذلك كلما اقتضت حاجة المرفق هذا التعديل، من غير أن يحتج عليها بقاعدة الحق المكتسب، أو بقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين، وسلطة التعديل ليست مطلقة، بل ترد عليها قيود معينة تقتضيها ضرورة التوفيق بين المصلحة العامة والمصالح الفردية للمتعاقدين معها، ومن هذه القيود ما يتصل بمقدار أو نطاق التعديل، وما يترتب عليه من أعباء جديدة تقع على عاتق المتعاقد نتيجة لسلطة التعديل، إذ يتعين أن تكون هذه الأعباء في الحدود الطبيعية والمعقولة، على أن سلطة الإدارة في التعديل لا تنصب على الشروط التي تحدد المقابل النقدي للعقد.
أما إذا ما كان هناك مقتضى لتجاوز النسب المقررة في المادة (76) المشار إليها، في حالات الضرورة الطارئة، فإنه يجب في هذه الحالة موافقة المتعاقد على ذلك.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية المطعون ضدها (محافظة القاهرة) كانت قد تعاقدت مع الشركة الطاعنة (شركة… العامة للمقاولات العقارية) بتاريخ 9/3/1988 على إنشاء عدد 2100 وحدة سكنية منخفضة التكاليف، تم زيادتها إلى 2222 وحدة سكنية بموجب أمر الإسناد المؤرخ في 12/6/1988، وذلك بقيمة إجمالية مقدارها 16800000 جنيه (ستة عشر مليونًا وثمان مئة ألف جنيه) بموجب العقد رقم 8 لسنتي 87 و88، وأثناء تنفيذ العقد قامت الشركة الطاعنة برفع دعوى التحكيم، طبقًا للبند الخامس من العقد المشار إليه، والتي قُيِّدَت برقم 1561 لسنة 1991 ضد الجهة الإدارية المطعون ضدها، حيث طلبت فيها إلزام الجهة الإدارية بأن تدفع لها مبلغ 2817735 جنيهًا؛ استنادًا لأحكام نظرية الظروف الطارئة التي استجدت أثناء تنفيذ العقد، والتي تتمثل في صدور عدة قوانين وقرارات وزارية برفع أجور العاملين وأسعار الطاقة وضريبة المبيعات، مما ترتب عليه انهيار التوازن الاقتصادي للعقد.
وبجلسة 9/2/1992 قضت هيئة التحكيم بزيادة أجر المقاول بواقع 10% من قيمة العقد، البالغة 16800000 جنيه (ستة عشر مليونًا وثمان مئة ألف جنيه)، بما يساوي “مليونًا وست مئة وثمانين ألفًا من الجنيهات” لا غير؛ تأسيسًا على أنه قد جدَّت ظروفٌ استثنائية عامة بعد صدور عقد المقاولة لم يكن في الوسع توقعها، تتمثل في التشريعات والقرارات المفاجئة التي ارتفعت بمقتضاها أسعار الطاقة والأجور والضرائب وآخرها ضريبة المبيعات، مما ترتب عليه أن أصبح تنفيذ المقاول (الشركة الطاعنة) للالتزام مُرهِقًا, وقد قامت الجهة الإدارية المطعون ضدها بإضافة عدد 760 وحدة سكنية إلى الأعمال المطلوب تنفيذها، والتي وافقت عليها الشركة الطاعنة بذات شروط وأسعار العقد الأصلي، والتي تنتهي مدة تنفيذها في 30/10/1995، بمدينة النهضة بالسلام، بقيمة إجمالية 10320664 جنيهًا، كما أبرمت الجهة الإدارية المطعون ضدها مُلحَقًا للعقد رقم 8 لسنة 87/88 (العقد الأصلي) في 5/4/1995 لإنشاء 1200 وحدة أخرى منخفضة التكاليف، بقيمة إجمالية مقدارها 12800000 جنيه، بمدة تنفيذ 18 شهرًا من تاريخ اعتماد جسات التربة، وذلك طبقًا للمواصفات والشروط والأسعار السابق التعاقد عليها بالعقد رقم 8 لسنة 87/88، كما أبرمت أيضًا في 12/11/1995 مُلحَقًا جديدًا لتنفيذ عدد 1400 وحدة سكنية منخفضة التكاليف بالمشروع ذاته، امتدادًا للعقد السابق، بقيمة إجمالية مقدارها 14000000 جنيه، أيضًا طبقًا للمواصفات والشروط والأسعار السابق التعاقد عليها بالعقد رقم 8 لسنة 87/88.
ولما كان ما تقدم، وقد كان حكم التحكيم في طلب التحكيم رقم 1561 لسنة 1991 المرفوع من الشركة الطاعنة ضد محافظ القاهرة بصفته (المطعون ضده) قد انتهى إلى الحكم بزيادة أجر المقاول (الشركة المحتكمة) بواقع 10% من قيمة العقد البالغ 16800000 جنيه (ستة عشر مليونًا وثمان مئة ألف جنيه)، بما يساوي “مليونًا وست مئة وثمانين ألفًا من الجنيهات” لا غير، وذلك على النحو المبين سالفًا، وقد أصبح هذا الحكم نهائيا وباتًا بعدم الطعن عليه، ومن ثم فإنه يكون من مقتضى ذلك ولازمه وكأثر من آثار حكم التحكيم المذكور أن تصبح قيمة التعاقد الأصلي رقم 8 لسنة 87/88 مشمولة بنسبة الزيادة التي قضى بها حكم التحكيم المشار إليه وهي 10%، وبالتالي تكون هذه القيمة بعد الزيادة المشار إليها هي الأساس الذي يتم بناء عليه حساب قيمة الزيادة في الأعمال المسندة للشركة الطاعنة بموجب امتدادات العقد الأصلي، والتي تتمثل في 760 وحدة بقيمة 10320664 جنيهًا، و1200 وحدة بقيمة 12800000 جنيه، و1400 وحدة بقيمة 14000000 جنيه، وذلك على النحو المبين سالفًا، وذلك تطبيقًا لمبدأ تنفيذ العقد بما يشتمل عليه وبطريقة تتفق مع حسن النية، حيث إن مقتضى حسن النية في تنفيذ ملاحق العقود التي أبرمتها الجهة الإدارية المطعون ضدها مع الشركة الطاعنة، كامتداد للأعمال المطلوبة في العقد الأصلي -وبصرف النظر عن نسبة الزيادة في الأعمال المنفذة- أن تفسر عبارة طبقًا للمواصفات والشروط والأسعار السابق التعاقد عليها في العقد الأصلي، والتي وردت في هذه الملاحق، على أنها -بالنسبة لهذه العقود- هي الأسعار ذاتها الواردة في العقد الأصلي، والتي تم زيادتها بناء على حكم التحكيم المشار إليه بنسبة 10%؛ لأن ما يسري على العقد الأصلي بعد زيادة قيمته بنسبة 10%، يسري على تلك العقود أيضًا، لأنه قد ورد في هذه العقود نصٌّ مؤداه أن تتم محاسبة المقاول على الأعمال المنفذة بالأسعار ذاتها الواردة في العقد الأصلي، والتي تمت زيادتها بنسبة 10% طبقًا لحكم التحكيم المشار إليه في القضية التحكيمية رقم 1561 لسنة 1991 الصادر في 9/2/1992، وذلك دونما اعتبار لما يثار من عدم ظهور أية ظروف طارئة بشأن تنفيذ الأعمال التي شملتها العقود المشار إليها- كامتداد للعقد الأصلي وكملاحق له- تؤدي إلى زيادة العبء على الشركة الطاعنة في التنفيذ؛ لأن هذا الفرض لا محل له هنا، وذلك لأن قيمة العقد الأصلي قد طرأ عليها التعديل بالزيادة بالفعل بنسبة 10% بناء على حكم التحكيم المشار إليه، ومن ثم فإن مقتضى ذلك ولازمه عند تنفيذ العقود المذكورة، باعتبارها شريعة المتعاقدين، أن تنصرف عبارة بالشروط والأسعار ذاتها المسطَّرة في هذه العقود، والتي تم إبرامها كملاحق للعقد الأصلي، إلى القيمة النهائية للعقد الأصلي بعد زيادتها بنسبة 10% بمقتضى حكم التحكيم المذكور سالفًا.
ومن جماع ما تقدم، فإن تنفيذ هذه العقود طبقًا لما تشتمل عليه، وبطريقةٍ تتفق مع حسن النية في التنفيذ، أن تكون القيمة التي تحسب بناء عليها قيمة العقود المذكورة -طبقًا لِما ورد بها- هي قيمة العقد الأصلي النهائية بعد زيادتها بنسبة 10%؛ طبقًا لحكم التحكيم المذكور سالفًا.
وإذ انتهج الحكم المطعون فيه غير هذا النهج، فإنه يكون قد صدر معيبًا ومخالفًا للقانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه، والقضاء مجددًا بزيادة قيمة العقود التي أبرمتها الجهة الإدارية المطعون ضدها (محافظة القاهرة) مع الشركة المطعون ضدها كملاحق للعقد الأصلي بنسبة 10%، وذلك بشأن تنفيذ 760 وحدة سكنية منخفضة التكاليف بمشروع النهضة بقيمة 10320664 جنيهًا، و1200 وحدة بالمشروع ذاته بقيمة 12800000 جنيه، و1400 وحدة أخرى بالمشروع ذاته بقيمة 14000000 جنيه، بإجمالي مبلغ قيمته 37120664 جنيهًا، بحيث تكون قيمة الزيادة بنسبة 10%- على النحو المشار إليه- هي مبلغ 3712066,40 جنيهًا (ثلاثة ملايين وسبع مئة واثنا عشر ألفًا وستة وستون جنيهًا وأربعون قرشًا) فقط.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام محافظة القاهرة المطعون ضدها أن تؤدي للشركة الطاعنة مبلغ 3712066,40 جنيهًا (فقط ثلاثة ملايين وسبع مئة واثنا عشر ألفًا وستة وستون جنيهًا وأربعون قرشًا) قيمة الزيادة في العقود التي تم إبرامها كملاحق للعقد الأصلي بنسبة 10%، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت محافظة القاهرة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
(1) يراجع في هذا أيضًا: حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 30/11/2010 في الطعن رقم 22367 لسنة 53 القضائية عليا (منشور بمجوعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في السنتين 55 و56، المبدأ رقم 78/ب، ص721).
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |