برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى خضري نوبي محمد
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن سيد عبد العزيز السيد، وجمال يوسف زكي علي، والسيد محمد محمود رمضان، ومحمد محمد السعيد محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام القانون رقم 57 لسنة 1978 في شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر- النص في المادة (9) من هذا القانون على اختصاص المحاكم الابتدائية بالفصل في هذه المنازعات يجب أن يفسر تفسيرا ضيقا يقدر بقدره، وبما ورد من نصوص هذا القانون، بحيث يقتصر اختصاص هذه المحاكم على الطعن على قرارات اللجان المختصة بتقدير قيمة أراضي البرك والمستنقعات التي تم ردمها أو قيمة مصروفات الردم، والمنصوص عليها في المادة (7) من ذلك القانون؛وذلك بحسبان أن هذا الاختصاص استثناءٌ من الأصل العام المنصوص عليه في الدستور بالاختصاص العام لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بنظر جميع المنازعات الإدارية.
ردمها وتجفيفها- أجاز المشرع للجهة الإدارية المختصة نزع ملكية أراضي البرك والمستنقعات لردمها أو تجفيفها على وفق الإجراءات المقررة قانونا لنزع الملكية للمنفعة العامة- حرصا على الصحة العامة أجاز المشرع للحكومة في القانون رقم 177 لسنة 1960 بشأن البرك والمستنقعات التي قامت الحكومة بردمها قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها بعد العمل بالقانون رقم 76 لسنة 1946 (المُلْغَيَان لاحقا) أن تبادر إلى إتمام عمليات ردم وتجفيف البرك والمستنقعات قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها للمنفعة العامة، وأجاز لها الاستيلاء على أراضي هذه البرك بعد تجفيفها لاسترداد نفقات التجفيف التي تكبدتها وامتنع ملاك هذه الأرض عن دفعها، وذلك بإجراءات بديلة تصون لملاك هذه الأراضي حقهم- إذا لم تتخذ جهة الإدارة إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة قبل تجفيف البرك، ولم تتبع الإجراءات المقررة في القانون رقم 177 لسنة 1960 المشار إليه لاسترداد نفقات التجفيف أو للاستيلاء عليها بعد تجفيفها، كان استيلاؤها على هذه الأرض غصبا واعتداء على حق الملكية الخاصة، لا يرتب أي أثر قانوني في نقل ملكية هذه الأرض من أصحابها إلى أملاك الدولة الخاصة.
في يوم الخميس 26/3/2009 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن (محافظ الجيزة بصفته) قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن، قيد بجدولها العام بالرقم المشار إليه بعاليه، طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) بجلسة 27/1/2009 في الدعوى رقم 7356 لسنة 55ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن –لما ورد به من أسباب– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددا: (أصليا) بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيا بنظر الدعوى، و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، و(على سبيل الاحتياط الكلي) برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 19/2/2014 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 6/5/2014، وفيها نظر وتدوول نظر الطعن بجلسات المرافعة أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 13/10/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 24/11/2015، وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطاعن (بصفته) يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددا: (أصليا) بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيا بنظر الدعوى، و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، و(على سبيل الاحتياط الكلي) برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحيث إن الطعن قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا، واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى المقررة، فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة محل الطعن تخلص-حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 7/6/2001 أقام المدعيان (المطعون ضدهما) الدعوى محل الحكم المطعون عليه بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري، طالبين في ختامها الحكم بإلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 125 لسنة 1984 فيما تضمنه من أيلولة ملكية الأرض المملوكة لهما إلى أملاك الدولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام جهة الإدارة المصروفات، وذلك تأسيسا على أنهما يمتلكان قطعة أرض مساحتها 14س، 6ط بحوض رقم (8) قسم ثان الطالبية بمحافظة الجيزة، بموجب عقدي بيع مشهرين برقمي (4190) بتاريخ 28/10/1979 و(3384) بتاريخ 2/7/1980 شهر عقاري الجيزة، وقد فوجئا بصدور القرار المطعون عليه بأيلولة ملكية هذه الأرض إلى أملاك الدولة بمحافظة الجيزة، مما حداهما على إقامة دعواهما المشار إليها، ناعيَين على القرار المطعون عليه صدوره مخالفا للدستور والقانون، وفاقدا لسببه الصحيح المبرر له قانونا، وخلص المدعيان في ختام عريضة دعواهما إلى طلب الحكم بطلباتهما المبينة آنفا.
……………………………………………………..
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون عليه، وبإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 27/1/2009 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق، وطبقا لما أثبته الحكم الصادر عن محكمة استئناف القاهرة في الدعوى رقم 7552 لسنة 114ق، ومن تقرير الخبير المودع في هذه الدعوى، أن المدعيين (المطعون ضدهما) يمتلكان قطعة أرض مساحتها 14س، 6ط بحوض رقم (8) قسم ثان الطالبية بمحافظة الجيزة، بموجب عقدي بيع مشهرين برقمي (4190) بتاريخ 28/10/1979 و(3384) بتاريخ 2/7/1980 شهر عقاري الجيزة، عن طريق الشراء من ملاك هذه الأرض بموجب عقود بيع مشهرة، وكان جزء من هذه الأرض مساحته 6س، 2ط عبارة عن بركة قامت الدولة بردمها في الفترة من 1936 حتى 1942 دون أن تتخذ إجراءات نزع ملكيتها من سلف المدعيين البائعين لهما، ولم تصدر الدولة قرارا بتقدير قيمة الردم حتى يتسنى لمالكي الأرض سداد هذه القيمة، ومن ثم تظل ملكية هذه الأرض ثابتة لسلف المدعيين، ثم للمدعيين من بعدهم، وهو ما يضحى معه قرار محافظ الجيزة رقم 125 لسنة 1984 المطعون عليه الصادر بأيلولة مساحة 6س، 2ط من الأرض المملوكة للمدعيين إلى أملاك الدولة مخالفا لصحيح حكم القانون، واجب الإلغاء.
……………………………………………………..
وحيث إن الطعن الراهن يقوم على أسباب حاصلها:
……………………………………………………..
– وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائيا بنظر النزاع محل التداعي، فإنه ولئن كانت المادة (9) من القانون رقم 57 لسنة 1978 في شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر تنص على أن: “تختص المحكمة الابتدائية الكائنة بدائرتها أرض البركة أو المستنقع بنظر المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون”، بما مؤداه عدم اختصاص القضاء الإداري ولائيا بنظر الطعن على قرار محافظ الجيزة الطعين رقم 125 لسنة 1984 بأيلولة ملكية أرض البركة التي تم ردمها ومساحتها 6س، 2ط، الكائنة بالأرض المملوكة للمطعون ضدهما إلى أملاك الدولة بمحافظة الجيزة، وانعقاد الاختصاص بنظر هذا النزاع لمحكمة الجيزة الابتدائية، فإن هذا الدفع مرود عليه بأن المادة (190) من دستور جمهورية مصر العربية المعدل والصادر بتاريخ 18/1/2014 تنص على أن: “مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون، ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفا فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى”.
وتنص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 على أن: “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: أولا:… خامسا: الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية. … رابع عشر: سائر المنازعات الإدارية. …”.
ومفاد ما تقدم من نصوص أن الدساتير المصرية المتعاقبة (دساتير 1971، 2012، 2014) قد ناطت بمحاكم مجلس الدولة وحدها دون غيرها الفصل في طلبات وقف تنفيذ وإلغاء القرارات الإدارية النهائية وجميع المنازعات الإدارية، وهو ما حرص المشرع الدستوري على النص عليه في المادة (190) من الدستور الحالي الصادر في 18/1/2014، كما نصت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972على اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في جميع المنازعات الإدارية, ومن ثم أضحت محاكم مجلس الدولة وحدها دون غيرها صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات الإدارية،وهو اختصاص عام يتسع ليشمل جميع المنازعات الإدارية والتأديبية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بالأحكام الصادرة عن محاكم مجلس الدولة؛ بحسبان أن القاضي الإداري هو القاضي الطبيعي وقاضي القانون العام المؤهل للفصل في المنازعات الإدارية.
وهديا بما تقدم، فإن قيام المشرع العادي بإسناد نوع معين من المنازعات الإدارية إلى جهة القضاء العادي هو من قبيل الاستثناء الذي يُقدر بقدره ويُفسر تفسيرا ضيقا لا يُتوسع فيه ولا يُقاس عليه، وذلك إلى أن تفصل المحكمة الدستورية العليا بعد صدور الدستور الحالي الصادر في 18/1/2014 في مدى دستورية نصوص القوانين التي تسند إلى جهة أخرى غير محاكم مجلس الدولة الفصل في نوع من المنازعات الإدارية.
وترتيبا على ما تقدم، فإنه يتعين تفسير نص المادة (9) من القانون رقم 57 لسنة 1978 في شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر، التي ناطت بالمحاكم الابتدائية الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون، تفسيرا ضيقا يقدر بقدره، وبما ورد من نصوص هذا القانون، بحيث يقتصر اختصاص المحاكم الابتدائية على الطعن على قرارات اللجان المختصة بتقدير قيمة أراضي البرك والمستنقعات التي تم ردمها أو قيمة مصروفات الردم، والمنصوص عليها في المادة (7) من القانون رقم 57 لسنة 1978 المشار إليه؛ وذلك بحسبان أن هذا الاختصاص استثناء من الأصل العام المنصوص عليه في الدستور بالاختصاص العام لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بجميع المنازعات الإدارية.
ولما كان القرار المطعون عليه رقم 125 لسنة 1984 الصادر عن محافظ الجيزة بأيلولة مساحة 6س، 2ط من الأرض المملوكة للمطعون ضدهما إلى أملاك الدولة الخاصة بمحافظة الجيزة هو قرار إداري بامتياز، توفرت له جميع مقومات القرار الإداري النهائي، ولا يتعلق بالطعن على قرارات اللجان المنصوص عليها في المادة (7) من القانون رقم 57 لسنة 1978 المشار إليه بتقدير قيمة هذه الأرض التي تم ردمها، فمن ثم ينعقد الاختصاص بالطعن على هذا القرار لمحاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة وحدها دون غيرها؛ بحسبان أن القضاء الإداري هو القضاء الطبيعي وصاحب الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات الإدارية، وهو ما يكون معه هذا الدفع قائما على غير سند من القانون، حريا بالرفض.
– وحيث إن المادة (33) من دستور جمهورية مصر العربية المعدل، الصادر بتاريخ 18/1/2014، تنص على أن: “تحمي الدولة الملكية بأنواعها الثلاثة، الملكية العامة، والملكية الخاصة، والملكية التعاونية”.
وتنص المادة (35) من الدستور على أن: “الملكية الخاصة مصونة وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدما وفقا للقانون”.
وحيث إن المادة (805) من القانون المدني تنص على أن: “لا يجوز أن يحرم أحد ملكَه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها، ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل”.
وحيث إن المادة (2) من القانون رقم 76 لسنة 1946 بشأن ردم البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر (الملغى)([1]) – بحسبانه القانون الذي تمت عملية ردم البركة الكائنة بالأرض محل التداعي في ظل العمل بأحكامه– تنص على أن: “تخول وزارة الصحة العمومية الحق في نزع ملكية المستنقعات لتباشر ردمها أو تجفيفها…، وتتبع في جميع الأحوال الإجراءات المنصوص عليها في قانون نزع ملكية العقارات للمنافع العامة”.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 177 لسنة 1960 بشأن البرك والمستنقعات التي قامت الحكومة بردمها قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها بعد العمل بالقانون رقم 76 لسنة 1946 تنص على أن: “تئول إلى الدولة ملكية أراضي البرك والمستنقعات التي ردمتها أو جففتها الحكومة بعد العمل بالقانون رقم 76 لسنة 1946 المشار إليه وقبل أن تتم إجراءات نزع ملكيتها، كما تئول إلى الدولة ملكية ما قد تقوم بتجفيفه أو ردمه من أراضي البرك والمستنقعات قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها بعد العمل بأحكام هذا القانون وذلك مقابل قيمتها الحقيقية قبل تاريخ البدء في ردمها أو تجفيفها…”.
ومفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع الدستوري حرص على حماية وصيانة الملكية الخاصة، وحظر المساس بها أو الاعتداء عليها إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون، ومقابل تعويض عادل، وأجاز للجهة الإدارية المختصة نزع ملكية أراضي البرك والمستنقعات لردمها أو تجفيفها على وفق الإجراءات المقررة قانونا لنزع الملكية للمنفعة العامة، وحرصا على الصحة العامة أجاز المشرع للحكومة في القانون رقم 177 لسنة 1960 بشأن البرك والمستنقعات التي قامت الحكومة بردمها قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها بعد العمل بالقانون رقم 76 لسنة 1946 أن تبادر إلى إتمام عمليات ردم وتجفيف البرك والمستنقعات قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها للمنفعة العامة، وأجاز لها الاستيلاء على أراضي هذه البرك بعد تجفيفها لاسترداد نفقات التجفيف التي تكبدتها وامتنع ملاك هذه الأرض عن دفعها، وذلك بإجراءات بديلة تصون لملاك هذه الأراضي حقهم، فإذا لم تتخذ جهة الإدارة إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة قبل تجفيف البرك، ولم تتبع الإجراءات المقررة في القانون رقم 177 لسنة 1960 المشار إليه لاسترداد نفقات التجفيف أو للاستيلاء عليها بعد تجفيفها، كان استيلاؤها على هذه الأرض غصبا واعتداء على حق الملكية الخاصة، لا يرتب أي أثر قانوني في نقل ملكية هذه الأرض من أصحابها إلى أملاك الدولة الخاصة (في هذا المعنى: حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 12/6/1994 في الطعن رقم 536 لسنة 60ق).
وبإنزال ما تقدم جميعه على واقعات النزاع الماثل، فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهما يمتلكان قطعة أرض مساحتها 14س، 6ط بحوض رقم (8) قسم ثان الطالبية بمحافظة الجيزة، بالشراء بموجب عقدي بيع مشهرين برقمي (4190) بتاريخ 28/10/1979 و(3384) بتاريخ 2/7/1980 شهر عقاري الجيزة من ملاك لهذه الأرض بموجب عقود بيع مشهرة، وكان جزء من هذه الأرض مساحته 6س، 2ط عبارة عن بركة قامت الدولة بردمها في الفترة من 1936 حتى 1942 دون أن تتخذ إجراءات نزع ملكيتها من سلف المدعيين البائعين لهما، ولم تصدر الدولة قرارا بتقدير قيمة الردم حتى يتسنى لمالكي الأرض سداد هذه القيمة، ولا هي اتخذت الإجراءات المقررة في القانون رقم 177 لسنة 1960 المشار إليه للاستيلاء على هذه الأرض، ومن ثم لم يتسن للمطعون ضدهما المنازعة في هذا الشأن أمام اللجان المختصة المنصوص عليها في المادة (7) من القانون رقم 57 لسنة 1987 في شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر، مما يضحي معه قرار محافظ الجيزة رقم 125 لسنة 1984 المطعون عليه الصادر بأيلولة ملكية أرض البركة المشار إليها إلى أملاك الدولة الخاصة بمحافظة الجيزة غصبا واعتداء صارخا على ملكية المطعون ضدهما لهذه الأرض، وبالمخالفة لأحكام الدستور والقانون، بما يهوي بالقرار المطعون عليه إلى درك الانعدام، فلا تلحقه حصانة، فيجوز سحبه والطعن عليه بالإلغاء دون التقيد بالمواعيد المقررة قانونا لسحب وإلغاء القرارات الإدارية، مما يوجب القضاء بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ولا يفوت المحكمة في هذا الصدد أن تنوه إلى أنه قد ترتب على عدم مراعاة جهة الإدارة للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 177 لسنة 1960 المشار إليه وتعديلاته إهدار لمال عام، بالرغم مما تملكه جهة الإدارة من سلطات ومكنات قانونية لاتخاذ ما يلزم للمحافظة على المال العام، ولما كانت كل جهة من جهات الإدارة –فيما يخصها– تعد نائبة عن الشعب في إدارة المال العام المملوك له والمحافظة عليه وتنميته، فإنه يجب على جهة الإدارة الرشيدة الواعية, حتى في حالة عدم تحقق موجب المساءلة التأديبية لعدم توفر شروط انطباقها، أن تحرص كل الحرص على عدم تكرار مثل هذه الأخطاء المتمثلة في إغفال تطبيق نصوص قانونية، ومن ثم فإن جهة الإدارة الطاعنة هي وشأنها في تبصرة تابعيها، وخاصة العاملين بإدارة أملاك الدولة، بمراعاة القواعد والإجراءات التي تضمنها القانون المشار إليه في ضوء دورها الرقابي والإشرافي، فضلا عن اتخاذ كل ما يلزم للارتقاء بالأداء على المستويين المالي والإداري، وذلك في ضوء رؤيتها للارتقاء بالعمل في نطاق المحافظة على المال العام.
وحيث إن الحكم المطعون عليه قد وافق هذا النظر, فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون, ويضحى الطعن الراهن عليه فاقدا لسنده القانوني الصحيح، حريا بالرفض.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن (بصفته) مصروفاته.
([1]) ألغي القانون رقم 76 لسنة 1946 بشأن ردم البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر هذا القانون، والقانون رقم 177 لسنة 1960 بشأن البرك والمستنقعات التي قامت الحكومة بردمها قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها بعد العمل بالقانون رقم 76 لسنة 1946، بموجب القانون رقم (57) لسنة 1978 في شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |