مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السادسة – الطعن رقم 15583 لسنة 53 القضائية (عليا)
أغسطس 7, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة – الطعن رقم 21979 لسنة 54 القضائية (عليا)
أغسطس 9, 2021

الدائرة الثالثة – الطعن رقم 12606 لسنة 52 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2012

الطعن رقم 12606 لسنة 52 القضائية (عليا)

(الدائرة الثالثة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ منير صدقي يوسف خليل وأحمد عبد الراضي محمد حسن حماد ومسعد عبد الحميد محمد أحمد أبو النجا وجمال يوسف زكي علي.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) عقد إداري– تنفيذه- نظرية الظروف الطارئة- شروط إعمالها- مناط تطبيقها أن تطرأ خلال تنفيذ العقد حوادث أو ظروف طبيعية أو اقتصادية، أو من عمل جهةٍ إدارية غير جهة الإدارة المتعاقِدة، أو من عمل إنسانٍ آخر، لم تكن في حسبان المتعاقِد عند إبرام العقد ولا يملك لها دفعًا، ومن شأنها أن تنزل به خسائر فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالا جسيمًا، بما يستوجب إلزام جهة الإدارة المتعاقِدة مشاركة المتعاقِد معها في تحمل نصيبٍ من الخسارة التي حاقت به أثناء فترة الظرف الطارئ- يقتصر الأمر على الحكم بالتعويض المناسب، دون أن يكون للمتعاقِد تعديل الالتزامات العقدية- يشترط لإعمال هذه النظرية ألا يكون تنفيذ الالتزام مستحيلا، إنما أكثر عبئًا وأثقل كلفةً مما قدَّره المتعاقِدان، بحيث يهدد المدين بخسارةٍ فادحة- تطبيق: الظروف المناخية التي اجتاحت البلاد وترتب عليها ارتفاع أسعار المواد محل عقد التوريد، لا ترقى إلى مرتبة الظرف الطارئ الذي يجعل التزام المتعاقد مع جهة الإدارة مُرهِقًا، ومُؤَدِيا إلى الإخلال الجسيم باقتصاديات العقد، مادام أنه كان في وسع أيِّ تاجرٍ حريص توقعُ تلك الظروف.

– المادة (147) من القانون المدني، الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948.

(ب) عقد إداري– تنفيذه- غرامات التأخير- مفهومها- غرامة التأخير لا تعدو أن تكون تعويضًا توقعه الجهة الإدارية على المتعاقد معها من تلقاء نفسها، دون أن تلتزم بإثبات حدوث ضرر مرده إخلال المتعاقد معها بالتزاماته- لا يقبل من المتعاقد إثبات عدم حصول ضرر ليُعفى من تلك الغرامة.

– المادة (23) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998.

– المادة (94) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998.

(ج) عقد إداري– تنفيذه- التنفيذ على الحساب- الشراء على حساب المتعاقِد المقصِّر، وإلزامه فرق السعر، هو تطبيق لقاعدة تنفيذ الالتزام عينًا، تقوم به الإدارة من تلقاء نفسها عند إخلال المتعاقد معها بتعهده؛ ضمانًا لحسن سير المرفق العام.

– المادتان (25) و(26) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998.

– المادة (94) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998.

(د) عقد إداري– تنفيذه- التنفيذ على الحساب- المصروفات الإدارية- مفهومها- هي تعويض قانوني يُستحَق للإدارة مقابل إعادة الإجراءات من جديد، وما يستلزمه ذلك من وقتٍ وجهد ونفقات ما كانت لتتحملها لولا تقصير المتعاقد معها فى تنفيذ التزاماته العقدية- يقتصر خصم المصروفات الإدارية على ما تكبدته الإدارة من مصروفات فعلية.

– المادتان (84) و(94) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998.

(هـ) عقد إداري– تنفيذه- المسئولية العقدية- التعويض عن التأخير في تنفيذ العقد الإداري- التأخير في تنفيذ العقد لا يُوَلِّد بحد ذاته لجهة الإدارة الحق في التعويض؛ إلا إذا توفرت في جانب المتعاقِد معها أركان المسئولية العقدية من خطأ وضرر وعلاقة سببية- يتعين على جهة الإدارة إثباتُ إصابتها بضررٍ مادي يفوق ما حصلت عليه من مبالغ من المتعاقِد معها (المقصِّر) بعد التنفيذ على حسابه.

الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 28/5/2006 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا نائبًا عن الدكتور/… المحامي بالنقض والإدارية العليا، قلمَ كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ الطعن الماثل على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة) بجلسة 29/1/2006 في الدعوى رقم 1386 لسنة 27ق. والدعوى الفرعية المقترنة بها، القاضي في منطوقه: (أولا) بإلزام المدعى عليه الأول بصفته أن يؤدي للمدعي بصفته مبلغًا مقداره “مئتان وتسعة وتسعون ألفًا وثمانية عشر جنيهًا وسبعون قرشًا”، على الوجه المبين بالأسباب، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، (ثانيا) رفض الدعوى الفرعية، وإلزام المدعي بصفته والمدعى عليه الأول بصفته المصروفات مناصفةً بينهما.

وطلب الطاعن بصفته -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم: (أولا) بقبول الطعن شكلا. (ثانيا) وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن. (ثالثًا) وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلزام المدعى عليه الأول (الطاعن) أن يؤدي للمدعي بصفته (المطعون ضده الأول) مبلغًا مقداره مئتان وتسعة وتسعون ألفًا وثمانية عشر جنيهًا وسبعون قرشًا، والحكم مجددًا بإلغاء وقف تسييل خطابات الضمان، وإلزام الشركة المدعية أصليا (المطعون ضدها الأولى) أن تؤدي للطاعن بصفته مبلغ (05,817681) جنيهًا (ثمانِ مئة وسبعة عشر ألفًا وست مئة وواحدا وثمانين جنيهًا وخمسة قروش لا غير)، مع إلزام المطعون ضده الأول تعويض الطاعن عن الضرر المادي والأدبي تعويضًا كاملا عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، مع إلزام المطعون ضده الأول بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.

وتم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا: بالنسبة للدعوى الأصلية: بقبولها شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المطعون ضده الأول مصروفاتها. وبالنسبة للدعوى الفرعية: بقبولها شكلا، وفي الموضوع بإلزام المطعون ضده الأول أن يؤدي لجهة الإدارة الطاعنة مبلغًا قدره (ست مئة وثلاثة وسبعون ألفًا وست مئة واثنان وستون جنيهًا)، والتعويض المناسب الذي تقدره عدالة المحكمة، وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات.

وقد تحددت لنظر الطعن جلسة 20/12/2006 أمام دائرة فحص الطعون، وبها نُظر، ثم تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/2/2007 حكمت تلك الدائرة بإجماع الآراء بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع، وبعد أن ورد التقرير جرى نظر الطعن أمام الدائرة ذاتها بالجلسات المتتالية، وبجلسة 5/11/2008 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 3/12/2008، وبها قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع) بالمحكمة لنظره بجلسة 17/2/2009.

وقد تدوول نظره أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 7/4/2009 أودع الحاضر عن الطاعن بصفته مذكرة دفاع، وبجلسة 23/6/2009 أودع الحاضر عن المطعون ضده الأول مذكرة دفاع وحافظة مستندات، وبجلسة 6/2/2010 أودع الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع، وبجلسة 1/2/2011 قررت المحكمة حجز الطعن ليصدر الحكم فيه بجلسة 22/3/2011، وبها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 19/4/2011؛ بناء على طلب الشركة المطعون ضدها، حيث تدوول نظره بالجلسات المتتالية، وبجلسة 2/10/2012 أودع الحاضر عن المطعون ضده الأول حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة على غلافها، كما قدم إعلانًا منفذًا بالجلسة المشار إليها بتصحيح شكل الطعن باختصام رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي سوسيتيه جنرال بصفته؛ وذلك لاندماج بنك مصر الدولي (المطعون ضده الثاني) في البنك المعلن إليه، وبتلك الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن ليصدر الحكم فيه بجلسة 20/11/2012 مع مذكراتٍ في أسبوع، فلم يودع أي من الطرفين شيئًا خلال هذا الأجل، وبتلك الجلسة قررت المحكمة مدَّ أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.

وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة، فهو مقبول شكلا.

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 27/2/1999 أقام المطعون ضده الأول بصفته الدعوى رقم 211 لسنة 1999 بإيداع صحيفتها ابتداءً قلم كتاب محكمة شمال القاهرة الابتدائية (الدائرة 33 تجاري)، طالبًا في ختامها الحكم: (أولا) بصفة مستعجلة بوقف تسييل خطاب الضمان الصادر عن المدعى عليه الثاني (المطعون ضده الثاني) لمصلحة المدعى عليه الأول (الطاعن) لحين الفصل في الدعوى. (ثانيا) بإلزام المدعى عليه الأول (الطاعن) بسداد مستحقات المدعي (المطعون ضده الأول) البالغ قيمتها 160 ألف جنيه بخلاف الفوائد حتى تمام السداد، وإلغاء خطابات الضمان وردها للمدعي. (ثالثًا) إلزام المدعى عليه الأول (الطاعن) أن يدفع للمدعي (المطعون ضده الأول) تعويضًا ماديا وأدبيا مقداره (500000) جنيه (خمس مئة ألف جنيه) مقابل الأضرار نتيجة فسخ المدعى عليه الأول (الطاعن) العقد بإرادته المنفردة دون مبرر.

وذكر شرحًا لدعواه أنه بتاريخ 1/8/1998 تحرر بينه وبين المدعى عليه الأول (الطاعن) عقد اتفاق يلتزم بموجبه المدعي (المطعون ضده الأول) توريد (500 طن) خمس مئة طن دواجن محلية مجمدة، طبقًا للشروط والمواصفات الواردة بالعقد، وذلك على أساس سعر الطن 6200 جنيه (ستة آلاف ومئتا جنيه)، بقيمة إجمالية 3100000 جنيه (ثلاثة ملايين ومئة ألف جنيه) للكمية المتفق عليها بالعقد، ويلتزم المدعى عليه الأول (الطاعن) بسداد قيمة كل دفعةٍ فورًا بعد القبول، بحد أقصى خمسة عشر يومًا من تاريخ تسلمه للدفعة المورَّدة، وأنه ضمانا لهذا التعاقد أصدر المدعي (المطعون ضده الأول) ثلاثة خطابات ضمان نهائية لمصلحة المدعى عليه الأول (الطاعن) من البنك المدعى عليه الثاني (المطعون ضده الثاني) بمبلغ 155000 جنيه (مئة وخمسة وخمسين ألف جنيه) كتأمينٍ لهذه العملية، وقد قام المدعي (المطعون ضده الأول) بتوريد بعض الكميات للمدعى عليه الأول (الطاعن) في المواعيد المتفق عليها، وطبقًا للشروط والمواصفات المتعاقد عليها، وتمَّ قبولها، وقد فوجئ المدعي (المطعون ضده الأول) بقيام المدعى عليه الأول (الطاعن) برد كمية من الدواجن بعد تسلمه لها بأكثر من أسبوع، وأخذ في وضع العراقيل والصعوبات أمامه وافتعال الحجج لرد الدواجن، وتم إرجاعها بدون أكياس وبعضها قد تم تمزيقه، بحيث لا يمكن استخدامها مرة أخرى، مما كبده خسائر مالية جسيمة.

وأضاف المدعي (المطعون ضده الأول) أنه قام من جانبه بالتزاماته رغم الظروف السيئة التي ألمت بالدواجن بسبب الحر وارتفاع الأسعار، إلا أنه لم يتوقف عن  التوريد في الوقت الذي رفض فيه المدعى عليه الأول (الطاعن) التسلم دون مبرر، فقام بتوجيه إنذار رسمي على يد محضر للمدعى عليه الأول (الطاعن) في 20/11/1988 للتنبيه عليه بصرف جميع مستحقاته عما تم توريده، بالإضافة إلى غرامات التأخير وفروق الأسعار والتعويض، هذا بخلاف عدم أحقية المدعى عليه الأول (الطاعن) في إعمال حكم المادة (6) من العقد بشأن تطبيق القانون رقم 89 لسنة 1998 ولائحته التنفيذية، حيث إنه هو الذي امتنع عن سداد مستحقات المدعي (المطعون ضده الأول)، وامتنع عن تنفيذ العقد، وأخل به إخلالا جسيمًا أضر بمصلحته، حيث امتنع تمامًا عن قبول دفعات من الدواجن، ومن ثم يحق له (المدعي/ المطعون ضده الأول) رفع هذه الدعوى بطلب إلزام المدعى عليه الأول (الطاعن) أن يؤدي له مبلغًا مقداره 160000 جنيه (مئة وستون ألف جنيه) قيمة الدواجن المسلمة إليه، والذي لم يتم سداده بالمخالفة لأحكام العقد، كما أن فسخ العقد بإرادة المدعى عليه الأول (الطاعن) المنفردة قد ألحق به أضرارا يقدرها بمبلغ (500000 جنيه) خمس مئة ألف جنيه، ومن ثم فقد أقام الدعوى الماثلة طالبًا الحكم له بطلباته المذكورة سالفًا.

…………………………………………………………….

وقد تدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو المبين بمحاضر جلساتها.

وبموجب صحيفة مودعة في 19/5/1999 أقام المدعى عليه الأول في الدعوى المشار إليها (الطاعن في الطعن الماثل) دعوى فرعية ضد كل من المدعي والمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع في الدعوى الأصلية، (وهم المطعون ضدهم الأول والثاني والثالث والرابع في الطعن الماثل)، طالبًا في ختامها الحكم: (أولا) بصفة مستعجلة بإلزام المدعى عليه الثاني (المطعون ضده الثاني بصفته) الامتناع عن وقف تسييل خطابات الضمان. (ثانيا) إلزام المدعى عليه الأول في الدعوى الفرعية (المطعون ضده الأول بصفته) تنفيذ العقد عينًا أو نقدًا مع التعويض الجابر للضرر المادي والأدبي. (ثالثًا) برفض الدعوى الأصلية، وإلزام المدعى عليه الأول (المطعون ضده الأول) المصروفات.

وذكر المدعي بصفته في الدعوى الفرعية (الطاعن في الطعن الماثل) شرحًا لدعواه أنه بموجب الاتفاق المبرم بينه وبين المدعى عليه الأول (المطعون ضده الأول) والمشار إليه بواقعات الدعوى الأصلية، فقد صدرت أوامر توريد خلال المدة من 1/8/1998 حتى 15/11/1998 بكميات دواجن بلغت 781,135 طنًا، قام المدعى عليه الأول (المطعون ضده الأول) بتنفيذ بعضًا من تلك الأوامر بكمية بلغت 769,47 طنًا فقط من إجمالي تلك الأوامر، ثم امتنع عن التوريد رغم تكرار إخطاره بخطابات مسجلة بعلم الوصول على عنوانه المبين بالعقد بتوقيع الغرامات والتنفيذ على حسابه، إلا أنه قام بإنذار الجهاز في 25/11/1998 بأنه قد طرأت على البلاد خلال شهري أغسطس وسبتمبر 1998 موجة حارة أدت إلى إتلاف المحاصيل ونفوق الدواجن، مما أدى إلى توقف إنتاج الدواجن المفرخة في جميع المزارع، مما أصبح معه تنفيذ العقد مرهقًا له لقلة المعروض من الدواجن، وطالب في إنذاره بفسخ العقد مكتفيا بما تم توريده، زاعمًا توقف الجهاز (الطاعن) عن سداد مستحقاته، دون تقديم أي مستند يفيد ما زعمه من حدوث ظروف طارئة حتى يمكن بحثها، مما اضطر معه الجهاز إلى توجيه إنذارين للشركة على يد محضر في 5/12/1998 و12/12/1998 بسرعة توريد مشتملات أوامر التوريد الصادرة إليه واستكمال التأمين، وإلا يستمر التنفيذ على حسابه، مع توقيع غرامات التأخير مع حفظ جميع حقوق الجهاز في التعويض، إلا أن تلك الإنذارات ارتدت لعدم وجود الشركة بالعنوان المذكور بالعقد المذكور، مما اضطر معه الجهاز إلى توريد الدواجن لجامعتي عين شمس وحلوان مما عرضه لغرامات تأخير، لذا فقد أقام الجهاز دعواه الفرعية طالبًا الحكم له بطلباته المذكورة سالفًا.

…………………………………………………………….

وبعد أن تدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة، على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، قررت حجزها للحكم بجلسة 24/6/1999، إلا أنه بتاريخ 21/6/1999 قدم المدعي في الدعوى الأصلية (المطعون ضده الأول في الطعن الماثل) طلب إعادة الدعوى للمرافعة، مُرفقًا به حافظة مستندات طويت على صورة من كتاب رئيس هيئة الشئون المالية بالقوات المسلحة إلى الأمانة العامة لوزارة الدفاع الذي رأى فيه وقف تنفيذ العقد بالكمية المتبقية وإعفاء الشركة من جميع الغرامات والمصاريف وفروق الأسعار ورد التأمين النهائي المدفوع لذمة هذا العقد.

وبجلسة 24/6/1999 حكمت المحكمة وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشمال القاهرة ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين قانونًا لأداء المأمورية المبينة بحيثيات هذا الحكم.

ونفاذًا لهذا الحكم فقد باشر الخبير المنتدب في الدعوى مهمته، وقدم تقريره الذي انتهى فيه إلى ما يلي:

1- أن العلاقة بين طرفي الدعوى هي علاقة تعاقدية بموجب العقد المبرم بينهما والمؤرخ في 1/8/1998، والذي يلتزم بموجبه المدعي في الدعوى الأصلية بتوريد كمية 500 طن دواجن محلية مجمدة للجهاز المدعي عليه، على أساس أن سعر الطن 6200 جنيه، وقيمة هذا العقد 3100000 جنيه (ثلاثة ملايين ومئة ألف جنيه)، ومدة العقد من 1/8/1998 حتى 31/8/1999.

2- إجمالي ما قام المدعي في الدعوى الأصلية بتوريده للجهاز المدعى عليه من دواجن هو 769,47 طنًّا، قام الجهاز بصرف مستحقات المدعي عن كمية 25,262 طنًّا فقط، ولم يقم بصرف المستحق عن باقي الكمية بمبلغ مقداره 70,144018 جنيه “مئة وأربعة وأربعون ألفًا وثمانية عشر جنيهًا وسبعون قرشًا”، وقد استند الجهاز في عدم صرف هذا المبلغ للمدعي إلى عدم تنفيذه لمشمول أوامر التوريد وقيام الجهاز بشرائه دواجن على حساب المدعي بفارق سعر يفوق مستحقاته.

3- المدعي (أصليا) أخل بالتزاماته تجاه الجهاز المدعى عليه، وذلك لعدم قيامه بتوريد كامل أوامر التوريد الصادرة له عن الجهاز المدعى عليه بموجب عقد التوريد، بإجمالي كمية 475 طنًّا فقط عن الفترة من 10/8/1998 حتى 10/6/1999. وحيث إنه لا يوجد خطأ من جانب الجهاز المدعى عليه؛ إذ إن المدعي هو الذي لم يقم بتنفيذ العقد، ومن ثم فإنه لم يصبه ضرر.

4- المدعي (أصليا)  توقف عن الاستمرار في تنفيذ العقد والتوقف عن التوريد؛ استنادًا إلى خطاب هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة الذي ارتأت فيه وقف تنفيذ العقد بالكمية المتبقية وإعفاء المدعي من جميع الغرامات والمصاريف وفروق الأسعار ورد التأمين النهائي المدفوع لذمة هذا العقد.

5- قيمة العقد في حالة تنفيذه هو 13,2799362 جنيهًا (مليونان وسبع مئة وتسعة وتسعون ألفًا وثلاث مئة واثنان وستون جنيهًا، و13/100).

6- يتـرك الخبير لعدالة المحكمة أمر الفصل في مدى أحقية الجهاز المدعي في الدعوى الفرعية في المبالغ التي يطالب بها وهي 05,817681 جنيهًا، وهو ما يطالب به من تعويض، وذلك في ضوء ما يستند إليه الجهاز من أحكام القانون رقم 89 لسنة 1998 وامتناع المدعي في الدعوى الأصلية عن توريد الكميات الواردة بأوامر التوريد طبقًا للعقد، وإذا رأت المحكمة أحقية الجهاز المدعي (فرعيا) فيما يطالب من مبالغ، فإن المبلغ المستحق له هو 88,673662 جنيهًا (ست مئة وثلاثة وسبعون ألفًا وست مائة واثنان وستون جنيهًا، و88/100)، وإذا رأت المحكمة الأخذ بما ورد بكتاب هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة المشار إليه، فإن المدعي (أصليا) يستحق مبلغ 70,299018 جنيهًا (مئتان وتسعة وتسعون ألفًا وثمانية عشر جنيهًا، و70/100).

…………………………………………………………….

وبجلسة 31/1/2002 حكمت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، وأبقت الفصل في المصروفات.

ونفاذًا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة)، حيث قيدت بسجلاتها بالرقم المبين بصدر هذا الحكم، وتدوول نظرها أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 18/5/2003 حكمت تلك المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وفي الشق المستعجل بوقف تسييل خطابات الضمان أرقام 24004 بتاريخ 4/8/1998 و24064 بتاريخ 11/8/1998 و34134 بتاريخ 17/8/1998، وألزمت الجهاز مصروفاته، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.

وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في موضوع الدعوى ارتأت فيه الحكم: (أولا) في الدعوى الأصلية: 1- بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للشركة المدعية باقي مستحقاتها عما تم توريده من دواجن. 2- بإلزام الجهة الإدارية رد خطابات الضمان للشركة المدعية. 3- برفض طلب الشركة التعويض عما أصابها من أضرار، مع إلزام طرفي الدعوى المصروفات مناصفة بينهما، (ثانيا) في الدعوى الفرعية: 1- عدم قبول الدعوى الفرعية بالنسبة لرئيسي جامعتي عين شمس وحلوان لرفعها على غير ذي صفة. 2- برفض الدعوى بالنسبة للشركة المدعية أصليا وبنك مصر الدولي، وإلزام رافعها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

ثم تدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 29/1/2006 أصدرت حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي في الدعوى الأصلية (المطعون ضده الأول) كان قد تعاقد مع جهة الإدارة المدعى عليها (الطاعنة) في 1/8/1998 على توريد كمية خمس مئة طن دواجن مجمدة، على أساس سعر الطن 6200 جنيه، بقيمة إجمالية مقدارها (ثلاثة ملايين ومئة ألف جنيه)، في الفترة من 1/8/1998 حتى 31/8/1999، وقام المدعي بالتوريد لكمية 47,769 طنًّا، إلا أن الجهاز (الطاعن) صرف مستحقات المدعي (المطعون ضده الأول) عن كمية 262,25 طنًّا فقط، ولم يقم بصرف المستحق له عن باقي الكمية بمبلغ (مئة وأربعة وأربعين ألفًا وثمانية عشر جنيهًا)، وتوقف المدعي (المطعون ضده الأول) عن الاستمرار في تنفيذ العقد؛ استنادًا إلى ما ورد بخطاب هيئة الشئون المالية بالقوات المسلحة من أن أسباب تقصير شركة… (المطعون ضدها الأولى) يرجع لظروف خارجة عن الإرادة ولا يمكن توقعها وتحول دون الاستمرار في تنفيذ العقد، وهي الظروف المناخية التي اجتاحت البلاد بارتفاع موجات الحرارة ولفترات متصلة وطويلة، ورأت الهيئة وقف تنفيذ العقد بالكمية المتبقية وإعفاء المدعي (المطعون ضده الأول) من جميع الغرامات والمصاريف وفروق الأسعار ورد التأمين النهائي المدفوع لذمة هذا العقد، وهو ما يعد -حسب تكييفه القانوني السليم- إنهاءً مبكرًا لعقد التوريد بإرادة الطرفين؛ تقديرًا للظروف الطارئة التي حدثت بصورة مفاجئة وخارجة عن إرادة الطرفين، والتي تجعل تنفيذ الالتزام مرهقًا للمتعاقد معها بما يتولد عنه -بلا أدنى شك- تعويضٌ للمتعاقد معها، وإذ تعاقدت جهة الإدارة مع متعاقد آخر بعد هذا الإجراء الحاسم الصادر عنها أثناء تنفيذ العقد، والذي أنهى تعاقدها مع المدعي (المطعون ضده الأول)، فإن ذلك لا يعد تنفيذًا على الحساب يُلزَم به المدعي، وإلا كان ذلك منافيا لمبدأ حسن النية؛ في ضوء ما ورد بكتاب هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة المشار إليه من أن الشركة المدعية أبدت استعدادها بالتعاون والتنسيق مع جهاز الخدمات العامة لتحديد المصدر الذي يتعاقد معه وتحمل فروق الأسعار بالزيادة لكي تفي بالتزاماتها بالعقد، وهو إجراء يتفق مع صحيح حكم القانون اتخذته جهة الإدارة إعمالا لسلطتها التقديرية، ولم يقم الدليل من الأوراق على أنها أقدمت عليه بمجاملة المدعي (المطعون ضده الأول)، أو أنها انحرفت في استعمال هذا السلطة، ومن ثم فإن المدعي (المطعون ضده الأول) يستحق قيمة الدواجن التي قام بتوريدها لجهة الإدارة ولم تدفع له ثمنها ومقدارها (مئة وأربعة وأربعون ألفًا وثمانية عشر جنيهًا وسبعون قرشًا)، بالإضافة إلى قيمة خطابات الضمان النهائي ومقدارها (مئة وخمسة وخمسون ألف جنيه)، وهو ما يبلغ إجماليه (مئتين وتسعة وتسعين ألفًا وثمانية عشر جنيهًا وسبعين قرشًا) حسبما خلص إليه الخبير المنتدب في الدعوى.

وأضافت المحكمة أنه بالنسبة لطلبات المدعي في الدعوى الفرعية (الطاعن)، فإنه بالبناء على ما تقدم، وإذ استقر في يقين المحكمة أن جهة الإدارة اختارت إنهاء العقد موضوع النـزاع، فإن طلبها بتحميل المدعي (المطعون ضده الأول) المبالغ التي دفعتها للمتعاقد الآخر لتنفيذ الصفقة يكون على غير سند من القانون، خليقًا بالرفض.

وحيث إنه عن طلبي التعويض في الدعويين الأصلية والفرعية، فقد شيدت المحكمة قضاءها بشأنهما على أن مناط مسئولية جهة الإدارة عن أعمالها منوط بتوفر الخطأ والضرر وعلاقة السببية، وبالنسبة لركن الخطأ فإنه لما كانت الإجراءات التي تمت من طرفي العقد في حدود المشروعية، بما ينتفي معه ركن الخطأ، دون حاجة لبحث مدى توفر عناصر المسئولية الأخرى، مما يتعين رفضهما في شقهما الخاص بطلب التعويض.

…………………………………………………………….

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن، فقد أقام طعنه الماثل ناعيا على الحكم المطعون فيه صدوره بالمخالفة للقانون؛ لأسباب حاصلها أن الحكم قد اعتبر خطاب هيئة الشئون المالية بالقوات المسلحة الذي ارتأت فيه وقف تنفيذ العقد بالكمية المتبقية، وإعفاء المطعون ضده الأول من جميع الغرامات والمصاريف وفروق الأسعار، ورد التأمين النهائي المدفوع لذمة هذا العقد، بمثابة فسخ لعقد التوريد المبرم بين جهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة والمطعون ضده الأول، في حين أن الجهاز الذي يمثله(أي الطاعن) يتمتع بشخصية اعتبارية عامة؛ طبقًا لحكم المادة (1) من القرار الجمهوري رقم 195 لسنة 1981 الصادر بإنشائه، مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد بُني على سبب مخالف للقانون، باعتباره العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه بموجب خطاب مُوجَّه من إدارة أخرى لا علاقة لها بالجهاز، كذلك فإن الحكم المطعون فيه قد حكم بأكثر مما طلبه الخصوم؛ حيث إن طلب المطعون ضده الأول -كما ورد بعريضة دعواه وفي جميع مذكراته- بإلزام الطاعن سداد مستحقاته البالغ قيمتها 160 ألف جنيه بخلاف الفوائد وحتى تمام السداد وإعفاء خطابات الضمان وردها إليه، إلا أن الحكم المطعون فيه ألزم الطاعن بصفته أن يؤدي للمدعي بصفته (المطعون ضده الأول) مبلغًا مقداره (مئتان وتسعة وتسعون ألفًا وثمانية عشر جنيهًا وسبعون قرشًا)، على الوجه المبين بالأسباب، مما تكون معه المحكمة قد حكمت بأكثر مما طلبه المدعي.

…………………………………………………………….

وحيث إن المادة (147) من القانون المدني تنص على أن: “1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون. 2- ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقًا للمدين، بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعًا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهِق إلى الحد المعقول، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك”.

وحيث إن مؤدى هذا النص أن مناط تطبيق نظرية الظروف الطارئة هو أن تطرأ خلال تنفيذ العقد حوادث أو ظروف طبيعية أو اقتصادية أو من عمل جهة إدارة غير جهة الإدارة المتعاقدة أو من عمل إنسان آخر، لم تكن في حسبان المتعاقد عند إبرام العقد، ولا يملك لها دفعًا، ومن شأنها أن تنـزل به خسائر فادحة، تختل معها اقتصاديات العقد اختلالا جسيمًا، بما يستوجب إلزام الجهة الإدارية المتعاقدة مشاركة المتعاقد معها في تحمل نصيب من الخسارة التي قامت به طوال فترة الظرف الطارئ، وذلك ضمانًا لتنفيذ العقد الإداري واستمرار سير المرفق العام الذي يستهدف العقد تسييره، ويقتصر الأمر على الحكم بالتعويض المناسب، دون أن يكون له تعديل الالتزامات العقدية، كما أنه يشترط لإعمال نظرية الظروف الطارئة ألا يترتب عليها أن يكون تنفيذ الالتزام مستحيلا، وإنما تجعل تنفيذه أكثر عبئًا وأثقل تكلفة مما قدره المتعاقدان، بحيث يهدد المدين بخسارة فادحة، أي يصير مرهقًا للمدين. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 4669 و2087 لسنة 40ق.ع جلسة 5/11/1997).

وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن مدة تنفيذ العقد المبرم بين جهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة (الطاعن) والمطعون ضده الأول تبدأ من 1/8/1998 وتنتهي في 31/8/1999، وتنفيذًا لهذا التعاقد فقد أصدر الطاعن بصفته أوامر توريد للمطعون ضده الأول على النحو الثابت بالأوراق، وذلك خلال الفترة من 1/8/1998 وحتى 10/6/1999، إلا أن الأخير لم يقم إلا بتوريد 769,47 طن فقط، تم صرف مستحقاته منها عن كمية 262,25 طنًّا فقط بعد اكتمال الدورة المستندية لها، ثم قام المطعون ضده الأول بتوريد كمية 428,6 أطنان، ثم 80,16 طنًّا، بإجمالي مبلغ مقداره 70,144018 جنيه “فقط مئة وأربعة وأربعون ألفًا وثمانية عشر جنيهًا وسبعون قرشًا”، لم يقم الجهاز الطاعن بصرفها له؛ استنادًا إلى عدم تنفيذه لمشمول أوامر التوريد الصادرة إليه بالمخالفة للعقد، وقيام الجهاز الطاعن بشرائه دواجن على حساب المطعون ضده الأول بفارق سعر يفوق مستحقاته، ثم توقف الأخير نهائيا عن التوريد وتنفيذ مشمول العقد؛ استنادًا إلى ما جاء بكتاب هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة المؤرخ في 26/11/1998- المشار إليه آنفًا-، وأنه ومع التحفظ على ما ورد بكتاب الهيئة المشار إليه، ومدى إلزامه لجهاز الخدمات للقوات المسلحة (الطاعن)، فإن الثابت من سياق الوقائع أن المطعون ضده الأول قد أخلَّ بالتزامه التعاقدي مع الجهاز الطاعن بالتوقف عن الاستمرار في توريد مشمول العقد المبرم بينهما خلال المدة المحددة، بغير سند يبرر امتناعه عن التنفيذ، فليس فيما ساقه من أسبابٍ -على فرض صحتها- ما يوفر في حقه قيام حالة الظروف الطارئة أو الأسباب الخارجة عن الإرادة، التي تجعل تنفيذه لالتزاماته مستحيلا لسببٍ لا يد له فيه؛ إذ إن هذه الأسباب وارتفاع درجة حرارة الجو -على فرض وجودها- لا يمكن أن ترقى إلى مرتبة الظرف الطارئ الذي يجعل التزامه مُرهقًا ومُؤديا إلى الإخلال الجسيم باقتصاديات العقد، ذلك أن الظروف المناخية التي اجتاحت البلاد خلال صيف عام 1998- خاصةً شهري يوليو وأغسطس- بارتفاع درجات الحرارة وما ترتب عليه من ارتفاع أسعار الدواجن، لا تصلح بذاتها أن تنهض سببًا أجنبيا مُؤديا إلى استحالة التنفيذ، ذلك أنه فضلا عن أن ما تم التعاقد عليه “500 طن” لم يكن يعجز المطعون ضده الأول عن توفيرها، بحسبان أن تلك الظروف المناخية يمكن للتاجر الحريص أن يتوقعها، ومن ثم فهي لا ترقى إلى مرتبة القوة القاهرة المبررة للامتناع عن التنفيذ، أو الظرف الطارئ الذي يبرر للمتعاقد المطالبة بالتعويض، ولا يكفي لضمان هذه الحالة ادعاء المطعون ضده الأول أن ارتفاع درجة الحرارة قد حالت دون الاستمرار في تنفيذ تعاقده، ذلك أنه فضلا أيضًا عن أن مدة التعاقد بدأت اعتبارًا من 1/8/1998 أي بعد بداية فصل الصيف، وقد كان بوسعه -إن كان حريصًا على تنفيذ التزاماته بحسن نية- أن يتوقع هذا الأمر، الذي أضحى حقيقة لا تغيب عن أمثاله من التجار المتخصصين في توريد مثل هذه الأصناف، ومن ثم فلا يسوغ له أن يتخذ من إخلاله بتنفيذ التزامه أو تراخيه في تنفيذه علةً يتذرع بها للامتناع عن تنفيذه نهائيا، كما لا يكفي التمسك بما جاء بكتاب هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة المشار إليه للتذرع بالامتناع عن التنفيذ والتوقف عن التوريد؛ بحسبان أن الهيئة المذكورة ليست ذات صفة في النـزاع الماثل، كما أن الكتاب المشار إليه آنفًا لم يكن مُوجَّهًا للشركة المذكورة، ولم يثبت من الأوراق أن الطاعن بصفته قد اعتمد ما جاء بكتاب هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة، وأخطر الشركة المطعون ضدها الأولى بإنهاء العقد استنادًا لِما تضمنه ذلك الكتاب من أسبابٍ، ومن ثم يتعين الالتفاتُ عن هذا الكتاب وتنحيته كذريعةٍ استند إليها المطعون ضده الأول وسايره فيها -بدون وجه حق- الحكم المطعون فيه.

ومن ثم وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بما جاء بكتاب هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة المشار إليه، واعتبره -بحسب تكييف محكمة أول درجة له- إنهاءً مبكرًا لعقد التوريد بإرادة الطرفين؛ تقديرًا للظروف الطارئة التي حدثت بصورة مفاجئة وخارجة عن إرادة الطرفين، وانتهى إلى أحقية المطعون ضده الأول في صرف قيمة الدواجن التي قام بتوريدها ولم يتم دفع قيمتها له، ومقدارها 70,144018 جنيهًا “مئة وأربعة وأربعون ألفًا وثمانية عشر جنيهًا وسبعون قرشًا”، بالإضافة إلى قيمة خطابات الضمان النهائي، ومقدارها 155000 جنيه “فقط مئة وخمسة وخمسون ألف جنيه”، وهو ما يبلغ إجماليه 70,299018 جنيه “فقط مئتين وتسعة وتسعين ألفًا وثمانية عشر جنيهًا وسبعين قرشًا” -فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه- رغم ما ثبت على نحو ما سلف بيانه من إخلال المطعون ضده الأول بالتزاماته الناشئة عن عقد التوريد المبرم بينه وبين الجهاز الطاعن، وأن الأسباب التي ساقها للتمسك بفسخ العقد لا ترقى إلى مستوى القوة القاهرة التي يستحيل معها التنفيذ، كما لا تشكِّل ظرفًا استثنائيا تسوغ له الامتناع عن تنفيذ التزاماته- يكون مخالفا لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه.

– وحيث إنه عن طلب الجهاز الطاعن الحكم بإلغاء وقف تسييل خطابات الضمان، وإلزام المطعون ضده الأول أن يؤدي له بصفته مبلغ 05,817681 جنيهًا “فقط ثمانِ مئة وسبعة عشر ألفًا وست مئة وواحد وثمانين جنيهًا وخمسة قروش” كفروق أسعار وغرامات تأخير ومصاريف إدارية، مع إلزامه التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب.

وحيث إنه عن الطلب الأول بإلغاء وقف تسييل خطابات الضمان المشار إليها، فإنه لما كان الثابت من الأوراق، خاصةً الحكم  الصادر في الشق المستعجل من الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه بالطعن الماثل أنه قد قضى بوقف تسييل خطابات الضمان أرقام 24004 بتاريخ 4/8/1998 و24064 بتاريخ 11/8/1998 و34134 بتاريخ 17/8/1998، وهو ما حال دون قيام جهة الإدارة بتسييلها، ومن ثم وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضده الأول في صرف قيمة خطابات الضمان المشار إليها، ومقدارها 155000 جنيه “فقط مئة وخمسة وخمسون ألف جنيه”، فإن هذا الحكم يكون قد جاء بالمخالفة للقانون؛ بحسبان أن تلك الخطابات لم يتم تسييلها، مما يتعين معه والحال كذلك إلغاؤه في هذا الشق أيضًا.

وحيث إنه عن طلب الجهاز الطاعن إلزام المطعون ضده الأول أن يؤدي له مبلغ 05,817681 جنيهًا “فقط ثمان مئة وسبعة عشر ألفًا وست مئة وواحد وثمانين جنيهًا وخمسة قروش”، وهو يمثل قيمة فروق الأسعار التي تحملها الجهاز نتيجة التنفيذ على حساب المطعون ضده الأول وغرامات التأخير والمصاريف الإدارية وقيمة خطابات الضمان التي تمثل التأمين النهائي عن العملية، وهي كالتالي:

1- مبلغ 319172 جنيه (فقط ثلاث مئة وتسعة عشر ألفًا ومئة واثنين وسبعين جنيهًا) فروق أسعار عن الكميات التي لم يقم المطعون ضده الأول بتوريدها.

2- مبلغ 35,79271 جنيهًا (فقط تسعة وسبعين ألفًا ومئتين وواحد وسبعين جنيهًا وخمسة وثلاثين قرشًا) غرامات تأخير بواقع 3%.

3- مبلغ 70,264237 جنيهًا (فقط مئتين وأربعة وستين ألفًا ومئتين وسبعة وثلاثين جنيهًا وسبعين قرشًا) 10% مصاريف إدارية.

4- مبلغ 155000 جنيه (فقط مئة وخمسة وخمسين ألف جنيه) قيمة التأمين النهائي الصادر به خطابات الضمان المشار إليها.

فإن المادة (23) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن تنص على أنه: “إذا تأخر المتعاقد في تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له، جاز للسلطة المختصة لدواعي المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مهلة إضافية لإتمام التنفيذ، على أن تُوَقَّع عليه غرامةٌ عن مدة التأخير طبقًا للأسس وبالنسب وفي الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية، بحيث لا يجاوز مجموع الغرامة (3%) من قيمة العقد بالنسبة لشراء المنقولات وتلقي الخدمات والدراسات الاستشارية والأعمال الفنية، و(10%) بالنسبة لمقاولات الأعمال والنقل.

وتوقع الغرامة بمجرد حصول التأخير دون حاجة إلى تنبيهٍ أو إنذار أو اتخاذ أي إجراء آخر. ويُعفى المتعاقد من الغرامة، بعد أخذ رأي إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة، إذا ثبت أن التأخير لأسبابٍ خارجة عن إرادته، وللسلطة المختصة- عدا هذه  الحالة- بعد أخذ رأي الإدارة المشار إليها، إعفاء المتعاقد من الغرامة إذا لم ينتج عن التأخير ضرر.

ولا يخل توقيع الغرامة بحق الجهة الإدارية في الرجوع على المتعاقد بكامل التعويض المستحَق عما أصابها من أضرار بسبب التأخير.

وفي حالة الادعاء بإخلال الجهة الإدارية بالتزاماتها الواردة بالعقد بخطأ منها، يكون للمتعاقد الحق في اللجوء للقضاء للمطالبة بتعويضه عما يكون قد لحقه من ضرر نتيجة لذلك، ما لم يتفق الطرفان على التحكيم وفقًا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 مُعدَّلا بالقانون رقم 9 لسنة 1997″.

وتنص المادة (25) من القانون المشار إليه على أنه: “يجوز للجهة الإدارية فسخ العقد أو تنفيذه على حساب المتعاقد، إذا أخل بأي شرط من شروطه. ويكون الفسخ أو التنفيذ على حساب المتعاقد بقرارٍ من السلطة المختصة، يُعلن للمتعاقد بكتابٍ مُوصى عليه بعلم الوصول على عنوانه المبين في العقد”.

وتنص المادة (26) من هذا القانون على أنه: “في جميع حالات فسخ العقد، وكذا في حالة تنفيذه على حساب المتعاقد، يصبح التأمين النهائي من حق الجهة الإدارية، كما يكون لها أن تخصم ما تستحقه من غرامات وقيمة كل خسارة تلحق بها من أية مبالغ مُستحَقة أو تُستحَق للمتعاقد لديها، وفي حالة عدم كفايتها تلجأ إلى خصمها من مستحقاته لدى أية جهة إدارية أخرى، أيا كان سبب الاستحقاق، دون حاجة إلى اتخاذ أية إجراءات قضائية، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقها في الرجوع عليه بما لم تتمكن من استيفائه من حقوقٍ بالطريق الإداري”.

وتنص المادة (94) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998 على أنه: “إذا تأخر المورِّد في توريد كل الكميات المطلوبة أو جزء منها في الميعاد المحدَّد بالعقد- ويدخل في ذلك الأصناف المرفوضة- فيجوز للسلطة المختصة إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاءه مهلة إضافية للتوريد، على أن تُوَقَّع عليه غرامةُ تأخير عن هذه المهلة بواقع (1%) عن كل أسبوع تأخير أو جزء من أسبوع من قيمة الكمية التي يكون قد تأخر في توريدها، وبحد أقصى (3%) من قيمة الأصناف المذكورة.

وفي حالة عدم قيام المورِّد بالتوريد في الميعاد المحدَّد بالعقد أو خلال المهلة الإضافية، فعلى الجهة الإدارية أن تتخذ أحد الإجراءين التاليين طبقًا لما تقرره السلطة المختصة وفقًا لما تقتضيه مصلحة العمل، وذلك بعد إخطاره بكتاب مُوصى عليه بعلم الوصول على عنوانه المبيَّن بالعقد:

(أ) شراء الأصناف التي لم يقم المورد بتوريدها من غيره على حسابه بذات الشروط والمواصفات المعلَن عنها والمتعاقد عليها بأحد الطرق المقرَّرة بقانون تنظيم المناقصات والمزايدات والأحكام الواردة بهذه اللائحة.

(ب) إنهاء التعاقد فيما يختص بهذه الأصناف.

وفي هاتين الحالتين يصبح التأمين النهائي من حق الجهة الإدارية، ويكون لها أن تخصم ما تستحقه من غرامات وقيمة كل خسارة تلحق بها- بما في ذلك فروق الأسعار والمصاريف الإدارية- من أية مبالغ مُستحَقة أو تُستحَق للمتعاقد لديها، وفي حالة عدم كفايتها تلجأ إلى خَصمها من مستحقاته لدى أية جهة إدارية أخرى، أيا كان سبب الاستحقاق، دون حاجة إلى اتخاذ أية إجراءات قضائية، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقها في الرجوع عليه بما لم تتمكن من استيفائه من حقوق بالطريق الإداري”.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ولئن كان من المبادئ المسلمة في فقه القانون الإداري أن غرامات التأخير في العقود الإدارية مقرَّرة ضمانًا لتنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها؛ حرصًا على حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد، فإن الغرامات التي ينص عليها في تلك العقود توقعها جهات الإدارة من تلقاء نفسها، دون أن تلتزم بإثبات حصول الضرر، كما لا يقبل ابتداءً من المتعاقد إثبات عدم حصوله؛ على اعتبار أن جهة الإدارة في تحديدها مواعيد معينة لتنفيذ العقد يُفترض فيها أنها قدَّرت أن حاجة المرفق تستوجب التنفيذ في هذه المواعيد دون أي تأخير، وعلى ذلك فإن غرامة التأخير لا تعدو أن تكون تعويضًا للجهة الإدارية المتعاقدة عما أصاب المرفق العام المتصل به العقد الإداري من ضررٍ، مرده إخلال المتعاقد معها بالتزامه التعاقدي بإنهاء الأعمال محل العقد مطابقة للشروط والمواصفات موضوع التعاقد، بحيث تكون صالحة للتسليم الابتدائي في المواعيد المحددة لذلك، مما يمس حسن سير هذا المرفق.

 كذلك فإن من المستقر عليه أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن الشراء على حساب المتعاقد المقصِّر في تنفيذ تعهده، وإلزامه فرق السعر، هو تطبيق لقاعدة تنفيذ الالتزام عينًا، تقوم به الإدارة نفسها عند إخلال المتعاقد معها بتعهده؛ ضمانًا لحسن سير المرفق العام بانتظام واطراد، وإعلاء للمصلحة العامة على المصالح الخاصة.

وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت أن جهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة (الطاعن) كان قد تعاقد مع المطعون ضده الأول على توريد 500 طن دواجن محلية مجمدة، وذلك بعد تعاقده (أي الطاعن) على توريد الأغذية لمطاعم المدينة الجامعية ووحدات جامعتي عين شمس وحلوان للعام الدراسي 98/1999، وقام المطعون ضده الأول بتوريد 769,47 طنًا فقط، ثم توقف عن التوريد، الأمر الذي حدا الجهاز الطاعن على إخطاره في 19/9/1998 بضرورة الالتزام بالأوزان والتوقيتات ومشمول أمر التوريد، ثم توالى صدور أوامر التوريد حتى 5/6/1999 -على النحو الوارد بالأوراق-، ولم يقم المطعون ضده إلا بتوريد الكمية المشار إليها (769,47 طنًا) من مشمول تلك الأوامر، البالغ مجموع كمياتها 781,475 طنًا، وإزاء ذلك فقد قام الجهاز الطاعن بإخطار المطعون ضده الأول بخطاب مُسجَّل بعلم الوصول في 10/11/1998 بسرعة توريد مشمول أوامر التوريد الصادرة إليه، وأنه في حالة عدم قيامه بالتوريد سيتم الشراء على حسابه، إلا أنه لم يمتثل ولم يقم بالتنفيذ، وهو ما يؤكد أنه قد أخل بالتزاماته الواردة بالعقد بعدم توريده الكمية المتعاقد عليها خلال المدد المحددة للتنفيذ، رغم عدم توفر القوة القاهرة أو الظروف الاستثنائية في حقه -على نحو ما سلف بيانه- وهو ما يجعل القرار الصادر بالتنفيذ على حسابه قائمًا على أساس سليم من القانون، مما يتعين معه والحال كذلك إلزام المطعون ضده الأول فروق الأسعار الناشئة عن الشراء على حسابه، والبالغ قيمتها 319172 جنيهًا (فقط ثلاث مئة وتسعة عشر ألفًا ومئة واثنان وسبعون جنيهًا)، على أن تخصم من هذا المبلغ قيمة الكميات التي قام المطعون ضده الأول بتوريدها ولم يقم بصرفها، وهي مبلغ 144187,70 جنيهًا، ليصبح المبلغ المستحَق للجهاز الطاعن مقداره 23,175153 جنيهًا (فقط مئة وخمسة وسبعون ألفًا ومئة وثلاثة وخمسون جنيهًا وثلاثة وعشرون قرشًا)، فضلا عن غرامة التأخير، ومقدارها 35,79271 جنيهًا (فقط تسعة وسبعون ألفًا ومئتان وواحد وسبعون جنيهًا وخمسة وثلاثون قرشًا).

– وحيث إنه عن المصاريف الإدارية، فقد أجاز المشرع في المادتين (84) و(94) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 المشار إليه أن تقوم جهة الإدارة بالتنفيذ على حساب المتعاقد مع جهة الإدارة، واقتضاء غرامة تأخير، مع مصادرة التأمين النهائي، وكذا اقتضاء جميع المصروفات الإدارية الناتجة عن فسخ العقد معه وإعادة الطرح والتنفيذ على حسابه، وكانت هذه المصروفات وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة عبارة عن تعويض قانوني للإدارة، يُستحَق لها مقابل إعادة الإجراءات من جديد وما يستلزمه ذلك من وقت وجهد ونفقات، ما كانت لتتحملها الإدارة لولا تقصير المتعاقد معها في تنفيذ التزاماته العقدية، وإنه فضلا عن صراحة النص المقرِّر لاستحقاق المصاريف الإدارية، وخلوه من تحديد نسبة معينة، فإن هذا يتمشي مع المنطق الطبيعي للأمور، وهو اقتصار الخصم على ما تكبدته الإدارة من مصروفات فعلا، وإذ حدد الجهاز الطاعن قيمة المصاريف الإدارية التي تكبدها نتيجة التنفيذ على حساب المطعون ضده الأول الذي لم ينازع في قيمتها، مما يتعين معه والحال كذلك إلزام المطعون ضده الأول بها، وهي مبلغ مقداره 70,264237 جنيهًا “فقط مئتان وأربعة وستون ألفًا ومئتان وسبعة وثلاثون جنيهًا وسبعون قرشًا”.

– وحيث إنه عن المطالبة بقيمة التأمين النهائي، وقدره 155000 جنيه “فقط مئة وخمسة وخمسون ألف جنيه”، كجزء من المبالغ التي يطالب الجهاز الطاعن إلزام المطعون ضده الأول بها، فإنه لما كان نص المادة (26) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه قد جعل التأمين النهائي من حق الجهة الإدارية في حالة التنفيذ على حساب المتعاقد، ومن ثم وإزاء صراحة نص المادة المشار إليها يتعين والحال كذلك استنـزال قيمة التأمين النهائي من المبالغ المطالب بها، ومن ثم إلزام البنك المطعون ضده الثاني بتسييل خطابات الضمان المشار إليها لمصلحة الجهاز الطاعن.

– وحيث إنه عن طلب الجهاز الطاعن تعويضه عن الأضرار الأدبية والمادية التي لحقته من جراء تقاعس المطعون ضده الأول عن تنفيذ التزاماته العقدية، فإنه وقد ثبت إخلال المطعون ضده الأول بالتزاماته التعاقدية -على نحو ما سلف بيانه- مما يمثل ركن الخطأ في جانبه، وكان من المستقر عليه أن التأخير في تنفيذ العقود الإدارية وإن كان يمثل خطأ عقديا؛ باعتباره إخلالا بالالتزامات الملقاة على عاتق المتعاقد مع الجهة الإدارية، إلا أن هذا التأخير في ذاته قد تناوله المشرع بنصوص قاطعة، قضت بتحديد التعويضات المستحَقة لجهة الإدارة عنه، والتي تتمثل في الحصول على غرامة التأخير، وفروق التنفيذ على الحساب والمصاريف الإدارية، وذلك إذا قدرت جهة الإدارة تنفيذ الأعمال على حساب المتعاقد المخل بالتزامه، ومن ثم فإن هذا التأخير في ذاته لا يُوَلِّد لجهة الإدارة الحق في التعويض، إلا إذا توفرت في جانب المتعاقد معها أركان المسئولية العقدية، من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فيتعين على جهة الإدارة أن تثبت الضرر المادي الذي أصابها، حتى يمكن لها المطالبة بالتعويض عنه.

وحيث إنه وترتيبًا على ما تقدم، وقد ثبت إخلال المطعون ضده الأول بالتزاماته التعاقدية مما يمثل ركن الخطأ في جانبه، وبما يفترض معه وقوع ضرر بالجهاز الطاعن المتعاقد معه، إلا أنه وقد تم مصادرة التأمين النهائي المقدم من المطعون ضده الأول وتبلغ قيمته 155000 جنيه (فقط مئة وخمسة وخمسين ألف جنيه)، طبقًا لما انتهت إليه هذه المحكمة بحكمها في هذا الطعن، وكذلك ما انتهت إليه أيضا من أحقية الجهاز الطاعن في غرامة التأخير، وفروق التنفيذ على الحساب والمصاريف الإدارية، على النحو المشار إليه بحيثيات هذا الحكم، وقد خلت الأوراق من أي دليل على أن الجهاز الطاعن قد تحمل نفقات تفوق ما قضت له به المحكمة من مبالغ على النحو المذكور سالفًا، مما يكون معه طلب الجهاز الطاعن تعويضه عن الأضرار التي لحقته من جراء إخلال المطعون ضده الأول بالتزاماته التعاقدية غير قائمٍ على سنده من الواقع أو القانون، جديرًا بالرفض.

– وحيث إنه ومن جماع ما تقدم تصبح المبالغ المستحَقة للجهاز الطاعن، إعمالا لهذا الحكم، هو مبلغ مقداره 28,518663 جنيهًا “فقط خمس مئة وثمانية عشر ألفًا وست مئة وثلاثة وستون جنيهًا وثمانية وعشرون قرشًا”، وهي كالتالي:

1- 23,175154 جنيهًا (فقط مئة وخمسة وسبعون ألفًا ومئة وأربعة وخمسون جنيهًا وثلاثة وعشرون قرشًا)، فروق الأسعار عن الكميات التي لم يقم المطعون ضده الأول بتوريدها، بعد خصم المبلغ المستحَق له عن الكميات التي قام بتوريدها ولم يتقاض قيمتها، وهو مبلغ (70,144018 جنيهًا).

2- 35,79271 جنيهًا (فقط تسعة وسبعون ألفًا ومئتان وواحد وسبعون جنيها وخمسة وثلاثون قرشًا)، تمثل غرامة التأخير المقررة عملا بنص المادة (23) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه والمادة (94) من لائحته التنفيذية.

3- 70,264237 جنيهًا، قيمة المصاريف الإدارية التي تحملها الجهاز الطاعن لتوفير الكميات التي لم يقم المطعون ضده الأول بتوريدها.

ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه المطعون ضده الأول بمذكرة دفاعه المودعة منه أمام هذه المحكمة بجلسة 30/11/2010 في معرض تعقيبه على تقرير هيئة مفوضي الدولة لهذه المحكمة، من تبعية جهاز الخدمات العامة لوزير الدفاع، ومن ثم حقه في التوجيه والتنبيه والاعتماد؛ لأن ذلك مردودٌ بأنه ولئن كان ذلك صحيحًا، إلا أن قرار رئيس الجمهورية رقم 195 لسنة 1981 بإنشاء جهاز الخدمات العامة بوزارة الدفاع قد نص في مادته الأولى على إنشاء هذا الجهاز وعلى أن تكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع وزير الدفاع، ومقتضى تمتع الجهاز بالشخصية الاعتبارية أن تكون له ذمة مالية مستقلة، وكذا أهلية التصرف في الحدود التي أنشئ الجهاز من أجلها، وذلك من خلال مجلس إدارة الجهاز الذي يُشكَّل بقرارٍ من وزير الدفاع، والذي يُعيَّن رئيسُه (أي رئيس مجلس الإدارة) بقرارٍ من رئيس الجمهورية، ويكون هو الممثل القانوني للجهاز أمام القضاء وفي علاقاته بالغير، ومن ثم لا يعدو أن يكون ما ورد بكتاب هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة بمثابة توصية، ليس لها قيمة قانونية في النـزاع الماثل، هذا إضافة إلى ما سبق بيانه في هذا الشأن.

كما لا ينال من ذلك ما أثاره المطعون ضده الأول أيضًا من أنه قد تم التصالح بينه وبين الجهاز الطاعن، وهو التصالح الذي تم على أساسه تسوية مستحقاته لدى الجهاز، بما يعد إنهاءً للنـزاع، وبما لا يستوجب إعادة طرح النـزاع مجددًا؛ لأن ذلك مردودٌ بما جاء بمذكرة دفاع الجهاز الطاعن المودعة منه أمام هذه المحكمة بجلسة 16/2/2010، من أنه: “تنفيذًا للحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (المطعون فيه) وإعلاءً لحجية هذا الحكم، فقد قام الجهاز بسداد المبلغ الصادر به الحكم، والذي أُوقِفَ تنفيذُه لاحقًا”، وذلك تفاديا- أيضًا- لما عساه أن يصدر ضده من حكم جنائي في الجنحة المباشرة رقم 5531 لسنة 2006 التي أقامها ضده المطعون ضده الأول، وهو ما تأكد من إقرار هذا الأخير المودع ضمن حافظة المستندات المقدمة منه أمام هذه المحكمة بجلسة 5/1/2008، والثابت به إقراره بتنازله عن الجنحة المشار إليها.

 وحيث إنه عن المصاريف، فإن المحكمة تُلزِم بها كلا من الجهاز الطاعن والمطعون ضده الأول مناصفةً بينهما عملا بحكم المادة (186) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بما يلي:

(أولا) في الدعوى الأصلية: بقبولها شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام رافعها المصروفات.

(ثانيا) في الدعوى الفرعية: بقبولها شكلا، وفي الموضوع بإلزام المطعون ضده الأول بصفته أن يؤدي للطاعن بصفته مبلغ 28,518663 جنيهًا (فقط خمس مئة وثمانية عشر ألفًا وست مئة وثلاثة وستين جنيهًا وثمانية وعشرين قرشًا)، على النحو المبين بالأسباب، مع إلزام المطعون ضده الثاني بصفته تسييل خطابات الضمان لمصلحة الطاعن بصفته.

وألزمت كلا من الطاعن بصفته والمطعون ضده الأول بصفته المصروفات مناصفةً بينهما.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV