برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فوزي عبد الراضي سليمان أحمد
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد أحـمد أحمد ضيف، ومنير عبد القدوس عبد الله، ومحمد ياسين لطيف شاهين، وأحمد جمال أحمد عثمان.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) دعوى– الطعن في الأحكام- لا يجوز إبداء طلب جديد أمام المحكمة الإدارية العليا؛ بحسبانها نهاية مطاف التقاضي أمام محاكم مجلس الدولة.
– المادة رقم (235) من قانون المرافعات.
– المادة رقم (23) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
(ب) قانون– الطعن على القرار بقانون- يكتسب هذا القرار قوة القانون منذ إصداره، ولا تزايله هذه القوة متى أقره المجلس التشريعي- هذه الصبغة التشريعية للقرار بقانون تنأى به عن أن يكون من عداد القرارات الإدارية التي يمكن أن تكون محلا لدعوى الإلغاء.
– المادتان رقما (86) و(147) من دستور 1971.
(ج) دعوى– دفوع في الدعوى- الدفع بعدم الدستورية- طريقه- لا يجوز الادعاء المباشر طعنا بعدم دستورية نص قانوني بمعناه العام أمام أي من جهات القضاء، بما في ذلك المحكمة الدستورية العليا نفسها- إذا ولج المدعي هذا الطريق لم يكن جائزا إحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا- يلزم وجود نـزاع ذي موضوع يثير مسألة الدستورية بخصوص نص قانوني لازم للفصل في موضوع النـزاع.
– المادة رقم (175) من دستور 1971.
– المادتان رقما (25) و (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
(د) مجلس الدولة– هيئة مفوضي الدولة- لا يلزم تحرير تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي يقدم إلى المحكمة الإدارية العليا أو محكمة القضاء الإداري من عضو بدرجة (مستشار مساعد) على الأقل، مادام أنه مذيل بتوقيع عضو بهذه الدرجة إلى جانب توقيع العضو المقرر.
– المادة رقم (6) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
بتاريخ 7/2/2007 أودع الأستاذ/… المحامي عن نفسه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام برقم 6150 لسنة 53 القضائية عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى) في الدعوى رقم 4265 لسنة 58ق. بجلسة 27/6/2006، الذي قضى بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم بقبوله شكلا، و في الموضوع بإلغاء الحكم الطعين، والحكم باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، وإعادتها إليها للفصل فيها.
وعينت لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى (فحص طعون) جلسة 3/6/2013، وتدوول نظره على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، حيث قدم الطاعن خلالها مذكرة دفاع صمم فيها على طلباته، كما قدم إعلانا بتعديل طلبه ليكون محل الطعن هو قرار عدم إنهاء خدمة من بلغ سن المعاش، وليس القرار بقانون رقم 159 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية، وأعلن خصما جديدا في الطعن (وزير العدل) بحسبانه المنوط به إصدار قرار إنهاء خدمة من بلغ سن الإحالة إلى المعاش، وقدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات. وبجلسة 4/11/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/1/2014، وفيها قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 1/3/2014، وتدوول نظره أمام هذه الدائرة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/4/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 28/6/2014، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 4/8/2014 ثم لجلسة 27/9/2014، و في هذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 18/10/2014 للأسباب المثبتة بمحضرها، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية لاسيما ميعاد إقامته؛ بحسبان أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 27/6/2006، فتقدم الطاعن بتاريخ 22/8/2006 بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا لإعفائه من رسوم الطعن الذي أزمع إقامته على هذا الحكم، وصدر القرار بشأنه بتاريخ 9/12/2006، وأودع تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 7/2/2007 خلال الميعاد القانوني، ومن ثم يكون الطعن مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 4265 لسنة 58 ق. بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 29/11/2003، طالبا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه الصادر برفع سن تقاعد القضاة وأعضاء الهيئات القضائية من سن ستة وستين عاما إلى ثمانية وستين عاما، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سند من القول بأنه علم أن رئيس الجمهورية أصدر قرارا بقانون برفع سن التقاعد للقضاة وأعضاء الهيئات القضائية من ستة وستين عاما إلى ثمانية وستين عاما، وهو قرار إداري مخالف للقانون، حيث رفع سن تقاعد هؤلاء دون غيرهم من موظفي الدولة الذين يطبق في شأنهم حكم المادة (95) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، بما يعد تمييزا لهم وبما يخل بتكافؤ الفرص خلافا للدستور، كما أن هذا القرار مخالف للمادتين (89) و(147) من الدستور، لأنه ما هو إلا تشريع من اختصاص مجلس الشعب، وهو ما يمثل اغتصابا للسلطة، خاصة أنه ليس هناك ما يوجب الإسراع في إصداره في غيبة المجلس المذكور، ولا يعد رفع سن القضاة تدبيرا من تلك التى يحق لرئيس الجمهورية اتخاذها بقرار بقانون، فضلا عن أن ذلك القرار لم يعرض على مجلس الشعب في أول اجتماع له، ومن ثم يزول بأثر رجعي ما كان له من قوة القانون.
………………………………………………….
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة على النحو الموضح بمدونات الحكم المطعون فيه، وبعد أن أودعت هيئة مفوضي الدولة رأيها القانوني المسبب في الدعوى، صدر الحكم المطعون فيه، على أساس أن المدعي يهدف من دعواه إلى الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 159 لسنة 2003، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأنه إذ دفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، فإن المستفاد من المادتين (147) و(175) من الدستور، أن الدستور وسد لرئيس الجمهورية اختصاصات تشريعية منها إصدار قرارات بقوانين في غيبة البرلمان، وحال قيام ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، على أن تعرض هذه القرارات على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها إذا كان المجلس قائما، أو في أول اجتماع له في حالة حله أو وقف جلساته، ورتب المشرع جزاء في حالة عدم عرض هذه القرارات يتمثل في زوال أثرها بأثر رجعي، ووسد الدستور للمحكمة الدستورية العليا دون غيرها ولاية الفصل في مدى دستورية القوانين واللوائح.
وأضافت المحكمة أنه لما كان القرار محل الدعوى قد استجمع صفة العمل التشريعي الذي نظم الدستور على وجه قاطع مسألة بقائه وإعمال أثره بالعرض على البرلمان في المدد المحددة لذلك، فإن طلب المدعي التصدي لمشروعيته يخرج عن اختصاص المحكمة، لاسيما أن أوراق الدعوى خلت من أن هناك قرارا فرديا محل طعن أمام المحكمة، وهو ما تخرج معه المنازعة عن الاختصاص الولائي للمحكمة.
………………………………………………….
وإذ لم يرتض الطاعن هذا الحكم أقام طعنه الماثل لأسباب حاصلها مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وذلك لكون القرار بقانون المطعون فيه صدر فاقدا المقومات التى تضمنتها المادة (147) من الدستور، حيث لا تتوفر حالة الضرورة مناط إصدار قرار بالتدابير التى ورد النص عليها بهذه المادة، كما أن هذا القرار صار عدما لعدم عرضه على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره، فضلا عن أن ذلك القرار بقانون لا يعد عملا تشريعيا، بل هو عمل من الأعمال الإدارية التى يتولاها رئيس الجمهورية باعتباره عملا تنفيذيا على وفق المادة (137) من الدستور، ويضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه صدر مخالفا المادة (175) من الدستور، والمواد (26) و(29) و(49) من قانون المحكمة الدستورية العليا، والتي ناطت بهذه المحكمة الفصل في دستورية القوانين وتفسير نصوص القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، والقرارات بقوانين الصادرة عن رئيس الجمهورية على وفق أحكام الدستور؛ ذلك أن القرار بقانون المطعون فيه لدى محكمة أول درجة ليس تشريعا، ولم يعرض على مجلس الشعب خلال المدة المحددة لذلك، ولا يطهره مما شابه من عيوب دستورية إقراره من مجلس الشعب بعد أكثر من شهرين من صدوره؛ لأن إقراره انصب على عمل معدوم، وبالإضافة إلى ما سبق فإن الحكم المطعون فيه لم يذكر أو يرد أو يفصل في الدفوع والدفاع الجوهري للطاعن، كما أن الحكم صدر بالمخالفة لأحكام المادتين (146/4) و(147) مرافعات؛ لعدم صلاحية السيد رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم لبلوغه ستة وستين عاما قبل إصداره الحكم الطعين، وقد شاب الحكم البطلان لتحرير تقرير هيئة مفوضي الدولة بشأن الدعوى من عضو يشغل وظيفة أقل من وظيفة مستشار مساعد بالمخالفة للمادة (6) من قانون مجلس الدولة.
………………………………………………….
وحيث إنه عن طلب الطاعن إلغاء قرار وزير العدل بعدم إنهاء خدمة من بلغ ستة وستين عاما من القضاة وأعضاء الهيئات القضائية، فإنه أيا ما كان حكم القانون فيما ذهب إليه الطاعن من نسبة قرار إداري على هذا النحو إلى السيد وزير العدل، فإن هذا الطلب يعد طلبا جديدا لا يجوز إبداؤه البتة أمام أعلى محكمة من محاكم مجلس الدولة؛ بحسبان أنها نهاية مطاف التقاضي أمامها، وهو الأمر المقرر قانونا والمستقر قضاءً في ضوء نصوص قانون المرافعات واجبة التطبيق، لاسيما المادة (235) منه، وقانون مجلس الدولة، خاصة المادة (23) منه، بما لا معدى عن الصدع لها، والقضاء بعدم جواز إبداء هذا الطلب أمام هذه المحكمة، ومن ثم عدم جواز إدخال السيد وزير العدل في الطعن.
وحيث إن البت في اختصاص المحكمة بنظر الدعوى -لاسيما الاختصاص الولائي- سابق بالضرورة على بحثها لشروط قبولها؛ بحسبان أن الاختصاص متعلق بالنظام العام تواجهه المحكمة من تلقاء نفسها، إذ لا يجوز أن تفصل في خصومة تنحسر عنها ولايتها واختصاصها بنظرها، بل يكون لزاما عليها النطق بعدم اختصاصها ولائيا بالفصل فيها.
وحيث إن الطاعن قد حدد محل دعواه (الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه) بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 159 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية وقوانين الهيئات القضائية، والذي استبدل بمادته الأولى عبارة “ثمان وستين سنة” بعبارة “ستًا وستين سنة” في المواد المحددة بهذه المادة من مواد قوانين السلطة القضائية ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية والمحكمة الدستورية العليا، ونعى الطاعن على هذا القرار بقانون بتلك المناعي التى هي في ذروة سنامها مخالفة أحكام الدستور فيما رصده من اختصاص للسلطة التشريعية، وما أسنده استثناء لرئيس الجمهورية من الاختصاص بإصدار قرارات تكون لها قوة القوانين، وذلك بنص دستور 1971 (الذي صدر القرار بقانون محل الطعن في ظل سريان أحكامه) في مادته رقم (86) على أن: “يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع…”، وبنصه في مادته رقم (147) على أنه: “إذا حدث في غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز لرئيس الجمهورية أن يصدر في شأنها قرارات تكون لها قوة القانون. ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها إذا كان المجلس قائما، وتعرض في أول اجتماع له في حالة الحل أو وقف جلساته, فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، وإذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب على آثارها بوجه آخر”، حيث تجسد ما وُجه إلى ذلك القرار بقانون من مناعٍ في اغتصاب رئيس الجمهورية سلطة التشريع الموسدة لمجلس الشعب، وتجاوزه حدود ما رسمته المادة (147) لتولي رئيس الجمهورية الاختصاص الاستثنائي المخول له حال الضرورة التى تلجئ لاتخاذ تدبير معين بقرار بقانون، وانحسار للصفة التشريعية عن القرار المطعون فيه بعدم الالتزام بعرضه على مجلس الشعب خلال الأجل المضروب حتما لذلك.
وإنه لما كان جميع ما وجه من معايب لهذا القرار إنما هي معايب دستورية، تتصل بالمشروعية الدستورية، دون المشروعية القانونية الملازمة لدعوى الإلغاء، لاسيما أن ما بدا جليا من صورة مضبطة الجلسة السادسة بتاريخ 30 من نوفمبر 2003 بالفصل التشريعي الثامن- دور الانعقاد العادي الرابع لمجلس الشعب- أن القرار المشار إليه أودع مجلس الشعب بتاريخ 25 من سبتمبر 2003 عقب صدوره في 24 من سبتمبر 2003، فأحيل في ذات تاريخ إيداعه المجلس إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لدراسته، وأعد التقرير بشأنه، ونوقش بالجلسة المشار إليها، وتم إقراره بالجلسة نفسها، ومن ثم فإن قوة القانون التي وصف بها القرار المطعون فيه إبان صدوره تكون قد استمرت دون أن تزايله، بما يكون معه متسما بالصبغة التشريعية التي ينأى بها أن يندرج ضمن التصرف الإداري، أو أن يكون من عداد القرارات الإدارية التي يمكن أن تكون محلا لدعوى الإلغاء.
وحيث إن المادة (175) من دستور 1971 تنص على أن: “تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح… وذلك كله على الوجه المبين في القانون. ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التى تتبع أمامها”.
وتنص المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن: “تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي: أولا: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. ثانيا:…”.
وتنص المادة (29) منه على أن: “تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
(أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النـزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية.
(ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى، وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا…”.
ومقتضى هذه النصوص أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح مقصورة على المحكمة الدستورية العليا، وأن القيام بها منحسر عن غيرها من جهات التقاضي، كما أن اتصال هذه المحكمة بالمسألة الدستورية المثارة والمطلوب بسط المحكمة رقابتها لتبيان مدى توفر دستورية قانون أو لائحة، منحصر سبيله في أحد طريقين: إما الإحالة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي متى تراءى لها عدم دستورية نص لازم للفصل في النـزاع التى تتولى الفصل فيه، أو رفع أحد الخصوم الدعوى بناء على تصريح المحكمة أو الهيئة التى تنظر النـزاع بعد تقديرها جدية ما أبدي أمامها من دفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم أيضا للفصل في النـزاع.
ومؤدى ذلك أن المشرع نأى بالادعاء المباشر طعنا بعدم دستورية نص قانوني بمعناه العام أمام أي من جهات القضاء عن دائرة الجواز، بما في ذلك المحكمة الدستورية نفسها، كما أن المشرع استلزم أن يكون هناك نـزاع ذو موضوع يثير مسألة الدستورية بخصوص نص قانوني لازم للفصل في موضوع هذا النـزاع، ومن ثم فإذا كان لبُّ النـزاع مسألةً دستورية دون أن يكون هناك موضوع آخر لهذا النـزاع يثير هذه المسألة الدستورية، كان النـزاع بمنأى عن الاختصاص الولائي للمحكمة أو للهيئة ذات الاختصاص القضائي التى أقيم أمامها النـزاع؛ وذلك لِما يتطلبه الفصل فيه من تحريك لرقابة المشروعية الدستورية المرصود القيام بها للمحكمة الدستورية العليا، وكذا لِما يمثله النـزاع -على هذا النحو- من ادعاء مباشر غير جائز حتى أمام المحكمة الدستورية نفسها كقاعدة عامة.
وحيث إنه بالبناء على ما سبق، وكان البين أن الطاعن قد أقام دعواه طعنا على القرار بقانون رقم 159 لسنة 2003 المشار إليه بتلك المطاعن الدستورية المذكورة آنفا، رغم ما ثبت لهذا القرار من السمة التشريعية دون الصفة الإدارية، فمن ثم -و في ضوء ما أنف ذكره- يكون متعينا القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، دون أن يكون جائزا الإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا؛ بحسبان أن الطاعن تخير طريق الطعن والادعاء المباشر غير الجائز قانونا بالنسبة لعدم الدستورية في ضوء ما سلف بسطه على وفق حكم المادة (29) المذكورة سالفا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى بذلك، فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ودون أن ينال من صحته ما رماه به الطاعن من بطلان على زعم بعدم صلاحية رئيس الدائرة التى أصدرته لبلوغه سن السادسة والستين قبل إصداره، إذ النص القانوني تلازمه قرينة الدستورية ما لم يصدر حكم عن المحكمة الدستورية العليا بفك هذه القرينة عنه، ودون أن ينال كذلك من صحة هذا الحكم ما ذهب إليه الطاعن من تحرير تقرير هيئة مفوضي الدولة لدى محكمة أول درجة من عضو يشغل وظيفة أدنى من وظيفة مستشار مساعد؛ ذلك أن المادة (6) من قانون مجلس الدولة التى استند إليها الطاعن تنأى نصا وحكما عن أن تكون سندا لذلك، حيث نصت على أنه: “… ويكون مفوضو الدولة لدى المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري من درجة مستشار مساعد على الأقل”، موجبة أن يكون تمثيل هيئة مفوضي الدولة بأي من المحكمتين المذكورتين بعضو لا تقل درجته عن مستشار مساعد، وليس في دلالة هذا النص -أيا كان نوع الدلالة- ما يؤدي إلى وجوب تحرير تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي يقدم لأي من المحكمتين من عضو لا تقل درجته عن مستشار مساعد، وإنه ولئن كان حكم القانون كذلك، بيد أن الثابت من تقرير هيئة مفوضي الدولة المودع أمام محكمة أول درجة أنه مذيل بتوقيع عضو بدرجة مستشار مساعد إلى جانب توقيع العضو المقرر بدرجة نائب، وهو ما لا مندوحة معه من طرح تلك المرامي؛ لعدم صحة سندها، والقضاء برفض الطعن.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته على وفق المادتين (184) و(240) مرافعات.
حكمت المحكمة:
(أولا) بعدم جواز طلب إلغاء قرار وزير العدل المبدى لأول مرة أمام هذه المحكمة.
(ثانيا) بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |