برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ غبريال جاد عبد الملاك
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد وجدي عبد الفتاح علي فاضل وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد ومنير عبد القدوس عبد الله عبد الجواد وإبراهيم سيد أحمد الطحان.
نواب رئيس مجلس الدولة
– المواد أرقام (1) و(3) و(4) و(5) و(6) من قانون تنظيم الاتصالات، الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003.
– المادتان (28) و(29) من قانون تنظيم الاتصالات، الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003.
– المواد (الأولى والثانية والرابعة والثالثة عشرة) من قرار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رقم 128 لسنة 2006.
– المادتان (13) و(15) من قانون تنظيم الاتصالات، الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003.
(د) دعوى– الحكم في الدعوي- إذا تبين لإحدى الدوائر بمحكمة القضاء الإداري عدم اختصاصها نوعيا بنظر النزاع، جاز لرئيسها أن يؤشر بالإحالة إلى الدائرة المختصة- اتصال الدعوى بالمحكمة يكون قد تم سليما ممن يملكه قانونا، وإن تمت الإحالة في غير جلسة.
(هـ) إثبات– حجية الاتفاقيات العرفية (غير المعتمَدة)- الاعتماد ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو في جوهره اعترافٌ وتسليم واعتداد عملي بوجودِ تلك الاتفاقيات ونفاذِها في إطارها الزمني على وفق نصوص بنودها- ما لم يرتب المشرع البطلان كجزاءٍ على عدم الاعتماد، فلا مجال لإنكار هذه الاتفاقيات بدعوى عدم اعتمادها، مادام قد ثبت استناد الخصوم إليها فيما بينهم، وعدم إنكارها أو الاعتراض عليها.
(و) قواعد عامة– الاستثناء يقدَّر بقدره، فلا يسوغ التوسعُ في تفسيره أو القياس عليه.
في يوم الإثنين الموافق 2 من أغسطس سنة 2010 أودع الأستاذ/… المحامي نيابةً عن الأستاذ الدكتور/… المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا سكرتاريةَ هذه المحكمة عريضةَ طعنٍ، قُيِّدَ بجدولها برقم 38145 لسنة 56 القضائية عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة السابعة- دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار) بجلسة 5/6/2010 في الدعويين رقمي 3248 لسنة 63 القضائية و20220 لسنة 64 القضائية، المقامتين من الممثل القانوني للشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول (موبينيل)، ضد وزير الاتصالات (بصفته رئيس مجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات)، والرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (بصفته)، القاضي بقبول الدعويين شكلا، وفي الطلبين العاجلين: (أولا) وقف تنفيذ القرار المطعون فيه الأول الصادر بتاريخ 3/9/2008 فيما تضمنه بالبنود ثانيا وثامنًا وتاسعًا من تحديد سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة (موبينيل) بمبلغ (11,3) قرشًا للدقيقة الواحدة، وتحديد سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن (موبينيل) والمنتهية عبر شبكة المصرية للاتصالات بمبلغ (6,5) قروش للدقيقة الواحدة، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهاز المدعى عليه الثاني مصروفات هذا الطلب. (ثانيا) بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الثاني الصادر بتاريخ 31/12/2009 والمعدَّل بالقرار الصادر بتاريخ 14/1/2010 فيما تضمنه من تحديد سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكتي شركتي المحمول (فودافون مصر واتصالات مصر) وكذلك شبكة الشركة المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة شركة (موبينيل) بمبلغ (8,5) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية، وتحديد سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة شركة (موبينيل) والمنتهية على شبكة اتصالات مصر بمبلغ (11) قرشًا للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية، والمنتهية على شبكة المصرية للاتصالات بمبلغ (6,5) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية، وما تضمنه من تحديد للأسعار من الجهاز دوريا وكلما استلزم الأمر، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهاز المدعى عليه الثاني مصروفات هذا الطلب”.
وقد عُينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26/9/2010 وفيها قدم الحاضر عن الشركة المطعون ضدها مذكرة وحافظة مستندات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن، رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتدوول الطعن بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، حيث قدم الحاضر عن الجهاز الطاعن بجلسة 7/2/2011 مذكرة، وقدم الحاضر عن الشركة المطعون ضدها بجلسة 21/3/2011 مذكرة، وقررت المحكمة بجلسة 6/6/2011 إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع، وعينت لنظره جلسة 24/9/2011 وفيها قدم الحاضر عن الشركة الطاعنة حافظة مستندات، وتدوول الطعن بجلسات المحكمة على النحو المبين بالمحاضر، حيث قدم الحاضر عن الجهاز الطاعن بجلسة 22/10/2011 مذكرة، وقدم الحاضر عن الشركة المطعون ضدها بجلسة 10/12/2011 مذكرة وحافظة مستندات، كما أودع سكرتارية المحكمة بتاريخ 17/12/2011 مذكرة- بتصريحٍ سابق من المحكمة بجلسة 10/12/2011- كما أودع سكرتارية المحكمة بتاريخ 2/2/2012 حافظة مستندات رفق طلب لفتح باب المرافعة، كما قدم الحاضر عن الشركة المطعون ضدها بجلسة 5/5/2012 مذكرة وحافظة مستندات، وأودع الجهاز الطاعن سكرتارية المحكمة بتاريخ 31/7/2012 مذكرة (كلاهما بتصريحٍ سابق من المحكمة بجلسة 1/7/2012)، وقدم الحاضر عن الجهاز الطاعن بجلسة 23/2/2013 حافظة مستندات، وقدم الحاضر عن الشركة المطعون ضدها بجلسة 16/3/2013 مذكرة وحافظة مستندات.
وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزومًا لسماعه من إيضاحات الطرفين، قررت إصدار الحكم بجلسة 4/5/2013، وتقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد أقيم خلال الميعاد القانوني، واستوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أن الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول (موبينيل) -المطعون ضدها- أقامت الدعوى رقم 3248 لسنة 63ق بتاريخ 1/11/2008 أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد: وزير الاتصالات (بصفته رئيس مجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات) والرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (بصفته)، طالبةً الحكم: (أولا) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المدعى عليه الثاني الصادر بتاريخ 3/9/2008. (ثانيا) وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار.
وتوجز أسانيد الدعوى في أن الشركة المدعية كانت قد أبرمت بتاريخ 18/4/1998 اتفاقية التوصيل بين شبكة المحمول في الشركة المدعية والشبكة العامة للتليفون المملوكة للشركة المصرية للاتصالات (PSTN)، وقد نظمت هذه الاتفاقية المدفوعات بين الطرفين بموجب نص المادة (3/1) والجدول (5) من هذه الاتفاقية، وقد نشأ خلاف بين الشركتين حول المكالمات الدولية، أقيم بشأنه تحكيمٌ بين الطرفين، كما أثار التعامل بين شركات المحمول والمصرية للاتصالات بعض المشاكل، رُئِيَ حلُّها جميعها باتفاقٍ متكامل في إطار اتفاقية التوصيل المؤرَّخة 18/4/1998، فكان توقيعُ مذكرة تفاهم بتاريخ 20/12/2013 بين الشركتين بالإضافة إلى شركة فودافون، وقد تضمنت هذه المذكرة تنظيمًا متكاملا للعلاقة بين الشركات، شملت (أ) نظام اقتسام الإيرادات، (ب) كيفية احتساب مبالغ المكالمات الدولية، (ج) تخفيض على الكم على خطوط الربط (Volume Document)، واتفقت الأطراف على أن يتم إبرام عقدٍ لتعديل اتفاقية التوصيل على وفق بنود مذكرة التفاهم، وبالفعل وقعت الشركات الثلاث بتاريخ 27/1/2005 عدة اتفاقات لتنظيم العلاقة فيما بينهما بما يكفل التوازن في العلاقة التعاقدية، وهي: 1- ملحق اتفاقية الترخيص الخاص بين الجهاز وموبينيل، 2- اتفاق تعديل اتفاقية التوصيل بين المصرية للاتصالات وموبينيل، 3-اتفاق تسوية خاص بالمحاسبة على المكالمات الدولية بين المصرية للاتصالات وموبينيل، 4- تعهد المصرية للاتصالات بعدم المنافسة في إنشاء شبكة محمول، 5- اتفاق التنازل عن حق الحصول على رخصة تشغيل شبكة تليفون محمول بين الجهاز والمصرية للاتصالات، 6- اتفاق تسوية خاص باحتساب رسوم وصلات الميكروويف بين الجهاز وموبينيل.
كما تضمنت الاتفاقات المؤرَّخة في 27/1/2005 تعديل اتفاقية التوصيل المؤرَّخة في 18/4/1998 المنظِّمة للمدفوعات بين الطرفين، وبذلك صارت الاتفاقات المؤرَّخة 27/1/2005 في حقيقتها اتفاقًا واحدًا متكاملا ينظم جميع الحقوق والالتزامات، ويعد وحدة واحدة متكاملة تقوم على سببٍ رئيس هو طلب المصرية للاتصالات وتنازلها عن تقديم خدمة المحمول، وأن مقتضيات العدالة والمساواة وحسن تنفيذ العقد تقتضي إذا رُئِيَ تعديل أحد بنود هذا الاتفاق أن يتم التعديل بمعرفة ذات الأطراف وأن يشمل إعادة النظر في جميع بنود الاتفاق الأخرى.
إلا أن المصرية للاتصالات طلبت بتاريخ 2/10/2007 تعديل شروط اتفاقية التوصيل على وفق نص المادة (18)، برغم أن هذه الاتفاقية على وفق نص المادة (17) من اتفاقية التعديل قد جُدِّدت لمدة خمس سنوات بذات شروطها، نظرًا لعدم قيام المصرية للاتصالات بإبداء رغبتها في تعديل الاتفاقية قبل 12 شهرًا من انتهائها، ومع ذلك دخلت موبينيل في مفاوضات مع المصرية للاتصالات، أعربت فيها موبينيل عن تمسكها بمضمون اتفاقية التوصيل المؤرَّخة في 18/4/1998، ومذكرة التفاهم المؤرَّخة في 20/12/2003، وتعديل اتفاقية التوصيل المؤرَّخ في 27/1/2005، مع اقتراح التوقيع على اتفاقية لتعديل بعض النقاط المختلف عليها، إلا أن المصرية للاتصالات تقدمت بشكوى إلى الجهاز المدعى عليه الثاني في خصوص بند اقتسام الإيرادات فقط، دون باقي البنود التي سبق الاتفاق عليها في 27/1/2005، وقد أحيلت الشكوى إلى لجنة فض المنازعات بالجهاز المدعى عليه، والتي أعدت تقريرًا في هذا الشأن خلصت فيه إلى التوصيات الآتية:
أولا: حساب سعر الترابط الخاص بإنهاء المكالمات التليفونية على شبكة الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول (موبينيل) والواردة إليها من شبكة الشركة المصرية للاتصالات بنسبة 65% من سعر بيع المكالمة داخل نطاق شبكة موبينيل (onnet) والتي يتم اعتمادها بموافقة الجهاز وذلك بعد خصم ضريبة المبيعات منه.
ثانيا: حساب سعر الترابط الخاص بإنهاء المكالمات التليفونية على شبكة الشركة المصرية للاتصالات والواردة إليها من شبكة موبينيل بنسبة 65% من متوسط سعر بيع مكالمات النداء الآلي وسعر بيع المكالمات المحلية التي تتم داخل شبكة المصرية للاتصالات والتي يتم اعتمادها بموافقة من الجهاز وذلك بعد خصم ضريبة المبيعات منه.
ثالثًا: تعديل البند (2-1) من اتفاقية الترابط على وفق ما تقدم في البنود (أولا) (وثانيا) من هذا القرار. رابعًا:… خامسًا:… سادسًا:…
وتنفيذًا لتوصيات اللجنة أصدر المدعى عليه الثاني قرارات بتاريخ 3/9/2008 بالبنود الآتية: أولا- اعتماد سعر بيع دقيقة المكالمة التليفونية للمشتركين داخل شبكة موبينيل بمبلغ مقداره عشرون قرشًا متضمنا ضريبة المبيعات.
ثانيا- أن يكون سعر الربط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة موبينيل هو (11,3) قرشًا للدقيقة الواحدة.
ثالثًا- اعتماد سعر بيع دقيقة المكالمة التليفونية للمشتركين داخل شبكة فودافون بمبلغ مقداره (20) قرشًا متضمنًا ضريبة المبيعات.
رابعًا- أن يكون سعر الربط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة فودافون هو (11,3) قرشًا للدقيقة الواحدة.
خامسًا- اعتماد سعر بيع دقيقة المكالمة التليفونية للمشتركين داخل شبكة اتصالات مصر بمبلغ مقداره (15) قرشًا متضمنًا ضريبة المبيعات.
سادسًا- أن يكون سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة اتصالات مصر هو (11,3) قرشًا للدقيقة الواحدة.
سابعًا- اعتماد متوسط سعر بيع دقيقة المكالمة التي تتم داخل شبكة الشركة المصرية للاتصالات بمبلغ قدره عشرة قروش.
ثامنًا- أن يكون سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شركات التليفون المحمول الثلاثة موبينيل وفودافون واتصالات مصر والمنتهية على شبكة المصرية للاتصالات بمبلغ مقداره (6,5) قروش.
تاسعًا- يُنفَّذ هذا القرار من تاريخ صدوره ويظل ساري المفعول حتى يعتمد الجهاز أسعارًا أخرى لبيع دقيقة المكالمة للمشتركين داخل نطاق الشبكة الواحدة (on net) لأي شركة.
وعابت الشركة المدعية على هذا القرار مخالفته القانون للأسباب الآتية:
1- أن سلطة الجهاز المدعى عليه في الفصل في المنازعات بين مقدمي الخدمة في شأن اتفاقيات الترابط المبرمة بينهم لا تخوَّله بحسب نص المادة (29) من القانون رقم 10 لسنة 2003 تعديل بنود الاتفاقيات المشار إليها.
2- أن مقدمي خدمات الاتصالات ملتزمون بإبرام اتفاقيات الترابط بموجب نص المادة (28) من القانون المشار إليه، وأن الجهاز يضع القواعد والشروط التي تحقق الترابط، وذلك في حالة عدم اتفاق مقدمي الخدمات وبناء على طلب أي منهم، وليس في حالة وجود اتفاق نافذ بين أطرافه.
3- أن القرار انطوى على تمييز بين مقدمي الخدمة، عندما فرض حلا لا ترضاه موبينيل، في انحياز واضح للمصرية للاتصالات، لاسيما أن اللجنة لم تبحث قيمة تكاليف مكالمة الشركة المدعية، ولم تعتمد التكاليف الفعلية للمكالمة التي تقدمت بها، بل بحثت فقط التكاليف الخاصة بالشركة المصرية للاتصالات.
4- مخالفة القرار لشرط تحقيق عائد استثماري معقول قائم على أسس علمية أو قانونية أو محاسبية سليمة، إذ بُني القرار المطعون فيه على افتراضٍ غير صحيح لاعتباره أن عائد الشركة المدعية يصل إلى 35% من سعر البيع وأن جميع الشركات متساوية وتحقق ذات العائد وهو تقدير غير مبني على أسس سليمة.
5- خالف القرار اتفاقية التوصيل المؤرخة في 18/4/1998، وشروط اتفاق تعديلها المؤرَّخ في 27/1/2005، وأهدر مبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين.
– وأقامت الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول (موبينيل)- المطعون ضدها- دعوى أخرى تحت رقم 20220 لسنة 64ق بتاريخ 28/2/2010 أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد الخصوم أنفسهم في الدعوى الأولى (رقم 3248 لسنة 63ق.)، طالبةً الحكم: (أولا) وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المدعى عليه الثاني الصادر بتاريخ 31/12/2009 وتعديله الصادر بتاريخ 14/1/2010 وتفسيره الصادر في 21/10/2010.
(ثانيا) وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما طرأ عليه من تعديل، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتوجز أسانيد الدعوى الثانية في أن الجهاز المدعى عليه الثاني أصدر قرارًا بتاريخ 31/12/2009 بالبنود الآتية:
1- سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكتي شركتي المحمول (فودافون مصر، واتصالات مصر) وشبكة الشركة المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة شركة موبينيل هو (8,5) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية.
2- سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة موبينيل والمنتهية على شبكة شركة فودافون مصر هو (9) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية.
3- سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة موبينيل والمنتهية على شبكة اتصالات مصر هو (11) قرشًا للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية.
4- سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة موبينيل والمنتهية على شبكة الشركة المصرية للاتصالات (6,5) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية.
5- تطبيق هذه الأسعار من تاريخ 1/9/2009. وعلى أن يقوم الجهاز بمراجعة أسعار الترابط هذه- دوريا- كل ثلاثة أشهر على الأكثر أو عندما يستلزم الأمر ذلك.
وقد أصدر الجهاز قرارًا آخر بتاريخ 14/1/2010 مطابقًا في بنوده للقرار المبين سالفًا، فيما عدا سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة موبينيل والمنتهية على شبكة فودافون مصر والذي عُدل إلى (10) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية- بدلا من (9) قروش.
كما أصدر الجهاز تفسيرًا لهذا القرار الأخير بتاريخ 21/10/2010 متضمنًا بنود القرار المعدل والأسباب التي بني عليها هذا القرار.
وعابت شركة موبينيل (المدعية) على هذا القرار مخالفته لاتفاقيات الترابط بين موبينيل والشركات الأخرى، المبينة فيما يأتي:
1- مخالفة القرار لاتفاقية التوصيل المؤرَّخة في 18/4/1998 بين موبينيل والمصرية للاتصالات، ومذكرة التفاهم المؤرَّخة في 20/12/2003 بين الشركتين فضلا عن شركة فودافون، وكذا مجموع الاتفاقات الموقَّعة بين الشركات الثلاث بتاريخ 27/1/2005 والتي تنظِّم العلاقة فيما بينهما.
2- مخالفة القرار لاتفاقية الترابط المبرَمة بتاريخ 24/9/2001 بين موبينيل وفودافون، والمعدلة بالاتفاقات الموقعة بتاريخ 27/1/2005 المشار إليها سالفًا- والتي وافق عليها الجهاز المدعى عليه الثاني- والتي حددت سعر الترابط بين (11,5) قرشًا للدقيقة سواء بالنسبة للمكالمات المنتهية على شبكة موبينيل أو تلك المنتهية على شبكة فودافون، وهو ما يعرف بمبدأ التحاسب التماثلي بين شركتي محمول (Symmetric)، وبرغم أن هذا الاتفاق مازال ساريا، ولم ينشأ أي نزاع بين موبينيل وفودافون في هذا الشأن، فقد عدَّل القرار المطعون فيه الصادر في 31/12/2009 أسعار الترابط بين الشركتين لتكون بـ (8,5) قروش للمكالمات الصادرة عن فودافون والمنتهية على شبكة موبينيل وبـ (9) قروش للمكالمات الصادرة عن موبينيل والمنتهية على فودافون، ثم عدل هذا السعر الأخير مرة أخرى بالتعديل الذي أدخل على القرار المطعون فيه بتاريخ 14/1/2010 ليصبح (10) قروش للدقيقة، وذلك افتئاتًا على مبدأ المساواة وعدم التمييز بين مقدمي خدمة الاتصالات، وانتهاكًا لمبدأ سلطان الإرادة.
3- مخالفة القرار لاتفاقية الترابط بين موبينيل واتصالات مصر المبرمة بينهما بتاريخ 7/5/2007 والتي جعلت سعر الترابط بين الشركتين (11,5) قرشًا للدقيقة على وفق مبدأ التحاسب التماثلي (Symmetric)، وبرغم أن هذه الاتفاقية مازالت سارية، ولم ينشأ أي نزاع بين الشركتين في هذا الشأن، فقد عدَّل القرار المطعون فيه سعر ترابط المكالمات بين الشركتين ليكون (8,5) قروش للدقيقة المنتهية على شبكة موبينيل و (11,5) قرشًا للدقيقة المنتهية على شبكة اتصالات وذلك افتئاتًا على مبدأ المساواة وعدم التمييز بين مقدمي خدمة الاتصالات، وانتهاكًا لمبدأ سلطان الإرادة.
كما عابت الشركة المدعية على القرار المطعون فيه مخالفته القانون على ركيزة من الأسباب الآتية:
1- مخالفة نصي المادتين (28) و(29) من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، وتفسير الجهاز لهما تفسيرًا واسعًا يوسع- بالمخالفة للتفسير الصحيح- من تدخل الجهاز لتحديد أسعار الترابط ومن سلطاته في هذا الشأن، إذ أعطى الجهاز لنفسه سلطة تحديد أسعار الترابط بين شبكات مقدمي خدمة الاتصالات وتعديلها بإرادته المنفردة، ليس فقط عند إبرام اتفاقية ترابط بحسب نص المادة (28)، بل دوريا كل ثلاثة أشهر على الأكثر، أو عندما يستلزم الأمر ذلك كلما عدَّل مقدمو خدمة الاتصالات أسعار المكالمات على نفس الشبكة (on Net)، أي من موبينيل إلى موبينيل، أو من فودافون إلى فودافون، أو من اتصالات إلى اتصالات، أو من الهاتف الثابت إلى الهاتف الثابت، وسواء كان هناك اتفاق ترابط سارٍ بين الشركات المعنية من عدمه، وذلك كله رغم أن القانون لا يعطيه هذا الحق، وأن قيامه بتحديد أسعار الترابط من تلقاء نفسه -رغم وجود اتفاقيات ترابط سارية بين جميع الشركات- ينطوي على تجاوز حدود سلطاته المخوَّلة له قانونًا، فضلا عن تجاوز الجهاز المدعى عليه ضوابط فصل الجهاز في المنازعات الناتجة عن اتفاقيات الترابط السارية، كما حدَّدتها المادة (29) من القانون رقم 10 لسنة 2003 المشار إليه، وأخصها ألا ينطوي قرار الجهاز على تمييز بين مقدمي الخدمة، إذ حدَّد القرار المطعون فيه سعر الترابط بين موبينيل واتصالات مصر على نحوٍ ينطوي على تمييزٍ صارخ بينهما، إضرارًا بالأولى ولمصلحة الثانية رغم تماثل المراكز القانونية بين الشركتين، إذ حدد القرار سعر ترابط المكالمات بـ(8,5) قروش لتلك المنتهية على شبكة موبينيل، وبـ(11) قرشًا لتلك المنتهية على شبكة اتصالات مصر، فضلا عن أن القرار المطعون فيه هو امتداد للقرار الصادر في 3/9/2008- المطعون عليه بالدعوى الأولى- والذي ميّز في المعاملة بين موبينيل والمصرية للاتصالات، إضرارًا بالأولى ولمصلحة الثانية، عندما خفض سعر ترابط المكالمات إلى (8,5) قروش الصادرة عن المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة موبينيل، من دون إجراء تخفيض مماثل لسعر الترابط العكسي، والذي ظل بسعر (6,5) قروش، فكان الخفض تبعًا لذلك في جانب واحد.
2- أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 31/12/2009 وتعديله صدر بتاريخ 14/1/2010 وقد خالفا مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية بما تضمناه من سريانهما اعتبارًا من 1/9/2009 أي بأثر رجعي.
3- أن القرار المطعون فيه مشوب بإساءة استعمال السلطة؛ لصدوره متجاهلا الطعن على القرار الأسبق للجهاز الصادر بتاريخ 3/9/2008 والمطعون عليه بالدعوى الأولى رقم 3248 لسنة 63 ق.، ومؤديا إلى زيادة المركز المالي لشركة موبينيل سُوءًا مقارنة بما كان عليه بموجب القرار الأسبق للجهاز المشار إليه، سواء تجاه شركتي المحمول الأخريين أو تجاه المصرية للاتصالات، إذ يترتب على القرار المطعون فيه أن تستفيد هذه الشركات جميعها من تخفيض سعر الترابط على حساب شركة موبينيل، في استهدافٍ واضح لمعاقبة الشركة المذكورة على لجوئها للقضاء بالطعن على القرار الأسبق للجهاز بالدعوى الأولى المشار إليها، وبعيدًا عن اعتبارات المصلحة العامة، فضلا عن التمييز بين شركات المحمول، بفرض سعر ربط بواقع (8,5) قروش لمصلحة موبينيل، وبواقع (11) قرشًا لمصلحة اتصالات مصر، وبواقع (10) قروش لصالح فودافون، والذي عُدِّل في أسبوعين من (9) قروش في 31/12/2009 إلى (10) قروش في 14/1/2010.
…………………………………………………………..
وقد قررت محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/3/2010 ضم الدعوى رقم 20220 لسنة 64ق. إلى الدعوى رقم 3248 لسنة 36ق. للارتباط، وبجلسة 22/5/2010 قدمت الشركة المدعية مذكرتين حدَّدت في إِحْدَيْهما طلباتها الختامية في الدعويين، على النحو الآتي:
أ- في الدعوى رقم 3248 لسنة 63ق. وقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهاز المدعى عليه الصادر بتاريخ 3/9/2008 فيما تضمنه بالبنود (ثانيا وثامنًا وتاسعًا) من تعديل لأسعار الترابط محل الاتفاق المبرَم بين الشركة الطاعنة والشركة المصرية للاتصالات.
ب- في الدعوى رقم 20220 لسنة 64ق. وقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهاز المدعى عليه الصادر بتاريخ 31/12/2009 وتعديله بتاريخ 14/1/2010، وما يترتب على ذلك من آثار.
وأجاب الجهاز المدعى عليه على الدعويين بأن القرارين المطعون فيهما صادران في حدود السلطات المخولة قانونًا للجهاز وفي حدود القانون.
وبجلسة السبت الموافق 5 من يونيه سنة 2010 أصدرت المحكمة حكمًا في الشق المستعجل يقضي بقبول الدعويين شكلا، وفي الطلبين العاجلين: (أولا) بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الأول الصادر بتاريخ 3/9/2008 فيما تضمنه بالبنود (ثانيا وثامنًا وتاسعًا) من تحديد سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة (موبينيل) بمبلغ (11,3) قرشًا للدقيقة الواحدة، وتحديد سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن (موبينيل) والمنتهية على شبكة المصرية للاتصالات بمبلغ (6,5) قروش للدقيقة الواحدة، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهاز المدعى عليه الثاني مصروفات الطلب.
(ثانيا) بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الثاني الصادر بتاريخ 31/12/2009 والمعدَّل بالقرار الصادر بتاريخ 14/1/2010 فيما تضمنه من تحديد سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكتي المحمول (فودافون مصر، واتصالات مصر) وكذلك شبكة الشركة المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة شركة (موبينيل) بمبلغ (8,5) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية، وتحديد سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة شركة (موبينيل) والمنتهية على شبكة فودافون مصر بمبلغ (10) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية والمنتهية على شبكة المصرية للاتصالات بمبلغ (6,5) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية، وما تضمنه من تحديد للأسعار من الجهاز دوريا وكلما استلزم الأمر، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهاز المدعى عليه الثاني مصروفات هذا الطلب.
– وفيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول، أقامت المحكمة قضاءها على أنه لئن كان الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات هو هيئة قومية لإدارة مرفق الاتصالات، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة، ويمثله أمام القضاء وفي علاقاته بالغير الرئيس التنفيذي للجهاز، إلا أن المدعى عليه الأول هو الوزير المختص المعني بشئون الاتصالات، والذي يرأس مجلس إدارة الجهاز، ومن ثم يكون صاحب صفة في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته، ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة له في غير محله خليقًا بالرفض.
– وفيما يتعلق بشكل الدعويين، أقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه الأول قد صدر بتاريخ 3/9/2008، وطُعِنَ عليه بالدعوى الأولى رقم 3248 لسنة 63ق بتاريخ 1/11/2008، وقد صدر القرار المطعون فيه الثاني بتاريخ 31/12/2009 وعُدِّل بتاريخ 14/1/2010، وطُعِنَ عليه بالدعوى الثانية رقم 20220 لسنة 64 ق بتاريخ 28/2/2010، أي خلال الميعاد المقرر قانونًا.
– وفيما يتعلق بطلبي وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما، أقامت المحكمة قضاءها على أن التزام تحقيق الترابط يقع على كاهل مقدمي خدمات الاتصالات، وذلك بإحدى وسيلتين، الأولى: إبرام اتفاقيات تحقيق الترابط التي يعتمدها الجهاز، والثانية: الانضمام إلى اتفاقيات تحقيق الترابط المبرمة فعلا والمعتمدة من الجهاز، فإذا لم يوجد اتفاقٌ بين مقدمي الخدمات على تحقيق الترابط بينهم، فإن الجهاز لا يحل محلهم في إعداد اتفاقيات ترابط لتوقيعها منهم، وإنما يتولى الجهاز فقط- وبناء على طلب أي منهم- وضع القواعد والشروط التي تحقق الترابط، وهي قواعد وشروط يضعها الأطراف المعنيون موضع اعتبارهم عند إبرامهم لاتفاقية الترابط، ولا تمثل في ذاتها اتفاقية للترابط، وهذا النهج تبنَّاه الجهاز منذ البداية، وفي إطار قرار وزير الاتصالات والمعلومات بتوفيق الأوضاع رقم 165 لسنة 2003، وخطة الجهاز لتوفيق أوضاع قطاع الاتصالات طبقًا للقانون رقم 10 لسنة 2003، وضع الجهاز “الإطار العام لاتفاقيات الترابط بين شركات الاتصالات”، وألزم كل شركة مرخص لها أن تلتزم بإبرام اتفاقيات ترابط ثنائية مع أي مرخَّصٍ له آخر تستخدم شبكته، على أن تتضمن النواحي التنظيمية والفنية والاقتصادية، وأن المشرِّع حدَّد دور الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وأسلوب حل النـزاع الذي قد ينشأ بين مقدمي الخدمات الذين تجمعهم اتفاقيات ترابط، فألزمت المادة (29) من القانون رقم 10 لسنة 2003 مقدمي الخدمات إذا نشأ نزاع بينهم في شأن اتفاقيات الترابط المبرَمة بينهم، عرضَ هذا النـزاع على الجهاز لإصدار قرار فيه على وفق أحكام هذه الاتفاقيات، وبما لا ينطوي على تمييز بين مقدمي الخدمة أو فيما يتحملونه من تكاليف الترابط، وبحيث لا يكون تجاوز التكاليف الفعلية للترابط وخدماته وتجهيزاته إلا بما يحقق عائدًا استثماريا معقولا، وجعل المشرع إصدار الجهاز لقرارٍ نهائي في النـزاع منوطًا بتحقيق ثلاثة شروط:
الأول: أن يربط بين مقدمي الخدمة اتفاقيةُ ترابطٍ (توصيل) مبرَمة بينهم ابتداءً، أو اتفاقية ترابط مبرَمة بين آخرين وقد انضموا إليها، ولا يطبق حكم المادة (29) من القانون المشار إليه على مقدمي الخدمات الذين لم يبرموا اتفاقية ترابط بينهم، أو لم ينضموا إلى اتفاقية ترابط مبرمة وسارية بين مقدمي خدمة آخرين، حيث يخضعون لحكم المادة (28) من ذات القانون، والتي تلزمهم بإبرام اتفاقيات ترابط ثنائية فيما بينهم، أو مع أي مرخص له آخر، على وفق الإطار العام لاتفاقيات الترابط بين شركات الاتصالات الذي قرره الجهاز.
والثاني: أن ينشأ بين أطراف الاتفاقية نزاعٌ في شأن اتفاقيات الترابط المبرَمة بالفعل بينهم، ولا ينشأ النـزاعُ إلا عقب حصول خلاف حول الترابط المبرَم بينهم وتبادل أطراف الاتفاقية للمناقشات والمفاوضات حول نقطةٍ أو نقاط الخلاف وتدارس الحلول المقترحة لحله، فإذا فشل أطراف الاتفاقية في حل الخلاف، نشأ النـزاع المشار إليه بالمادة (29) من القانون.
والثالث: أن يتولى الجهاز حل النـزاع بقرارٍ يصدر عنه على وفق أسس ثلاثة، 1- الالتزام بأحكام الاتفاقية أو الاتفاقيات المبرَمة بين طالب حل النـزاع والأطراف الأخرى. 2- ألا ينطوي حل النـزاع على تمييز بين مقدمي الخدمة أو فيما يتحملونه من تكاليف فعلية للترابط. 3- ألا يكون تجاوز التكاليف الفعلية للترابط وخدماته وتجهيزاته إلا بما يحقق عائدًا استثماريا معقولا.
واستطرد الحكم القول بأن الشركة المدعية (موبينيل) ترتبط مع الشركة المصرية للاتصالات باتفاقية توصيل (ترابط) بتاريخ 18/4/1998 مدتها خمس سنوات تتجدد تلقائيا- عُدِّلت في 27/1/2005- وتجدَّدت تلقائيا إلى 17/4/2003 ثم إلى 17/4/2008، وإزاء فشل الطرفين في حل النـزاع الذي نشأ بينهما حول سعر الترابط امتدت الاتفاقية خمس سنوات أخرى حتى 17/4/2013، بموجب حكم المادة (17/1) من هذه الاتفاقية، والتي تنص على أنه: “في حالة عدم التوصل لاتفاقٍ في هذا الشأن فإن الاتفاقية تتجدد تلقائيا بذات أحكامها لمدة (5) سنوات أخرى”.
كما يذكر الحكم أن الشركة المدعية قد أبرمت بتاريخ 24/9/2001 اتفاقية توصيل (ترابط) مع شركة فودافون مصر، تم تعديلها بتاريخ 27/1/2005، وقد حددت سعر الترابط بين الشركتين بـ (11,5) قرشًا على وفق مبدأ التحاسب التماثلي، وسارية حتى 24/9/2011 وقابلة للامتداد سنويا على وفق أحكامها، ولم ينشأ نزاع بين طرفيها.
وأن الشركة المدعية لم ترتبط بشركة اتصالات مصر بأية اتفاقيات للترابط، حتى أصدر الجهاز قراره المؤرَّخ في 26/4/2007 بتحديد سعر الترابط بين الشركتين بـ(11,5) قرشًا على وفق المبدأ المشار إليه، وقد أبرمت على إثره اتفاقية ترابط بين الشركتين بتاريخ 7/5/2007 بذات السعر، وهي سارية حتى 7/5/2011، وقابلة للامتداد سنويا على وفق أحكامها، ولم ينشأ بين طرفيها أي نزاع.
وخلصت المحكمة إلى عدم مشروعية البنود (ثانيا وثامنًا وتاسعًا) من القرار المطعون فيه الأول؛ لأن الجهاز في تدخله لحل النـزاع بين موبينيل والمصرية للاتصالات لم يلتزم بأحكام الاتفاقيات المبرمة بينهما، وانطوى قراره على تمييز بين مقدمي الخدمة، كما خلصت إلى عدم مشروعية القرار المطعون فيه الثاني؛ لأنه لم يكن ثمة نزاعٌ بين شركات المحمول الثلاث، والذي هو مناط تدخل الجهاز، وإنما انتهج الجهاز أسلوب المبادرة الذاتية من دون نزاع أو شكوى من أي من مقدمي الخدمة، وقام من تلقاء نفسه بتعديل أسعار الترابط، بناء على ما تراءى له من دراسةٍ لتحديث أسعار الترابط بين الشركات المختلفة، وما عبر عنه في ختام قراره وتعديله وتفسيره من أن الجهاز سوف يراجع أسعار الترابط الصادر بها القرار الأخير دوريا، كل ثلاثة أشهر على الأكثر، أو عندما يستلزم الأمر، وهو نهج يخرج عن النطاق المحدَّد للجهاز على وفق أحكام القانون، وانتهت المحكمة إلى وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما على الوجه المبين سالفًا.
……………………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن يقوم على ركيزة من جملة أسباب، حاصلها:
1- بطلان الحكم المطعون فيه لعدم اتصال المحكمة بالدعويين اتصالا صحيحًا، لقيام هيئة مفوضي الدولة (الدائرة الثالثة) بإحالة الدعوى رقم 3248 لسنة 63ق. إلى الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإداري بتاريخ 28/2/2010 للاختصاص؛ لتضمنها طلبًا لوقف التنفيذ ولتنظر مع دعوى أخرى عن ذات الموضوع، ولم تكن هذه الإحالة بناءً على طلب المحكمة عند نظر الدعوى رقم 20220 لسنة 64ق، والتي لم تنظر أمام المحكمة إلا بجلسة 27/3/2010، ومن ثم يقع قرار الإحالة باطلا، حيث أحال الدعوى القديمة (3248 لسنة 63ق.) وهي في حوزة هيئة مفوضي الدولة إلى الدعوى الجديدة (20220 لسنة 64ق.) في ذات يوم رفعها في 28/2/2010، ودون وجود جلسة أمام المحكمة، الأمر الذي يجعل اتصال المحكمة بالدعوى باطلا، ويؤدي بدوره إلى بطلان الحكم المطعون فيه.
2- أن الحكم المطعون فيه قد استند إلى قرار وزير الاتصالات رقم 165 لسنة 2003 بشأن خطة الجهاز لتوفيق أوضاع قطاع الاتصالات، طبقًا للقانون رقم 10 لسنة 2003، وهذه المستندات لم تقدم من أحد من الخصوم ولم يجر عليها دفاع أطراف الدعوى، بما يخل بحق الدفاع، بالاستناد إلى أوراق ومستندات لا ظل لها في واقع الدعوى، ولم يمحصها أطراف الدعوى، وهو ما يعيب الحكم بالبطلان.
3- افتقار طلب وقف التنفيذ إلى ركن الجدية؛ لأن تدخل الجهاز الطاعن بفرض سعر للترابط بموجب القرارين المطعون فيهما تم استنادًا إلى سببين:
السبب الأول: أن تحديد السعر يدخل في مطلق اختصاص الجهاز، بوصف الترابطِ خدمةً أساسية يختص الجهاز بتحديد سعرها.
السبب الثاني: عدم اعتماد الاتفاقيات التي تمت بين موبينيل والمصرية للاتصالات، فضلا عن انتهاء مدة سريانها، على وفق نص البند 17-1 من الاتفاقية والبند 6-1 من التعديل، ومن ثم كان تدخل الجهاز- بناء على شكوى المصرية للاتصالات- تدخلا سليمًا متفقًا وأحكام القانون، وهو ما يقطع بصحة القرارين المطعون فيهما بتحديد أسعار الترابط بين جميع شركات المحمول وكذلك المصرية للاتصالات بسعرٍ عادل، اعتمد على معيار “on net” لتحديد سعر الترابط، والذي يأخذ في اعتباره سعر بيع المكالمة للمستهلك حتى يكون السعر عادلا ومطابقًا للحقيقة.
4- مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق، وتأسيسه على أسباب غير صحيحة؛ فمن ناحية أولى: عوَّل على اتفاقيات انتهى نفاذها قبل صدور القرارين المطعون فيهما، فالاتفاقية بين موبينيل والمصرية تجدَّدت بعد السنوات الخمس الأولى لخمس سنوات أخرى فقط، أي حتى 17/4/2008، وذلك عملا بنص البند 17/1 من الاتفاقية والبند 6/1 من التعديل، ومن ناحية ثانية: لم يثبت من مستندات الدعوى أو أوراقها أن الاتفاقية التي أُبرمت سنة 1998، وتجدَّدت سنة 2003 وعُدِّلت سنة 2005، قد قُدِّمَت للجهاز للاعتماد أو أن الجهاز قد اعتمدها، ومن ثم فإنها لا تقيد سلطة الجهاز في تحديد أسعار الترابط، تطبيقًا لنص المادة (28) من القانون رقم 10 لسنة 2003، ومن ناحية ثالثة: أن جهاز الاتصالات يملك وبسلطته التقديرية وتحت رقابة المحكمة تحديد سعر الترابط على وفق ضوابط وأسس حددها القانون، ولا يرتبط الأمر باتفاقيات مقدمي الخدمة؛ بحسبان أن سعر الترابط هو من الخدمات الأساسية، وأن تحديد الجهاز لهذا السعر هو السبب الرئيس لإنشاء الجهاز ومنحه سلطة فرض قيود وآليات عمل أسعار الترابط بين الشركات العاملة في مجال الاتصالات، وقد أكد المشرع هذا الأمر فيما منحه للجهاز من سلطة إصدار التراخيص اللازمة لمباشرة النشاط، وكذلك ما أعطاه القانون من سلطة توقيع الجزاءات عن مخالفة القرارات التي تصدر عنه، ومن ناحية رابعة: أن تحديد الجهاز لسعر الترابط تمَّ على وفق دراسة فنية قام بها الجهاز، لم ترد عليها المحكمة ولم تعنِ بالنظر فيها، وكان يجب عليها أن تحيله إلى هيئة خبراء لتحديد مدى صحته، إلا أن الحكم المطعون فيه ساند رأيا فنيا للشركة المطعون ضدها، وتجاهل الدراسة الفنية التي تم على أساسها تحديد سعر الترابط، إذ قرر في حيثياته “أن استناد القرارين المطعون فيهما إلى معيار (on net)- أي متوسط سعر بيع المكالمات على نفس الشبكة خلال فترة زمنية- والذي يتخذه الجهاز كأساس لتكلفة الترابط، لم تكن مبررات يساندها القانون، فليس من المقطوع به أن أسعار بيع المكالمات على نفس الشبكة يمكن أن يعكس التكلفة الفعلية للترابط بين جميع الشبكات.
……………………………………………………………..
وحيث إن مناط الحكم بوقف التنفيذ -على ما جرى به نص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، واستقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا- أن يتوفر لطلب وقف التنفيذ ركنان: (أولهما) قيام حالة الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج قد يتعذر تدراكها أو يخشى عليها من فوات الوقت. (وثانيهما) جدية الأسباب بأن تستظهر المحكمة عدوانًا باديا للنظرة العابرة على الحق المطلوب المحافظة عليه بما يحمل على ترجيح إلغاء القرار المطعون فيه عند نظر الموضوع.
وحيث إن المادة (1) من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 تنص على أن: “يُقصَد في تطبيق أحكام هذا القانون بالمصطلحات التالية المعاني المبينة قرين كل منها: 1-… 2-… 3-…
4- خدمة الاتصالات: توفير أو تشغيل الاتصالات أيا كانت الوسيلة المستعملة…
7- مُقدِّم خدمة الاتصالات: أي شخصٍ طبيعي أو اعتباري، مُرخَّص له من الجهاز بتقديم خدمة أو أكثر من خدمات الاتصالات للغير… 17- الترابط: التوصيل بين الشبكات المرخَّص بها لمشغلين أو أكثر والذي يسمح بحرية اتصال المستخدمين فيما بينهم، أيا كانت الشبكات التي يرتبطون بها أو الخدمات التي يستعملونها…”.
وتنص المادة (3) على أن: “تُنشأ هيئةٌ قومية لإدارة مرفق الاتصالات تسمى «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» ويكون للجهاز الشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الوزير المختص…”.
وتنص المادة (4) على أن: “يهدف الجهاز إلى تنظيم مرفق الاتصالات وتطوير ونشر جميع خدماته على نحوٍ يواكب أحدث وسائل التكنولوجيا ويلبي احتياجات المستخدمين بأنسب الأسعار ويشجع الاستثمار الوطني والدولي في هذا المجال في إطارٍ من قواعد المنافسة الحرة، وعلى الأخص ما يأتي:
1-… 2- حماية الأمن القومي والمصالح العليا للدولة… 5- مراقبة تحقيق برامج الكفاءة الفنية والاقتصادية لمختلف خدمات الاتصالات”.
وتنص المادة (5) على أن: “للجهاز في سبيل تحقيق أهدافه أن يباشر جميع التصرفات والأعمال اللازمة لذلك، وله على الأخص ما يأتي: 1- وضع الخطط والبرامج وقواعد وأساليب الإدارة التي تتفق ونشاطه طبقًا لأحكام هذا القانون… 2- العمل على مواكبة التقدم العلمي والفني والتكنولوجي في مجال الاتصالات… 3- إعداد ونشر بيان بخدمات الاتصالات وأسماء المشتغلين ومقدِّمي الخدمة والأسس العامة التي يتم منح التراخيص والتصاريح بناءً عليها. 4- تحديد الأسس العامة التي يلتزم بها مشغِّلو ومقدِّمو خدمات الاتصالات. 5- تحديد معايير وضوابط خدمات الاتصالات غير الاقتصادية التي يجب أن تُوَفَّر لجميع المناطق التي تعاني من نقص فيها… 6- وضع القواعد التي تضمن حماية المستخدمين بما يكفل سرية الاتصالات وتوفير أحدث خدماتها بأنسب الأسعار مع ضمان جودة أداء هذه الخدمات، وكذلك وضع نظام لتلقي شكاوى المستخدمين والتحقيق فيها والعمل على متابعتها مع شركات مقدِّمي الخدمة. 7- الإشراف على المعاهد التي تؤهِّل للحصول على الشهادات الدولية في الاتصالات بالتنسيق مع المعهد القومي للاتصالات. 8- وضع القواعد اللازمة لمنح تصاريح المعِدَّات. 9- وضع خطة الترقيم القومي للاتصالات والإشراف على تنفيذها”.
وتنص المادة (6) على أن: “يختص الجهاز بوضع القواعد الفنية المتعلقة بالسلامة الصحية والبيئية الواجبة الاتباع عند تركيب وتشغيل واستخدام شبكات الاتصالات ومتابعة تنفيذها وتشغيلها…”.
وتنص المادة (13) على أن: “مجلس إدارة الجهاز هو السلطة المختصة بشئونه وتصريف أموره، وله أن يتخذ ما يراه لازمًا من قرارات لتحقق الأهداف التي أنشئ الجهاز من أجلها، ويباشر المجلس اختصاصاته على الوجه المبين بهذا القانون، وله على الأخص ما يأتي…”.
وتنص المادة (15) على أن: “يكون للجهاز رئيسٌ تنفيذي يصدر بتعيينه قرارٌ من رئيس مجلس الوزراء لمدة عامين قابلة للتجديد ويحدِّد القرار معاملته المالية، وذلك بناء على اقتراح الوزير المختص ويكون مسئولا أمام مجلس الإدارة عن سير أعمال الجهاز فنيا وإداريا وماليا، وله على الأخص ما يأتي: 1- تنفيذ قرارات مجلس الإدارة. 2- المعاونة في إدارة الجهاز وفي تصريف شئونه والإشراف على سير العمل به. 3- عرض تقارير دورية على مجلس الإدارة عن نشاط الجهاز وسير العمل به وما تمَّ إنجازُه وفقًا للخطة والبرامج الموضوعة وتحديد معَوِّقات الأداء والحلول المقترحة لتفاديها. 4- القيام بأية أعمال أو مهام يكلِّفه بها مجلس الإدارة. 5- الاختصاصات الأخرى التي تحدِّدها اللوائح الداخلية للجهاز…”.
وتنص المادة (28) على أن: “يلتزم مقدِّمو خدمات الاتصالات المختلفة، بتحقيق الترابط فيما بينهم وذلك من خلال: 1- الإفصاح عن المواصفات الفنية والبيانات الخاصة بالخدمات المقدَّمة واللازمة لتحقيق الترابط، لإتاحة العلم بها لأيٍّ من مقدِّمي الخدمات. 2- إبرام اتفاقيات لتحقيق الترابط المشار إليه وفق شروطٍ معقولة لا تنطوي على تمييزٍ بين مقدِّمي الخدمة، على أن تُقدَّم الاتفاقية إلى الجهاز لاعتمادها، أو الانضمام إلى الاتفاقيات المبرَمة والمعتمَدة من الجهاز في هذا الشأن. 3- تقديم البيانات اللازمة لإثبات وتحديد مدى الضرر الواقع على مقدِّم الخدمة، نتيجة فعل أحد مشتركي الشبكة “الخاصة بمقدِّم خدمة آخر، وذلك بناء على طلبِ مقدِّم الخدمة المضرور وبعد موافقة الجهاز.
ويضع الجهاز القواعد والشروط التي تحقِّقُ الترابط المشار إليه، وذلك في حالة عدم اتفاق مقدِّمي الخدمات وبناء على طلب أي منهم”.
وتنص المادة (29) من القانون ذاته على أنه: “إذا نشأ نزاعٌ بين مقدِّمي الخدمات في شأن اتفاقيات الترابط المبرَمة بينهم، عُرِضَ هذا النـزاع على الجهاز لإصدار قرارٍ فيه وفق أحكام هذه الاتفاقيات وبما لا ينطوي على تمييزٍ بين مقدِّمي الخدمة أو فيما يتحملوه من تكاليف الترابط، وبحيث لا يكون تجاوزُ التكاليف الفعلية للترابط وخدماته وتجهيزاته إلا بما يحقِّقُ عائدًا استثماريا معقولا. وللجهاز عند نظر النـزاع أن يكلِّف أيا من أطرافه بتقديم ما يلزم من مستندات أو بيانات، ويكون القرار الصادر من الجهاز في النـزاع نهائيا. ويصدر بقواعد وإجراءات نظر النـزاع قرارٌ من الوزير المختص. ولا يجوز التقاضي بشأن النـزاع إلا بعد صدور قرارٍ فيه من الجهاز أو مُضي ستين يومًا من تاريخ عرض النـزاع عليه أيهما أقرب”.
وحيث إن المادة (الأولى) من قرار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رقم 128 لسنة 2006- الصادر تنفيذًا لنص المادة (29) من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 المشار إليه- تنص على أن: ” يختص الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بنظر المنازعات الآتية: 1- المنازعات المتعلقة باتفاقيات الترابط والتي تنشأ بين المرخَّص لهم بإنشاء أو تشغيل البنية الأساسية لشبكات الاتصالات أو تقديم وتشغيل جميع أنواع خدمات الاتصالات والموضَّحة في المادتين (28) و(29) من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات. 2-…”.
وتنص المادة (الثانية) على أن: “ينشأ بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات إدارة لنظر المنازعات المتصلة بالاتصالات تسمى «إدارة فض المنازعات» يرأسها أحد السادة أعضاء قطاع تشريعات الاتصالات بالجهاز بدرجة مدير وتكون تابعة إداريا لهذا القطاع يُحدِّد اختصاصها السيد الرئيس التنفيذي للجهاز تكون من ضمن مهامها إدارة وتسهيل إجراءات نظر المنازعات التي يختص الجهاز بنظرها وفقًا للقانون وطبقًا للقواعد والإجراءات الواردة فيه…”.
وتنص المادة (الرابعة) على أن: “يقوم الرئيس التنفيذي للجهاز فور تلقيه طلب نظر النـزاع على النحو المنصوص عليه في المادة الثالثة بتشكيل هيئة لنظر النـزاع وذلك من بين العاملين بالجهاز الذين تتوافر فيهم الخبرة الفنية والقانونية اللازمة لطبيعة النـزاع…”.
وتنص المادة (الثالثة عشرة) من القرار ذاته على أن: “تقوم إدارة فض المنازعات فور حصولها على توصية الهيئة بعرضها على السيد الرئيس التنفيذي للجهاز الذي يقوم بإصدار القرار النهائي للجهاز في شأن النـزاع المعروض قبل مرور ستين يومًا تبدأ من تاريخ تقديم طلب عرض النـزاع على الجهاز ويلزم أن يكون قراره مكتوبًا ومُسبَّبًا، وأن يكون متفقًا مع أحكام اتفاقية الترابط أو الاتفاقات الأخرى موضوع النـزاع ومع القوانين والتشريعات السارية”.
وحيث إن مقطع النـزاع الماثل يكمن في الوقوف على مدى ولاية الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في تحديد أسعار الترابط بين شبكات شركات الاتصالات المرخص بها، وما إذا كان القانون قد كفل له هذا الاختصاص، وإن كان ذلك كذلك فما هي حدود هذه الولاية؟.
وحيث إن القول الفصل في هذه المسألة لا يسوغ أن يُسْتَقَى من نصي المادتين (28) و(29) من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 المشار إليه فقط، بل يُستخلَص أيضًا من غيرهما من النصوص الأخرى التي تمثل مفاصل البنيان التشريعي لهذا القانون، ومن ذلك القواعد العامة التي تقوم عليها خدمة الاتصالات المنصوص عليها في المادة (2)، والأهداف العامة للجهاز المنصوص عليها في المادة (4)، والاختصاصات الحصرية له المنصوص عليها في المادة (5) وما بعدها، والتي يتضح من جماعها حرص المشرع في تقديم خدمة الاتصالات على تحقيق التوازن في تقديم خدمة الاتصالات على مبدأين أساسيين: (أولهما): الاحتفاظ للدولة بدورها الطبيعي في التنظيم والإشراف والرقابة على مرفق الاتصالات، بما يضمن تطوير ونشر جميع خدماته ويلبي احتياجات المستخدمين بأنسب الأسعار، (وثانيهما): تشجيع الاستثمار الوطني والدولي في هذا المرفق في إطار قواعد المنافسة الحرة، وهو ما يتسق مع النسق العام للسياسة الاقتصادية للدولة في هجر نظام الاقتصاد الموجَّه، الذي تلعب فيه الدولة الدور الأعظم في تقديم الخدمة بنفسها، في اتجاه نظام الاقتصاد الحر، الذي يتولى فيه القطاع الخاص تقديم الخدمة في إطار قواعد المنافسة الحرة، ويُحتفَظ للدولة بدورها السيادي في الإشراف والرقابة على تقديم الخدمة، بما لا يخلُّ بالحماية الواجبة للمنافسة الحرة.
وحيث إنه واتساقًا مع هذه المبادئ العامة لأهداف الجهاز واختصاصاته، يُلاحَظ أن المشرع نص صراحة على اختصاص الجهاز بتحديد سعر الخدمة في الترخيص الصادر لمقدِّم الخدمة (م 25/6)؛ وذلك تحقيقًا لالتزام الجهاز بتلبية احتياجات المستخدمين بأنسب الأسعار، بينما خلا القانون من أي نصٍّ يخوِّلُ الجهاز سلطةَ تحديد أسعار الترابط بين شبكات الاتصالات المرخص بها؛ وذلك نزولا عند مقتضيات التزام الجهاز باحترام قواعد المنافسة الحرة وحمايتها، بحسبان أن تحديد هذه الأسعار هو شأنٌ محض من شئون الشركات المرخَّص لها في تقديم خدمة أو أكثر من خدمات الاتصالات للغير، وأن العلاقة البينية بين هذه الشركات في خصوص اتفاقها فيما بينها على تحديد سعر للترابط بين شبكاتها لا تمسُّ بشكلٍ مباشر المستخدمين، بحسبان أن سعر الخدمة للمستخدم يحدِّده الجهاز سلفًا في الترخيص الممنوح لمقدِّم خدمة الاتصالات، يؤكِّد ذلك ويظاهره أن المشرع نظَّم مسألة الترابط في المادتين (28) و(29) من القانون رقم 10 لسنة 2003 المشار إليه، فألقى الالتزام بتحقيق الترابط على عاتق مقدِّمي خدمات الاتصالات المختلفة أنفسهم، وذلك من خلال إبرام اتفاقيات لتحقيق الترابط، أو الانضمام إلى اتفاقيات مبرَمة فعلا، ولم يجعل المشرع أي دور للجهاز في هذا الشأن إلا بشروطٍ وضوابط محدَّدة، وفي حالتين فقط: (الأولى): في حالة عدم اتفاق مقدِّمي الخدمات، يتدخل الجهاز بوضع القواعد والشروط التي تحقق الترابط، بشرط أن يكون هذا التدخل بناء على طلب أيٍّ من مقدِّمي الخدمة، (والثانية): في حالة نشوء نزاعٍ بين مقدِّمي الخدمات في شأن اتفاقيات الترابط المبرَمة بينهم، يُعرَض هذا النـزاع على الجهاز لإصدار قرار فيه بالشروط الآتية:
(أ) أن يكون القرار في حدود أحكام اتفاقيات الترابط المبرَمة بين أطراف النـزاع.
(ب) ألا ينطوي القرار على تمييزٍ بين مقدِّمي الخدمة عمومًا أو التمييز بينهم فيما يتحملونه من تكاليف.
(ج) ألا يكون تجاوز التكاليف الفعلية للترابط وخدماته وتجهيزاته إلا بما يحقِّق عائدًا استثماريا معقولا.
ومفاد ما تقدم جميعه أن اختصاص الجهاز في مسألة الترابط هو استثناء، من أصلٍ عام، مؤداه اختصاص مقدِّمي خدمات الاتصالات أنفسهم بتحقيق الترابط بين شبكات الاتصالات الخاصة بكلٍّ منهم، من خلال إبرام اتفاقيات فيما بينهم تُعتمَد من الجهاز، أو الانضمام إلى اتفاقياتٍ قائمة مُعتمَدة من الجهاز.
ومن المسلَّمات أن الاستثناء يقدَّر بقدره، فلا يسوغ التوسَّعُ في تفسيره أو القياس عليه، ومؤدى ذلك ولازمه أن يكون تدخل الجهاز في مسألة الترابط في حدود اختصاصه المقرَّر قانونًا في هذا الشأن، من دون تجاوز حدود هذا الاختصاص، فإذا تدخل بموجب نص المادة (28) في حالة عدم اتفاق مقدِّمي الخدمة- وبناء على طلب أيٍّ منهم- تعيَّن أن يلتزم حدود الدور الذي رسمه له المشرع، بأن يضع القواعد والشروط التي من شأنها تحقيق الترابط من دون تحديد أسعار محدَّدة للترابط، بحسبان أن القدر المتيقن من القراءة المبينة سالفًا في نصوص قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 أنه لم يجعل للجهاز أصلَ اختصاصٍ في إعلان أسعار محدَّدة للترابط بين الشبكات، وذلك خلافًا لما نص عليه صراحةً من سلطة الجهاز في تحديد سعر الخدمة في الترخيص الصادر لمقدِّم خدمة الاتصالات؛ بحسبان أن تحديد سعر الترابط شأنٌ من شئون مقدِّمي الخدمة يتفقون على تحديده في إطار القواعد والشروط التي يقرِّرها الجهاز لتحقيق الترابط، وأما إذا تدخل الجهاز بموجب نص المادة (29) في حالة نشوء نزاع بين مقدِّمي الخدمة، تعيَّن كذلك أن يكون قراره في شأن النـزاع مُقيَّدًا بالضوابط التي عيَّنها النص المشار إليه، بأن يكون هذا القرار في حدود أحكام اتفاقيات الترابط المبرَمة بين أطراف النـزاع، فلا يهدر الإرادة الحرة لكلٍّ منهم؛ نزولا عند مقتضيات مبدأ سلطان الإرادة، ولا ينطوي على تمييزٍ بين مقدِّمي الخدمة، أو انحيازٍ لأحدهم على حساب الآخر؛ احترامًا لمبدأ حرية المنافسة، وأن يباشر سلطته في الرقابة على أسعار الترابط المتفَق عليها بين أطراف النـزاع، بحيث لا تتجاوز التكاليف الفعلية للترابط وخدماته وتجهيزاته إلا بما يحقِّق عائدًا استثماريا معقولا.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن المدير التنفيذي للجهاز الطاعن قد أصدر مجموعةً من القرارات في خصوص الترابط بين شبكات شركات الاتصالات، على التفصيل الآتي:
القرار الأول: بناءً على طلب شركة اتصالات مصر في عام 2007، فقد تدخل الجهاز لتحقيق الترابط بين الشركة المذكورة وشبكتي شركتي موبينيل وفودافون -إثر تعثر المفاوضات بين ممثليها-، وقد أصدر المدير التنفيذي بتاريخ 15/3/2007 القرار الآتي: “تكون أسعارُ تكلفة الترابط بين اتصالات مصر (الثالثة) وبين الشركتين القائمتين (موبينيل وفودافون) ثابتة بواقع (12,5) قرشًا لكل دقيقة، على أن تكون وحدة التحاسب بالثانية، ولا يعتمد حجم الدقائق المتبادلة بين الشركات”، وذلك أخذًا بذات الأوضاع التي كانت سارية بين موبينيل وفودافون قبل توقيعهم الاتفاقية المؤرَّخة في 27/1/2005، وعلى أن يستمر العمل بالقرار حتى يَسمح الوضعُ التنافسي للشركة الثالثة بالانضمام إلى الاتفاقية المبرَمة بين الشركتين القائمتين أو ما يتفق عليه لاحقًا.
القرار الثاني: إزاء اعتراض موبينيل وفودافون على هذا القرار، باعتباره ينطوي على تمييزٍ في المعاملة بينهما وبين اتصالات مصر، لعدم إلزام الأخيرة بسعر الاتفاقية المؤرَّخة في 27/1/2005، وطلب اتصالات مصر توحيد السعر، فقد ارتأى الجهاز إعادة النظر في القرار المشار إليه، وتشكيل لجنة لنظر النـزاع، والتي أعدت تقريرًا بتاريخ 26/4/2007 أوصت فيه بالآتي:
(أولا) إلزام موبينيل وفودافون بتحقيق الترابط الفني والتنظيمي والتجاري بين شبكة كل منهما وشبكة اتصالات مصر على أساس سعر دقيقة الترابط (11,5) قرشًا، على أن تكون وحدة التحاسب بالثانية، وبحيث يكون السعر ثابتًا وغير مُعتمِد على عدد الدقائق المتبادلة.
(ثانيا) في حالة انخفاض سعر الترابط بين موبينيل وفودافون على وفق أحكام الترابط الموقَّعة بينهما في عام 2005 عن (11,5) قرشًا، فإن سعر الترابط بين كل شركة منهما من ناحيةٍ وشركة اتصالات مصر من ناحيةٍ أخرى يتمُّ تخفيضُه بنفس القدر.
(ثالثًا) على الشركات الثلاث تحقيق الترابط طبقًا للقواعد والشروط المذكورة في البند أولا وثانيا اعتبارًا من الأول من مايو 2007.
وقد أصدر المدير التنفيذي بتاريخ 26/4/2007 قرارًا بالموافقة على توصيات اللجنة، وتنفيذًا لهذا القرار أبرمت موبينيل واتصالات مصر اتفاقية التوصيل بينهما بتاريخ 7/5/2007.
القرار الثالث: بناءً على طلب الشركة المصرية للاتصالات بتاريخ 16/6/2008 نظر النـزاع القائم بينها وبين شركات المحمول الثلاث، بشأن تعديل سعر الترابط بينها وبينهم وجعله (11,5) قرشًا؛ ليتساوى مع السعر المعمول به فيما بين هذه الشركات، فقد أصدر الرئيس التنفيذي للجهاز قرارًا بتاريخ 19/6/2008 بتشكيل هيئة لنظر النـزاع، والتي أعدت تقريرًا خلصت فيه إلى التوصية الآتية:
(أولا) حساب سعر الترابط الخاص بإنهاء المكالمات التليفونية على شبكة موبينيل والواردة إليها من المصرية للاتصالات بنسبة 65% من سعر بيع المكالمة داخل نطاق شبكة موبينيل (on net)، والتي يتم اعتمادها بموافقة الجهاز، وذلك بعد خصم ضريبة المبيعات منه.
(ثانيا) احتساب سعر الترابط الخاص بإنهاء المكالمات التليفونية على شبكة المصرية للاتصالات والواردة إليها من شبكة موبينيل بنسبة 65% من متوسط سعر بيع مكالمات النداء الآلي وسعر بيع المكالمات المحلية التي تتم داخل شبكة المصرية للاتصالات، والتي يتم اعتمادها بموافقة من الجهاز، وذلك بعد خصم ضريبة المبيعات.
(ثالثًا) تعديل البند (2/1) من اتفاقية الترابط على وفق ما تقدَّم في البنود أولا وثانيا من هذا القرار…
وبناء على هذه التوصية أصدر المدير التنفيذي للجهاز قرارًا بتاريخ 3/9/2008 (القرار المطعون فيه الأول)، تضمن ثلاثة بنود تتعلق بأسعار الترابط هي:
(البند ثانيا) أن يكون سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة من شبكة المصرية للاتصالات والمنتهية على شبكة موبينيل (11,3) قرشًا للدقيقة الواحدة.
(البند ثامنًا) أن يكون سعر ترابط إنهاء المكالمات الصادرة عن شركات التليفون المحمول الثلاثة موبينيل وفودافون واتصالات مصر والمنتهية على شبكة المصرية للاتصالات بمبلغ (6,5) قروش.
(البند تاسعًا) يُنفَّذ هذا القرارُ من تاريخ صدوره، ويظل ساري المفعول حتى يَعتمِد الجهاز أسعارًا أخرى لبيع دقيقة المكالمة للمشترِكين داخل نطاق الشبكة الواحدة (on net) لأيِّ شركةٍ.
القرار الرابع: أصدر الرئيس التنفيذي للجهاز بتاريخ 19/8/2009 قرارًا بأن: “يكون سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكات المحمول المنتهية على شبكات المحمول محسوبًا على أساس 65% من سعر بيع المكالمات “on net” على الشبكة التي تنتهي إليها المكالمة، وعلى الشركات الثلاث المرخَّص لها تنفيذ سعر الترابط المشار إليه من هذا التاريخ.
القرار الخامس: أصدر الرئيس التنفيذي للجهاز بتاريخ 31/12/2009 قرارًا (القرار المطعون فيه الثاني)، أعاد بموجبه تسعير الترابط بين الشركات المختلفة على النحو الآتي:
– سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكات شركتي (فودافون واتصالات مصر) وكذلك شبكة المصرية للاتصالات والمنتهية على شركة (موبينيل) هو (8,5) قروش للدقيقة، محسوبًا على أساس الثانية.
– سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة موبينيل والمنتهية على شبكة فودافون مصر هو (9) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية.
– سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة موبينيل والمنتهية على شبكة اتصالات مصر هو (11) قرشًا للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية.
– سعر الترابط لإنهاء المكالمات الصادرة عن شبكة موبينيل والمنتهية على شبكة المصرية للاتصالات هو (6,5) قروش للدقيقة محسوبًا على أساس الثانية.
– تطبق هذه الأسعار من تاريخ 1/9/2009.
القرار السادس: أصدر المدير التنفيذي قرارًا آخر بتاريخ 14/1/2010 صحَّح بموجبه- مرة أخرى- أسعار الترابط الواردة بقراره الصادر في 31/12/2009 (القرار المطعون فيه الثاني) لتكون على النحو الآتي:
وعلى أن يقوم الجهاز بمراجعة أسعار الترابط المذكورة بعاليه دوريا كل ثلاثة أشهر على الأكثر.
وحيث إن البادي من ظاهر الأوراق -بما يكفي للفصل في طلبي وقف التنفيذ دون المساس بأصل طلبي الإلغاء- أن القرار المطعون الأول قد صدر بتاريخ 3/9/2008، وأن اتفاقية الترابط بين موبينيل والمصرية للاتصالات المبرَمة بتاريخ 18/4/1998 (المعدَّلة بتاريخ 27/1/2005) مدتها خمس سنوات انتهت في 17/4/2003، وجُدِّدت (على وفق نص البند (17/1) من الاتفاقية الأصلية والبند (6/1) من اتفاق تعديلها) لخمس سنوات أخرى انتهت في 17/4/2008، ومن ثم فإن الاتفاقية برُمَّتها تكون قد انتهت في تاريخ سابق على صدور القرار المطعون فيه، وإذ نص هذا القرار صراحةً على أن يُنفَّذ اعتبارًا من تاريخ صدوره في 3/9/2008، (أي خارج نطاق فترة سريان الاتفاقية المشار إليها من 18/4/1998 حتى 17/4/2008)، فإن القرار والحالة هذه يكون صادرًا في الواقع من الأمر في إطار سلطة الجهاز الطاعن المقرَّرة في نص المادة (28) من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، والتي تخوِّلُه التدخل في حالة عدم اتفاق مقدِّمي الخدمات، وليس في إطار سلطة الجهاز المقرَّرة في نص المادة (29) من هذا القانون، والتي تخوِّلُه التدخل في حالة نشوء نزاع بين مقدِّمي الخدمات في شأن اتفاقيات الترابط المبرَمة بين أطراف النـزاع؛ وذلك بحسبان أن الحالة عند صدور القرار المطعون فيه الأول كانت حالةَ عدمِ اتفاقِ مقدِّمي الخدمات، (وهم تحديدًا المصرية للاتصالات من ناحية، وشركات المحمول الثلاث من ناحية أخرى)، ولم تكن حالةَ نزاعٍ في اتفاقياتِ ترابطٍ بين المصرية للاتصالات وشركات المحمول الثلاث، لاسيما بعد انتهاء اتفاقية الترابط المبرَمة بين المصرية للاتصالات وموبينيل في 17/4/2008 على الوجه المبين سالفًا.
وحيث إن السلطة المخولة للجهاز الطاعن بموجب نص المادة (28) من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 تخوِّلُه حقَّ وضع القواعد والشروط التي تحقِّق الترابط بين الأطراف غير المتفِقة، ولا تخوِّلُه تحديدَ وإعلان أسعارٍ محدَّدة للترابط على الوجه المبين سالفًا، ومن ثم فإن البندين (ثانيا) (وثامنًا) في القرار المطعون فيه بتحديد سعر الترابط بين المصرية للاتصالات وموبينيل (المطعون ضدها) والبند (تاسعًا) في ذات القرار، والذي يُعلِن فيه الجهاز عزمَه إعادة النظر مستقبلا في هذا السعر، هذه البنود في القرار المطعون فيه جميعُها تقع خارج نطاق اختصاص الجهاز وصلاحياته المقرَّرة بنص المادة (28)، وهو ما يشوب القرار المطعون فيه في خصوص هذه البنود بعيبِ مخالفةِ القانونِ، وهو العيب ذاته الذي يشوب القرار المطعون فيه الثاني الصادر بتاريخ 31/12/2009، والقرار الصادر بتعديله بتاريخ 14/1/2010، والذي بموجبها أطلق الجهاز يده في إعادة تسعير الترابط، تحت عنوان تحديث أسعار الترابط بين الشركات المختلفة، مانِحًا نفسَه سلطةَ مراجعة هذه الأسعار دوريا كل ثلاثة أشهر على الأكثر، ودون أن يتوَقَف ذلك على طلب أحد من مقدِّمي الخدمات.
وإذ أعلن هذا القرار الأخير سعرًا محدَّدًا للترابط بين الشركة المطعون ضدها وبين الشركة المصرية للاتصالات، بالمخالفة لنص المادة (28) على الوجه المبين سالفًا، كما أعاد القرار تسعير الترابط بين الشركة المطعون ضدها وشركتي المحمول الأخريين، وذلك بالمخالفة لأحكام اتفاقية الترابط بين الشركة المطعون ضدها وشركة فودافون مصر بتاريخ 24/9/2001، وتعديلاتها بعقد تعديل الاتفاقية المبرَم في 27/1/2005، وبالمخالفة كذلك لأحكام الاتفاقية بين الشركة المطعون ضدها وشركة اتصالات مصر بتاريخ 7/5/2007، المبرَمة تنفيذًا لقرار الجهاز الطاعن الصادر بتاريخ 26/4/2007 (والذي اعتمد سعر (11,5) قرشًا سعرًا تماثليا للشركات الثلاث، على وفق سعر الترابط الوارد في اتفاقية الترابط بين موبينيل وفودافون في 27/1/2005، وعلى أن يتم تخفيضه حال تخفيض السعر بين موبينيل وفودافون وبنفس المقدار)، وجميعُها اتفاقياتٌ نافذة بين أطرافها، ولم يثبت من الأوراق وقف تجديد العمل بها، أو نشوء نزاعٍ في شأنها بين هذه الأطراف يُسوِّغُ تدخلَ الجهاز لفض هذا النـزاع.
وحيث إن مخالفة القرار المطعون فيه الأول لحكم المادة (28) من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 على الوجه المبين سالفًا، ومخالفة القرار المطعون فيه الثاني وتعديلاته للحكم ذاته من ناحية، فضلا عن مخالفته الاتفاقيات المبرَمة بين شركات المحمول الثلاث على الوجه المبين سالفًا من ناحية أخرى، وجميعُها عيوبٌ يتوفر بمقتضاها ركنُ الجدية في طلبي وقف التنفيذ، بما يحمل على ترجيح إلغاء القرارين المطعون فيهما عند نظر الموضوع، لاسيما أن الأوراق قد خلت مما يفيد موافقة مجلس إدارة الجهاز الطاعن على القرارين المطعون فيهما قبل قيام المدير التنفيذي للجهاز بإصدارهما؛ بحسبان أن المدير التنفيذي يملك إصدار القرارات النهائية في النـزاعات المتعلقة باتفاقيات ترابط قائمة ونافذة، وذلك عملا بنص المادة (13) من القرار الوزاري رقم 128 لسنة 2006 المشار إليه سالفًا الذي منحه هذا الاختصاص كاملا، أما فيما عدا السلطة الممنوحة له بموجب هذا القرار، فإن مجلس إدارة الجهاز هو المختص بإصدار القرارات، ومن بينها القراران المطعون فيهما، بوصفه السلطةَ المختصة قانونًا في الجهاز على وفق نص المادة (13) من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، وليس المدير التنفيذي الذي يختص بتنفيذ قرارات مجلس الإدارة والمعاونة في إدارة الجهاز وفي تصريف شئونه على وفق نص المادة (15) من هذا القانون.
وحيث إن تنفيذ القرارين المطعون فيهما من شأنه إصابة الشركة المطعون ضدها بأضرارٍ بالغة قد يتعذر تداركها، ومن ثم يتوفر لطلبي وقف التنفيذ ركنُ الاستعجال.
وحيث إنه وقد توفر لطلبي وقف التنفيذ ركنا الجدية والاستعجال، واستقاما على صحيح سندهما قانونًا، فإنه يتعيَّن القضاءُ بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الأول فيما تضمنه من البنود (ثانيا) و(ثامنًا) و(تاسعًا) وكذا القرار المطعون فيه الثاني وتعديلاته، وما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى النتيجة ذاتها، فيكون قد أصاب وجه الحق فيما قضى به، ويضحى سليما قانونًا.
– وحيث إنه لا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه ادعاء الطاعن بأن الدعوى الأولى (رقم 3248 لسنة 63ق.) قد اتصلت بالمحكمة بإجراءٍ غير سليم، بالإحالة من المفوضين إلى المحكمة؛ إذ إن الثابت بالأوراق أن وكيل الشركة المطعون ضدها قد تقدَّم بطلبٍ بتاريخ 28/2/2010 إلى رئيس محكمة القضاء الإداري يتضرر فيه من تداول الدعوى بدائرةٍ غير مختصة (الدائرة الثالثة أفراد مفوضين) وطلب إحالتها إلى الدائرة المختصة (الدائرة السابعة المنازعات الاقتصادية والاستثمار)، فأشَّر في التاريخ ذاته بالإحالة، ومن ثم يكون اتصالُ الدعوى بالمحكمة قد تمَّ بإجراءٍ سليم ممن يملكه قانونًا، ويكون النعيُ على الحكم بالبطلان لهذا السبب في غير محله، تلتفت عنه المحكمة.
– وحيث إنه لا محاجة بأن الحكم المطعون فيه قد استند إلى قرار وزير الاتصالات رقم 165 لسنة 2003 دون أن يقدَّمه أحدُ الخصوم، فذلك قولٌ مردودٌ؛ ذلك أن القرار المشار إليه هو قرار تنظيمي صادر تنفيذًا لنص المادة (29) من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 المشار إليه، ومن ثم فهو قرارٌ مكمل لنصوص هذا القانون، ويجب على المحكمة أن تستعرضه وأن تستند إلى أحكامه في أسباب حكمها من تلقاء نفسها ودونما طلب من الخصوم.
– وحيث إنه لا محاجة كذلك بأن الاتفاقيات بين الشركة المطعون ضدها وغيرها من الشركات الأخرى غير مُعتمَدة من الجهاز، ذلك أنه لم يثبت من الأوراق أن الجهاز قد اعترض على أيٍّ من تلك الاتفاقيات، أو أنكر علمه بها، بل إن العكس هو الصحيح، فقد اعتمد الجهاز على هذه الاتفاقيات في الكثير من القرارات الصادرة عنه، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
. استند تقرير هيئة فض المنازعات الصادر في الشكوى المقدَّمة من المصرية للاتصالات ضد الشركة المطعون ضدها إلى نص المادة (18) من اتفاقية التوصيل بين هاتين الشركتين المبرَمة في سنة 1998، والتي تعطي لطرفيها الحقَّ في المراجعة الدورية لهذه الاتفاقية (ص 3 من التقرير).
. استند القرار الصادر عن الجهاز بتاريخ 26/4/2007 “بإلزام موبينيل وفودافون بتحقيق الترابط الفني والتنظيمي والتجاري بين شبكتي هاتين الشركتين وشبكة اتصالات مصر”، استند هذا القرار إلى اتفاقية الترابط بين موبينيل وفودافون المبرَمة بتاريخ 24/9/2001، وعقد تعديلها المبرَم بتاريخ 27/1/2005، كما تبنى القرار السعر الوارد في هذه الاتفاقية ليطبق بحق الشركة الثالثة.
. استند القرار الصادر عن الجهاز برقم 470 بتاريخ 4/8/2011 “في شأن النـزاع بين الشركة المصرية للاتصالات وشركتي موبينيل وفودافون حول تحصيل مقابل الترابط لمكالمات الإغاثة والطوارئ”، استند هذا القرار- بحسب نص مادته الأولى- إلى الاتفاقيتين المبرمتين بين الشركتين الشاكيتين والشركة المشكو في حقها وتعديلاتهما.
وعلى مقتضى ذلك لا يسوغ الادعاءُ بأن تلك الاتفاقيات غير معتمَدة، فالاعتماد ليس مجردَ إجراء شكلي، بل هو في جوهره اعترافٌ وتسليم واعتداد عملي بوجودِ تلك الاتفاقيات ونفاذِها في إطارها الزمني على وفق نصوص بنودها، وذلك كله قد تحقق عملا على الوجه المبين سالفًا، بما يتعذر معه إنكار تلك الاتفاقيات بدعوى عدم اعتمادها، لاسيما أن المشرع لم يرتب البطلان كجزاء لعدم الاعتماد.
وحيث إنه وبالبناء على ما تقدم جميعه، تقضي المحكمة برفض الطعن، وإلزام الطاعن (بصفته) المصروفات عملا بنص المادتين (184) و(240) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |
3 Comments
[…] […]
[…] […]
[…] […]