مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 4828 لسنة 57 القضائية (عليا)
يونيو 22, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الرابعة – دعويا البطلان الأصليتان المقيدتان برقمي 69 و 755 لسنة 63 القضائية (عليا)
يونيو 22, 2021

الدائرة الأولى – الطعنان رقما 9717 و10347 لسنة 57 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 28 من سبتمبر سنة 2015

الطعنان رقما 9717 و10347 لسنة 57 القضائية (عليا)

(الدائرة الأولى)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ جمال طه إسماعيل ندا

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومحمد أحمد أحمد ضيف، ومحمد ياسين لطيف شاهين.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) نقد– جرائم تهريب أوراق النقد- تختص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعة المتعلقة بقرار محافظ البنك المركزي بقبول التنازل عن المبالغ المضبوطة، مقابل عدم تحريك الدعوى الجنائية ضد المخالف في جرائم تهريب أوراق النقد المصري والأجنبي.

(ب) نقد– جريمة تهريب النقد- لا يجوز تحريك الدعوى الجنائية قِبل المخالف إلا بناء على طلب من البنك المركزي المصري أو من رئيس مجلس الوزراء- استبعد القانون الحالي التصالح مع المخالف كسبب لعدم تحريك الدعوى، إلا أنه برغم ذلك يظل محافظ البنك المركزي أو رئيس مجلس الوزراء بحسب الأحوال يمتلك السلطة التقديرية كاملة في تحديد مدى ملاءمة طلب تحريك الدعوى الجنائية ضد المخالف من عدمه على وفق مقتضيات المصلحة العامة, وذلك تحت رقابة القضاء الإداري, فإذا قدر محافظ البنك المركزي أو رئيس مجلس الوزراء عدم طلب تحريك الدعوى الجنائية لأسباب غير سائغة أو لأغراض أخرى خلاف المصلحة العامة كان تصرفه مخالفا للقانون حقيقا بالبطلان- لا يجوز للمخالف بعد أن أفلت من المساءلة الجنائية كأثر مباشر لاختياره التنازل عن المبلغ المضبوط، أن يحتال على الجهة الإدارية بنقض تنازله واسترداد المال المضبوط، بعد أن استغلق أمام الإدارة طريق تحريك الدعوى الجنائية ضده([1]).

– المواد أرقام (116) و(126) و(131) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003.

الإجراءات

– تخلص في أنه في يوم الثلاثاء الموافق 28 / 12/2010 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلا عن… قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 9717 لسنة 57 ق.عليا، طعنا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار) بجلسة 6/11/2010 في الدعوى رقم 36579 لسنة 62ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع ببطلان قبول محافظ البنك المركزي لتنازل المدعي عن المبالغ التي ضبطت في حيازته بجمرك ميناء نويبع المبينة بالمحضر رقم 366 لسنة 2007 حصر وارد مالية، ورفض ما عدا ذلك من طلبات على النحو المبين بالأسباب، وإلزام المدعي والمدعى عليهم بصفاتهم المصروفات مناصفة.

وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب المدعي إلزام المدعى عليهم أن يردوا إليه المبلغ النقدي الذي ضبط في حيازته بجمرك ميناء نويبع والمبين بالمحضر رقم 366 لسنة 2007 حصر وارد مالية، والقضاء مجددا بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي إليه ذلك المبلغ، مضافا إليه الفوائد القانونية بنسبة 5% من تاريخ مصادرة المبلغ المذكور حتى أدائه، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.

– وفي يوم الثلاثاء الموافق 4/1/2011 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلا عن محافظ البنك المركزي بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 10347 لسنة 57 ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بجلسة 6/11/2010 في الدعوى رقم 36579 لسنة 62 ق فيما قضى به على النحو المشار إليه سالفا.

وطلب الطاعن بصفته -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان قبول محافظ البنك المركزي لتنازل المطعون ضده الأول عن المبالغ التي ضبطت في حيازته بجمرك ميناء نويبع المبينة بالمحضر رقم 366 لسنة 2007 حصر وارد مالية، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وبصحة ما انتهى إليه رأي البنك المركزي في موضوع المحضر محل النزاع، مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعنين، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار، وإلزام الطاعن في الطعن الأول المصروفات عن درجتي التقاضي.

وتحددت لنظر الطعنين أمام الدائرة الأولى فحص طعون جلسة 20/1/2014 والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 2/3/2015 قررت المحكمة إحالة الطعنين إلى الدائرة الأولى موضوع وحددت لنظرهما جلسة 11/4/2015، وبجلسة 23/5/2015 كلفت المحكمة الحاضر عن الطاعن… بإعلان البنك المطعون ضده.

وبجلسة 27/6/2015 قدم الحاضر عن الطاعن إعلان المطعون ضده محافظ البنك المركزي، وبالجلسة نفسها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 28/9/2015 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وقد انقضى الأجل دون تقديم أية مذكرات. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

وحيث إن الطعنين الماثلين قد أقيما خلال الميعاد القانوني، وإذ استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة قانونا، فإنهما يكونان مقبولين شكلا.

وحيث إن عناصر النزاع الماثل تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 7/5/2008 أقام الطاعن في الطعن الأول الدعوى رقم 36579 لسنة 62 ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ابتغاء الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع ببطلان قبول محافظ البنك المركزي لتنازل المدعي عن المبالغ التي ضبطت في حوزته بجمرك نويبع المبينة بالمحضر رقم 366 لسنة 2007 حصر وارد مالية مع استرداد هذه المبالغ بالإضافة إلى الفوائد القانونية المقررة عليها بواقع 5%، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وتوجز أسانيد الدعوى في أنه بتاريخ 24/5/2007 وأثناء وجود المدعي بجمرك نويبع قام بعض ضباط الميناء بتفتيشه وتفتيش سيارته، وقد أفادهم بأنه يحمل بسيارته أوراقا من النقد المصري على سبيل الأمانة لتوصيلها لصديق له في الأردن، وقام بإرشادهم إلى مكان وجودها السري بالسيارة خوفا عليها من السرقة، فما كان من ضباط الميناء إلا أن قاموا بضبط المبلغ المبين بمحضر الضبط وحرروا المحضر رقم 573 لسنة 2007 جنح نويبع، كما أجبروه على التوقيع على إقرار بالتنازل عن المبالغ المضبوطة، وعند عرضه على النيابة قرر صراحة بأنه لا ولن يتنازل عن المبالغ المضبوطة بحيازته، كما قرر بأن التنازل الصادر عنه كان على غير إرادة منه وكان وليد إكراه وتهديد ووعيد تعرض له من رجال الشرطة بالميناء، وأنه أبدى أمام النيابة العامة رغبته الواضحة والصريحة في تسلم المبالغ المضبوطة وتسلم سيارته، وقامت النيابة العامة بقيد الواقعة بتحقيقاتها برقم 366 لسنة 2007 وارد مالية، وأرسلت هذه التحقيقات إلى نيابة الشئون المالية والتجارية التي أرسلتها بدورها إلى محافظ البنك المركزي لاستطلاع رأيه في تحريك الدعوى العمومية ضد المدعي من عدمه على وفق أحكام القانون رقم 88 لسنة 2003، فقرر محافظ البنك المركزي قبول تنازل المدعي عن المبالغ المضبوطة في مقابل عدم تحريك الدعوى العمومية ضده، وذلك على الرغم من تأكيده في تحقيقات النيابة العامة على أنه لم ولن يتنازل عن هذه المبالغ ومطالبته بتسلمها، مما يعد فى حقيقته مصادرة لهذه المبالغ بالمخالفة لأحكام القانون.

ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره مفتقدا للشروط اللازمة لصحته من محل وسبب وغاية وعدم استهدافه للمصلحة العامة والتعسف في استعمال السلطة، فضلا عن مخالفته لجميع الدساتير المصرية التي تتعلق بعدم جواز مصادرة الأموال الخاصة إلا بحكم قضائي، كما خالف أحكام قانون البنك المركزي رقم 88 لسنة 2003 الذي ألغى جميع حالات التصالح بين صاحب تحريك الدعوى الجنائية والمخالف على أساس نزول الأخير عن المبالغ محل الجريمة، بما معناه عدم إجازة المصادرة الإدارية التي كان يقوم بها صاحب تحريك الدعوى الجنائية، كما حدد وقصر دور محافظ البنك المركزي باعتباره الجهة المجني عليها في قضايا تهريب النقد في إبداء رأيه نحو تحريك الدعوى الجنائية من عدمه فقط إذا عرضت عليه مخالفة أو جريمة من جرائم القانون رقم 88 لسنة 2003 دون أن يكون له حق في عرض التصالح أو قبول التنازل عن المبالغ محل الجريمة نظير عدم تحريك الدعوى الجنائية، وهو ما حداه على إقامة دعواه بغية الحكم له بالطلبات المذكورة آنفا.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام الجهة الإدارية رد مبلغ مقداره 2287590 جنيها الذي تم سداده نظير عدم تحريك الدعوى الجنائية، ورفض ما عدا ذلك من طلبات على النحو المبين بالأسباب.

………………………………………………….

وبجلسة 6/11/2010 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع ببطلان قبول محافظ البنك المركزي لتنازل المدعي عن المبالغ التي ضبطت في حيازته بجمرك ميناء نويبع المبينة بالمحضر رقم 366 لسنة 2007 حصر وارد مالية، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعي والمدعى عليهم بصفاتهم المصروفات مناصفة.

وشيدت المحكمة حكمها ببطلان قبول محافظ البنك المركزي لتنازل المدعي عن المبالغ التي ضبطت في حوزته بجمرك ميناء نويبع على أساس أن المشرع في قانون البنك المركزي رقم 88 لسنة 2003 المشار إليه سلك نهجا مختلفا فيما يتعلق بسلطة الجهة الإدارية المختصة في طلب إقامة الدعوى العمومية من عدمه في جرائم النقد، فقصرها على مجرد طلب إقامة الدعوى الجنائية دون أن تمتد إلى التصالح مع مرتكب الجريمة، وذلك على خلاف القوانين السابقة عليه التي كانت تجيز للجهة الإدارية المختصة التصالح في تلك الجرائم مقابل عدم تحريك الدعوى الجنائية أو التنازل عنها بعد إقامتها، وتأكيدا لذلك خلا القانون المذكور من أية إشارة إلى سلطة الجهة الإدارية في التصالح في الجرائم التي نصت عليها أحكامه، في حين نظمت المادة (133) من القانون المذكور معدَّلة بالقانون رقم 162 لسنة 2004 طريقة تصالح البنوك الخاضعة لأحكامه مع مرتكبي الجرائم المنصوص عليها فيه، وجعل دور البنك المركزي مقتصرا على مجرد اعتماد اتفاقات التصالح التي تبرمها البنوك الخاضعة لأحكام ذلك القانون، وإخطار النائب العام بمحاضر الصلح، دون أن يكون له أدنى سلطة في التصالح في هذه الجرائم، أو بقبول التنازل عن المبالغ التي تضبط في حيازة المخالفين لنص المادة (116) من القانون المذكور مقابل عدم تحريك الدعوى الجنائية، ومن ثم فإن محافظ البنك المركزي لا يملك على وفق ما تقدم التصالح مع مرتكبي الجريمة المنصوص عليها في المادة (116) المذكورة سالفا،كما لا يملك قبول التنازل عن المبالغ التي يتم ضبطها مع المخالفين، ومن ثم فإن محافظ البنك المركزي بقبوله تنازل المدعي عن المبالغ التي ضبطت في حوزته بجمرك نويبع يكون قد خرج عن السلطات المقررة له قانونا، ويكون قبول هذا التنازل باطلا بطلانا مطلقا لصدوره بالمخالفة للقانون، أما فيما يتعلق بطلب استرداد المدعي للمبالغ المضبوطة في حيازته، فإن ذلك يظل مرهونا بمدى إمكانية إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل قبول محافظ البنك المركزي تنازل المدعي عن هذه المبالغ مقابل عدم إقامة الدعوى الجنائية ضده، فإذا استعاد محافظ البنك المركزي كامل سلطته المقررة قانونا في تحريك الدعوى الجنائية ضد المدعي، فإن استرداد هذه المبالغ يتوقف في هذه الحالة على الحكم الصادر في الدعوى الجنائية، فإذا قُضي ببراءة المدعي استرد هذه المبالغ، أما إذا قُضي بإدانته تعين القضاء بمصادرة المبالغ على وفق ما تقضي به الفقرة الأخيرة من المادة (116) من قانون البنك المركزي رقم 88 لسنة 2003 المذكور سلفا، أما إذا انقضت الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة المتهم فيها المدعي بالتقادم بمضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوعها بتاريخ 24/5/2007 أصبح مستحيلا إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التصالح في شأن هذه الجريمة، ومن ثم يستحق محافظ البنك المركزي تعويضا مقابل الوفاء بالتزاماته تجاه المدعي بعدم تحريك الدعوى الجنائية ضده؛ إذ لم يعد في إمكانه إقامة هذه الدعوى ضد المدعي بعد أن انقضت بالتقادم، باعتبار أن التزام محافظ البنك المركزي بعدم تحريك الدعوى الجنائية ضد المدعي يعادله التزام المدعي بالتنازل عن المبالغ التي ضبطت في حيازته، ومن ثم يجب أن يكون التعويض معادلا للمبالغ المضبوطة، وبذلك يصبح من حق الجهة الإدارية الاحتفاظ بتلك المبالغ، ويكون طلب المدعي استردادها مع فوائدها القانونية خليقا للرفض، وخلصت المحكمة إلى حكمها المشار إليه.

– وحيث إن مبنى الطعن الأول أن الحكم المطعون فيه قد تناقضت أسبابه، وخالف صحيح حكم القانون، وصدر مشوبا بالفساد في الاستدلال؛ استنادا إلى أن محكمة أول درجة انتهت في تكييفها الصحيح للدعوى إلى أنها من دعاوى الاستحقاق، ثم عادت وكيفت علاقة المدعي بالجهة الإدارية بأنها علاقة عقدية أساسها عقد الصلح بينه وبينها, كما استخلصت المحكمة بطلان الاتفاق الرضائي بين المدعي والجهة الإدارية بانتهائها إلى بطلان قبول محافظ البنك المركزي التصالح, وعلى الرغم من ذلك رتبت على هذا الاتفاق أحقية محافظ البنك المركزي في الوفاء بالتزاماته تجاه المدعي بعدم تحريك الدعوى الجنائية ضده, كما أن محكمة أول درجة قد التفتت عن الدفاع الجوهري الذي أبداه المدعي من أن المشرع قد ألغى التصالح بين الجهة الإدارية والمخالف، ولا يجوز إنزال حكم تشريع تم إلغاؤه على واقعة حدثت بعد هذا الإلغاء, وأن المحكمة الدستورية العليا قضت في العديد من أحكامها بأن المصادرة لا تجوز إلا بحكم قضائي.

– وحيث إن مبنى الطعن الثاني يتلخص في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره استنادا إلى أن طلب محافظ البنك المركزي بعدم تحريك الدعوى الجنائية مع قبول تنازل المطعون ضده الأول عن المبالغ المضبوطة ينتفي عنه وصف القرار الإداري, كما أن المشرع بموجب نص المادة (131) من القانون رقم 88 لسنة 2003 المشار إليه قد منح البنوك الخاضعة له حق التصالح في جميع الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكامه، وأن البنك المركزي هو أول المخاطبين بهذا القانون والخاضعين لأحكامه ،كما أن رد الأشياء المضبوطة يدخل في اختصاص النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة على وفق أحكام قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن رد المبالغ محل النزاع يعد عملا قضائيا يخرج عن اختصاص مجلس الدولة.

………………………………………………….

– وحيث إنه عن الدفوع المبداة بعدم الاختصاص الولائي لمحكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، وبعدم قبولها لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، أو لرفعها على غير ذي صفة، أو لانتفاء المنازعة الإدارية، فإن المحكمة تتبنى الأسباب نفسها التي أوردها الحكم المطعون فيه في خصوص تلك الدفوع، وتحيل إليها منعا للتكرار، وتقضي استنادا إليها برفض هذه الدفوع جميعها، على أن يكتفى بذكر ذلك في الأسباب دون المنطوق.

– وحيث إن المادة (116) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003،([2]) تنص على أن: ” إدخال النقد الأجنبي إلى البلاد أو إخراجه منها مكفول لجميع المسافرين، على أن يتم الإفصاح عن مقداره عند الدخول أو الخروج إذا جاوز عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالنقد الأجنبي. ويجوز للقادمين إلى البلاد أو المسافرين منها حمل أوراق النقد المصري في حدود خمسة آلاف جنيه مصري. ويحظر إدخال النقد المصري أو إخراجه من خلال الرسائل والطرود البريدية…”.

وتنص المادة (126) من القانون نفسه على أن: “يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أيا من أحكام المادة (116) من هذا القانون… وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها، فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها…”([3]).

وتنص المادة (131) من القانون المشار إليه على أنه: “لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له، وفي المادتين 116 مكررا و 116 مكررا (أ) من قانون العقوبات في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون، إلا بناءً على طلب من محافظ البنك المركزي أو طلب من رئيس مجلس الوزراء”.

وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع حظر على القادمين إلى البلاد أو المسافرين منها حمل مبالغ من النقد المصري بما يجاوز خمسة آلاف جنيه مصري، وجعل من مخالفة هذا الحظر جريمة يعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين مع الحكم بمصادرة المبالغ المضبوطة، وفي حالة عدم ضبطها يحكم على مرتكب الجريمة بغرامة تعادل قيمتها، وقد وضع المشرع قيدا على حق النيابة العامة بصفتها الأمينة على الدعوى العمومية وصاحبة الاختصاص الأصيل في إقامتها في تحريك الدعوى الجنائية ضد مرتكب الجريمة المشار إليها سالفا، ويتمثل هذا القيد في الطلب الذي يصدر عن محافظ البنك المركزي أو رئيس مجلس الوزراء لإقامة الدعوى الجنائية في مثل هذه الجرائم.

وحيث إن التنظيم القانوني للجرائم المالية في قانون البنك المركزي رقم 88 لسنة 2003 المشار إليه، ومن بينها الجريمة المذكورة سالفا جاء مغايرا للتنظيم الوارد في المادة (9) من القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي (الملغى)، والتي كانت تمنح الجهة الإدارية المختصة بطلب إقامة الدعوى الجنائية في جرائم النقد سلطة التصالح مع المخالف مقابل نزوله عن المبالغ موضوع الجريمة إلى خزينة الدولة، وإن التنظيم الجديد للجريمة على وفق نص المادة (131) من قانون البنك المركزي رقم 88 لسنة 2003 المشار إليها سالفا استبعد التصالح مع المخالف كسبب لعدم تحريك الدعوى الجنائية ضده، إلا أنه برغم ذلك يظل محافظ البنك المركزي أو رئيس مجلس الوزراء -بحسب الأحوال- يمتلك السلطة التقديرية كاملة في تحديد مدى ملاءمة طلب تحريك الدعوى الجنائية ضد المخالف من عدمه على وفق مقتضيات المصلحة العامة, ومن المستقر عليه أن هذه السلطة التقديرية تخضع لرقابة القضاء الإداري, فإذا قدر محافظ البنك المركزي أو رئيس مجلس الوزراء –بحسب الأحوال– عدم طلب تحريك الدعوى الجنائية لأسباب غير سائغة أو لأغراض أخرى خلاف المصلحة العامة كان تصرفه مخالفا للقانون حقيقا بالبطلان.

وحيث إنه بإعمال ما تقدم على واقعات النزاع الماثل فإن الثابت من الأوراق أن المدعو… (الطاعن في الطعن الأول) كان قد تم ضبطه بتاريخ 24/5/2007 بجمرك ميناء نويبع أثناء مغادرته البلاد إلى الأردن وبحوزته مبلغ 2278590 (مليونين ومئتين وثمانية وسبعين ألفا وخمس مئة وتسعين جنيها مصريا) مخبأة في مكان سري بسيارته, وقد تحرر عن الواقعة المحضر رقم 735 لسنة 2007 جنح قسم نويبع, وقيدت القضية برقم 374 لسنة 2005 حصر وارد مالية, وتنفيذا لأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، قامت نيابة الشئون المالية والتجارية باستطلاع رأي محافظ البنك المركزي حول إمكانية تحريك الدعوى الجنائية ضد المذكور من عدمه،حيث انتهى بكتابه المؤرخ في  18/6/2007 إلى طلب عدم رفع الدعوى الجنائية مع قبول التنازل عن المبلغ المتحفظ عليه, وقد صادف هذا الرأي قبولا لدى نيابة الشئون المالية والتجارية على وفق الثابت من كتابها المؤرخ في 27/6/2007 الذي تم حفظ القضية إداريا بناءً عليه.

وحيث إن تقدير محافظ البنك المركزي عدم تحريك الدعوى الجنائية في الحالة المعروضة قد استند إلى تنازل المخالف المذكور عن المبلغ المضبوط طواعية، فمن ثم يكون تصرف محافظ البنك المركزي والحالة هذه قد رجح مصلحة الخزانة العامة، وهو ما يغدو معه هذا الإجراء قد جاء متفقا وصحيح حكم القانون بمنأى عن البطلان, ما دام أن تنازل المخالف قد تم بإرادته الحرة ولم يكن وليد إكراه مادي أو معنوي بحسب ظروف وملابسات الواقعة على وفق ما هو ثابت بالأوراق، لاسيما أنه لا يسوغ قانونا للمخالف المذكور (الطاعن في الطعن الأول) بعد أن أفلت من المساءلة الجنائية كأثر مباشر لاختياره التنازل عن المبلغ المضبوط أن يحتال على الجهة الإدارية بنقض تنازله واسترداد المال المضبوط بعد أن استغلق أمام الإدارة طريق تحريك الدعوى الجنائية ضده.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب مذهبا مغايرا وتبنى غير هذا النظر, ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله, مما يتعين معه الحكم بإلغائه، والقضاء مجددا برفض الدعوى.

وحيث إن المصروفات يلزم بها من خسر الطعن عملا بنص المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى, وألزمت الطاعن في الطعن الأول المصروفات عن درجتي التقاضي.

[1])) راجع: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 9718 و10345 لسنة 57 ق.ع. بجلسة 22/6/2013 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 58 مكتب فني، المبدأ رقم 69).

وتجدر الإشارة إلى أن القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي (الملغى بموجب المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 2003 بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد) قد تناول مسألة التصالح في جرائم تهريب أوراق النقد المصري والأجنبي مقابل عدم تحريك الدعوى الجنائية ضد المخالِف.

[2])) قبل تعديلها بموجب القانونين رقمي 160 لسنة 2012 و8 لسنة 2013.

[3])) تجدر الإشارة إلى أنه تمَّ تعديلُ هذه المادة بموجب القانون رقم 66 لسنة 2016.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV